نجح علماء صينيون في تجربة قد تغير مستقبل الجنس البشري لو طُبقت على الإنسان بدل الفئران، إذ تمكنوا من إخصاب فأرة وإيلادها دون حاجة إلى الحيوانات المنوية الذكرية.
إعلان
بات تطور العلم في عصرنا الحالي يجري بوتيرة تتجاوز في كثير من الأحيان تصورات العقل البشري، وقد يصل الأمر في بعض المرات إلى أمور تُصنف في زاوية المعجزات الثابتة. بيد أن التطور الجاري في الهندسة الوراثية يأخذ طريقاً ليس له حدود من المعرفة.
فمؤخراً تمكن علماء صينيون من التوصل إلى تقنية طبية جديدة تلغي دور الذكر في الإنجاب، صحيح أن الأمر لم يُجرب بعد على الإنسان، لكنه نجح على "فئران التجارب". وهذا ما تناولته الصحف العالمية برسالة مفادها "ما من حاجة للرجل في تكاثر الجنس البشري خلال العقدين القادمين ربما".
في هذا السياق يقول خبير الخصوبة الأسترالي الدكتور ديفيد مولوي إن الاكتشافات الجديدة في مجال تكنولوجيا الإخصاب ستعجل من الممكن تحقيق هذا الأمر، الذي يُصنف في خانة المعجزات حتى الآن. لكنه يشير إلى أنه لا يرى سبباً وراء عدم تحقيق هذا الإنجاز نفسه في التكاثر البشري.
ويوضح مولوي لصحيفة "ذا كورير ميل" الأسترالية أنه على الرغم من أن لجان الأخلاقيات والمحظورات القانونية تمنع إجراء هذا النوع من الإخصاب على البشر، لكنه يرى أن الموقف سيتغير بمرور الوقت.
والتقنية التي اعتمدها الخبراء الصينيون تستند بطبيعة الحال على الهندسة الوراثية، فقد أُخذ الحمض النووي من فأرة وخلايا جذعية من فأرة أخرى، ونجحوا في إخصاب البويضة عبر عملية معقدة يُطلق عليها "تحرير الجينات".
وانتهت العملية بنتيجة مدهشة، إذ ولدت الأنثى الحاملة للبويضة المخصبة فئران سليمة ومعافاة. 29 من الأجنة تطورت إلى فئران صغيرة تتمتع بالصحة. وأظهر الباحثون أنه لم تظهر أي تشوهات أو اضطرابات في السلوك أو النمو.
في هذا السياق يقول كي زهو، رئيس فريق العلماء الصيني الذي أجرى التجربة في المختبر الحكومي لأبحاث الخلايا الجذعية ببكين: "توصلنا إلى أن الخلايا الجذعية الجنينية الصبغية الأحادية الصيغة تشبه إلى حد كبير الخلايا البدائية للبويضة والحيوانات المنوية. وهنا يتم حذف البصمة الجينية الموجودة في الخلايا الناضجة".
بالإضافة إلى ذلك قام الباحثون في الخلايا الجذعية الأنثوية بتعطيل ثلاثة مناطق من الصبغة الجينية، وفي الذكرية سبعاً منها.
ويضيف زهو وزملاؤه لموقع scinexx الألماني: "من المثير للدهشة أن تحليلاتنا حول ترانسكريبتوم كشفت أن الجينات الوراثية كانت تُقرأ بشكل طبيعي تماماً. مناطق الجينات المطبوعة في الجنين تتوافق مع تلك الموجودة في الفئران الطبيعية الأخرى".
لكن يبدو أن العلماء الصينيين لم يكتفوا بذلك فقد أعادوا تطبيق عملية "تحرير الجينات" على فأرين ذكرين، غير أن النتيجة كانت مأساوية إذ لم يعيشا سوى يومين فقط.
ورغم ذلك فإن هذه التجربة يمكن أن تعيد كتابة مستقبل الجنس البشري ومعجزاته .. من يدري؟.
ع.غ/ ع.خ
الطب المتجدد: عندما يعالج الجسم أمراضه ذاتياً
يتكون الجسم من أكثر من مائتي نوع من الخلاياـ تكون في البداية متشابهة وتعرف بالخلايا الجذعية. لكن سرعان ما تصبح لها وظائف محددة، تتحول بعدها إلى مصدر للخلايا الجذعية المهمة في الطب المتجدد، إذ تمنح الأمل لكثير من المرضى.
صورة من: picture-alliance/dpa
الخلايا الجذعية أصل الطب المتجدد
للخلايا الجذعية دور مهم في تطوير الطب المتجدد، فهي أصل جميع خلايا في الجسم، وبانقسامها تنشأ من الخلايا الجذعية خلايا فرعية لها وظائف محددة، لتتحول ثانية إلى خلايا جذعية. والمميز هو أن هذه العملية تستمر طيلة حياة الإنسان، وبذلك تتجدد أعضاء الجسم.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتقادات حادة
في عام 1998 نجح باحثون أمريكيون في الحصول على خلايا جذعية جنينية بشرية عبر قتل الأجنة، الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة. فتوقيت بدء حياة الجنين الذي يتشكل بعد اتحاد البويضة بالنطفة لا يمكن تحديده، وفي عام 1991 تمّ تطبيق قانون حماية الأجنة في ألمانيا، الذي يمنع الحصول على خلايا جذعية من الأجنة، فضلاً عن أن استيراد هذه الخلايا الجنينية إلى ألمانيا لا يمكن أن يتم إلا وفق شروط صارمة.
صورة من: picture-alliance/dpa
خلايا جذعية مقبولة أخلاقياً
على عكس الخلايا المشتقة من الأجنة، فإن الحصول على ما يعرف بالخلايا الجذعية المستحثة أمر مقبول من الناحية الأخلاقية. فهي خلايا يتم الحصول عليها من خلايا جسدية بالغة، ويمكن تحويلها إلى خلايا جذعية بواسطة أربع خلايا يتم زرعها في المختبر. وتستخدم لعلاج الخلايا أو كأساس لاختبار الأدوية. وكثيراً ما تستخدم في بحوث خاصة بتطور مرض الشلل الرعاش مثلاً.
صورة من: AFP/Getty Images
تجديد أعضاء الجسم
لا يمكن لجميع أعضاء الجسم أن تتجدد، كالعيون والدماغ والقلب. ومع التقدم في العمر، تصبح قدرة الأعضاء على التجدد محدودة، إذ تموت الخلايا وتنخفض قدرة الأعضاء على القيام بوظائفها. أحد أهداف الطب المتجدد هو إعادة تفعيل قوى الشفاء الذاتي للجسم ثانية.
صورة من: Adimas/Fotolia.com
أنسجة بديلة
عبر هندسة الأنسجة يمكن تطوير أنسجة تشبه الأصلية. ويمكن استخدام هذه الأنسجة في علاج الحروق وفي إنتاج الأوردة الدموية والأعضاء. هذه الطريقة تعزز عملية الشفاء الذاتي وهي بمثابة تقدم مهم في عالم الطب يفتح الباب أمام إمكانيات عديدة. وعبر هندسة الأنسجة يسعى الباحثون لاستبدال أعضاء كاملة مثل الكبد أوالكلى.
صورة من: Colourbox
العلاج بالخلايا
الهدف من العلاج بالخلايا هو تحفيز عمليات التجديد، فضلاً عن استبدال الخلايا المشوهة أو المصابة. ويستخدم العلاج الخلوي كثيراً في حالات زراعة الخلايا الجذعية في الدم، وذلك عن طريق استبدال نخاع العظام المريض بخلايا سليمة، مثل علاج الحالات المتقدمة من سرطان الدم. فالعلاج الكيميائي والإشعاعي يؤثر سلباً على عملية إنتاج خلايا الدم والجهاز المناعي للمريض.
صورة من: C. Lee-Thedieck/KIT
العلاج بالجينات
ما يزال العلاج الجيني موضع جدل كبير في عالم الأبحاث. وفيه يتم حقن مادة وراثية جديدة في الخلايا الجذعية، وبهذا يتم استبدال المورثة الجينية المصابة بمورثات سليمة. وتستخدم هذه الطريقة لعلاج الأمراض الوراثية بشكل أساسي وبعض أمراض السرطان. أما مشكلة هذا العلاج فهو استخدام بعض الفيروسات المعدلة وراثياً لنقل هذه المورثات، وهنا من الممكن للفيروسات أن تستعيد نشاطها وبالتالي إصابة المرضى بأمراض أخرى.