أحدث تقليص للدعم .. مصر ترفع أسعار الوقود مجددا بنسبة 15%
١١ أبريل ٢٠٢٥
للمرة الرابعة خلال عام، رفعت مصر أسعار الوقود 15 بالمئة، حيث تسعى الحكومة إلى خفض دعم الوقود كما تقتضي حزمة الدعم التي يقدمها صندوق النقد الدولي. وتضاعفت ديون مصر أربع مرات خلال العقد الماضي لتصل إلى 155,2 مليار دولار.
يأتي رفع أسعار المحروقات في مصر بعد أسابيع على موافقة صندوق النقد الدولي صرف 1,2 مليار دولار للقاهرة في أعقاب المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للبلاد. صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/picture alliance
إعلان
أعلنت مصر الجمعة (11 نيسان/أبريل 2025) رفع أسعار الوقود للمرة الرابعة خلال عام مع تواصل مساعي تقليص الدعم في إطار قرض بقيمة ثمانية مليارات دولار حصلت عليه من صندوق النقد الدولي.
بحسب بيان صادر عن وزارة البترول والثروة المعدنية، فإن أسعار البنزين والديزل ومنتجات الطاقة الأخرى سترتفع بنحو 15%، وهي الزيادة الرابعة منذ آذار/مارس 2024 والأولى هذا العام.
صندوق النقد وتقليص الدعم في مصر
ويأتي رفع الأسعار بعد أسابيع على موافقة صندوق النقد الدولي صرف 1,2 مليار دولار للقاهرة في أعقاب المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي للبلاد. وفي إطار برنامج القروض، حثّ الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقراً، مصر مراراً على تقليص نظام الدعم المكلف وتحفيز الاستثمار الخاص والتحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف مع توسيع شبكة الأمان للفئات الأكثر فقراً في البلاد.
وارتفع سعر الديزل الأكثر استخداماً في النقل والصناعة إلى 15,5 جنيها للتر (0,30 دولار) من 13,50 جنيها أي بزيادة نسبتها 14,8%. وارتفع سعر "بنزين 95" إلى 19 جنيهاً للتر من 17 جنيها و"بنزين 92" إلى 17,25 جنيهاً للتر من 15,25 و"بنزين 80" إلى 15,75 جنيهاً للتر من 13,75 جنيهاً.
مصر مثقلة بالديون والأزمات
مطلع العام الماضي، قام صندوق النقد الدولي برفع قيمة حزمة القروض التي وافق عليها عام 2022 من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية مليارات لمساعدة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية وسط عدم الاستقرار الإقليمي.
ولا تزال الدولة الأكثر سكاناً في العالم العربي مثقلة بالديون الخارجية التي تضاعفت أربع مرات خلال العقد الماضي لتصل إلى 155,2 مليار دولار في أيلول/سبتمبر 2024. وقد استخدم الجزء الأكبر من هذا القرض في مشاريع كبرى للبنى التحتية شملت بناء عاصمة إدارية جديدة شرق القاهرة.
كما تأثرت مصر المتاخمة لقطاع غزة بتداعيات الحرب الإسرائيلية ضد حماس في القطاع الفلسطيني.
وأدت الهجمات التي شنها المتمردون الحوثيون في اليمن على سفن في البحر الأحمر، تضامناً مع الفلسطينيين وفقاً لهم، إلى تعطيل حركة الملاحة بشكل حاد عبر قناة السويس التي تمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية ومصدراً رئيسياً من العملات الأجنبية لمصر. وتراجعت إيرادات قناة السويس أكثر من 70% العام الماضي، بحسب أرقام حكومية.
خ.س/ص.ش (رويترز، أ ف ب)
دعم المواد الغذائية في مصر.. محطات وأزمات لا تُنسى
منذ عقود تطبق الحكومات المصرية برامج لدعم عدد من السلع الأساسية. وقد اختلفت طبيعة تلك السلع وكميتها بحسب الاحتياجات والظروف الاقتصادية والاجتماعية، وحظي الخبز بالقسم الأكبر من الدعم في تلك البرامج المطروحة للنقاش مجددا.
صورة من: Amr Abdallah Dals/Reuters
1910 - نهاية الحرب العالمية الاولى
في العقد الثاني من القرن الماضي اتخذت مصر لفترة طويلة خطوات للحفاظ على أسعار الخبز بأسعار معقولة. وبعد فترة وجيزة من نهاية الحرب العالمية الأولى، استوردت القمح ودقيق القمح من أستراليا وباعته بخسارة في متاجر مملوكة للحكومة في محاولة لخفض الأسعار المحلية.
صورة من: Glasshouse Images/picture alliance
الأربعينيات - آثار الحرب العالمية الثانية تصل المجتمع المصري
استحدثت مصر نظام التوزيع بالبطاقات لكافة المواطنين لمواجهة شح عدد من السلع الأساسية إبان الحرب التي أثرت بشدة على مستوى المعيشة، وذلك من خلال برنامج بلغت قيمته مليون جنيه مصري. في بعض الأحيان، كان يتم دعم المواد الغذائية ومواد أساسية أخرى شهرياً كالسكر، وزيت الطعام، والشاي والكيروسين. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واستقرار الأوضاع التجارية والاقتصادية عالمياً تم إلغاء الدعم الحكومي.
صورة من: Courtesy Everett Collection/picture alliance
الخمسينيات والستينيات - مظلة الدعم تمتد وتتسع
وسعت مصر نظام دعم المواد الغذائية، لكن تكلفة دعم القمح كانت ضئيلة في سنوات عديدة. شمل الدعم كل القطاعات، فيما قدمت الحكومة دعماً غير مباشر لهيئات حكومية لسد العجز لديها كالنقل العام والكهرباء والمياه والسكك الحديدية والوقود وغيرها. بدأ استخدام البطاقات التموينية لتوفير سلع رئيسية نقصت بعد 1967 نتيجة للحرب وتمكن المواطن من الحصول على حصص شهرية شملت الدقيق والسكر والصابون والأرز وزيت الطعام.
صورة من: Erich Lessing/akg-images/picture-alliance
عقد السبعينيات - أزمة إمدادات القمح العالمية تصل مصر
تمت إضافة بعض السلع التموينية مثل البقوليات وبعض المجمدات مثل الدجاج واللحوم، مع الإبقاء على دعم المواصلات والكهرباء والمحروقات لتصل قيمة الدعم المباشر عام 1970 إلى نحو 20 مليون جنيه. لكن زيادة حادة في أسعار القمح بالسوق العالمية أوائل السبعينيات أدت إلى ارتفاع تكلفة دعم المواد الغذائية الذي بدأ يستحوذ على نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي.
صورة من: Michel Dieuzaide/akg-images/picture alliance
1977 وانتفاضة الخبز
أعلن الرئيس الراحل أنور السادات عن زيادة أسعار بعض المواد الغذائية والسلع، كالخبز والشاي والأرز والسكر واللحوم والمنسوجات وغيرها من السلع الضرورية بنسبة تصل إلى الضعف، ما تسبب بغضب شعبي عارم وأحداث عُرفت وقتها بانتفاضة الخبز، وهذا ما دفع الحكومة لحظر التجوال ونزل الجيش إلى الشارع للسيطرة على أعمال تخريب استهدفت مبانٍ حكومية ومحلات تجارية. ولم يعد الهدوء حتى تراجعت الحكومة عن قراراتها.
صورة من: UPI/dpa/picture-alliance
الثمانينيات والتسعينيات - زيادات طفيفة في سعر الخبز
بقيت أسعار الخبز المدعوم عند نصف قرش حتى منتصف 1980، ثم تقرر زيادة سعره إلى قرش واحد. وخلال عام 1984 رفعت الحكومة سعر الخبز المدعوم إلى قرشين واستمر ذلك حتى عام 1988 عندما تقرر زيادة سعره إلى 5 قروش. خفضت مصر ببطء برامج الدعم خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات. وفي حين لم يتم رفع أسعار الخبز بشكل مباشر، تم إدخال تغييرات طفيفة تتعلق بحجم وجودة الأرغفة، مما ساعد في تقليل تكلفة البرامج.
صورة من: Herve Champollion/akg-images/picture-alliance
2011 - "عيش - حرية - عدالة اجتماعية"
"عيش" (خبز) كانت الكلمة الأولى في الشعار الرئيسي لانتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك. كانت الإشارة إلى "العيش - الخبز" رمزية كإشارة إلى عدم وجود ما يكفي من الوظائف وانخفاض الدخل لدى شرائح عديدة من المواطنين الذين لجأ عدد كبير منهم إلى العمل في وظيفتين وحتى ثلاث وظائف لسد الاحتياجات الأساسية من تعليم وصحة وغذاء وسكن. وفي ميدان التحرير رسم فنانو الغرافيتي "العيش" على الجدران.
صورة من: Amr Nabil/AP/picture alliance
2013 إلى اليوم
اتخذت الحكومة منذ 2013 عدة قرارات متعلقة برفع الدعم عن كثير من الخدمات والسلع، كان أبرزها رفع متتالي لأسعار الكهرباء والغاز الطبيعي والوقود، وامتد الأمر مؤخراً إلى حديث عن رفع الدعم عن رغيف الخبز، بهدف توفير الأموال اللازمة لمنظومة التغذية المخصصة للمدارس بقيمة 8 مليارات جنيه مصري. وتوفر الحكومة حاليا رغيف الخبز المدعوم لنحو 60 مليون شخص، بمعدل 5 أرغفة للفرد يومياً، بسعر 5 قروش للرغيف الواحد.