أوكرانيا.. "فشل" بوتين في تحقيق أهدافه درس لطامحين آخرين
٥ يناير ٢٠٢٣
غزت روسيا أوكرانيا مراهنةً على انتصار سريع، لكنّها تجد نفسها غارقة في حرب يطول أمدها، تُستخلص منها عبر كثيرة حول طبيعة النزاعات المقبلة. فالهجوم الروسي على أوكرانيا "كارثة استراتيجية مروّعة لبوتين"، حسب مسؤول أمريكي.
إعلان
اعتبر رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية الجنرال مارك ميلي في تشرين الثاني/نوفمبر أن "تايوان تستخلص العبر" من الحرب في أوكرانيا. وقال "ثمّة دروس نستلهمها. ثمّة دروس تستلهمها البلدان الأوروبية وثمّة دروس يستلهمها الرئيس شي (جينبينغ) والجيش الصيني".
الحرب على الورق وفي الواقع
لم تفشل روسيا في تحقيق الأهداف التي وضعتها لغزو جارتها في 24 شباط/فبراير فحسب، بل تجد نفسها عرضة لعقوبات يفرضها حلفاء أوكرانيا الغربيون في موازاة إرسالهم بشكل مستمر أسلحة إلى القوات الأوكرانية أثبتت جدواها في ساحة المعركة.
وقال ميلي "من الأشياء التي يتعلمها الناس هو أن الحرب على الورق تختلف كثيراً عن الحرب في الواقع".
وتابع "عندما تراق الدماء ويموت الناس وتُفجّر الدبابات الحقيقية، تختلف الأمور قليلاً"، متوقعاً أن يواجه الجيش الصيني الذي لا يمتلك خبرة حديثة في القتال، صعوبات في حال قررت بكين غزو جزيرة تايوان التي تعتبرها جزءاً من أراضيها ويتعين استعادتها يوماً ما، بالقوة إذا لزم الأمر.
دعا المسؤول الثالث في البنتاغون كولن كال الصين الى استخلاص العبر، إذ أنه ليس للترسانة الروسية النووية أي تأثير على أرض المعركة. وقال في مؤتمر "لم يجعل واقع امتلاك روسيا لأسلحة نووية غزو أوكرانيا ناجحاً، حتى على المستوى الاستراتيجي"، مضيفاً "أرى أن ذلك درس مهم على بكين أن تتعلمه".
شكل الهجوم الروسي على أوكرانيا، وفق كال، "كارثة استراتيجية مروّعة لفلاديمير بوتين"، متابعاً "أجد صعوبة في تصديق أن شي جينبينغ يودّ أن تُواجه الصين بالطريقة ذاتها من المجتمع الدولي".
ويرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن استجابة حلفاء أوكرانيا تظهر تصميم المجتمع الدولي على الدفاع عن سيادة القانون. وقال خلال إفادة صحافية مؤخراً "بمجرد أن غزت روسيا أوكرانيا، رأينا الدول تتحد ولا تقدم المساعدة العسكرية فحسب، بل تشارك أيضاً في (فرض) العقوبات والقيود التجارية التي تجعل الأمور صعبة للغاية بالنسبة لروسيا".
الدروس المستخلصة من غزو أوكرانيا
وتحدّث عن درسين يمكن استخلاصهما من الصراع الأوكراني: أهمية الأمور اللوجستية والاستقلالية الممنوحة لضباط الصف في الجيوش الغربية، وكذلك في صفوف القوات الأوكرانية، التي دربتها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وواجه الروس وفق أوستن "منذ البداية مشاكل لوجستية" وما زالوا يعانون منها خصوصاً في ما يتعلّق بالذخائر، متابعاً "أعتقد أن الأوكرانيين قاتلوا بشكل جيد في البداية بفضل التدريب الذي قدمناه لهم (...) على مستوى الفصائل والفرق. رأينا ضباط الصف يتخذون مبادرات في أرض المعركة".
وتابع "عبر مهاجمة خطوط الإمداد ومراكز القيادة والتحكم، جعلوا الأمر صعباً للغاية على الروس في البداية".
ويرى الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مارك كانسيان أن النزاع أبرز كيف أن ساحة المعركة باتت حالياً موضع مراقبة مستمرة.
ويقول لوكالة فرانس برس إنه في عصر الطائرات المسيّرة والصور عبر الأقمار الاصطناعية، "باتت عملية الرصد أكثر سهولة وعملية الاختباء أكثر صعوبة". وأعتقد كثر، وفق كانسيان، أن "ساحة المعركة ستتطور بشكل أساسي نحو مزيد من الدقة، لكن ذلك ليس واقع الحال" إذ يطلق طرفا النزاع "آلاف... القذائف غير الموجهة يومياً".
ويرى كال، وهو نائب وزير الدفاع الأمريكي لسياسات الدفاع، أنّ العدد الهائل من القنابل والذخيرة المختلفة المستخدمة منذ بدء النزاع في أوكرانيا أظهرت أهمية امتلاك مخزون من الذخيرة المناسبة.
ومن الدروس المستقاة أيضاً من الحرب في أوكرانيا هو أن "نعير اهتماماً لنوع الذخائر التي نحتاج إليها، ولكن أيضاً لنوع المخزون الذي يجب أن يكون تحت تصرّفنا من أجل حلفاء أو شركاء آخرين في حال وقوع سيناريو آخر شبيه لأوكرانيا"، وفق كال.
خ.س/أ.ح (أ ف ب)
من فظائع روسيا في أوكرانيا: اغتصاب وإعدامات وقنابل عنقودية
بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، رصدت كييف وحلفاؤها الغربيون وهيئات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية آلاف الحالات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم حرب.
صورة من: Valentyn Ogirenko/REUTERS
منشآت الطاقة
في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، اعتبر وزير العدل الألماني ماركو بوشمان أن الضربات الروسية التي "تدمر بشكل منهجي امدادات الكهرباء والتدفئة" قبل أبرد أشهر الشتاء تشكل "جريمة حرب رهيبة". وأشار بوشمان إلى أن السلطات الأوكرانية سجلت حتى الآن نحو 50 ألف حالة جرائم حرب مفترضة. كما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "أي ضربة ضد المنشآت المدنية تشكل جريمة حرب ولا يمكن أن تبقى بدون عقاب".
صورة من: Gleb Garanish/REUTERS
تهجير وفصل أطفال عن أسرهم
في تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت منظمة العفو الدولية أن روسيا ربما تكون ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بإجبارها المدنيين في المناطق التي تحتلها على الانتقال إلى مناطق أخرى، مع فصل الأطفال عن عائلاتهم في انتهاك للقانون الإنساني الدولي. ويأتي هذا التقرير لمنظمة العفو بعد تقرير آخر في آب/أغسطس أغضب كييف لاتهامه أوكرانيا بتعريض حياة المدنيين للخطر من خلال إنشاء قواعد عسكرية في المدارس والمستشفيات.
صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images
اغتصابات
في 14 تشرين الأول/أكتوبر، دانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية التي تتهم القوات الروسية بارتكابها في أوكرانيا، معتبرة أنها تمثل بشكل واضح "استراتيجية عسكرية" و"تكتيكاً متعمداً لتجريد الضحايا من إنسانيتهم". وطالبت السيدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا بـ"رد عالمي" على استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب قائلة إن مدعين في كييف يحققون بأكثر من مئة جريمة محتملة.
صورة من: Vuk Valcic/ZUMA Press Wire/ZUMAPRESS/Picture alliance
إعدام أسرى
في 27 أيلول/ سبتمبر، قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في إن القوات الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها تُخضع أسرى أوكرانيين لعمليات إعدام خارج نطاق القضاء وعنف جنسي وانتهاكات أخرى. وقالت ماتيلدا بوغنر، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا، "إنهم يتعرضون لمعاملة قاسية ومهينة من قوات الأمن الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها بدت أنها منهجية".
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
أربع مناطق
وفي 23 أيلول/سبتمبر، اتهم محققو الأمم المتحدة موسكو بارتكاب "جرائم حرب"، عارضين تقريراً يخالف الاحتراس الذي أبدته المنظمة الدولية بهذا الصدد حتى ذلك التاريخ. في المقابل، اعتبر المحققون أنه لا يزال مبكراً جداً الحديث عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بخلاف ما تؤكده أوكرانيا ومنظمات غير حكومية.
وحسب التقرير، وقعت الانتهاكات في مناطق كييف وتشيرنيغيف وخاركيف وسومي.
صورة من: Oleksii Chumachenko/ZUMA/IMAGO
خيرسون
في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، خلص باحثون من جامعة ييل في تقرير مدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن المئات اعتقلوا أو فُقدوا في منطقة خيرسون وأن العشرات ربما تعرضوا للتعذيب. وقال التقرير إن 55 على الأقل من حالات الاعتقال أو الاختفاء تضمنت مزاعم بالتعرض لمعاملة يمكن أن ترقى إلى التعذيب وفقاً للقانون الدولي، مثل الضرب والإيهام بالإعدام والروليت الروسي والصدمات الكهربائية وتعذيب الأقارب.
صورة من: Igor Burdyga/DW
خاركيف
في حزيران/يونيو، اتهمت منظمة العفو الدولية روسيا بارتكاب جرائم حرب من خلال الهجمات على خاركيف التي استُخدِمت في كثير منها قنابل عنقودية محظورة أدت إلى مقتل مئات المدنيين. وقالت منظمة العفو إنها كشفت عن أدلة في خاركيف على الاستخدام المتكرر من جانب القوات الروسية للقنابل العنقودية 9N210 و9N235 والألغام الأرضية المتناثرة وكلها محظورة بموجب الاتفاقات الدولية.
صورة من: Sofia Bobok/AA/picture alliance
إيزيوم
في أيلول/سبتمبر أعلنت السلطات الأوكرانية العثور على "450 جثة لمدنيين تحمل آثار موت عنيف وتعذيب" مدفونة في غابة عند مشارف إيزيوم في منطقة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا. وتمكن مراسل لفرانس برس في الموقع من مشاهدة جثة واحدة على الأقل مكبلة اليدين بواسطة حبل. إثر ذلك دعت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي إلى إنشاء محكمة دولية خاصة بجرائم الحرب في أوكرانيا.
صورة من: Goktay Koraltan/Depo/abaca/picture alliance
بوتشا
أضحت مدينة بوتشا، إحدى ضواحي شمال غرب كييف، في نظر الغرب رمزاً لـ"جرائم الحرب" الروسية في أوكرانيا. وعثر في أوائل نيسان/أبريل الماضي على مئات الجثث في بوتشا بعد انسحاب القوات الروسية. وتم اتهام جنود روس بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين هناك.
إعداد: خالد سلامة