1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مراقبو التربة في أوروبا

فرانتسيسكا بادنشير/ نهلة طاهر٧ نوفمبر ٢٠١٢

تتميز التربة بحساسية عالية تجاه عوامل التعرية والتلوث بالمعادن والتغير المناخي. ولضمان قيام المسؤولين بحماية التربة، تقوم لجان الاتحاد الأوروبي بجمع البيانات المتعلقة بتلك التغيرات.

صورة من: CC/Pflatsch

البقع الموحلة في حقل البطاطس التي تظهر تعرض التربة الخصبة للتجريف، والأارضي الجافة المتشققة الناتجة عن عوامل التعرية، كل هذه العلامات تظهر أن كثيراً من الأراضي أصبحت جرداء لا تصلح لنمو المحاصيل. ويتوقف بقاء المناطق التي ماتزال خضراء في المستقبل على مدى تأثر التربة بعوامل التعرية. ويبلغ الحد الأقصى الذي يمكن أن تتعافى بعده الأرض، أن يفقد الهكتار ما لا يتعدى طن واحد من التربة سنويا. وإذا ما تم تجاوز هذا الحد، فهذا يعني نهاية استخدام الأرض للزراعة، ومن هنا جاءت ضرورة مراقبة التربة وتحليلها وقياسها. ولمراقبة التربة في أوروبا أسست المفوضية الأوروبية في عام 2006 المركز الأوروبي لبيانات التربة.وهناك يتم وضع التربة تحت المراقبة الدقيقة، وتسجل كل البيانات حول تآكل التربة أو ارتفاع درجة حموضتها أو تلوثها بالمعادن، في بنك للمعلومات.

بنك واحد للمعلومات يجمع بيانات ضخمة

ويدخل نوع التربةونسبة المعادن فيها وحجم مسامها ونسبة تلوثها بالمواد الكيمائية، ضمن فئات المعلومات التي يجمعها مركز بيانات التربة الأوروبي، ويصل مجموعها الكلي للفئات إلى 73 فئة. ومع تأسيس المركز، نشأ أطلس فريد من نوعه الآن، ولكن ذلك الأطلس ليس كتابا يمكن تصفحه، إذ أنه مكون من جداول رقمية عملاقة. وكما يوضح مدير القسم العلمي في مركزبيانات التربة الأوروبي بانوس باناغوس، فإن حجم البيانات يصعب قياسه كميا، لكنها سعة بنك المعلومات الذي يضم بيانات حول جميع الأراضي في أوروباتبلغ حوالي 100 غيغابايت.

يقع مكتب المدير- وهو يوناني الأصل- في إسبرا بإيطاليا، في مقر مركز البحوث المشتركة للاتحاد الأوروبي.يعمل باناغوس خبيرا في نظم المعلومات الجغرافية، وهو يفضل إحصاء عدد مستخدمي قاعدةالبيانات وعدد الطلبات المرسلة. وكما يقول: "في عام 2011 قمنا بمنح 1400ترخيصا باستخدام البيانات الموجودة في بنك المعلومات. ويبلغ مجموع سجلات البيانات التي تم تحميلها 1800 سجلا."


ضرورة توفر نماذج للعمل على البيانات

وكما يروي باناغوس فقد تم مؤخرا استلام طلب من قبل المفوضية الأوروبية، وكان يتعلق باستفسار حول التبعات المترتبة على استخدام الوقود الحيوي وأثر ذلك على التربة، خصوصا وأن الكثير من الحقول تحولت لزراعة محاصيل بعينها، لتغطية الطلب المتزايد على الوقود الحيوي. لكن البيانات المتاحة في بنك المعلومات ليست كافية لإيجاد إجابة على ذلك السؤال، فهناك حاجة إلى نماذج لاستشراف المستقبل عبر البيانات المتوفرة حاليا، وكذلك عبر تلك التي تم تسجيلها في الماضي.

الإلمام بطبيعة التربة ضروري لحمايتهاصورة من: CC/IRLI


ويوضح هذا على سبيل المثال، السؤال المتعلق بمدى تأثير التغير المناخي على تآكل التربة في جبال الألب، وهناك بالفعل إجابات على هذا السؤال تم التوصل إليها باستخدام نموذج من النماذج الإحصائية العشرة المختلفة المركز الأوروبي لبيانات التربة. وجاءتالنتائج كالتالي: بين عامي 1990 و2000، أدت الأمطار في الطرف الشمالي الشرقي لجبال الألب، إلى جرف أكثر من 50 طنا من التربة لكل هكتار سنويا. وإذا ارتفع متوسط ​​درجات الحرارة العالمية بنسبة 3.4 درجةمئوية حتى عام 2100 ، فقد تفقد سفوح الألب ما يزيد عن المستوى الحالي بحوالي طنين من التربة في العام لكلهكتار. وإذا ما ارتفعت درجة الحرارة إلى 2.4 درجة مئوية، فسيصبح تآكل التربة أسوأ مما هو عليه حاليا في أربع أو خمس مناطق صغيرة. وهذا يعني بحسب باناغوس "فقدان الأرض، وبالتالي فقدان الأمن الغذائي على النطاق العالمي. التربة السليمة تمدنا بالغذاء والحفاظ على الغابات يعني الحفاظ على التنوع البيولوجي."


السياسيون يقرأون التقارير السنوية والعلماء يقومون بالحسابات

من بين كل مئة طلب ترد إلى بنك المعلومات، هناك عشرة فقط واردة من صناع القرارات السياسية، وبالمقابل لم تتقدم مفوضية الاتحاد الأوروبي سوى بثلاثة منها، وهذا بالرغم من أن الهدف من تأسيسها مركز بيانات التربة الأوروبي كان تقديم المشورة للاتحاد الأوروبي. وكما يعبر باناغوس: "صناع القرار يقرأون تقاريرنا السنوية بدلا من تحليل البيانات بأنفسهم."لذلك، فإن معظم مستخدمي بنك المعلومات من العلماء مثلراينرباريتس، عالم التربة في المعهد الاتحادي الألماني لعلوم الأرض والموارد الطبيعية.

ولدى سؤال راينر باريتس بشأن السبب الذي دفعه إلى استخدام بنك المعلومات في آخر مرة، فإنه يذكر مصطلحا فنيا طويلا، يتعلق بدرجة حساسية التربة تجاه الانزلاقات الأرضية. وكما يوضح باريتس، فإنه استخدم بنك المعلومات لمعرفة ذلك خريطة التربة التي أعدها مركز البيانات، لأنها لا توضح حالة الأرض فحسب، ولكن أيضا حالة الصخور بالقرب من سطح الأرض. وذلك لا يمكن معرفته عبرخريطة جيولوجية عادية."

مشكلتان دائمتان
ورغم أن قاعدة البيانات مفيدة للباحثين ولصانعي القرار السياسي، إلا أن بها مشكلتين: وتتمثل الأولى في أنالسجلات ليست دائما حديثة وكاملة، أما الثانية فتتمثل في تعذر المقارنة بين بيانات البلدان المختلفة. حاول باناغوس حل المشكلة الأولى عبر تحديث البيانات كل خمس سنوات كما يوضح: "وهذا يُمكننا أيضا مع مرور الوقت من معرفة أثر تغير المناخ مثلا، على خصائص التربة المختلفة".

ترك الأرض عرضة للعوامل المناخية دون حماية، يؤدي إلى خسارة كبيرة في المحاصيلصورة من: Freddy

لكن باناغوس مضطر في هذا الخصوص إلى الاعتماد على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فهي التي توفر البيانات للمركز، وهذايعتبر بدوره السبب وراء استمرار وجود المشكلة الثانية، فكل دولة لها تعريفهاالخاص للخصائص المختلفة، وكل منها يستخدم أدوات قياس مختلفة ومختبرات مختلفة، ولكل منها مقاييس مختلفه. باناغوسوزملاؤه ينفقون الكثير من الوقت لتوحيد التسميات ولتنسيق البيانات، ومن ثم نقلها إلى بنك معلوماتهم.


كل هذا يتم باستخدام التقنية الرقمية،عدا في حالات استثنائية قد يحدث أن يقوم مركز البيانات بنفسه بجمع عينات التربة، كما حدث خلال فحص الأراضي الأوروبية في عام 2009، حيث تم جمع عينات حوالي 22 ألف عينة من أراضي كافة الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي، وجمعت في النهاية 13 طنا من التربة.وقد تم تحليل العينات في أحد المختبرات في المجر، للخروج بخصائص التربة كدرجة الحموضة ونسبة النيتروجين والفوسفور والمركبات العضوية وغيرها من الخصائص. وكما يقول باناغوس: "كلهذه الاختبارات كلفت مبلغ مليون يورو، ومن خلالها أصبحنا قادرين على إصدار تقاريرأكثر دقة، وأيضا على تطوير نماذجنا ومعاييرنا. وهكذا أصبحت البيانات المتوفرة لدينا الآن أكبر قيمة."

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW