أمضت مها جنود سنوات في العمل بكرة القدم السورية قبل أن تضطر لمغادرة بلادها بسبب الحرب. ومن أيسلندا، تتابع جنود التطورات وتأمل في تحقيق العدالة بعد رحيل بشار الأسد، منتظرة مستقبلا أفضل لسوريا وللنساء وللرياضة النسائية.
لايزال المستقبل في نظر أول مدربة كرة قدم نسائية في سوريا غير مؤكد، خاصة بالنسبة للنساء ولكرة القدم النسائية.صورة من: Fußballverband des Oman
إعلان
شهدت السورية مها جنود الكثير في حياتها ومسيرتها المهنية، ولكن مثل العديد من مواطنيها، فوجئت بالسرعة التي سقط بها نظام بشار الأسد في الثامن ديسمبر/كانون الأول تحت هجوم المعارضة.
ومنذ اندلاع حركة الاحتجاجات ضد نظام الأسد المخلوع في عام 2011، قُتل حوالي 500 ألف شخص. وأشارت الأمم المتحدة في عام 2024 إلى أن عدد النازحين السوريين بلغ حوالي 14 مليون شخص، توجه ما يقرب من نصفهم إلى خارج سوريا.
اضطرت جنود للرحيل عن سوريا ككثيرين غيرها، وهي تعمل حالياً مدربة في أكاديمية بريدابليك Breidablik، أحد الأندية الرائدة في أيسلندا.
وفي حوار مع DW، قالت جنود: "إنه أمر مؤلم للغاية - لم تجتمع عائلتي معًا منذ 12 عامًا. آمل أن نتمكن من لم شملنا قريبًا وأن تسمح الدول للاجئين بزيارة سوريا.لكل سوري الحق في زيارة منزله، أو ما تبقى منه، أو أطلال ذكرياته".
بداية الشغف بكرة القدم
بالنسبة لجنود، الذكريات في سوريا كثيرة.ففي مطلع القرن العشرين، كانت المراهقة آنذاك قد بدأت للتو مسيرتها كلاعبة كرة قدم. وحقق المنتخب السوري حينها بعض النجاح، مثل حصوله على المركز الثالث في بطولة غرب آسيا عام 2005. ولكن هذا كان رغما عن اتحاد كرة القدم السوري، وليس بفضله.
وتقول جنود: "لم يكن هناك دعم كبير، ولا حتى دوري. لم يكن هناك سوى مجموعة صغيرة من اللاعبات المتحمسات للعب كرة القدم. استخدمنا الاتحاد للمشاركة في البطولات الدولية دون تقديم أي دعم مالي أو وضع استراتيجية أو دوري لكرة القدم".
وبالنسبة لجنود، التي تلقت دورات تدريبية في مجال التدريب بعد انتهاء مسيرتها الكروية كلاعبة عام 2011، كان هذا بمثابة طعم مبكر لعلاقة صعبة مع الاتحاد السوري لكرة القدم. وكان الاتحاد خاضعًا لسيطرة نظام الأسد، الذي ملأه بالمسؤولين الموالين ممن "أداروه وكأنه إقطاعية شخصية لهم مقابل فوائد مالية وغيرها"، على حد قولها.
المدربة الوحيدة في سوريا
في عام 2018، أصدر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قرارًا يلزم جميع الاتحادات الأعضاء بإنشاء أقسام فنية لكرة القدم النسائية. وباعتبارها المدربة الوحيدة في سوريا التي تمتلك رخصة التدريب والخبرة المطلوبة، لم تكن هناك خيارات أخرى.
حقوق المرأة في سوريا الجديدة.. إلى أين؟
33:36
This browser does not support the video element.
وحصلت جنود بالفعل على المنصب، لكنها تحكي أن الاتحاد السوري حينذاك جعل عملها مستحيلا. وتقول جنود: "كانوا يأخذون الراتب المخصص لي من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ويجبروني على التوقيع كما لو كنت استلمته، رغم أنني لم أستلمه".
وتقول جنود: "تم الحديث عني عالميًا باعتباري أول مدربة في الشرق الأوسط تدرب فريقًا للرجال، ومع ذلك لم أتلق كلمة شكر من المسؤولين في سوريا، ولا أي اعتراف معنوي أو مادي".
إعلان
متابعة ما يحدث من الخارج
وعندما أصبح كل هذا أكثر مما تستطيع احتماله، قررت جنود الرحيل في عام 2020. وعملت في مجلس سيدات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وكذلك مع فريق سيدات عمان، قبل أن تتوجه أخيرًا إلى أيسلندا عام 2023.
وتقول جنود: "سوريا تعيش الآن آلام المخاض من أجل ولادة جديدة، وهذه المعاناة ضرورية. آمل أن يكون الطفل الجديد بصحة جيدة. إن سعادتي بنهاية الطغيان الذي أثقل كاهلنا لا توصف، ولكنني آمل ألا ننتقل من نار إلى أخرى".
ومهما يحدث في المستقبل، تؤمن جنود بضرورة محاسبة أولئك الذين عملوا بقلب النظام القديم حيث تقول: "لقد عمل الشعب بأكمله داخل مؤسسات الأسد، ولكنني أشير بشكل خاص إلى الأفراد الفاسدين الذين ازدهروا على دماء الشهداء وعرق الفلاحين والعمال، ومن خلال الاتجار بأجساد النساء والأعضاء البشرية. هؤلاء يجب أن يحاسبوا".
لعبة السيدات
حتى في خضم الحرب، ظل المنتخب الوطني للرجال قادرًا على المنافسة في آسيا واقترب من التأهل لكأس العالم في عام 2018. ويأمل البعض بأنه في حال استقر الوضع خلال الأشهر أو السنوات القادمة، يمكن لمنتخب الرجال أن يصبح قوة حقيقية بعالم كرة القدم.
أما بالنسبة لمستقبل كرة القدم النسائية، لا يزال الوضع أقل وضوحا. ففي مناسبات متعددة، قال الشرع إن تعليم المرأة سيستمر وفند المخاوف من أن تسير سوريا على خطى طالبان في أفغانستان، حيث لا يُسمح للنساء، من بين أمور أخرى، بالمشاركة في الرياضة.
ومع عودة الحلم بأن تتقدم كرة القدم النسائية في سوريا للأمام، فإن لجنود دورا مهما لتلعبه باعتبارها الشخصية الأكثر خبرة في كرة القدم النسائية ببلادها. وتقول المدربة السورية: "إذا أصبحت سوريا آمنة ويحكمها دستور عادل خال من العنصرية والتمييز ويضمن حياة كريمة لمواطنيها، فلا بد أن أعود".
أعدته للعربية: دينا البسنلي
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي