مضى 20 عاما على تفجير خلية نازية قنبلة في شارع "كويبشتراسه" بمدينة كولونيا مستهدفة المهاجرين هناك. الناجون والمتضررون من الهجوم الإرهابي لا يزالون يبحثون عن العدالة حتى اليوم. فما الذي حدث؟ وكيف تعاملت السلطات مع الأمر؟
إعلان
في التاسع من يونيو/ حزيران 2004 حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر انفجرت قنبلة في شارع "كويبشتراسه" بمدينة كولونيا أمام صالون حلاقة لمواطن من أصول تركية. القنبلة كانت مثبتة على دراجة هوائية وأدى انفجارها إلى إصابة 22 شخصا وتدمير صالون الحلاقة وإلحاق أضرار مادية كبيرة بالعديد من المحلات التي تحطم زجاج واجهاتها والسيارات التي كانت بالقرب من مكان الانفجار، بالإضافة إلى إصابة الناس بالفزع والصدمة، نتيجة الانفجار والتحقيقات أيضا.
علي دمير نجا من الحادث وكان أول الشهود الذين أدلوا بإفاداتهم أمام الشرطة، وقال "حين انفجرت القنبلة كنت جالسا لوحدي في مكتبي في شارع كويبشتراسه. وحين تحطم الزجاج رميت بنفسي على الأرض. اعتقدت أنه مجرد انفجار غاز. الناس كانوا يصرخون في الخارج. وقع الانفجار حين كان الأهالي يحضرون أبناءهم من الروضة. الهدف كان قتل الأطفال وأهاليهم".
اشتباه عام بالمهاجرين!
أوتو شيلي، وزير الداخلية الاتحادي حينذاك، صرح بعد يوم من الانفجار، بأن معلومات الدوائر الأمنية لا تشير إلى وجود خلفيات إرهابية للحادث، وإنما تشير إلى "وسط إجرامي"، ومن المفترض أن يكون صراعا بين مجرمين. لدى أخذ إفادات الشهود الناجين تم سؤالهم أيضا عما إذا كانت عليهم ديون وكان مؤمنا عليهم أو ما إذا كان هناك صراع في شارع "كويبشتراسه".
تصريحات الوزير آنذاك فاجأت الناس، حسبما يتذكر علي دمير الذي قال "أعرف أصحاب كل المحلات في الشارع. لم يكن هناك صراع"، وأضاف بأنه قد تم تجريم الشارع، إذ أن "تصريح الوزير جعل الوضع أسوأ، حيث قامت الشرطة بمداهمات في الشارع وألقت باللوم على أصحاب المحلات".
وفي النهاية من قاموا بتفجير القنبلة لم يكونوا أتراكا أو أكرادا الذين تم الاشتباه بهم عامة، وإنما خلية (NSU) الإرهابية النازية اليمينية المتطرفة السرية، هي من قامت بذلك حسب ما اتضح الأمر في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2011. واعترف وزير الداخلية الأسبق أوتو شيلي بارتكاب "خطأ جسيم".
إخفاقات السياسة
هل تعلم الساسة من ذلك؟ كمال بوزاي، أستاذ العلوم الاجتماعية في المعهد العالي الدولي في كولونيا وعضو مركز أبحاث التطرف والوقاية منه، يتهم الساسة باللامبالاة. ويقول "حتى لو أن الهجمات التي نفذتها خلية (NSU) بين عامي 1998 و2011 قد أثارت جدلا ونقاشا في الوسط السياسيوفي المجتمع، فإن ذلك لم يؤد إلى أي تغيير في السياسية". ويضيف بوزاي "رغم أنه اتضح عام 2011 بأن هذه الخلية تقف خلف الحادث، لم تتم الإجابة حتى اليوم على الكثير من الأسئلة. المستشارة السابقة أنغيلا ميركل وعدت عائلات الضحايا بكشف كل الملابسات المتعلقة بخلية (NSU)، لكن لم يحدث ذلك. وحتى اليوم لم يتم اتخاذ خطوات مهمة من أجل ذلك".
وبدورها تقول ميرال شاهين، رئيسة جميعة مصالح كويبشتراسه "لم يتغير الكثير، أتى بعض الساسة إلى هنا والتقطوا صورا ثم ذهبوا. نحن وحيدون من جديد، لكن على الأقل لم يعد مشتبها بنا".
لا تزال في الذاكرة
اختارت خلية (NSU) النازية هذا الشارع الذي أغلب سكانه مهاجرون في حي مولهايم بمدينة كولونيا، هدفا لهجومها. هذا الشارع كان ولا يزال موطنا للكثير من أصحاب المحلات من ذوي الأصول التركية، ومعروف بأنه مركز حياة ذوي الأصول التركية في كولونيا. وتقريبا ثلث سكان حي مولهايم ذوو أصول مهاجرة. وإذا سار المرء في شارع "كويبشتراسه" الذي يبلغ طوله حوالي 900 متر، سيلاحظ أن أغلب المطاعم ومحلات بيع المجوهرات والأحذية وصالونات الحلاقة يديرها أناس من أصول تركية.
الفنانون أيضا تناولوا هذا التفجير، فمغني الراب الألماني-التركي "إيكو فريش" ألف ولحن أغنية عن الهجوم عام 2014 عنوانها "إنه يحترق/ Es brennt"، أيضا فيلم "من العدم/ Aus dem Nichts" للمخرج المعروف فاتح أكين، تم استلهامه فكرته من هذا الهجوم. وحصل الفيلم عام 2018 على جائزة غولدن غولب وجائزة النقاد لأفضل فيلم أجنبي.
مجتمع منقسم
منذ 10 سنوات يتم إحياء ذكرى الهجوم ليبقى الحزن خالدا في الذاكرة. ومن خلال المهرجان الثقافي " Zusammenstehen-Birlikte" يريد المنظمون بعث رسائل ضد الكراهية عبر أجواء احتفالية. وتقول ميرال شاهين في حوارها مع DW "الأمر يتعلق بهجوم إرهابي. طبعا نحن لا نحتفل بهذا الهجوم، لكننا نحاول خلق أجواء احتفالية لكي يأتي الناس إلينا ويتعرفوا على شارعنا".
أيضا البروفسور كمال بوزاي يشير إلى الأمر الإيجابي بالقول "يمكن للمرء أن يقول اليوم: هناك وعي في المجتمع الألماني بشأن خلية NSU والعنصرية. وبعد هجمات واغتيالات الخلية أصبح هناك وعي في ألمانيا بالتطرف اليميني والعنصرية. وبالمقارنة مع الماضي، يتم الحديث اليوم أكثر عن الخطر الذي تمثله العنصرية وعنف اليمين المتطرف".
ويقول بوزاي "في نفس الوقت هذه دلائل واضحة على أن الميل إلى العنصرية يصبح أقوى. وهذا يقود إلى المزيد من الانقسام وفقدان الثقة في المجتمع. والمجتمعات المهاجرة تزداد خوفا".
أعده للعربية: عارف جابو
ألمانيا - محطات في تاريخ العنف اليميني المتطرف
أحدثها جريمة قتل مروعة في مدينة هاناو يُشتبه بأن دافعها عنصري. منذ عام 1990 بلغ عدد ضحايا اليمين المتطرف 198 شخصا أغلبهم من أصول أجنبية. ملف الصور هذا يلقي نظرة على جرائم هذا اليمين وأنشطته خلال ثلاثة عقود.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أول ضحايا اليمين المتطرف انغولي
يعد الأنغولي آمادو أنتونيو كيوا من أول ضحايا عنف اليمين المتطرف في ألمانيا، وقد هاجمته مجموعة من النازيين الجديد في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990، وقتله المهاجمون ومثلوا بجثته.
صورة من: Amadeu Antonio Stiftung
ضحايا أتراك في هجوم بمدينة مولن
مبنى في مدينة مولن شمال ألمانيا، تعرض لهجوم نفذه النازيون الجدد في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993، وأسفر إحراق البناء عن مصرع 3 أشخاص من أصول تركية، والبمنى كان يسكنه بشكل أساسي مهاجرون أتراك إلى ألمانيا.
صورة من: AP
الخلية النازية السرية في 1996
يمينيون راديكاليون بمدينة أيرفورت. لأكثر من 10 سنوات ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا. ومن بين المتهمين بجرائم متنوعة أوفه موندلوز وأوفه بونهارت ومانفريد لودر (صورة ملتقطة للثلاثة في عام 1996)
صورة من: privat/dapd
هجمات اليمين المتطرف طالت حتى المراقص
صورة تظهر 3 من ضحايا هجوم اليمين المتطرف، حيث هاجم ذوو الرؤوس الحليقة مرقصاً للديسكو في ألمانيا في 19 كانون الثاني/ يناير 2003، وقتلوا طعنا 3 شبان يظهرون في الصورة.
صورة من: DW/A. Grunau
الأجانب هدف دائم لخلية "إن إس يو"
قتلت خلية "إن إس يو" اليمينية المتطرفة عشرة أشخاص على الأقل من عام 2000 إلى 2007. تسعة من الضحايا من أصول أجنبية، كانوا يعيشون كلهم في ألمانيا. كما قتلت المجموعة الارهابية شرطية ألمانية. وقد قُتل الضحايا بدم بارد.
صورة من: picture-alliance/dpa
مسجد في لايبزغ تعرض لهجوم اليمين المتطرف
مجهولون يلقون براس خنزير في باحة مسجد بمدينة لايبزغ في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. ويُحسب إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة.
صورة من: picture-alliance/dpa
عنف اليمين أكثر نشاطا في شرق ألمانيا
في عام 2014 سجل 47 اعتداء ذي دوافع عنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد. صورة لعنصر من حليقي الرؤوس في برلين عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
اليمين المتطرف يرفض اللاجئين
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديد بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. الصورة من تظاهرات في مدينة فرايتال ضد اقامة مراكز ايواء اللاجئين عام 2015.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
المشاعل من شعارات اليمين المتطرف
عناصر من اليمين المتطرف يستعرضون قوتهم في مدينة ماغديبورغ في 16 يناير 2015، وذلك في مناسبة لاحياء ذكرى قيام الحرب العالمية الثانية. وتسجل مدن شرق المانيا على وجه الخصوص ارتفاعا متسارعا في عدد الموالين لحركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Schlueter
المتهم بمهاجمة المرشحة لمنصب عمدة كولونيا
صورة من عام 2016، لعنصر من اليمين المتطرف ألقي القبض عليه بعد مهاجمته المرشحة لمنصب عمدة كولونيا هنريتا ريكر قبل يوم من انتخابها. الصورة تظهر المتهم وهو يدخل صالة المحكمة في دوسلدورف في 29 نيسان 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Vennenbernd
اليهود مازالوا هدفاً للنازيين الجدد
أوفه أوتسي اوبالا صاحب المطعم اليهودي في مدينة كيمنيتس، يصف للصحفيين ما جرى في هجوم نفذته مجموعة من المقنعين المعادين لليهود والسامية، ويكشف عن اصابته في كتفه بحجر رماه به المهاجمون المقنعون في (27 آب / اغسطس 2018).
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
الصليب المعقوف ما زال شعارهم
محموعة من النازيين الجدد يرفعون الصليب المعقوف وقد توهج فيه اللهيب في نيسان/ ابريل 2018. الصورة من طقوس خاصة جرت في منطقة لم يعلن عنها تمجيدا للحزب النازي.
صورة من: Reuters/G. Nakamura
اغتيال فالتر لوبكه
في الثاني من يونيو/ حزيران 2019 عُثِرَ على جثة فالتر لوبكه، رئيس المجلس المحلي لبلدية مدينة كاسل، في شرفة منزله مقتولا برصاصة في رأسه. ووجه الادعاء العام تهمة قتل لوبكه، لشتيفان إي. وداعمه المشتبه به ماركوس إتش.، وشتيفان معروف في السابق بأنه من النازيين الجدد. وكان لوبكه المتنمتي لحزب المستشارة ميركل من مؤيدي قضايا اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
معبد يهودي كهدف ليميني متطرف
سكان مدينة هاله الألمانية (شرق) يرفعون شعار:"سكان هاله ضد اليمين - الاتحاد من أجل الشجاعة الأخلاقية"، احتجاجا على جريمة وقعت في مدينتهم في 09.10.2019 عندما كان 52 شخصا يحتفلون بيوم الغفران داخل المعبد اليهودي بالمدينة، وحاول شتيفان ب. وهو شاب يميني متطرف (28 عاما) اقتحام المعبد، ولكنه فشل فأطلق النار على امرأة وشاب وجدهما في طريقه وقتلهما. وكان يعتقد أن "المرأة مسلمة" وفق تصريحه أمام المحكمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
هجمات بمدينة هاناو على مقاهي الشيشه
شهدت مدينة هاناو بولاية هسن مقتل 9 أشخاص في موقعين مختلفين ليلة 19 شباط/ فبراير 2020، ثم عثرت الشرطة بعد الجريمة بساعات على جثة المشتبه بأنه مطلق النار على الأشخاص التسعة وعلى على جثة والدته في مسكنه. إعداد م.أ.م / م.س