إدارة ترامب تنفتح على المجالس العسكرية بغرب إفريقيا
٢٥ أغسطس ٢٠٢٥
عندما كان جو بايدن في السلطة، علّقت الولايات المتحدة معظمالمساعدات العسكرية والإنمائية التي كانت ترسلها إلى بوركينا فاسو ومالي والنيجر، بعد سلسلة انقلابات أوصلت العسكريين إلى السلطة في الدول الثلاث المضطربة بين العامين 2020 و2023.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، غيّرت واشنطن سياستها الخارجية حيال إفريقيا ومحاولاتها للتصدي للنفوذ الروسي والصيني في القارة. وفي هذا السياق، قال كبير مسؤولي وزارة الخارجية المعني بالشؤون الإفريقية تروي فيتريل أمام جمهور في أبيدجان في ساحل العاج في أيار/مايو إن "التجارة، لا المساعدات.. هي حاليا سياستنا الحقيقية حيال إفريقيا".
وخلال الأسابيع الأخيرة، قام عدد من كبار الشخصيات الأميركية بزيارات إلى عواصم بوركينا فاسو ومالي والنيجر والتي واجهت جميعها صعوبات على مدى أكثر من عقد في اجتثاث الجهاديين المرتبطين بالقاعدة أو تنظيم "الدولة الإسلامية".
وفي مطلع تموز/يوليو، زار مستشار ترامب للأمن ومكافحة الإرهاب رودولف عطالله مالي لعرض "حلٍّ أميركي"للاضطرابات. ونقلت صحيفة البلاد الرسمية عن عطالله قوله "لدينا المعدات اللازمة والاستخبارات والقوات لمواجهة هذا التهديد. إذا قررت مالي العمل معنا، سنعرف ماذا سنفعل".
وبعد عدة أيام، طرح مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون غرب إفريقيا وليام بي. ستيفنز أيضا احتمال قيام الولايات المتحدة باستثمارات خاصة في المعركة ضد الجهاديين، وذلك أمام جمهور في باماكو، بعدما توقف في واغادوغو ونيامي.
دعم عسكري مقابل المعادن
وأفاد أولف لايسنغ، مسؤول برنامج الساحل لدى "مؤسسة كونراد أديناور" للأبحاث المرتبطة بحزب "الاتحاد الديموقراطي المسيحي" الألماني، بأن "واشنطن عرضت قتل قادة المجموعات الجهادية مقابل الوصول إلى الليثيوم والذهب من أجل الأعمال التجارية الأميركية".
وجعل ترامب من قضية وصول الولايات المتحدة إلى المعادن محورا لمفاوضاته مع البلدان الأجنبية، بما في ذلك في مساعيه لوضع حدٍّ للحرب الروسية الأوكرانية والنزاع المتواصل منذ زمن بعيد بين رواندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية.
وتعد مالي من أكبر منتجي الذهب والليثيوم في إفريقيا، وهما مكوّنان رئيسيان لبطاريات المركبات الكهربائية الضرورية للانتقال إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية في عصر تغير المناخ.
كما أن بوركينا فاسو غنية بعروق الذهب بينما تجعل رواسب اليورانيوم فيالنيجر الدولة الصحراويةمن بين أبرز مصدّري المعدن المشع في العالم.
ترحيب من قبل المجالس العسكرية
ورغم أن جميع المجالس العسكرية في منطقة الساحل وصلت إلى السلطة على أساس تعهّدها توفير سيطرة وسيادة أكبر للسكان على ثروات بلادهم المعدنية، إلا أن الضباط في السلطة رحّبوا بتغيير واشنطن مواقفها.
وقال وزير خارجية مالي عبدالله ديوب في تموز/يوليو "علينا التطلع إلى الاستثمار وإمكانيات بلداننا"، مشيدا بما قال إنه "تقارب وجهات النظر اليوم بين الإدارة الأميركية وحكومة مالي".
وأشار لايسنغ إلى أن "بعض المسؤولين في وزارة الخارجية الذين شعروا بالقلق من انتهاء +يو إس إيد+ (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) وإغلاق السفارات، أشاروا لإدارة ترامب إلى ثروات مالي كطريقة لتشجيعها على البقاء منخرطة وإبقاء السفارة الأميركية في باماكو مفتوحة، في وقت توسّع كل من روسيا والصين نفوذهما في المنطقة". لكن بالنسبة للمحلل لدى "معهد الشركات الأميركي" ليام كار، سيكون أي اتفاق حيوي بشأن المعادن "مشروعا أطول أمدا بكثير". وأكد كار بأن "التهديد الإرهابي هو القضية الأكبر.. تحقيق الاستقرار في المنطقة هو مفتاح أي آمال استثمارية".
وحول توسع النفوذ الروسي في إفريقيا، قال المستشار الأمني عطالله أثناء زيارته إلى مالي، إنه لا يرى مشكلة في وجود موسكو في المنطقة، مشددا على أن الدولة "حرة في اختيار شركائها".
بينما قالت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى النيجر بيسا وليامز لفرانس برس إنه "منذ طرد الفرنسيين.. واستقبال روسيا في المنطقة، لا يرى ترامب مشكلة في مرافقة و/أو دعم الجهود الروسية في المنطقة. إن نبذ الروس القيم الديموقراطية والترويج لحقوق الإنسان يتوافق مع مقاربة إدارة ترامب للعلاقات بين الدول القائمة على الصفقات".
وأفادت وليامز، وهي حاليا مستشارة وأكاديمية، أن ترامب قد يبرم اتفاقا "يضمن ملكية أغلبية أو شبه أغلبية ونسبة كبيرة من المعادن المستخرجة مقابل الدعم في مكافحة الإرهاب".
وأضافت أن ذلك قد يشمل نشر مرتزقة أميركيين على غرار طريقة استخدام روسيا لفاغنر. وتابعت "بهذه الطريقة، لن يكون عليه الدفاع عن السياسة أمام الكونغرس أو قاعدة أنصاره من أتباع +ماغا+"، في إشارة إلى شعاره "أعيدوا لأميركا عظمتها".
تحرير: حسن زنيند