إجراءات جديدة قد تحد من الهجرة اليهودية إلى ألمانيا
"كل يهود شرق أوروبا يودون الهجرة إلى الجنة.....إلى الجنة الألمانية، وليس إلى إسرائيل" هكذا يتهكم أحد ممثلي الجالية اليهودية في برلين على تفضيل يهود شرق أوربا الهجرة إلى ألمانيا بدلاً من فلسطين وإسرائيل. وتعد هذه المقولة حقيقة باتت واضحة للعيان في السنوات الأخيرة، مما دفع الحكومة الاتحادية في برلين إلى إجراء تعديلات أساسية على إجراءات الهجرة للحد من قدوم أعداد كبيرة من اليهود الأوروبيين الشرقيين إلى أراضيها. ومن المعروف عن بعض يهود شرق أوربا أنهم لا يبذلون أي جهد يذكر فيما يتعلق بمسألة الاندماج في المجتمع لألماني. أما مشاركتهم في إطار الجالية اليهودية في ألمانيا فتكاد تكون محدودة إن لم تكن معدومة. ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن الحكومة الألمانية قد أقدمت على هذه الخطوة بإيعاز من إسرائيل، لذلك فهم يصرون على أن برلين قد استمعت بأذان صاغية إلى مخاوف الدولة اليهودية من تراجع الهجرة إليها إذا ما استمر يهود شرق أوروبا وروسيا بتفضيل ألمانيا عليها.
الخطر على المجتمع الإسرائيلي
وكانت الحكومة الاتحادية في برلين قد تعرضت في الآونة الأخيرة إلى انتقادات حادة من المسئولين الإسرائيليين، نجمت عن تسامح ألمانيا الشديد فيما يتعلق بهجرة يهود أوروبا الشرقية إليها. وعلقت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية على ذلك بأن "تساهل الحكومة الألمانية مع النزوح اليهودي إليها يهدد الهدف الذي وُجدت إسرائيل من أجله". واستناداً إلى الإحصاءات وإلى تصريحات وزير الهجرة الإسرائيلي فإن عدد اليهود الذين نزحوا إلى ألمانيا من شرق أوروبا عام 2004 بلغ 9400 مواطن، أي بزيادة ألف مهاجر عن العدد الذي وصل إلى إسرائيل في العام ذاته. وترجع المعاملة الحسنة التي خصت بها حكومات جمهورية ألمانيا الاتحادية اليهود بوجه عام منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى رغبة الدولة الألمانية في تعويض اليهود نظراً لما عانوه من مآسي وملاحقة واضطهاد خلال الحقبة النازية.
مشاكل الاندماج
من المفترض أن تدخل الاجراءات الجديدة المتعلقة بهجرة اليهود إلى ألمانيا حيز التنفيذ عام 2006. حتى ذلك الحين سيبقى العمل سارياً بالقوانين التي صدرت عام 1991 والتي تنص السماح بهجرة أي شخص يعتنق الديانة اليهودية إلى ألمانيا. وتقدم القوانين بصورتها الحالية تسهيلات لكل من كان أحد والديه يهودياً. ومن المعروف أن حوالي 200000 من مواطني الاتحاد السوفيتي السابق قد استفادوا من هذه التسهيلات. من ناحيتها اعتبرت الحكومات الألمانية في العقود الستة الآنفة أن الفضل في إعادة تشكيل الجالية اليهودية في ألمانيا يرجع إلى المهاجرين من شرق أوروبا. غير أن هذه الهجرة على صعيد آخر لم تخلو من المشاكل الناجمة عن صعوبة اندماج بعض المهاجرين في المجتمع الألماني بسبب عدم إلمامهم باللغة الألمانية وعدم قدرتهم على المنافسة في سوق العمل.
التعديلات الجديدة
عندما يبدأ العمل في يناير 2006 بالتعديلات المقررة سيكون من الممكن رفض طلب اليهودي الراغب في الهجرة إلى ألمانيا، إذا كان من المتوقع أن يشكل المهاجر عالة على الدولة من خلال الحصول على المساعدات الاجتماعية وإعانات البطالة. أما المهاجرين الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة والأربعين فيشترط عليهم إتقان مهنة معيّنة تؤمن لهم القدرة على العيش. بالإضافة إلى ذلك وقبل أي بت في طلب الهجرة المقدم يقع على عاتق الراغب في الهجرة إلى ألمانيا مهمة تأكيد انتماءه للدين اليهودي بواقع وثائق رسمية مصدّق عليها من الجمعيات اليهودية. كما يشترط على القادمين من أوربا الشرقية، وأزواجهم وأطفالهم الذين تزيد أعمارهم عن 12 سنة، أن يكونوا على إلمام بمبادئ اللغة الألمانية. ويضاف إلى الإجراءات الجديدة واجب حصول أي يهودي يرغب الإقامة في ألمانيا على دعوة من جمعية يهودية معترف بها من السلطات الألمانية. كما أن المهاجرين الجدد ملزمون بإقامة علاقات مع إحدى التجمعات اليهودية في ألمانيا، علما بأن حوالي نصف المهاجرين اليهود المتواجدين حالياً في ألمانيا لا ينتمي لأي تجمع يهودي.
تقرير: علاء الدين سرحان