أي جدوى لقرار الجامعة العربية حول الحظر الجوي على ليبيا؟
١٣ مارس ٢٠١١يتساءل العديد من المراقبين عن جدوى ودلالات قرار الجامعة العربية يوم السبت (12 آذار/ مارس 2011) والذي دعت فيه مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، في قرار قد يقرأ كضوء أخضر إقليمي قال حلف شمال الأطلسي وعدد من العواصم الغربية إنه شرط لأي إجراء عسكري ضد نظام العقيد القذافي.
وفي حوار مع دويتشه فيله ثمن الدكتور نبيل عبد الفتاح من مركز الأهرام للدراسات الإستراتجية في القاهرة قرار الجامعة العربية، وقال إنه لا يجب التقليل من أهمية الحظر الجوي باعتبار أنه سيخفف، في حالة فرضه، الضغط العسكري على مواقع الثوار. واعتبر الخبير المصري أن أي إجراء عسكري سيكون مهما في هذا الصدد، خصوصا وأن "نظام القذافي فقد شرعيته السياسية الداخلية، وقد يقدم الزعيم الليبي هو وأسرته إلى محكمة الجنايات الدولية".
جرأة غير معهودة؟
قرار الجامعة العربية سبقه تعليق عضوية ليبيا وتبعها أيضا إعلان الجامعة فتح قنوات اتصال وتعاون مع المجلس المعارض في ليبيا والذي مقره بنغازي. وقال عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، إن "الجامعة تطلب من مجلس الأمن فرض منطقة حظر جوي حماية لليبيين والقاطنين من رعايا الدول العربية والبلاد الأخرى". وهو ما سارع نظام القذافي إلى التنديد به، إذ اعتبرت وزارة الخارجية الليبية أن "قرار الجامعة أسس على ادعاءات كاذبة وتشويه صريح للحقائق وما جرى على الأرض".
ويرى الدكتور نبيل عبد الفتاح أن القرار هو من الناحية الشكلية قرار جماعي يتسم بالجرأة، إلا أن "دوافعه تختلف من دولة عربية إلى أخرى. هناك تأثير للدوافع الشخصية للقادة العرب بعضهم ضد البعض الآخر، فملك السعودية وأسرته مثلا يكنون بغضاء شديدة للعقيد القذافي". بصيغة أخرى فالقرار لا يعني بالضرورة وقوف كل الأنظمة التي صوتت لصالحه إلى جانب رغبة الليبيين في التحرر من قبضة العقيد القذافي.
وأشار نبيل عبد الفتاح إلى دعم جهات عربية للنظام الليبي كسوريا، وإن كانت نفت ذلك رسميا، أو الجزائر ومقاتلي البوليساريو الذين كان القذافي يدعمهم بالمال والعتاد. واعتبر عدد من المراقبين قرار الجامعة قويا إذا ما قورن بمواقفها المعتادة كمنظمة ممزقة ومنقسمة اتسمت مواقفها بالعجز خلال السنوات الماضية. ولكن السؤال هو ماذا يعني ذلك بالضبط بالنسبة لمستقبل المنتفضين الليبيين؟
ضوء أخضر لتدخل دولي؟
يرى الدكتور نبيل عبد الفتاح أن واشنطن ضغطت بكل قوتها كي تصدر الجامعة العربية قرارها، وأضاف أن موقف الجامعة يسير في نهاية المطاف "في اتجاه ما تريده الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية وتحديدا فرنسا". ويذكر أن العواصم الغربية رحبت بقرار الجامعة العربية بمجرد صدوره، إلا أن ذلك لا يعني ضوءا أخضرا مباشرا لتدخل عسكري غربي في ليبيا. فهناك دول غربية منها ألمانيا تشترط قرارا واضحا من مجلس الأمن الدولي. ثم إن الرأي العام الغربي متحفظ من أي مغامرة عسكرية جديدة بعد التجربتين العراقية والأفغانية يقول نبيل عبد الفتاح.
وإذا كان نظام القذافي بات فاقدا للشرعية فإن ما يزيد الوضع تعقيدا يقول عبد الفتاح هو ترجيح أن يستمر الصراع مدة طويلة، خصوصا وأن كتائب القذافي قد تحقق مكاسب ميدانية، ما ينبئ بحرب مدن دموية طويلة الأمد، وهذا قد يعرقل الجهود الدولية خصوصا وأن القذافي يعتمد على "نظام أسري قبلي يقاتل مع مجموعة من المرتزقة بدعم من الأنظمة العربية الفاسدة"، كما يوضح عبد الفتاح، وإن كان بعض المراقبين لا يرون أن نصرا عسكريا تقليديا لن يمكن القذافي من السيطرة على كل مناطق البلاد. وإذا ما أضيف هذا العامل إلى تصدع النظام من الداخل وعزلته الدولية، فإن عودة ليبيا إلى سابق عهدها تحت سيطرة آل القذافي باتت صعبة التصور على حد تعبير نبيل عبد الفتاح.
ويشكك بعض المراقبين في فعالية حظر جوي، حتى لو تم تبنيه من طرف المجلس الدولي، من حيث حماية المنتفضين الليبيين خصوصا وأن كتائب القذافي تملك مروحيات وقوة نيران الدبابات. وتجارب البوسنة والعراق في عهد صدام حسين أظهرت أن فرض منطقة حظر طيران لم تكن دائما ناجعة. إلا أن الدكتور نبيل عبد الفتاح يرى فيها خطوة أساسية لدعم الثوار الليبيين وبالتالي الإسراع في إنهاء عهد أسرة القذافي.
حسن زنيند
مراجعة: طارق أنكاي