أوميكرون.. كيف يواجه الشرق الأوسط سلالة كورونا الجديدة؟
٦ ديسمبر ٢٠٢١
تباينت ردود فعل دول الشرق الأوسط على متحور "أوميكرون" بين فرض قيود على السفر وغلق المطارات وإعلان حالة إغلاق عامة. فيما اكتسبت "دبلوماسية اللقاحات" زخما جديدا في المنطقة التي تتلقف أي مساعدة خارجية لمواجهة الجائحة.
كانت إسرائيل من أوائل الدول التي أغلقت المطارات أمام المسافرين بسبب متحور ""أوميكرون”"صورة من: Amir Cohen/REUTERS
إعلان
أعلنت معظم دول الشرق الأوسط تدابير جديدة لمواجهة متحور "أوميكرون” وسط مخاوف بعد رصد إصابات جديدة من المتحور في العديد من دول العالم. وحتى الآن، رُصدت إصابات قليلة بمتحور "أوميكرون” في الشرق الأوسط وتحديدا في إسرائيل والإمارات والسعودية، فيما كانت تونس أحدث دولة في المنطقة تسجل أول إصابة بمتحور فيروس كورونا الجديد.
فقد أعلن وزير الصحة التونسي على مرابط أنه تم اكتشاف المصاب، وهو مواطن من الكونغو خلال قدومه في رحلة من مطار إسطنبول. وقد خضع لاختبار فيروس كورونا المستجد فور وصوله إلى مطار قرطاج الدولي في العاصمة تونسي.
ورغم عدم تسجيل أي إصابة بمتحور "أوميكرون” في لبنان، إلا أن السلطات الصحية أعلنت عن تدابير جديدة شملت فرض حظر تجول ليلي للذين لم يتلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا أو لا يحملون اختبارا تم إجراؤه قبل فترة لا تزيد عن 48 ساعة ابتداء من 17 ديسمبر/ كانون الأول. وفي ذلك، ذكر وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض خلال مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي أن حظر التجول يبدأ كل ليلة من الساعة السابعة مساء حتى السادسة صباحا لمدة ثلاثة أسابيع فيما لم تعلن السلطات اللبنانية عن الإجراءات العقابية ضد المخالفين لهذا الحظر.
وقال الأبيض إن التدبير الجديد يهدف إلى "كبح الارتفاع الأخير في الإصابات بفيروس كورونا وأيضا يأتي كإجراء احترازي ضد المتحور الجديد من الفيروس" خاصة مع توقع عودة اللبنانيين المغتربين خلال موسم الأعياد. ويأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف في لبنان من وصول متحور "أوميكرون" إلى البلاد حيث يعاني القطاع الصحي من وضع هش.
أعلنت السعودية عن رصد إصابة بمتحور "أوميكرون” لتصبح ثاني دولة في الشرق الأوسط تسجل إصابات بهذا المتحورصورة من: Getty Images/AFP
فرض قيود على السفر
وعلى وقع ظهور متحور "أوميكرون” في جنوب إفريقيا، أعلنت مصر والأردن والكويت والإمارات وسلطنة عمان والسعودية تعليق الرحلات الجوية من وإلى العديد من الدول الإفريقية من بينها جنوب إفريقيا وناميبيا وبوتسوانا وزيمبابوي وموزامبيق وليسوتو وإسواتيني. أما المغرب وإسرائيل فقد أعلنتا تعليق كافة الرحلات الجوية الدولية لمدة أسبوعين.
وعلى الرغم من أن فرض قيود على حركة السفر الجوية كان الخيار الشائع لمواجهة متحور "أوميكرون" في المنطقة، إلا أن منظمة الصحة العالمية قد حذرت من أن "حظر السفر العام لن يمنع تفشي المتحور على مستوى العالم، ويضع عبئا ثقيلا على سير الحياة وسبل العيش".
دبلوماسية اللقاحات
تزامنت هذه الإجراءات مع اتساع رقعة استخدام القوى الكبرى والفعالة لما يُعرف بـ "دبلوماسية اللقاحات" التي باتت بمثابة إحدى أدوات القوة الناعمة، حيث تتسابق الدول لاستغلال الأمر من أجل تعزيز نفوذها في المنطقة. يأتي ذلك في الوقت الذي لم تحقق فيه مبادرة "كوفاكس" الرامية إلى ضمان توزيع لقاحات كورونا، الكثير للدول الفقيرة التي تأثرت بحقيقة مفادها أنه تم تسليم 13 بالمائة من الجرعات التي تم التعاقد عليها في إطار المبادرة.
أعلنت إسرائيل إغلاق مطار بن غوريون أمام حركة السفر الدوليةصورة من: Ahmad Gharabli/AFP/Getty Images
وفي مقابلة مع DW، قال إيكارت ويرتس، مدير دراسات الشرق الأوسط في المعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية (GIGA) ومقره هامبورغ، إن "الصين وروسيا ضاعفتا جهودهما في سياق دبلوماسية اللقاحات في المنطقة". وفي هذا السياق، احتفى وزير الخارجية الصيني وانغ يي في مارس/ أذار الماضي بتدشين مشروع مشترك لتصنيع لقاح شركة "سينوفارم" الدوائية الصينية المضاد لفيروس كورونا في دولة الإمارات.
ووفقا لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، فقد تم تدشين "أول خط تصنيع وإنتاج لقاح كوفيد-19 في دولة الإمارات بين مجموعة G42 الإماراتية ومجموعة سينوفارم الصينية". وتأمل الشركتان في إنتاج ما يصل إلى مائتي مليون جرعة من لقاح سينوفارم سنويا في دولة الإمارات.
ولم يتوقف الأمر عند الإمارات إذ انضم المغرب بقوة إلى هذا السباق، حيث وقعت الرباط أيضا في وقت سابق من العام الجاري اتفاقا مع مجموعة سينوفارم الصينية لإنتاج اللقاح محليا. وفي هذا السياق، قال ويرتس إن "المغرب والإمارات يأملان في أن يصبحا مركزين في المنطقة لإنتاج لقاح سينوفارم،" مضيفا أن الرباط تأمل في أن تصبح "مركزا لتوزيع اللقاح في منطقة غرب إفريقيا".
ويبدو أن هذا السباق قد أغرى روسيا التي رغبت في اللحاق بركب "دبلوماسية اللقاحات" إذ أبرمت اتفاقا مع مصر لإنتاج لقاح سبوتنيك الروسي المضاد لفيروس كورونا، وهو الاتفاق الذي من شأنه أن يجعل مصر مركزا رئيسيا لتوزيع اللقاح في منطقة شمال إفريقيا.
اتفقت الصين والإمارات على انتاج 200 مليون جرعة سنويا من لقاح سينوفارم في الإماراتصورة من: Morteza Nikoubazl/NurPhoto/picture alliance
تقوية الساحة الداخلية
وتسلط قضية "دبلوماسية اللقاحات" الضوء على قضية أخرى لا تقل أهمية تتعلق بالأوضاع السياسية للعديد من دول الشرق الأوسط. فقد أشار ويرتس إلى هذا البعد في مقال نُشر في مارس/ آذار الماضي بقوله: "نجاح حملات التطعيم قد يعزز مكانة ووضع القادة الحاليين في المنطقة مثل (رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك) بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وملك المغرب محمد السادس".
يشار إلى أنه في يونيو/ حزيران انتهت مرحلة حكم نتنياهو التي امتدت لقرابة 12 عاما بعد أن تولى زعيم حزب "يمينا" نفتالي بينيت رئاسة الحكومة.
وفي ضوء التوقعات بظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا، إذ من غير المرجح أن يكون "أوميكرون"، المتحور الأخير، فإنه يُتوقع أن تكتسب "دبلوماسية اللقاحات" المزيد من الزخم في المستقبل القريب.
وفي هذا السياق، قال ويرتس "على الرغم من أن متحور "أوميكرون” لا يزال جديدا لكي نحكم على نطاقه السياسي، فمن البديهي القول بأن دبلوماسية اللقاحات قد حجزت مكانا لها في القاموس السياسي ويتوقع أن تبقى".
جنيفير هوليس / م ع
"موجة رابعة" من كورونا.. حقائق عن معركة ألمانيا مع الجائحة
موجة جديدة من كورونا في ألمانيا تدق ناقوس الخطر. مخاوف واسعة من عودة الإغلاق العام كحل أخير وارتفاع نسبة الوفيات والضغط على النظام الصحي، لكن مع ذلك تظهر ألمانيا أنها قد تعلمت بعض الدروس من الأشهر السابقة.
صورة من: Daniel Bockwoldt/dpa/picture alliance
أرقام قياسية للإصابات الجديدة
دخلت ألمانيا "الموجة الرابعة" من جائحة كورونا بأرقام قياسية، بلغت الخميس 11 نوفمبر/ تشرين الثاني حوالي 50.196 ألف إصابة و235 حالة وفاة. ولم تسجل ألمانيا على الإطلاق رقماً مماثلاً في الإصابات منذ بداية الجائحة، لكن أرقام الوفيات تظل نسبياً أقلّ مما سجل نهاية عام 2020، ما يؤكد الاستنتاجات بكون التطعيم لا يمنع من الإصابة بالفيروس، لكنه يخفض أرقام الإصابات الحرجة وبالتالي أرقام الوفيات.
صورة من: Rüdiger Wölk/imago images
موجة بدون صرامة المواجهة
ألمانيا لا تخطط هذه المرة لإجراءات صارمة كما فعلت ما بين نهاية 2020 وبداية 2021. فقد سمحت عدة مدن بإقامة احتفالات الكرنفال، كما لا توجد خطط لإغلاق عام ولا لتشديد القيود. وسبق لوزير الصحة ينس شبان أن أيد إنهاء إجراءات الوضع الوبائي الموحدة على الصعيد الفيدرالي نهاية نوفمبر 2021، ما يتيح رفع عدد من الإجراءات كارتداء الكمامات، لكن القرار قد لا يصادق عليه البرلمان بسبب ارتفاع الإصابات مجددا.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture alliance
بين قاعدة 3G وقاعدة 2G
سمحت ألمانيا باستئناف الكثير من الخدمات كدخول المطاعم والمقاهي وصالونات الحلاقة وأماكن الترفيه المغلقة وفق قاعدة 3G التي تعني ضرورة التطعيم، أو إثبات عدم الإصابة بالفيروس عبر كشف سريع، أو التعافي من الفيروس بعد الإصابة به. وبدأت مكاتب وإدارات كذلك باعتمادها، لكن عدة ولايات بدأت تعتمد قاعدة 2G التي تستثني الكشف السريع لأجل مواجهة الموجة الرابعة، ما أثار جدلاً كبيرا بين رافضي التطعيم.
صورة من: Ying Tang/NurPhoto/picture alliance
مجانية الكشف السريع
أتاحت ألمانيا بشكل مجاني اختبارات الكشف السريعة عن الفيروس لكل السكان، وكان الطلب عليها شديدا عند إطلاقها بسبب عدم تقدم حملة التطعيم حينها، لكن مع مرور الوقت، قررت السلطات إلغاء مجانيتها لدفع عدم المطعمين إلى الإسراع بذلك. لم تنجح الفكرة كثيراً، وعادت الحكومة الاتحادية للتفكير في إعادة المجانية، خصوصًا أن معهد روبرت كوخ أوصى بهذه الاختبارات حتى للمطعمين في حالة حضورهم للفعاليات الكبرى كالاحتفالات.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
حملة التطعيم لم تبلغ أهدافها
أرادت الحكومة الألمانية بلوغ نسبة تطعيم تصل لـ 75 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان نهاية صيف 2021، غير أن الرقم لم يتجاوز إلى حدود شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 67,5 في المئة. نجحت ولايات في الاقتراب أو حتى تجاوز النسبة المستهدفة، خصوصا في شمال وغرب البلاد كبريمن (81.6 بالمئة)، لكن ولايات في الشرق لم تتجاوز حتى 60 بالمئة كسكسونيا (59.5 بالمئة)، ويعود ذلك لانتشار الحركات المنكرة لكورونا في هذه المناطق.
صورة من: Jens Schlueter/Getty Images
أوضاع المستشفيات تحت السيطرة
تفتخر ألمانيا بنظامها الصحي القادر على مواجهة الضغط، لكنها تعرّضت لاختبار قاسٍ خلال موجة كورونا الثانية بسبب الطلب الكبير على وحدات العناية المركزة الذي اقترب من 6 آلاف حالة في ديسمبر/ كانون الأول 2020. حاليا يبقى في الرقم ما بين 2000 و 3000 آلاف، وتخطط الحكومة الاتحادية لتوزيع الحالات الحرجة على مجموع التراب الألماني حتى لا يقع الضغط على ولاية لوحدها، خصوصا في الشرق.
صورة من: Waltraud Grubitzsch/dpa/picture alliance
جائحة في قلب الانتقال السياسي
الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال فقط في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة محتملة بقيادة أولاف شولتس. وُجهت انتقادات كبيرة لحكومة ميركل في التعامل مع الجائحة، خصوصا إثر بطء عملية التطعيم والتردد الكبير في اتخاذ القرارات والتراجع عنها. ويرغب شولتس بتجاوز هذه الأخطاء ووضع استراتيجية أقوى، لكن المشاورات المطولة لتشكيل الحكومة قد تؤثر على النقاش الخاص بكورونا.
صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
الجائحة غيرّت المشهد
أضحت الكمامات جزءا أساسيا من المشهد العام في البلد، كما اتخذت عدة مؤسسات إجراءات بتشجيع العمل من البيت أو تقليل نسبة حضور الموظفين في المكاتب. وأدت الجائحة إلى التفكير في تغيير نمط الحياة، خصوصا التباعد الاجتماعي مع التركيز على اللقاءات الافتراضية. كما أثرت الجائحة على النظام التعليمي بسبب اعتماد التعليم عن بعد وإغلاق المدارس في بعض الفترات، ما خلق مخاوف من تأثير ذلك على الأجيال الصاعدة.
صورة من: Sebastian Kahnert/dpa-Zentralbild/dpa/picture alliance
توقعات بتعافي الاقتصاد
تضررت قطاعات كثيرة من الجائحة وخسر ناس كثر أعمالهم وتراجع النمو الاقتصادي كما ارتفعت نسبة التضخم ومعدل إفلاس الشركات، لكن مع ذلك حافظت ألمانيا على ريادتها الاقتصادية في أوروبا، وأظهرت عدة مؤشرات إمكانية تعافي تدريجية للبلد. وتوقع معهد الاقتصاد الألماني أن يعود الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة، ابتداء من 2022، كما أن الوضع لم يصل في تدهوره إلى أزمة عام 2009 التي تم في النهاية تجاوزها.