1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"إخوان" الجزائر يجدِفون ضد تيار الربيع العربي

٥ أغسطس ٢٠١٢

تواجه حركة مجتمع السلم الاخوانية في الجزائر، حاليا واحدة من أصعب أزماتها إثر قرار استقالة وزير الأشغال العامة السابق عمار غول وجماعته، وتنذر أوضاع بيت إخوان الجزائر بأفول الحركة، بينما تحقق شقيقاتها نجاحات في دول عربية.

Auf dem Bild: Photo title: Aboudjerra Soltani, Party leader of MSP Place and date: Algiers, Algeria, June,02 , 2010. Bild: Islam Chanaa
صورة من: Islam Chanaa

تقف حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) في مفترق طرق خطير مفتوح على كل الاحتمالات، كما يرى مراقبون، وقد دخل عدد ممن يوصفون بـ"عقلاء الحركة "وقاداتها في حالة استنفار قصوى لمحاصرة تداعيات استقالة عمار غول وجماعته، على وحدة الحركة واستقرارها، ويقوم تلامذة الزعيم التاريخي للحركة، الراحل محفوظ نحناح بجولات مارطونية لثني القيادات المستقيلة عن قرارها والعودة إلى حضن الحركة الأم وتوحيد الجهود من أجل تحقيق أهداف الحركة ومؤسسها، ويقر إطارات التنظيم بوجود "أزمة عميقة" تهدد بنزيف حاد في صفوف القواعد النضالية، وقد تعجل بانهاء وجود الحركة على الخريطة السياسية للبلاد، "ما لم يتم مراجعة الخيارات واستئصال جميع بوادر الفرقة بين أبناء الحركة عن طريق الحوار"، كما يقولون.

وتأتي تفاعلات أزمة حركة مجتمع السلم، في سياق معاكس تماما لمجريات أوضاع التيارات الاسلامية والاخوانية على وجه الخصوصو، التي تحقق مكاسب سياسية وانتخابية في ظل الربيع العربي، فحتى على الصعيد الانتخابي كانت نتائج الحركة متواضعة في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في مايو أيار الماضي.

التحالف الاسلامي، ويبدو في الصورة، فاتح رباعي، حزب النهضة، وأبوجرة السلطاني زعيم حركة حمس، حملاوي عكوشي، حزب الاصلاح.صورة من: Islam Chanaa

"السلطة تستعيد رجالها"

وتعود خلفيات الأزمة الحالية إلى قرار مجلس الشورى الوطني للحركة بمقاطعة الحكومة المقبلة، والتحول إلى خندق المعارضة احتجاجا علىما اعتبروه تزويرا "فاضحا" للانتخابات التشريعية التي جاءت نتائجها عكس طموحات الإسلاميين الذين دخلوها بقائمة واحدة تحمل اسم "الجزائر الخضراء". ويحمل خصوم أبو جرة سلطاني رئيس الحركة مسؤولية النتائج الهزيلة التي حصلوا عليها لدخول قبة البرلمان، وأن خيار التحالف مع أحزاب لا وعاء انتخابي لها كان عبئاً كبيرا، وسبب رئيسي لتراجع شعبية الحركة، على عكس ما يحدث من تقدم لشقيقاتها في البلدان الأخرى. وجعل المنشقون من قرار طلاق الحركة مع الحكومة سببا لإعلان قطيعتهم لخيارات "إخوانهم" وبدأوا في تأسيس حزب جديد.

ويشكك أبوجرة سلطاني رئيس الحركة، في الدوافع الحقيقية لاستقالة عمار غول وجماعته، وطالب القيادات المنشقة عن الحركة إلى "قول الحقيقة للشعب الجزائري والإفصاح عن نواياهم وأجندتهم والجهات التي تقف وراءهم، وعدم التحجج بمبررات واهية واتهام قيادة الحزب بالانحراف عن خط الشيخ الراحل محفوظ نحناح"، وأشار سلطاني في تدخل له عبر"قناة المغاربية"الجزائرية المعارضة التي تبث عبر الاقمار الصناعية من خارج البلاد، إلى فرضية أن يكون عمار غول ومن خلفه من المنشقين من رجالات السلطة الذين كانوا مندسين في الحزب وقد حان للسلطة وقت استرجاعهم "غير مأسوف عن ذهابهم من الحزب". وجاء بيان المكتب الوطني للحركة المنعقد نهاية الأسبوع الماضي ما يفيد أن الحركة تجاوزت الأزمة وأنها أغلقت ملف غول وجماعته، وهو ما فهم منه أنه رسالة تطمين للقواعد التي تعيش حالة قلق وترقب لتداعيات هذه الأزمة، وقد تجد نفسها مضطرة إلى الاختيار بين "حمس" والأحزاب المنشقة عنها.

صورة من: DW/Bougaada

من يمثل الإخوان في الجزائر؟

ويرى مراقبون لأوضاع الإخوان المسلمين في الجزائر أن الأزمة أكبر من أن يتم تجاوزها ببيان للمكتب الوطني، وأن الحركة التي عرفت بانضباط مناضليهم ووحدتهم حول خيارات أجهزتها المنتخبة، لم تعد كذلك، حيث تشهد الحركة منذ وفاة مؤسسها الشيخ محفوظ نحناح أزمات متعددة الأشكال والأوجه، وأخطرها كان انشقاق عبد المجيد مناصرة ومؤيديه وتأسيسهم حركة "جبهة التغيير"، والآن عمار غول وجماعته الذين يحضرون لتأسيس حزبهم، وبذلك يكون الإخوان المسلمين في الجزائر ممثلون بثلاث رؤوس متنافسة ومتصارعة على شرعية التمثيل، في ظل استمرار تجاهل مكتب التنظيم الدولي للإخوان في مصر لأزمة فرعها في الجزائر.

ويؤكد نعمان لعور مسؤول التنظيم ورئيس الكتلة البرلمانية لتكتل "الجزائر الخضراء" أن ما يحدث داخل بيت الحركة هو استقالات لعدد من القيادات، وليس انشقاقات كما يتم الترويج لها في وسائل الإعلام، وهي استقالات "ليس لها مبررات سياسية، ودافعها الأساسي هو المصالح الشخصية الضيقة"، حسب رأيه، واضاف "لم يقدم لنا أصحابها تفسيرات واضحة لأسباب إقدامهم على هذه الخطوة"، واعتبر لعورفي حوار لـ DW " أن الأزمات المصطنعة المتتالية التي تعرفها الحركة بدعم من جهات في السلطة، هي ضريبة القرارات المستقلة لمؤسسات الحركة، ونحن ندفع ثمن ذلك، وعلى استعداد لتحمل المزيد لتحصين خياراتنا لخدمة الشعب الجزائري".

"حزب السلطة الجديد"

وعلى الطرف الأخر، فقد كشف لنا أحد القيادات المنشقة عن "حمس" وعضو مؤسس لحزب عمار غول بأن قرار الاستقالة من حمس وتأسيس حزب جديد نهائي، ولا مجال للتراجع عنه. وعن الحزب الجديد يقول محدثنا، بأنه "يحمل مؤقتا اسم ''جزائر الجميع''. وأضاف المصدر لـ DW" أن التحضيرات وصلت مراحل متقدمة، وسيتم الإعلان عن الحزب وإيداع طلب الاعتماد لدى مصالح وزارة الداخلية" في 15 أوت أغسطس الجاري، وبحسب مصدرنا، الذي رفض إعطاء تفاصيل أكثر، فإن الحزب سيخوض الانتخابات المحلية المقبلة، ويكرّس سياسة المشاركة في الحكومة.

ومباشرة بعد تقديم غول وأحمد لطيفي استقالتهم من الحزب شن شباب الحركة على الفايسبوك حملة انتقادات واسعة، متهميهن غول بوضع مصالحه الشخصية فوق كل إعتبار، وأنه يحاول الثأر للسلطة من حركة حمس عقب رفضها البقاء في الحكومة، ولم يسلم غول من انتقادات حلفائه في الانتخابات التشريعية، ويرون في حزب غول المزمع الإعلان عنه، هو حزب السلطة الذي سيولد كبيرا، لخلافة "حمس" وظاهريا في الحكومة المؤجلة. ويقول القيادي في حركة النهضة محمد حديبى على صفحته في الفايسبوك " إن عمر غول خضع لرغبة السلطة في الثأر لقرار "تكتل الجزائر الخضراء" مقاطعة المشاركة في الحكومة وهياكل المجلس الشعبي الوطني، ووضعها بذلك في حرج أمام الجزائريين، بسبب عدم قدرة أي حكومة لا يشارك فيها التيار الإسلامي عن إدارة شؤون البلاد".

صراع المصالح

ويرى الدكتور نصير سمارة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أن زوبعة الأزمات التي باتت تعصف بأقدم حزب إسلامي في الجزائر تعبير عن حالة الصراع واللاتوافق الذي أصبح عليه قيادات حركة مجتمع السلم، بسبب غياب زعيم بحجم الراحل محفوظ نحناح يفرض على الجميع الطاعة والانضباط، وهذا الصراع ليس سياسيا أو إيديولوجيا كما يحاول المنشقون إيهام الرأي العام، وإنما صراع حول مصالح شخصية.

نصير سمارة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائرصورة من: Bougaada / DW

ويضيف سمارة لـ DW "إن زواج المتعة بين الحركة والسلطة الذي استمر لمدة 17 سنة، أفرز مجموعات لها شبكة من المصالح المتشعبة مع النظام، فتحول الولاء لأجهزة السلطة أكبر من الولاء للحركة، وهذا ما يفسر، الانشقاقات السريعة مع كل تحول في علاقة الحركة بالسلطة".

توفيق بوقاعدة - الجزائر

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW