توجه إدارة ترامب لحظر سفر على مواطني 43 دولة إلى الولايات المتحدة، سيغيّر مصير ملايين الأشخاص في دول الشرق الأوسط وأفريقيا، فما الذي ينتظر مواطني هذه الدول وأسرهم، وكيف سيؤثر ذلك على العلاقات الدبلوماسية؟
قرار دونالد ترامب المنتظر بحظر السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وترحيل مهاجرين منها سلقي بتبعاته على ملايين الأشخاص.صورة من: Hani Mohammed/AP Photo/picture alliance
إعلان
مع تسلّم دونالد ترامب لولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، تعتزم إدارته العودة لانتهاج سياسة هجرة صارمة، في ظل التوجه لاتخاذ قرارات جديدة.
وكشفت وكالة رويترز في 15 مارس/ آذار الحالي، عن اطلاعها على مذكرة داخلية تتضمن دراسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حظر سفر شامل على مواطني 43 دولة، من ضمنها دول عربية.
وحسب المذكرة، قُسّمت الدول إلى ثلاث قوائم، حمراء وبرتقالية وصفراء. وسيفرضَ على الدول في القائمة الحمراء حظر سفر كلي، وعلى دول القائمة البرتقالية حظر جزئي مع قيود صارمة للحصول على التأشيرة. وأمام دول القائمة البرتقالية 60 يوماً لمعالجة مخاوف الولايات المتحدة وإلا سيتم نقلها إلى إحدى القائمتين السابقتين.
الدول العربية التي صنفت ضمن الحظر كلي هي سوريا، والسودان، وليبيا، واليمن، والصومال، في حين أمام موريتانيا فرصة لمعالجة أوضاعها قبل البت بأمرها وفق رويترز.
وبهذا الصدد قال بسام بربندي، دبلوماسي سوري سابق وخبير في الشأن الأمريكي لـ DW عربية إنه تم تصنيف الدول بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية الأمريكية وبناء على قدرة هذه الدول على تبادل معلومات المسافرين مع الولايات المتحدة وتسوية الثغرات الأمنية.
ويرى إدموند غريب، أكاديمي وباحث بارز في معهد واشنطن للسلام والتنمية أن قرار حظر السفر المرتقب ينبع من عدة مخاوف، يتعلّق جزء منها بالأمن القومي الأمريكي. وأضاف في مقابلة مع DW عربية: "يرى البعض أن الأمر له علاقة بالعنصرية أيضاً؛ لأن معظم الدول المتأثرة به هي دولة أفريقية، وآسيوية، ودول في أمريكا اللاتينية".
عودة ترامب إلى سياساته السابقة بصرامة أكبر
سبق لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتخاذ خطوات مشابهة فيما يتعلق بالهجرة خلال ولاية ترامب الأولى وتحديداً في عام 2017، فقد اتخذت حيتها قرارات بمنع مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن تم إلغاء ذلك القرار عام 2021 بأمر من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن الذي وصفه بأنه "وصمة عار لضميرنا الوطني"، وفق ما أوردت رويترز.
قرار مشابه اتخذته إدراة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، حظر بموجبه سفر مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.صورة من: Ronen Tivony/ZUMA Press/IMAGO
الاختلاف الأساسي بين قرار ترامب خلال ولايته الأولى وقراره المرتقب هو أن قرار عام 2017 كان يحظر على مواطني نلك الدول دخول الولايات المتحدة، في حين سيؤثر القرار المرتقب على المهاجرين الموجودين داخل الولايات المتحدة، وبالتالي يمكن ترحيل مواطني دول القائمة الحمراء أيضاً وفق بربندي.
ومن ناحية أخرى يرى حافظ الميرازي، محلل سياسي متخصص في الشؤون الأمريكية، أن الولايات المتحدة لن تستهدف الدول العربية ذات الأغلبية المسلمة فحسب، بل ستستهدف أيضاً الملونين والفقراء والدول التي لا تزوّدها بمعلومات عن مواطنيها.
وأضاف في مقابلة مع DW عربية: "إنها محاولة للضغط على بعض الدول "البيضاء" مثل روسيا البيضاء (بيلاروس) وروسيا لتشارك معلوماتها، لكن سنجد أن 22 دولة أفريقية تمثل الأغلبية ولو البسيطة في الدول الـ 43 والتي تضم فئات السود والملونين، أو البلاد التي كان يسميها ترامب بـ "دول فتحات المجاري".
إعلان
استنكار حقوقي واسع
لاقى توجه إدارة ترامب الجديد استنكاراً واسعاً من المنظمات الحقوقية من بينها اللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز (ADC)، التي وصفت الأمر بأنه يمهّد لسياسة تمييزية أخرى تستهدف الأفراد من الدول ذات الأغلبية المسلمة والعربية، ويمنح الحكومة سلطة لاستخدام الإقصاء الأيديولوجي لرفض طلبات التأشيرات، وترحيل الأفراد المقيمين بشكل قانوني في الولايات المتحدة.
وبحسب إدموند غريب شهدت المحاكم الأمريكية الكثير من الدعاوى ضد الحظر الذي تعمل إدارة ترامب على فرضه، خصوصاً وأنه سيكون قرارا تمييزيا ينتهك الحقوق الدستورية، وأضاف أنه يمكن للمحاكم أن تلغي مؤقتا القرار عقب صدوره، "ولكن كانت المحكمة العليا قد أيّدت سابقاً نسخة منقحة من القرار السابق في عام 2018، ومع ذلك يمكن للإدارة المستقبلية (بعد نهاية فترة ترامب الرئاسية) إلغاء الحظر من خلال اتخاذ قرارات تنفيذية أخرى، كما فعل الرئيس السابق جو بايدن" بالنسبة للحظر الذي فرضته إدارة ترامب عام 2017.
المعاملة بالمثل وعلاقات دبلوماسية متوترة
لاقى توجه إدارة ترامب لفرض حظر سفر تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي العربية، فاعتبر البعض أنه يجب على الدول العربية المعاملة بالمثل، وبالتالي حظر دخول المواطنين الأمريكيين إلى أراضيها، وإغلاق السفارات الأمريكية في الدول العربية.
في حين يرى البعض أن القرار لن يشكّل فارقاً كبيراً عما كان عليه الوضع في السابق، فالكثير من مواطني دول العالم ممنوعين من دخول الولايات المتحدة، حتى لو بطريقة غير مباشرة، من خلال صعوبة الحصول على تأشيرة.
ويرى محمد الأمين، صحفي ومحلل سياسي من السودان أن الدول العربية تحاول أن تثني إدارة ترامب عن هذا اتخاذ مثل هذا القرار، ولكنها مسلوبة الإرادة والقوة على حدّ تعبيره.
وقال في مقابلة مع DW عربية: "نأمل أن تتمكن الدول العربية والأفريقية أن تتوحد في جبهات لمعارضة مثل هذه القرارات غير الإنسانية والتي تضرّ بأوضاعها الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية".
ومن جانبه يرى إدموند غريب أن هناك بلا شكّ تداعيات سلبية على العلاقات الدبلوماسية مع دول الشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، وقال غريب: "الحظر سيزيد من التوتر الموجود في العلاقات مع الدول العربية، وسيعيق التعاون الدولي في عدة مجالات، وجهود مكافحة الإرهاب".
مخاوف تعيد الأذهان إلى قرار عام 2017
لم تقتصر ردود الأفعال على المطالبة بالمعاملة بالمثل فقط، بل أثار الأمر أيضاً مخاوف مماثلة لتلك التي أُثيرت جراء القرار السابق، خصوصاً بين الأفراد الذين يخططون للهجرة إلى الولايات المتحدة ويجرون مقابلات في السفارات الأمريكية في بلدانهم، بالإضافة إلى الأسر التي تنتظر لم شملها.
واعتبر الأمين أن هذا القرار سيكون معاديا للمهاجرين وسيؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمواطني الدول العربية والأفريقية التي ستشملها قوائم ترامب. ومع أن أوضاع لم الشمل ما تزال مبهمة إلى الآن كون القرار لم يصد بعد، ولكن يمكن مقارنته مع ما حصل إثر القرار السابق.
فقال الأمين لـ DW عربية: "أعرف بعض الأسر السودانية التي فشلت في لم شمل أفرادها، وأسر أخرى علقت في المطارات في طريقها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفشلت في الوصول إلى هناك"، وأضاف: "الأوضاع اليوم تبدو أكثر تعقيداً، خصوصاً مع ازدياد أعداد اللاجئين السودانيين في دول الجوار العربية، ورغبتهم في السفر لأمريكا".
خطة ترامب حول حظر سفر "المسلمين" لأمريكا ـ جدول زمني
دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية لحظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. وبعد أسبوع من توليه المنصب بدأ إصدار أوامر تنفيذية تقضي بمنع دخول مواطني بعض الدول الإسلامية. الخريطة الزمنية للحظر في صور.
صورة من: DW/M. Shwayder
وافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على استئناف دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة الأميركية ولكن بشرط أن يمروا بإجراءات جديدة أكثر صرامة خاصة اللاجئين القادمين من 11 دولة يعتقد أنها تشكل خطرا على الأمن القومي للولايات المتحدة. ويأتي قرار ترامب بعد انتهاء فترة الحظر الذي فرضته إدارته على اللاجئين لمدة أربعة أشهر.
صورة من: Reuters/J. Lawler Duggan
في 27 يناير/ كانون الثاني: وقع ترامب أمرا تنفيذيا بتعليق برنامج اللاجئين الأمريكيين لمدة 120 يوما، ومنع اللاجئين السوريين بالإضافة لحظر المسافرين من العراق وسوريا وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن لمدة 90 يوما. ويستثنى من ذلك حملة التأشيرات الدبلوماسية والرسمية ممن يعملون في مؤسسات دولية. تنفي الإدارة الأمريكية اعتزامها التمييز ضد المسلمين، وإنما حماية الولايات المتحدة من الأعمال الإرهابية.
صورة من: Reuters/C. Barria
28 يناير/ كانون الثاني: تظاهرات في عدة مطارات بالولايات المتحدة ومطارات دولية اعتراضا على القرار. وشهدت المطارات احتجاج العشرات من المسافرين انضم إليهم ناشطون حقوقيون. وأثار القرار ارتباكا وغضبا بعدما منع المهاجرين واللاجئين من اللحاق بطائراتهم وتقطعت بهم السبل فى المطارات. ونجح الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية فى إقرار الإقامة المؤقتة للمسافرين المحتجزين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة.
صورة من: Picture-Alliance/AP Photo/K. Willens
31 يناير / كانون الثاني: ترامب يقيل سالي ييتس القائمة بأعمال وزير العدل لرفضها تطبيق حظر السفر. وجاء في بيان البيت الأبيض أن ييتس "خانت وزارة العدل." وأوضحت إدارة ترامب أن المدعية العامة للمنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا، دانا بوينتي، أدت اليمين الدستورية لتتولى منصب ييتس في ذلك الوقت.
صورة من: Getty Images/P. Marovich
3 فبراير/ شباط: أصدر جيمس روبارت، القاضي الفيدرالي بواشنطن قرارا ساريا على مستوى الولايات المتحدة بأكملها، علق بموجبه المرسوم الرئاسي التنفيذي الذي أصدره، ترامب حول الحظر. أوضح القاضي أن "المحكمة توصلت إلى أن الظروف المطروحة أمامها تتطلب تدخل المحكمة لإحقاق دورها الدستوري." ورد البيت الأبيض في بيان اعترض فيه على القرار وأنه "سيدافع عن المرسوم الرئاسي الذي يؤمن بأنه قانوني ومناسب".
صورة من: picture-alliance/dpa/United States Courts
9 فبراير/ شباط: رفضت محكمة استئناف في سان فرانسيسكو، طلب وزارة العدل الأمريكية إعادة العمل بقرار ترامب الخاص بالهجرة وحظر السفر. وكانت وزارة العدل الأمريكية قدمت طعنا ضد قرار المحكمة الذي عطل مرسوم دونالد ترامب حول الحظر المؤقت لمواطني بعض الدول من دخول الولايات المتحدة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Jones
6 مارس/ آذار: أصدر ترامب أمرا تنفيذيا يقضي بوقف اللاجئين والموافقات لمدة 120 يوما، ومنع التأشيرات الجديدة لمدة 90 يوما لمواطني الدول الست من أصل سبعة مدرجة في القائمة ، ليتم تنفيذه في 16 مارس. يحظر المرسوم دخول اللاجئين من جميع أنحاء العالم إلى أراضي الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 120. رحب العراق بالمرسوم حيث تم محوها من القائمة المدرجة واعتبره "خطوة مهمة" في الاتجاه الصحيح.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. F. Yuan
16 مارس/ آذار: أصدر قاض فدرالي بولاية هاواي أمرا بتجميد العمل بقرار إدارة ترامب بالحظر. ووصف البيت الأبيض القرار بأنه يقوض جهود ترامب لحماية الشعب الأميركي وفرض الحد الأدنى من الإجراءات الأمنية المتعلقة بالدخول إلى الولايات المتحدة. ووصف المدعي العام في ولاية هاواي قرار المحكمة بوقف الحظر بأنه "انتصار جديد لسيادة القانون"، مؤكدا أن قرار حظر السفر "يشكل تمييزا ضد الأشخاص على أساس أصلهم أو دينهم".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. F. Lee
8 مايو/ أيار: قال النائب العام "جيفري وال" في جلسة استماع بولاية فرجينيا أن ترامب أوضح الأمر قائلا "إنه لا يتحدث عن المسلمين في جميع أنحاء العالم. هذا هو السبب في أنها ليست حظرا على المسلمين فقط". فكل مواطن من الدول الست المدرجة في القائمة أن "يقوم بنفس الإجراءات " للحصول على تأشيرة الدخول للولايات المتحدة "ولا يهم ديانتهم".
صورة من: Picture-Alliance/AP Photo/S. Senne
26 يونيو/ حزيران: المحكمة العليا توافق على النظر في القضية، وفي الوقت نفسه تسمح بالتنفيذ الجزئي للأمر التنفيذي. وأعلن البيت الأبيض عن شروط جديدة يجب أن يستوفيها مواطنو الدول الست واللاجئون. أبرز الشروط هي وجوب أن يكون لدى هؤلاء المواطنين علاقات أسرية أو تجارية "قوية" في الولايات المتحدة، أو قبولهم في الجامعات الأمريكية في حالة تقديم الطلبة لها وذلك من أجل ان يحصلوا على تأشيرات دخول الى البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/F. J. Brown
29 يونيو/ حزيران: اتبعت وزارة الخارجية الأميركية الأمر التنفيذي ضمن حدود المحكمة العليا وبشروط محددة. فلمدة 90 يوما، لم يسمح لأي شخص من الدول الست المذكورة ممن لا توجد لهم علاقة قريبة مع مواطن أمريكي - أي الوالدين أو الزوج أو الزوجة او الأبناء او النسباء - بدخول الولايات المتحدة. ولا ينطبق تعريف "العلاقة القريبة" على الأجداد والخالات والعمات والأعمام والأخوال وغيرهم من أفراد الأسر.
صورة من: Getty Images/D. Angerer
4 يوليو/ تموز: انتهاء مرسوم حظر السفر المفروض على الدول الست. واتجهت إدارة ترامب إلى توسيع الحظر بفرض قيود على الوافدين من دول غير ملتزمة بالتعاون مع إجراءات أمنية طلبتها واشنطن، وسط تكهنات بأن تطاول القيود مواطني تسع دول. ومع الأخذ في الاعتبار الدول الست المشمولة بحظر السفر، يصل عدد الدول المستهدفة بإجراءات سفر الى 15.
صورة من: Picture-Alliance/AP Photo/S. Senne
24 سبتمبر/أيلول: أضافت الولايات المتحدة 3 دول جديدة، إلى لائحة الدول التي يشملها المرسوم الجديد حول الهجرة؛ بسبب التقصير في أمن المسافرين وهي: كوريا الشمالية وفنزويلا وتشاد. في المقابل، أزيل السودان الذي كان ضمن 6 دول عربية وإسلامية يشملها المرسوم السابق. وباتت النسخة الجديدة تحظر أو تفرض قيوداً على دخول مواطني ما مجمله 8 دول إلى الولايات المتحدة، بينها إيران وليبيا وسوريا والصومال واليمن.
صورة من: Getty Images/D. McNew
17 أكتوبر/ تشرين الأول: علق قاض فدرالي في هاواي ، العمل بآخر صيغة للمرسوم المناهض للهجرة لترامب، وذلك قبل بضع ساعات فقط من دخوله حيز التنفيذ. ويتضمن مرسوم ترامب منع رعايا سبع دول من عبور الحدود الأميركية بشكل دائم.
(د.ب.أ) / س .م