إخفاق كلينسمان .. تأكيد لأزمة المدربين الألمان في الخارج!
إسماعيل عزام
٧ فبراير ٢٠٢٤
بهزيمة كوريا الجنوبية أمام الأردن، يُكتب سطرٌ جديد في إخفاق مدربين ألمان مع منتخبات أجنبية. وتراجعت أسهم المدربين الألمان بشدة ولم تعد أسماؤهم مطروحة بين المدربين الأجانب لدى المنتخبات.
إعلان
رغم أن منتخب كوريا الجنوبية وصل إلى نصف نهائي كأس آسيا، وبالتالي كان أفضل من منتخبات أخرى مرشحة للقب أقصيت في الأدوار السابقة كاليابان وأستراليا والسعودية، لكن أداء الكوريين كان عموماً متوسطاً، وسقطوا في مباراة النصف أمام منتخب الأردن الذي فاز باستحقاق، وقدم مباراة تاريخية تحت قيادة المغربي حسين عموتة.
ولولا أهدافه في آخر ثواني مبارياتهم في دور المجموعات أمام ماليزيا والأردن، ثم في دور الـ16 أمام السعودية، وفي ربع النهائي أمام أستراليا، لخرج المنتخب مبكرا، وأدت هذه الأهداف المتأخرة إلى وصف المنتخب بفريق "الزومبي"، أو "الموتى الأحياء"، بمعنى مطاردتهم للفوز إلى آخر لحظات المباريات.
لكن طريقة خسارة الكوريين أمام الأردنيين بيّنت المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المنتخب الذي يدربه الألماني يورغن كلينسمان. لم يسدد الكوريون أيّ تسديدة على المرمى رغم أن هجومهم يتكون من لاعبين في أندية أوروبية قوية يتقدمهم نجم توتنهام سون هيونغ مين.
وبعد تأخره في النتيجة، عجز المنتخب عن خلق أيّ فرص حقيقية للتسجيل، كما ظهر التعب على اللاعبين الذين لعبوا أكثر من 120 دقيقة في مبارتي خروج المغلوب.
كلينسمان.. سبب الهزيمة؟
ظهر كلينسمان عاجزا عن قراءة المباراة، ولم تثمر تغييراته عن أيّ شيء، وأكد انتقادات وُجهت له منذ مبارياته الأولى مع كوريا بكونه لا يملك خططا تكتيكية واضحة. يشير تحليل لموقع "ذا أتليتيك"، أنه يطبق خطة تكتيكية قديمة (4-4-2) متمحورة حول انتظار تألق خاص من المهاجم سون.
كما أن المدرب بقي يعيش في أمريكا، ولم ينتقل لكوريا الجنوبية، وبقي يتواصل مع أفراد المنتخب بالهاتف، ويفيد الموقع أن الأداء الضعيف والهادئ في مباراة كنصف النهائي، تبين أن اللاعبين لم يكونوا يلعبون للمدرب الذي لم تكن لديه أيّ خطة متماسكة، وفق المصدر ذاته.
المسار "الجيد" الوحيد الذي قدمه كلينسمان كمدرب كان مع منتخب ألمانيا في مونديال 2006 عندما قادهم إلى المركز الثالث. غير ذلك، فشل مع بايرن ميونيخ، وفشل في تأهيل المنتخب الأمريكي إلى نهائيات كأس العالم 2018، المنتخب ذاته الذي قدم معه أداء متوسطا في مونديال 2014، وغادر سريعا فريق هيرتا برلين عام 2019.
ويستمر عقد كلينسمان مع كوريا الجنوبية إلى غاية كأس العالم 2026، ولم تكن ضمن الشروط التتويج بكأس آسيا.
إخفاقات مدربين ألمان
كان جديرا بالملاحظة غياب المدربين الألمان بشكل مطلق في كأس أمم أفريقيا الحالية، رغم أن القارة استنجدت في سنوات وعقود سابقة بمدربين ألمان منهم بيرتي فوغتس، الذي درب منتخب نيجيريا، وأوتو فيستر الذي درب منتخب الكاميرون. ويتعدى ذلك كأس أفريقيا، فبين 54 منتخباً أفريقياً، هناك دولتان فقط اختارتا مدربين ألمان، هما البنين ورواندا.
ولا يتغير الأمر كثيرا في قارة آسيا، فهناك ثلاثة مدربين ألمان فقط، واحد منهم وصل للنهائيات هو يورغن كلينسمان، بينما حضر ثلاثة مدربين إسبان في النهائيات الآسيوية، في منتخبات البحرين والعراق وقطر.
ولا يوجد أيّ مدرب ألماني ضمن منتخبات الكونكاكاف، وكذلك في أمريكا الجنوبية، ولا في قارة أوقيانوسيا، أما في أوروبا، فخارج ألمانيا، هناك مدربان فقط، واحد لمنتخب ليشتنشتاين المتواضع، والثاني هو مدرب النمسا رالف رانغيك، الذي حقق التأهل لنهائيات كأس أوروبا 2024، بينما تمت إقالة المدرب الألماني شتيفان كونتسه من منتخب تركيا قبل أشهر لسوء النتائج.
ومن أسباب ضعف جاذبية المدربين الألمان، هي النتائج الضعيفة للكرة الألمانيةعلى صعيد المنتخبات، بعد إخفاق منتخب الكبار في كلّ المنافسات التي خاضها منذ تتويجه بكأس العالم في البرازيل عام 2014، ووصل ذلك إلى كرة القدم النسائية، وحده منتخب الناشئين الذي خلق الاستثناء في مونديال أندونيسيا، وتوج باللقب، بمساهمة من المدرب كريستيان فوك.
وبإخفاق كلينسمان مع منتخب كوريا، تتأكد أزمة المدربين الألمان الذين دربوا منتخب بلادهم، بعد إقالة هانزي فليك، بسبب نتائج مخيبة، ورحيل يوآخيم لوف للسبب ذاته.
لكن مع ذلك، لا يزال المدرب الألماني جذابا على الأقل بالنسبة للأندية. يورغن كلوب، مدرب ليفربول، يحظى بشعبية كبيرة رغم إخفاقه في الاحتفاظ بلقب الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، وهناك توماس توخيل، المدرب الحالي لبايرن ميونيخ، وهناك كذلك يوليان ناغلسمان الذي حقق نجاحات مع لايبزيغ، ويعول عليه لقيادة ألمانيا مجددا إلى المجد، حيث تستضيف ألمانيا هذا الصيف كأس أمم أوروبا 2024.
من نيرتس إلى ناغلسمان ـ مدربو المنتخب الألماني عبر التاريخ
يعد المدرب الجديد للمنتخب الألماني يوليان ناغلسمان هو المدرب الثاني عشر في تاريخ "المانشافت". في هذه الجولة المصورة نتعرف على مدربي المنتخب الألماني حتى الآن وأبرز الإنجازات التي حققوها.
صورة من: Michael Weber/IMAGO
أوتو نيرتس ( 1926 ـ 1936)
على الرغم من أن المنتخب الألماني بدأ في لعب مباريات دولية منذ عام 1908، إلا أن أول مباراة بمدرب رسمي لم تكن إلا في عام 1927. أوتو نيرتس (الثالث من اليسار)، الطبيب والمعلم ولاعب سابق لكرة قدم، قاد المنتخب الألماني لتحقيق أول نجاحاته. حيث أحرز معه في نتيجة مفاجئة المركز الثالث في كأس العالم 1934 بإيطاليا.
صورة من: dpa/picture alliance
زيب هيربيرغر (1936 ـ 1942 ـ 1950 ـ 1964)
شهدت حقبة الفترة النازية تولي زيب هيربرغر قيادة المنتخب الألماني لفترة امتدت لست سنوات. وبعد انتهاء الحرب واصل هيربيرغر تدريبه للمنتخب الألماني وخلق المفاجأة بفوزه بكأس العالم عام 1954 بقيادة الكابتن فريتس فالتر. وأطلق على هذا الإنجاز لقب "معجزة بيرن" . وبالرغم من هذا النجاح، لم يتمكن هيربيرغر الذي يُلقب بـ "الرئيس"، والذي ترك بصمة كبيرة في كرة القدم، من تكرار هذا الإنجاز في وقت لاحق.
صورة من: sportfotodienst/imago images
هلموت شون (1964 ـ 1978)
هيربيرغر يسلم منصبه لمساعده الوفي والذي عمل معه لفترة طويلة هيلموت شون (يمين الصورة). المدرب الجديد أدار الفريق بطريقة مختلفة تماما عن سلفه، إذ أصبح يستشير اللاعبين ويسمح لهم بالمشاركة في اتخاذ القرارات، وهو ما انعكس أيضا على النتائج داخل أرض الملعب. فقد نجحت ألمانيا عام 1972 في الفوز ببطولة أمم أوروبا. وفي عام 1974 توج المنتخب الألماني بكأس العالم.
صورة من: sportfotodienst/imago images
يوب ديرفال ( 1978 ـ 1984 )
بعد فترة المدرب هيلموت شون والتي انتهت بعد كأس العالم 1978، تم تعيين المدرب المساعد يوب ديرفال لقيادة المنتخب الألماني. ديرفال بدأ مسيرته بـ 23 مباراة بدون هزيمة وحقق أول لقب له وهو بطولة أمم أوروبا 1980. وفي كأس العالم 1982 وصل مع منتخب ألمانيا الغربية إلى المباراة النهائية. ولكن بعد الخروج من الدور الأول في بطولة أمم أوروبا 1984 والانتقادات التي وجهتها له الصحافة، استقال ديرفال من منصبه.
صورة من: Magic/imago images
فرانتس بيكنباور ( 1984 ـ 1990)
عام 1984 تولى فرانتس بيكنباور الذي كان من أشهر نجوم الكرة في ألمانيا آنذاك مهمة قيادة المنتخب الألماني. نجح بيكنباور الملقب بالقيصر، في بلوغ نهائي كأس العالم في المكسيك عام 1986 . لكنه خيب آمال الجميع في بطولة أمم أوروبا 1988 عندما خرج من الدور نصف النهائي أمام هولندا، قبل أن ينجح في تتويج مسيرته التدريبية بلقب كأس العالم مع المنتخب الألماني في إيطاليا عام 1990.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hellmann
بيرتي فوغتس ( 1990 ـ 1998)
قبل مغادرته لمنصبه، تنبأ بيكنباور بأن "ألمانيا لن تُقهر لسنوات قادمة"، مما جعل المسؤولة كبيرة على عاتق خلفه بيرتي فوغتس. خيب المدرب الجديد آمال الجماهير بعد الخسارة في نهائي بطولة أمم أوروبا 1992، وأيضا بالخروج من دور ربع النهائي في كأس العالم 1994 . لكن فوغتس أعاد الفرحة للجماهير بعد تحقيق لقب بطولة أمم أوروبا 1996. وفي عام 1998 استقال فوغتس من منصبه بعد الخروج المبكر من مونديال 1998 بفرنسا.
صورة من: Oliver Multhaup/dpa/picture alliance
إريش ريبيك (1998 ـ 2000)
هل أنا المدير الفني أم أنت؟ شهدت عملية تعيين إريش ريبيك (على اليسار) كمدير فني للمنتخب الألماني بعض التخبط. في البداية تم اختيار بول برايتنر، لكن سرعان ما تراجع الاتحاد الألماني عن هذا القرار. أيضا المساعد السابق أولي شتيليكه (على اليمين)، وافق على العرض ثم تفاجأ بأنه ليس المدير الفني وإنما ريبيك. وبشكل عام لم تكن تلك الفترة ناجحة حيث شهدت خروج ألمانيا من الدور الأول في بطولة أمم أوروبا 2000.
صورة من: Sven Simon/imago images
رودي فولير ( 2000ـ 2004 )
بعد ريبيك تستمر الفوضى: كريستوف داوم يُفترض أن يصبح مديرا فنيا للمنتخب الوطني، لكنه تعثر بسبب ورطة في قضية الكوكايين. رودي فولير يخوض مغامرة بتولي منصب المدير الرياضي، في حين كان ميشائيل سكيبه هو المدير الفني. بعد الخروج المبكر من بطولة أمم أوروبا 2004 استقال فولير من منصبه.
صورة من: Ulmer/imago images
يورغن كلينسمان ( 2004 ـ 2006 )
بعد ذلك تهب نسمة عليلة على المنتخب الألماني بتولي يورغن كلينسمان مسؤولية تدريب المانشافت. في هذه الفترة شهدت كرة القدم الألمانية تحولا جذريا: لاعبون شبان، قمصان حمراء وكرة قدم جريئة.. قدمت ألمانيا مستوى كبير في كأس القارات 2005. وفي كأس العالم 2006 التي أُقيمت بألمانيا حقق المانشافت المركز الثالث، فيما يُعرف بـ "أسطورة الصيف". ولكن في لحظة النجاح هذه، يتنحى كلينسمان عن منصبه.
صورة من: Ulmer/imago images
يواخيم لوف ( 2006 ـ 2021)
يواخيم لوف يخلف كلينسمان في منصبه ويواصل العمل بنفس الأسلوب، ما جعله يحقق نجاحات ملفتة: وصل إلى نهائي بطولة أمم أوروبا 2008 وحقق المركز الثالث في كأس العالم 2010. ومع ذلك، بدأت الانتقادات تطال لوف بعد الخروج من الدور نصف النهائي في بطولة أمم أوروبا 2012 أمام إيطاليا، لكن لوف واصل إصراره وفاز بلقب كأس العالم في البرازيل عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Suki
هانزي فليك ( 2021ـ 2023 )
في مايو/أيار 2021 أصبح هانزي فليك خليفة لسلفه لوف الذي كان مساعدًا له في مونديال البرازيل عام 2014 عندما تُوج المانشافت بلق كأس العالم. كان من المفترض أن يسري عقد فليك من بعد بطولة أمم أوروبا 2020 وحتى بطولة أمم أوروبا 2024 التي ستُقام في ألمانيا. لكن وبعد النتائج السيئة في عام 2023، قرر الاتحاد الألماني لكرة القدم الاستغناء عن فليك الذي كان سابقًا مدربًا ناجحًا لفريق بايرن ميونيخ.
صورة من: Christian Charisius/dpa/picture alliance
يوليان ناغلسمان ( منذ 2023 )
بعد رحيل فليك لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى أقدم الاتحاد الألماني لكرة القدم على التعاقد مع المدرب السابق لبايرن ميونيخ يوليان ناغلسمان. ناغلسمان البالغ من العمر 36 عاما أصبح ثاني أصغر مدرب في تاريخ المنتخب الألماني. يمتد عقد ناغلسمان حتى انتهاء بطولة أمم أوروبا 2024. وهناك إمكانية للتمديد إذا حقق نتائج جيدة في تلك البطولة.
أندرياس شتين-تسيمونيس/م.م