أوميد نوريبور: الاندماج في ألمانيا يحتاج لقواعد واضحة!
٤ ديسمبر ٢٠١٨
تحملت ألمانيا باستقبالها آلاف اللاجئين الفارين من الحروب عبئا كبيرا وهي تبذل الجهود لينجح اندماج هؤلاء الناس في المجتمع، كما يقول أومنيد نوريبور، المتحدث باسم حزب الخضر. مضيفا أن العنف وعدم التسامح غير مقبولان.
إعلان
السرير الذي كان سيرقد فيه ابنه الذي رأى نور الحياة قبل مدة قصيرة وجب أن يكون بالقرب من نافذة الحجرة. فهذا ما كانت على كل حال تتمناه زوجته، كما يحكي النائب البرلماني أوميد نوريبور في مقابلة الأسبوع. إلا أنه كان يعارض هذا الموقف بحزم كبير. ولماذا، هذا لم يقدر أولا على تفسيره. لكنه عندما فكر بعمق، قال بأن النوافذ يمكن أن تتكسر مثلا تحت موجات الضغط. وهذا ما عايشه نوريبور، ابن مهاجرين إيرانيين كطفل في أيام حرب الخليج الأولى التي دارت بين إيران والعراق. "التصور بأن ابني يرقد هناك في الوقت الذي يتكسر فيه الزجاج ويتناثر، هذا سبب لي خوفا كبيرا".
إنها ذكرى من أوقات مضت تتسبب في قلق لا داعي له في الوطن الجديد بعد 30 عاما في ألمانيا. إلا أن التاريخ يبين الذكريات التي يحملها الناس وتأثيرها في الحاضر على أساس مشاعر قديمة. وهذه التجارب المختلفة، كما يقول نوريبور، تعكس تحديات وجب تجاوزها في جهود الاندماج.
تجارب صادمة
ويعتقد نوريبور أن الكثير من اللاجئين يحملون معهم تجارب صادمة أكثر. فقبل مدة زار مؤسسة تابعة لمنظمة إغاثة أطفال في لبنان تعتني في الأساس بأطفال لاجئين سوريين. وفي تلك الأوقات كانت مدينة حمص تقع تحت وابل المدفعية الثقيلة. "فعندما يدخل المرء الحجرة وهو يعرف مسبقا أن هؤلاء أطفال من حمص، فإمكانه التعرف على كل واحد. إنهم أطفال عايشوا أشياء لا يمكن للروح أن تتحملها".
وهذه التجارب يجب مراعاتها في التعامل من لاجئي الحرب. "الأمر لا يتعلق بمنح كل شخص رعاية تامة، فهذا لا يمكن تقديمه وغير معقول. يجب علينا دوما التفكير بأن هؤلاء الناس يحملون معهم عبئا نفسيا".
اندماج ناجح
نوريبور من مواليد 1975 كان في الثالثة عشرة من عمره عندما قدم مع والديه من إيران إلى ألمانيا. ويقول المتحدث باسم الشؤون الخارجية للخضر إنه كانت له منذ البداية تجربة إيجابية مع البلد المضيف ـ لاسيما في تعلم اللغة، والفضل في هذا يعود لزملائه في المدرسة. "هم لم يتهكموا علي، بل شرحوا لي ببساطة الأمور. وهذا لا يكون دوما عاديا بين الشباب". ويفيد نوريبور بأن الاندماج يتحمله المجتمع من نادي الرياضة والجيران والمصنع والنقابة.
ضد القبول الأعمى
وإبداء التفهم لا يعني بالنسبة إلى نوريبور القبول الأعمى. فاللاجئون الذين يخرقون القانون ويمارسون العنف وجب مجابهتهم بحزم: "يجب شرح القواعد للناس. وفي آن واحد وجب توضيح أن هذه القواعد قائمة فعلا ولا يمكن التسامح مع خرقها". فلا يحق إظهار التسامح مع العنف وعدم التسامح. "ولذلك فإن قضية نقل القيم مرتبطة دوما بقواعد واضحة وبحدود يجب تبيانها".
ويعتبر نوريبور أن الاندماج يتبع بعض الأفكار الرئيسية وفي المقام الأول وجب على اللاجئين التقيد بالحقوق والقانون. كما أن عليهم بذل الجهود للاستفادة من الفرص التي يمنحها إياهم البلد المضيف.
كرستين كنيب/ م.أ.م
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش