إجراءات جديدة - الاتحاد الأوروبي يسعى لمحاربة "الغسل الأخضر"
٢٩ مايو ٢٠٢٣في محاولة لمواجهة ظاهرة "الغسل الأخضر" وتعزيز الشفافية بين المستهلكين، قدمت المفوضية الأوروبية في مارس / آذار الماضي اقتراحا يقضي بزيادة مراقبة التزام الشركات بمعايير حماية البيئة في إطار "لائحة المطالب الخضراء".
يشار إلى أن ظاهرة الغسل الأخضر تعني نشر مؤسسات وشركات معلومات مضللة لإثبات التزامها بمكافحة تغير المناخ عبر استثمارات ومنتجات صديقة للبيئة.
وفي هذا الصدد، أجرت المفوضية الأوروبية دراسة حديثة من أجل التحقق من 150 ادعاء بشأن حماية البيئة إذ كشفت الدراسة أن 53.3٪ من هذه الإدعاءات ساقت "معلومات غامضة أو مضللة أو عارية عن الصحة حول الخصائص البيئية للسلع".
ويمكن معاقبة الشركات التي تنشر مثل هذه الإدعاءات في إطار قانون يُعرف باسم "التوجيه الأوروبي المتعلق بالممارسات التجارية غير العادلة". لكن بلانكا موراليس، المسؤولة البارزة في منظومة "أيكوليبل" أو "علامة الجودة لنظام حماية البيئة في أوربا،" ترى أن التشريعات الحالية ليست كافية.
وفي مقابلة مع DW، قالت إن هذا النهج "خاطئ حيث إنه عندما تطعن السلطات في مزاعم أي شركة، فإن العملية تنطوي على تحقيق قد يستغرق سنوات. ما يعني استمرار الضرر لأن السلع تكون ما تزال مطروحة في الأسواق والشركات تستفيد من الجدل لزيادة حصتها التسويقية".
التحقق من التزام الشركات بالمطالب الخضراء
بموجب قانون "لائحة المطالب الخضراء"، فإنه يجب أن يرافق كافة ادعاءات الشركات بشأن استدامة منتجاتها تقديم أدلة.
وقد لاقى ذلك إشادة من موراليس، التي قالت: "بدون بيانات لن توجد أي ادعاءات خضراء".
وبناء على القواعد الجديدة، سوف يتم وضع علامة تؤكد أنه جرى التحقق من "الادعاءات الخضراء" التي ذكرتها الشركة، بما في ذلك التأكد من تقديم أدلة تثبت ذلك، بما يشمل دورة المنتج كاملة.
وسوف ينطوي الأمر على ضرورة وضع الشركة لـ"كيو آر كود" (رمز الاستجابة السريعة) (QR code)، على منتجاتها حتى يتمكن المستهلك من معرفة تفاصيل التزام الشركة بمعايير مكافحة ظاهرة تغير المناخ.
معيار موحد
يشار إلى أن ظاهرة الغسل الأخضر في أوروبا تواجه تحديات قانونية في الوقت الراهن، خصوصا في ظل النهج الفردي للدول، فمثلا جرى الكشف في النرويج وهولندا عن إدعاءات شركة "اتش أند ام" (H&M) بشأن حماية المناخ واستدامة منتجاتها كانت مضللة.
لذا فإن قانون "لائحة المطالب الخضراء" سوف ينهي هذه الفردية إذ سوف تخضع الشركات في كافة أنحاء الاتحاد الأوروبي لمعايير موحدة بغض النظر عن الدولة التي سيتم تسويق المنتجات بها.
بدوره، قال مايكل واغمانس، رئيس قسم البيئة والحوكمة والاستدامة في شركة "كي بي إم جي" (KPMG) البلجيكية للخدمات الاستشارية، إن القانون الجديد سيؤثر إيجابيا على الأنشطة والأعمال التجارية.
وأضاف: "يجب أن يُنظر إلى اللوائح الجديدة باعتبارها فرصة للشركات إذ يمكن من خلال تعزيز الشفافية بين المستهلكين، بناء الثقة بين الشركة والمستهلك". وتابع: "أمامنا عامان حتى تصبح اللوائح الجديدة قانونا ما يعني أن الشركات المتضررة بشكل مباشر بدأت في أخذ الحيطة".
وفي مقابلة مع DW، قال المتحدث باسم شركة "شل" العملاقة للنفط: "ندرس الاقتراحات بعناية وسنظل ملتزمين بالعمل مع الحكومات والمجتمع المدني والشركات الأخرى".
الجينز الصديق للبيئة
ومن أجل فهم كيف سيكون تأثير اللوائح الجديدة على الأعمال التجارية، قامت DW بطرح تساؤلات على بلانكا موراليس لمعرفة ما إذا كانت إدعاءات الشركات الحالية حيال حماية المناخ سوف تتوافق مع القواعد الجديدة.
تدعي شركة "اتش أند ام" السويدية أن منتجاتها يتم تصنيعها بطريقة توفر المياه، فيما قالت موراليس إن هذا الأمر سيكون مرهونا بتقديم الشركة أدلة تثبت ذلك، لكنها شددت أن عبارة "الاختيار الواعي"، والتي تعني أن الملابس مصنوعة من مواد ذات مصادر مستدامة مثل القطن العضوي، لن تكون كافية.
وأضافت: "استخدام كلمة واعي يعد ادعاء محيرا وينطوي على تعميم لأنه يعطي انطباعا بأن السلعة جزى إنتاجها من مصادر مستدامة فقط، رغم أن الضمان الوحيد لذلك استخدام القطن العضوي".
وفي رده، قال الناطق باسم شركة "اتش أند ام" إن الشركة قررت "إزالة عبارة الاختيار الواعي من متجرها عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم".
يشار إلى أن هذا القرار جاء في أعقاب دعوى قضائية لإحدى الجهات الرسمية في هولندا ضد الشركة السويدية وشركة ديكاتلون الفرنسية.
عسل نحل محايد الكربون
قامت شركة "برايتسامر" الألمانية بوضع ملصق على منتجاتها من عسل النحل يشير إلى أنه عسل نحل محايد الكربون، فيما قالت موراليس إنه يتعين على الشركة تقديم أدلة لإثبات ذلك.
ويشير الملصق إلى أن "جميع منتجات شركة برايتسامر من عسل النحل محايدة الكربون، فهي جاءت من مربي النحل إلى منزل المستهلك"، لكنه يشير أيضا إلى أن بعض المنتجات تأتي من تشيلي وأوروغواي، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات حول تعامل الشركة مع انبعاثات الكربون الناجمة عن شحن العسل من تلك الدول إلى ألمانيا.
وقالت موراليس إنه "بموجب القواعد الجديدة، فإنه سوف يتعين على الشركة تقديم معلومات بشأن منتجاتها بشكل أكثر شفافية مع توضيح العناصر المُحايدة على مستوى انبعاثات الكربون وأيضا العناصر التي تعمل على تعويض الانبعاثات التي لا يُمكن خفضها".
وقد وجهت DW استفسارا لشركة عسل برايتسامر بهذا الشأن، لكن لم يتم الرد حتى الآن من جانب الشركة.
باول كرانتس/ م. ع