تعاود الولايات المتحدة وأوكرانيا صياغة خطة للسلام بعد تعديل المقترح الأولي الذي اعتُبر "استسلاماً"، وسط ضغوط أمريكية مباشرة على كييف وتقدم عسكري روسي بطيء. لكن التفاصيل تبقى غامضة وسط ضغوط الوقت على زيلينسكي.
اتفق الجانبان على تعديل مقترح سابق كان قد اعتُبر على نطاق واسع بأنه يميل بشدة لصالح موسكو. صورة من: Fabrice Coffrini/AFP/Getty Images
إعلان
تواصل الولايات المتحدة وأوكرانيا اليوم الاثنين (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2025) العمل على خطة لإنهاء الحرب مع روسيا، وذلك بعد أن اتفق الجانبان على تعديل مقترح سابق كان قد اعتُبر على نطاق واسع بأنه يميل بشدة لصالح موسكو. وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية المتسارعة في ظل ضغوط أمريكية مباشرة على كييف، ووسط تقدم عسكري روسي بطيء في بعض المناطق الأوكرانية.
اتفاق على "إطار عمل منقح"
وأعلن الجانبان في بيان مشترك أنهما صاغا "إطار عمل منقح للسلام" إثر محادثات مكثفة جرت في جنيف يوم الأحد، إلا أنهما لم يقدما أي تفاصيل حول محتوى هذا الإطار.
وأفاد البيت الأبيض بشكل منفصل أن الوفد الأوكراني أبلغه بأن الخطة الجديدة "تعكس مصالحهم الوطنية" و"تعالج متطلباتهم الاستراتيجية الأساسية"، على الرغم من أن كييف لم تصدر بياناً خاصاً بها بشأن الاتفاق.
ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستتعامل الخطة المحدثة مع مجموعة من القضايا الجوهرية، بما في ذلك كيفية ضمان أمن أوكرانيا ضد التهديدات المستمرة من روسيا.
واتفقت الولايات المتحدة وأوكرانيا على مواصلة "العمل المكثف" قبل الموعد النهائي المحدد يوم الخميس، رغم مغادرة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي قاد الوفد الأمريكي خلال المحادثات، عائداً إلى واشنطن في وقت متأخر من يوم الأحد. ومن المرجح أن يسافر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة في أقرب وقت هذا الأسبوع لمناقشة الجوانب الأكثر حساسية من الخطة مع الرئيس ترامب.
"شروط بمثابة استسلام"
كان المقترح الأولي الذي طرحته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي يتكون من 28 نقطة، ودعا أوكرانيا إلى التنازل عن أراض وقبول قيود على حجم جيشها والتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). واعتُبرت هذه الشروط بمثابة استسلام بالنسبة للكثير من الأوكرانيين بعد ما يقرب من أربع سنوات من القتال في الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
كان المقترح الأولي الذي طرحته الولايات المتحدة الأسبوع الماضي يتكون من 28 نقطة، ودعا أوكرانيا إلى التنازل عن أراض وقبول قيود على حجم جيشها صورة من: Fabrice Coffrini/AFP/Getty Images
وجاءت الخطة الأصلية مفاجأة للمسؤولين في الإدارة الأمريكية، حيث ذكر مصدران أن الخطة صيغت في اجتماع عقد في أكتوبر/تشرين الأول في ميامي. هذا الاجتماع ضم المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، والمبعوث الروسي كيريل دميترييف الذي يخضع لعقوبات أمريكية.
في واشنطن، انتقد أعضاء مجلس النواب من الديمقراطيين الخطة ووصفوها بأنها "قائمة أمنيات روسية"، إلا أن روبيو أصر على أن واشنطن وضعت الخطة بمساهمة من طرفي الحرب.
على الصعيد الأوروبي، قال الحلفاء إنهم لم يشاركوا في صياغة الخطة الأصلية. وطرحت الدول الأوروبية مقترحا موازيا يوم الأحد من شأنه تخفيف بعض التنازلات المقترحة بشأن الأراضي، ويشمل ضماناً أمنياً لأوكرانيا على غرار حلف شمال الأطلسي في حال تعرضت لهجوم.
إعلان
ألمانيا: المحادثات حققت نجاحاً هائلاً
وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إن المحادثات التي جرت في جنيف بين الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن تعديل خطة من 28 نقطة لإنهاء الحرب بين كييف وموسكو حققت "نجاحاً هائلاً" للأوروبيين.
وقال فاديفول لإذاعة دويتشلاند فونك "تم حذف جميع النقاط المرتبطة بأوروبا، بما في ذلك تلك المتعلقة بحلف شمال الأطلسي، من هذه الخطة. وهذا نجاح هائل حققناه أمس". وأضاف "كان واضحا منذ البداية، مثلما قلنا مرارا، أنه ينبغي عدم إبرام أي اتفاق دون موافقة الأوروبيين والأوكرانيين".
خطة ترامب لأوكرانيا.. مكافأة موسكو ومعاقبة كييف؟
30:03
This browser does not support the video element.
ضغوط ترامب وأزمة داخلية لزيلينسكي
يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغط على أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق. وفي تصريح له يوم الأحد، قال ترامب إن أوكرانيا لم تُظهر "أي امتنان" للجهود الأمريكية بشأن الحرب، مما دفع المسؤولين الأوكرانيين إلى التأكيد على شكرهم لدعم ترامب. وكان ترامب قد حدد في وقت سابق يوم الخميس موعداً نهائياً للرئيس زيلينسكي لقبول خطة سلام، رغم أن روبيو أشار إلى أن الأمر قد يستغرق وقتاً أطول.
على الصعيد الداخلي، يتعرض الرئيس زيلينسكي لضغوط شديدة، حيث طالت فضيحة فساد كبيرة بعض وزرائه، الأمر الذي أثار غضباً جديداً من تفشي الفساد. وقد أدى ذلك إلى تعقيد جهود البلاد لتأمين التمويل اللازم للحفاظ على صمود اقتصادها. يُذكر أن كييف شعرت بالارتياح في الأسابيع الماضية بعد أن شددت الولايات المتحدة العقوبات على قطاع النفط الروسي، الذي يُعد المصدر الرئيسي لتمويل الحرب.
تقدم روسي وتدمير للبنية التحتية بأوكرانيا
تأتي هذه المحادثات الدبلوماسية في الوقت الذي تحقق فيه روسيا تقدماً بطيئاً في بعض المناطق. كما تتعرض منشآت الطاقة والغاز في أوكرانيا لهجمات متواصلة بالطائرات المسيرة والصواريخ، مما تسبب في حرمان ملايين الأشخاص من الماء والتدفئة والكهرباء لساعات يومياً.
تتعرض منشآت الطاقة والغاز في أوكرانيا لهجمات متواصلة بالطائرات المسيرة والصواريخصورة من: Vyacheslav Madiyevskyy/REUTERS
وفي جنوب أوكرانيا، دمر مشغلو طائرات مسيرة من اللواء 72 التابع لمجموعة قوات "الجنوب" الروسية ثلاثة هوائيات اتصالات تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية بالقرب من كوستيانتينوفكا. وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن هذه العمليات جاءت بعد أن "اكتشفت الاستطلاعات معدات توفر الاتصالات بين الوحدات الأوكرانية، وتم دك الأهداف بضربات دقيقة من طائرات مسيرة، مما أدى إلى فقدان العدو نقاط الاتصال في القطاع المحدد".
وفي سياق متصل، صرح دينيس بوشيلين، القائم بأعمال رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، بأن القوات المسلحة الروسية وسعت نطاق سيطرتها في كونستانتينوفكا، لا سيما في الأجزاء الشرقية والجنوبية الشرقية من المدينة.
تحرير: حسن زنيند
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.