استبعاد ثلاث محافظات سورية من الانتخابات البرلمانية الأولى في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ورفض الدروز والأكراد المشاركة فيها يعزز الانقسام ويشكك في شرعية الانتخابات ويثير التساؤلات حول سير العملية الديمقراطية في البلاد.
الحكومة السورية المؤقتة تستبعد ثلاث محافظات سورية من الانتخابات البرلمانية الأولى بعد سقوط نظام الأسد.صورة من: OMAR HAJ KADOUR/UPI Photo/IMAGO
إعلان
ثلاث محافظات سورية مستثناة من الانتخابات البرلمانية في سوريا والمقرر إجراؤها بين 15 و20 سبتمبر/ أيلول القادم، وفقاً لتصريح حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات ومقرها دمشق لوكالة الأنباء السورية (سانا) مؤخراً.
تستبعد الانتخابات السورية المقبلة ثلاث مناطق ذات أغلبية من الأقليات، وهي السويداء ذات الأغلبية الدرزية، والحسكة والرقة ذات الأغلبية الكردية، وذلك بسبب مخاوف أمنية وغياب السيطرة المركزية.
هذا الاستبعاد مؤقت بحسب دغيم، فالانتخابات في هذه المحافظات مؤجلة حتى "تسمح الظروف" على حدّ تعبيره، وقال: "إنه في الوقت الحالي، لا يمكن إجراء الانتخابات إلا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة بالكامل".
وأكد دغيم أن المقاعد المخصصة لهذه المحافظات التي يسكنها أكثر من خمسة ملايين شخص ستبقى شاغرة في البرلمان لحين إمكانية إجراء انتخابات فيها.
قرار المشاركة في الانتخابات البرلمانية متوقف على اعتراف ممثلي هذه المناطق بالحكومة السورية الحالية. وفي هذا الصدد، قال جيروم دريفون، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية: "في الوقت الحالي، يفضل ممثلو هذه المناطق البقاء خارج الدولة، وبما أنهم لا يعترفون بالحكومة، فإنهم لا يشغلون المقاعد المخصصة لهم".
وفي حديثه مع DW قال دريفون إنه من المعقول ألا يعيد الرئيس المؤقت أحمد الشرع توزيع مقاعدهم، بل سيجعل مشاركتهم في التصويت متوقفة على قرارهم بالاعتراف بحكومة دمشق، وأضاف: "يعتمد الأمر على ممثلي الدروز والأكراد بقدر اعتماده على الحكومة".
مؤتمر لأكراد سوريا في القامشلي
02:31
This browser does not support the video element.
الأقليات الكردية والدرزية ترفض التصويت
وصفت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي يقودها الأكراد هذا الاستبعاد بأنه "غير ديمقراطي"، وقالت في بيان: "إن تعريف مناطقنا بأنها غير آمنة نُفذ لتبرير سياسة الحرمان لأكثر من خمسة ملايين سوري".
وحذرت الإدارة الكردية من أن "أي قرار يُتخذ من خلال هذا النهج الإقصائي لن يعنينا، ولن نعتبره ملزماً لشعوب ومناطق شمال وشرق سوريا".
ساد التوتر مؤخراً على العلاقة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحكومة دمشق بسبب الخلاف حول دمج قوات قسد في الجيش الوطني السوري وشكل السلطة على المناطق الكردية في سوريا.
وفي السويداء ردّ الشيخ حكمت سلمان الهجري، أحد زعماء الطائفة الدرزية على قرار دمشق بدعوات متجددة لإنشاء محافظة درزية منفصلة، وقال الهجري الذي يعتبر حكومة دمشق "متطرفة" إنه يسعى إلى توحيد الفصائل المسلحة المحلية، في أعقاب أعمال العنف الطائفي التي حصلت في المدينة منتصف شهر يوليو/ تموز.
ومع استمرار وقف إطلاق النار في السويداء، ما زال وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة مقيداً، ورغم توجيه أصابع الاتهام إلى حكومة دمشق إلا أن الأخيرة تنفي علاقتها بذلك. كما أن عشرات آلاف السكان نزحوا من المنطقة وما زالوا خارجها.
استمرار العنف في جنوب سوريا
01:58
This browser does not support the video element.
المخاوف من تجدد أعمال العنف في السويداء ما زالت موجودة، إذ أخبر جير بيدرسن، المبعوث الأممي الأعلى إلى سوريا، مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي أن العنف قد يستأنف في أي لحظة في السويداء.
وأضاف: "إن خطر اندلاع صراع جديد لا يزال قائما، وكذلك القوى السياسية الطاردة التي تهدد سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها"، وأكد على ضرورة إثبات الحكومة السورية المؤقتة أنها تعمل لحماية كافة السوريين.
وكان قد رفض الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع أي شكل من أشكال اللامركزية، وقد أكد على احترام حقوق الأقليات العرقية والدينية في سوريا، وتشكيل حكومة شاملة تعكس تنوع المجتمع السوري.
إعلان
أكثر من نصف السوريين غائبين عن الانتخابات
هذه الانتخابات البرلمانية هي أول انتخابات تُجرى منذ سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي. وفي حين لا يزال نحو نصف الشعب السوري نازحاً، صادق الشرع في مارس/ آذار الماضي على إعلان دستوري يمنح نفسه بموجبه سلطة تعيين ثلث أعضاء الجمعية التأسيسية البالغ عددهم 210 أعضاء، في حين يتم اختيار الثلثين المتبقيين من قبل هيئات انتخابية تشرف عليها لجنة عليا مكونة من 11 عضواً يعينها الشرع أيضاً.
اللجنة العليا للانتخابات هي المسؤولة عن تشكيل لجان فرعية في كافة محافظات سوريا الـ 14، وستختار هذه اللجان الفرعية هيئات انتخابية تتألف من 30 إلى 50 فرداً سيصوتون للمرشحين المسجلين.
لكن ترى خبيرة شؤون الشرق الأوسط، بيرجيت شايبلر، الأستاذة بجامعة إرفورت في ألمانيا ومديرة معهد الشرق في بيروت حتى عام 2022 أن هذه الانتخابات غير واقعية، نظراً للأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية والخدمات اللوجستية نتيجة 14 عاماً من الحرب.
وبحسب تقرير صدر مؤخراً عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يبلغ عدد النازحين داخل سوريا بين 7 و7.4 مليون شخص، إلى جانب 6.2 مليون لاجئ سوري يعيشون في الخارج، ما يعني أن حوالي نصف سكان سوريا غير قادرين على المشاركة بالانتخابات البرلمانية.
بحسب أحدث أرقام الأمم المتحدة، فإن 14 عاماً من الحرب أدت إلى نزوح حوالي نصف سكان سوريا.صورة من: Hogir El Abdo/AP/dpa/picture alliance
الانتخابات السورية "مشكوك بشرعيتها"
قالت بينته شيلر، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة هاينريش بول السياسية الألمانية في برلين، لـ DW:"شرعية الانتخابات البرلمانية مشكوك فيها أساساً، وانسحاب مجموعات رئيسية يقوض شرعية العملية برمتها".
وأضافت: "إن الإعلان عن استبعاد ثلاث مناطق تسكنها الأقليات من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، بالإضافة إلى رد فعل هذه المناطق بمقاطعتها بالكامل، أضعف موقف الشرع وألقى بمزيد من الظلال على رئاسته."
وبالرغم من استبعاد ثلاث محافظات سورية من الانتخابات تعتقد شيلر أن إجراء الانتخابات بحد ذاته هو علامة إيجابية، وقالت: "في حين أن غالبية الشعب السوري لا تزال ناقدة للانتخابات المقبلة، فإن هذه الانتخابات قد تكون حاسمة إما في تقويض الثقة بالإدارة الحالية في سوريا أو في استعادتها".
تحرير: عادل الشروعات
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي