1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إثيوبيا.. حرب أهلية على الأبواب تثير قلقا إقليميا ودوليا

١٣ نوفمبر ٢٠٢١

تقف قوات المتمردين على أعتاب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وسط أجواء شديدة التوتر تعم البلاد، وأنباء عن اقتراب سقوط عاصمة ثاني أكبر دول إفريقيا من حيث عدد السكان. ما تأثيرات ذلك على دول الجوار والقرن الإفريقي؟

دبابة تابعة لقوات تيغراي
تقف إثيوبيا على أعتاب حرب أهلية طاحنة يتوقع أن تسفر عن بحر من الدماء وملايين اللاجئينصورة من: Eduardo Soteras/AFP/Getty Images

حرب أهلية طاحنة تلوح في الأفق وتوقعات بحمام دم مريع.. تلك هي الصورة التي تتوقعها جهات إقليمية ودولية عدة لما ستؤول إليه الأحداث في إثيوبيا، ما قد ينجم عنه أيضا تفكك الدولة الفيدرالية إلى عدة دويلات لا تجمعها إلا الكراهية العرقية الشديدة.

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، قالت إن الصراع المستمر منذ عام في إقليم تيغراي الإثيوبي بلغ مستويات "كارثية". وأضافت لمجلس الأمن بأن "خطر انزلاق إثيوبيا إلى حرب أهلية متنامية حقيقي تماماً".

ما الذي حدث؟

في عام 2020 وردت انباء عن هجوم لقوات إقليم تيغراي شمال البلاد على معسكرات للجيش الفيدرالي، أمر على إثرها رئيس الوزراء أبي أحمد في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2020، برد عسكري على الهجوم. لكن "جبهة تحرير شعب تيغراي" نفت قيامها بالهجوم. وتقول الجبهة إن ما أعلنه أحمد كان مجرد ذريعة لغزو الإقليم.

أدى اشتداد القتال إلى فرار عشرات الآلاف إلى السودان المجاور الذي يعاني من مشكلات سياسية متصاعدة. وبعد عشرة أيام من اندلاع المعارك حذّرت الأمم المتحدة من احتمال وقوع جرائم حرب في تيغراي. وأرسلت إريتريا المجاورة قوات إلى تيغراي لمؤازرة القوات الإثيوبية، لكن أديس أبابا نفت ذلك. تصاعدت المواجهات بين الجانبين حتى أقر أبيي احمد في 23 آذار/مارس 2021 بأن القوات الإريترية دخلت تيغراي، وفي اليوم التالي أعلنت المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان أن جنوداً إريتريين ارتكبوا مجزرة بحق أكثر من مئة مدني في أكسوم.

خريطة توضح أهم مناطق إثيوبيا

في 28 حزيران/ يونيو الماضي ومع تقدم "قوات دفاع تيغراي"، غادرت الإدارة الموقتة التي عيّنها أبيي في تيغراي عاصمة الإقليم ميكيلي، ما شكّل منعطفاً في النزاع. وأعلنت الحكومة الفدرالية "وقفا لإطلاق النار من جانب واحد"، وافق عليه المتمردون "من حيث المبدأ" لكنّهم تعهّدوا بمواصلة القتال إن لم تُلبَّ شروطهم.

لكن وفي 14 تموز/يوليو، وبعد أربعة أيام على فوز حزب أبي في الانتخابات تعهد بـ "صد الهجمات". وفي اليوم التالي، أعلنت ثلاث مناطق أنها ستنشر قوات دعماً لعمليات القوات الفدرالية في تيغراي. وامتد النزاع إلى منطقتين مجاورتين لتيغراي هما عفر وأمهرة. وفي أكتوبر/ تشرين الأول دخل النزاع منعطفاً جديداً مع قيام الطائرات الإثيوبية بشن ضربات جوية على ميكيلي، مطلقة حملة قصف جوي في تيغراي. ومع ورود أنباء عن عمليات اغتصاب وقتل ونهب واسعة قامت بها القوات المتصارعة، يُخشى أن تقترب البلاد من مذابح مروعة قد لا يتمكن أحد من إيقافها قريباً.

هل تسقط العاصمة؟

اليوم تحبس أديس أبابا أنفاسها والمروحيات العسكرية تحوم فوق في أجزاء من المدينة. وتسيطر حالة من الغموض والخوف على الحياة اليومية في العاصمة الإثيوبية. فبعد مرور عام واحد وصلت الحرب إلى قلب ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان.

فر الكثير من الإثيوبيين من مناطق تشهد معارك حالياً في تيغراي وعفر وأوروميا إلى أديس أبابا. لكن بعد 12 شهراً من الصراع في إثيوبيا، يعاني سكان العاصمة من أزمة اقتصادية، حسبما قال ميشائيل تروستر، مدير مؤسسة "فريدريش إيبرت" في إثيوبيا، مع تضخم هائل يضغط على أنفاس المواطنين يومياً.

ويقف تحالف المتمردين، المكون من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو، على بعد أقل من 400 كيلومتر عن العاصمة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، وفي الشرق يريدون قطع طريق الإمدادات الذي يصل المدينة بالميناء المهم في دولة جيبوتي المجاورة. ويتساءل الناس متى ستسقط العاصمة، في الوقت الذي دعت فيه السلطات إلى تسليح النفس والدفاع عن العاصمة.

وقد أدى الصراع إلى أزمة إنسانية خطيرة في البلاد، حيث يعتمد ملايين الأشخاص الآن على المساعدات. وأصبح أبي أحمد الإصلاحي المحتفى به دولياً، طرفاً في الصراع وتعرض لانتقادات شديدة بسبب انتهاكات  حقوقية مريعة، أوقف المانحون الغربيون، وخاصة الولايات المتحدة، بسببها الكثير من المساعدات لإثيوبيا.

دعا رئيس الوزراء سكان العاصمة لتسليح أنفسهم والاستعداد للدفاع عن المدينةصورة من: Seyoum Getu/DW

عرقيات متناثرة بين البلاد

وفي مقابلة لها مع DW من كينيا قالت أليس ويريمو نديريتو، المستشارة الخاصة للأمم المتحدة بشأن منع الإبادة الجماعية، إن البلدان الأفريقية تحكمها حدود استعمارية وهذه الحدود الاستعمارية تقسم المجتمعات العرقية إلى قسمين. على سبيل المثال، توجد جماعة الأورومو في كل من كينيا وإثيوبيا، والصوماليون موجودون في كل من الصومال وإثيوبيا، ويوجد اللوو في كل من إثيوبيا وجنوب السودان. لذا فإن خطر نشوب نزاع عبر الحدود وانتشاره كبير جدًا في الوقت الحالي.

وأضافت نديريتو: "نحن بحاجة إلى تدخل الهيئات الدولية الفاعلة. جيران إثيوبيا بحاجة إلى العمل على ضمان منع النزاعات عبر الحدود قبل وقوعها وعدم التعامل معها عند حدوثها. لقد رحبت بيانات الرئيس الكيني أوهورو كينياتا والرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، اللذين قالا إنهما يعملان الآن لدعم إثيوبيا. إنها خطوة إيجابية للغاية".

وتؤكد نديريتو على أن الأزمة أعمق بكثير من مشكلة عرقية التيغراي والأورومو، "هذه مشكلة إثيوبية. إذا حللنا مشكلة تيغراي اليوم ولم نحل ما يحدث في منطقة أورومو، فسنواجه مشكلة أخرى مستقبلاً". لكن ما عقد الأمور وقلل من إمكانية الوصول إلى تهدئة بين الأطراف المتنازعة هو أن "رئيس الوزراء الإثيوبي قال مراراً وتكراراً إنه لا يمكنه التفاوض مع جبهة تحرير تيغري لأنه تم تصنيفها على أنها منظمة إرهابية".

الدول المجاورة تتحسب لأزمة إنسانية

وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة الكينية تشديد الإجراءات الأمنية على طول حدودها الشمالية التي يبلغ طولها 800 كيلومتر مع إثيوبيا. كما أقامت الشرطة حواجز طرق إضافية لمراقبة حركة الأسلحة والأجانب الذين قد يحاولون دخول كينيا بشكل غير قانوني.

وتخشى المجتمعات المحلية والحكومة الكينية من تدفق اللاجئين الإثيوبيين. وشمال كينيا هو بالفعل موطن لمخيمات اللاجئين في كاكوما في الشمال الغربي وداداب في الشمال الشرقي. وهي من بين أكبر مخيمات اللاجئين في العالم. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كان المسؤولون الكينيون يضغطون بشدة لإغلاق المخيمات بالكامل بحلول منتصف عام 2022 - وهي خطة يمكن أن يفسدها اللاجئون الجدد من إثيوبيا.

وقال حسن خانيجي، مدير معهد الدراسات الاستراتيجية ومقره نيروبي، لـ DW: "هناك احتمال بتدفق مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين اللاجئين، إلى كينيا". وقال إن ذلك "سيفرض تكاليف باهظة على كينيا"، مضيفًا أنه قد يؤدي إلى وضع إنساني، كينيا ليست مستعدة له. يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه مليونا شخص حالياً أزمة انعدام الأمن الغذائي في شمال كينيا، حيث وصفت الأمم المتحدة الوضع بأنه "خطير بشكل خاص" بسبب قلة هطول الأمطار.

كما يبدو أن الصراع في إثيوبيا قد أضعف بشكل غير مباشر تنفيذ اتفاق السلام في دولة جنوب السودان المجاورة. إذ لعبت إثيوبيا، في السنوات الأخيرة، دور الوساطة بين الفصائل المنافسة للرئيس سلفا كير وزعيم المعارضة السابق ريك مشار. ويخشى مراقبون من أن تصبح عملية السلام في جنوب السودان أكثر صعوبة مع استمرار الحرب في إثيوبيا.

أيضاً، لجأ مئات الآلاف من الأشخاص الفارين من حرب جنوب السودان إلى منطقة غامبيلا الإثيوبية على الحدود الغربية للسودان مع إثيوبيا. وإذا استمرت الحرب الإثيوبية، فإنها ستؤدي، وفق خبراء، إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي على الحدود بين جنوب السودان وإثيوبيا.

لكن خبراء ومراقبون يرون أن نتيجة الحرب في إثيوبيا قد تؤدي لإطاحة أبي احمد من المشهد السياسي، وهو ما سينعكس إيجابياً على أزمة سد النهضة مع مصر والسودان خاصة وأنه كان المسؤول الإثيوبي الأكثر تشدداً من أسلافه في هذا الملف الشائك والذي يثير قلقاً غير عادي لدى دولتي المصب، خاصة وأن سعة الخزان قد تتعدى حصتي دولتي المصب مصر والسودان من مياه النيل ما يثير شكوكاً حول الهدف منه.

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW