في وقت يعلو فيه صوت الخوف والتحيّز، تفتح أييلِت غوندار غوشِن نافذة نحو الإنسان الإسرائيلي والفلسطيني. وروايتها الجديدة "ضيوف غير مدعوين" دعوة للتعاطف وتأمل الذات والبحث عن الضوء والأمل للإنسان وسط رماد الحرب.
الكتابة في زمن الحرب - من منظور معالجة نفسية: أييلِت غوندار غوشِنصورة من: Nicholas Albrecht/KeinundAber Verlag
إعلان
"في البداية، كان يجتاحني شعور بأن تأليف كتاب، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، هو أمٌر فَظٌّ، خاصةً في ظل احتجاز الرهائن هناك، بعيدًا عن عائلاتهم في إسرائيل، وتواصل الدمار في غزة، بحسب ما تقول الكاتبة الإسرائيلية أييلِت غوندار غوشِن، والتي تضيف: "ثم تمنح نفسك ميزة الهروب إلى عالم مختلف تصنعه بكلماتك الخاصة - وشعرتُ أن هذا شيئ خاطئٌ".
لكن أييلِت غوندار غوشِن غيّرت رأيها هذا وتخلصت من تأنيب ضميرها وذلك عندما دعا مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية إلى مقاطعة الكتب والأفلام التي تُصوّر الفلسطينيين بطريقة إنسانية". وتقول: "هنا فكرت أنَّ هؤلاء الفاشيين يخافون الكلمات. وبما أنَّهم يعتقدون حقًا أنَّ الكلمات يمكنها تغيير شيء ما، فيمكن استخدام الكلمات كسلاح. ليس من أجل الهروب من الواقع، بل على العكس تمامًا: كوسيلة لمواجهة الواقع".
رسم بياني لنفسية المجتمع الإسرائيلي
وهكذا استأنفت أييلِت غوندار غوشِن العمل في روايتها الأخيرة التي كانت بدأتها قبل وقت طويل بعنوان "ضيوف غير مدعوين" (Ungebetene Gäste)، ونُشرت هذا الصيف باللغة الألمانية أيضًا.
في الرواية، يرمي طفل إسرائيلي صغير مطرقة من الشرفة، ما يسفر عن مقتل مراهق. ويتم اعتقال عامل فلسطيني كان يعمل في الشرفة. وتبقى والدة الطفل الصغير صامتة. وتبدأ مأساة من الشعور بالذنب والقمع والانتقام ــ وهي بمثابة رسم بياني نفسي للمجتمع الإسرائيلي، الذي ترى غوندار غوشن أنه محاصر في نظام مُمِيتمن الخوف من "الآخر".
رواية أييلِت غوندار غوشِن الجديدة "ضيوف غير مدعوين" تستكشف الهوة بين الإسرائيليين والفلسطينيينصورة من: Kein & Aber Verlag
أييلِت غوندار غوشِن ليست كاتبة فقط، بل هي معالجة نفسية أيضًا. وتَتَبَّعُ في روايتها آليات خفية تكتشفها في نفسها أيضًا. وكأم لطفل رضيع كان لديها قبل بضع سنين عامل فلسطيني في منزلها. وفجأة ذكرت الأخبار قتل عامل فلسطيني لصاحب عمله الإسرائيلي. تقول: "امتلأ المكان على الفور بالخوف، صار يعج برائحة الخوف. ثم لاحظت بسرعة أنَّه كان خائفًا مني تمامًا كما كنت خائفة منه. لأنَّه يعلم أنَّني أستطيع الاتصال بالشرطة الإسرائيلية لأنني لا أشعر بالأمان، وسيأخذونه معهم خلال دقيقتين".
إعلان
صدمة على كلا الجانبين
وروايتها "ضيوف غير مدعوين" تسلط الضوء على آليات نفسية خفية تحدد حياة الفلسطينيين والإسرائيليين اليومية. وتقول غوندار غوشن إنّك "عندما تعتبر نفسك ضحية؛ تصير مستعدًا لأن تصبح معتديًا".
وفي ذلك تؤثر وجهة نظر المعالجة النفسية على وجهة نظر الكاتبة، بمعنى ألّا تحكم على الناس وإنما أن تفهم أسباب تصرفاتهم. "أفكر في مدى صعوبة أن يعترف الناس بصدمة 7 تشرين الأول/أكتوبر المروعة، والتي لا يمكن أن يوجد لها مبرر. وأن يعترفوا في الوقت نفسه بالصدمة المروعة التي ترتكب الآن بحق الفلسطينيين، بينما تستمر صدمة عائلات الرهائن. يبدو الأمر كما لو أنه لابد من محو أحد الجانبين، حتى يصمدَ الناسُ".
امرأة فلسطينية وأطفال أثناء هروبهم من حي أبو إسكندر في مدينة غزة (22.08.2025)صورة من: Bashar Taleb/AFP/Getty Images
وأييلِت غوندار غوشِن تقف وحيدة إلى حد كبير في تعاطفها مع كلا الجانبين. وأصوات مثل صوتها تغرق في ضجيج نقاش عالمي مشحون أيديولوجيًا، ويتم خوضه أحيانًا بالعنف، ولكن قبل كل شيء بالمظاهرات، واعترافات قسرية ذات دوافع سياسية، ورفض الفنانين والمثقفين والموسيقيين من كلا الجانبين. وفي إسرائيل نفسها لا يتمتع التأمل الذاتي النقدي، كما تمارسه وأييلِت غوندار، بأية فرصة تقريبًا. وهذا يزيد من أهميته.
"أحاول أن أرى نقاطي العمياء وأن أستكشفها. وكثيرًا ما أُلاحظ أنَّها نقاط عمياء عالمية. وإذا لم نمر بهذه اللحظة المؤلمة التي ننظر فيها إلى أنفسنا في المرآة بصدق، فلن نتمكن أبدًا من تغيير أي شيء".
الكتابة وحدها لا تكفي
وبحسب رأيها، يجب أن يتغيّر الكثير. ومن أجل ذلك تخرج للتظاهر بانتظام ضد حكومة بنيامين نتنياهو ومن أجل عودة الرهائن ومن أجل إنهاء الحرب.
والكتابة أيضًا يمكن أن تكون بالنسبة لها شكلًا من أشكال المقاومة. بيد أنَّها تولي أهمية كبيرة لعدم اقتصار المقاومة على الأدب وحده. "يجب عليك الجمع بين الأمرين: السير بقدميك في الشارع ويجب أن تصرخ في الشارع وأن تكتب بيديك. والجسد كله يجب أن يشارك هنا!"
بصوت عالٍ في الشوارع: أقارب الرهائن الإسرائيليين يطالبون بالإفراج عنهم ووقف إطلاق النار في حرب غزة (تل أبيب، 26.08.2025)صورة من: Jack Guez/AFP/Getty Images
وأييلِت غوندار غوشِن لا تتخلى عن الأمل في التغيير والتفاهم. وتقول إنَّها غير متشائمة لأنَّها تفكر وتنظر إلى التاريخ: "أنظر إلى حقيقة أنَّنا نتحدث الآن هنا في برلين. ولو أخبرت أجدادي قبل سنين أنَّني سأجلس هنا أتحدث مع صحفية ألمانية، لما صدقوا ذلك. الأمور يمكن أن تتغير عبر التاريخ. إما للأسوأ أو حتى للأفضل أيضًا".
أعده للعربية: رائد الباش/ تحرير: صلاح شرارة
الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.. سلسلة طويلة من محاولات تحقيق السلام
تسعى الدول العربية لوضع خطة واقعية لمستقبل غزة في مواجهة ترامب الذي يدعو لطرد الفلسطينيين إلى مصر والأردن. جولة مع أبرز مبادرات السلام منذ حرب 1967، التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وسيناء وغزة.
صورة من: Oded Balilty/AP Photo/picture alliance/dpa
1967 - قرار مجلس الأمن رقم 242
في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة والتي وقعت في حزيران/ يونيو 1967 وأسفرت عن هزيمة الجيوش العربية واحتلال إسرائيل لمناطق عربية جديدة، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني قراره رقم 242. ودعا القرار إلى "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في الصراع في الآونة الأخيرة" مقابل احترام جميع الدول لسيادة بعضها البعض وسلامة أراضيها واستقلالها.
صورة من: Getty Images/Keystone
اتفاقية كامب ديفيد - 1978
اتفقت إسرائيل ومصر على إطار عمل ضمن اتفاقية كامب ديفيد أدى في 1979 إلى معاهدة برعاية الولايات المتحدة تلزم إسرائيل بالانسحاب من سيناء. وكانت هذه أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
مؤتمر مدريد للسلام - 1991
حضر ممثلو إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية مؤتمرا للسلام بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، في محاولة من قبل المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية من خلال المفاوضات. ولم يتم التوصل إلى أي اتفاقات مهمة، لكن المؤتمر فتح الباب أمام إمكانية اتصالات مباشرة بين الطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Hollander
اتفاقات أوسلو - 1993-1995
توصلت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى اتفاق في محادثات سرية بالنرويج بشأن اتفاق سلام مؤقت يعترف فيه كل طرف بحقوق الآخر. ودعا الاتفاق إلى انتخابات فلسطينية وحكم ذاتي لمدة خمس سنوات، وانسحاب القوات الإسرائيلية، ومفاوضات لتسوية دائمة. تعتبر اتفاقية أوسلو التي تمَ توقيعها في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، أوَّل اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
صورة من: Avi Ohayon/GPO
اتفاق إسرائيل والأردن - 1994
أصبح الأردن ثاني بلد عربي يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل. لكن المعاهدة لم تحظ بشعبية، وانتشرت المشاعر المؤيدة للفلسطينيين على نطاق واسع في الأردن.
صورة من: Wilfredo Lee/AP Photo/picture alliance
قمة كامب ديفيد - 2000
في هذه القمة تباحث الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات. وقد عقدت القمة في الفترة من 11 إلى 25 تموز/ يوليو 2000 وكانت محاولة لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. لكن القمة انتهت بدون اتفاق. واندلعت انتفاضة فلسطينية أخرى في 28 أيلول/ سبتمبر 2000 ولم تتوقف فعليا إلا في 8 شباط/ فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة عقد في قمة شرم الشيخ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Edmonds
مبادرة السلام العربية - 2002
في عام 2002 قدمت المملكة العربية السعودية خطة سلام مدعومة من جامعة الدول العربية، تقضي بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وتأسيس دولة فلسطينية. مقابل ذلك، تعرض الدول العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
صورة من: Courtney Kealy/Getty Images
قمة أنابوليس – 2007
فشل الزعماء الفلسطينيون والإسرائيليون مرة أخرى في التوصل إلى اتفاق في قمة أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط الذي عُقد في الولايات المتحدة في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، ورغم المساعي الكبيرة للتوصل إلى اتفاقية سلام وإحياء خارطة الطريق بهدف قيام دولة فلسطينية، إلا أنه لم يكلل بالنجاح، لتندلع بعدها حرب غزة في 2008.
صورة من: AP
اتفاقيات أبراهام - 2020
اتفق زعماء إسرائيل والإمارات والبحرين على تطبيع العلاقات في أيلول/ سبتمبر 2020. وفي الشهر التالي، أعلنت إسرائيل والسودان أنهما ستطبعان العلاقات، وأقام المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. سميت اتفاقيات أبراهام بهذا الاسم نسبة إلى إبراهيم الذي تنتسب إليه الديانات الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية، للإحالة إلى الأصل المشترك بين اليهود والمسلمين.