إسبانيا: الغاز الذي سيعاد نقله إلى المغرب ليس من الجزائر
٢٨ أبريل ٢٠٢٢
أكدت إسبانيا أن الغاز الذي ستنقله إلى المغرب لن يأتي من الجزائر، التي هددت بفسخ عقدها مع مدريد إذا ما أعادت تصدير الغاز المستورد منها إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب، وذلك في خضمّ توترات دبلوماسية بين الدول الثلاث.
إعلان
قالت وزارة التحول البيئي الإسبانية، مساء الأربعاء (27 أبريل/نيسان 2022): "لن يكون الغاز الذي يحصل عليه المغرب تحت أي ظرف من الظروف من أصل جزائري". وأضافت أن "تفعيل هذه الآلية نوقش مع الجزائر في الأشهر الأخيرة وتم إبلاغه اليوم (الأربعاء) لوزير الطاقة الجزائري".
وقال التلفزيون الجزائري إن وزير الطاقة محمد عرقاب تلقى رسالة إلكترونية من نظيرته الإسبانية تخطره بقرار إسبانيا السماح "بالتدفق العكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي".
ويؤكّد خبراء أنّ رسوم المرور التي كان يجبيها المغرب من الجزائر على شكل كميّات من الغاز بأسعار تفضيلية كانت تؤمّن له 97% من احتياجاته من هذه المادة الحيوية.
وهدّدت الجزائر الأربعاء بفسخ عقد تصدير الغاز إلى إسبانيا إذا أعادت تصديره إلى طرف ثالث، في إشارة إلى المغرب. وقالت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية في بيان إن "أيّ كمية من الغاز الجزائري مصدّرة إلى إسبانيا تكون وُجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستُعتبر إخلالاً بالالتزامات التعاقدية وقد تفضي بالتالي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان".
و توقفت الجزائر عن إمداد إسبانيا بالغاز عن طريق المغرب في نهاية تشرين الأول/أكتوبر عبر خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي على خلفية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بشأن قضية الصحراء الغربية.
ورغم تراجع اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري في الأشهر الأخيرة، لا يزال نحو ربع الغاز الذي تستورده إسبانيا يأتي من الجزائر في الربع الأول من هذا العام، مقارنة بأكثر من 40 بالمئة عام 2021، بحسب مشغل شبكة الغاز الإسبانية. ويتم تسليم هذا الغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز تحت البحر ميدغاز الذي يربط بين البلدين مباشرة.
وتدهورت العلاقات بين الجزائر والمغرب خلال العامين الماضيين. وفي العام الماضي قطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع الرباط.
وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تسعى إلى استقلال الصحراء الغربية المتنازع عليها، وهي منطقة يعتبرها المغرب أرضا تابعة له. وأعلنت إسبانيا الشهر الماضي أنها تدعم خطط الرباط لمنح المستعمرة الإسبانية السابقة حكما ذاتيا، وهو ما انتقدته الجزائر، واستدعت على إثر ذلك سفيرها لدى إسبانيا بينما لم تستبعد شركة سوناطراك زيادة سعر الغاز المصدر إليها.
العلاقات المغربية الجزائرية.. محطات بين التلاحم والعداء
قطع الجزائر علاقتها الدبلوماسية مع المغرب هو أحدث تطور لعقود من التوتر والأزمات، حيث تحولت العلاقة بين البلدين من الدعم والمساندة إلى القطيعة والعداء بسبب ملف الصحراء الغربية الشائك وتراشق الاتهامات بدعم الانفصاليين.
صورة من: daniel0Z/Zoonar/picture alliance
المغرب يدعم الثورة الجزائرية
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية في نوفمبر 1954 سارع ملك المغرب محمد الخامس آنذاك إلى دعم حركة المقاومة، وبادر على مدار سنوات إلى استضافة قادة الثورة، مؤكدا على أن تحرر الجزائر هي قضية مركزية للدول المغاربية. وفي ظل تعاطف شعبي كبير، تمّ جمع التبرعات وفُتحت الحدود أمام الثوار الجزائريين، ما ساهم في رفد الثورة الجزائرية بالمال والسلاح.
صورة من: dpa
حرب الرمال
صفو العلاقات تكدر في العام 1963، حين اندلعت "حرب الرمال" بين البلدين الجارين بسبب مجموعة حوادث حدودية. وكان ذلك بعد عام على استقلال الجزائر لتستمر "حرب الرمال" عدة أيام تاركة شرخاً حقيقيا في العلاقات.
صورة من: picture-alliance/dpa/UPI
المسيرة الخضراء ساهمت في توتر العلاقة
عبر "المسيرة الخضراء" في 1975 والتي شارك فيها 350 ألف مغربي، بسط المغرب سيطرته على الصحراء الغربية. وفي آذار/ مارس 1976 قطع علاقاته الدبلوماسية مع الجزائر بعد اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" التي أعلنتها جبهة بوليساريو.
صورة من: picture-alliance/dpa/DB UPI
تحسن في العلاقات
في 26 شباط/فبراير 1983 التقى الملك الحسن الثاني مع الرئيس الشاذلي بن جديد على الحدود الجزائرية المغربية. ساهم هذا اللقاء في عودة حرية التنقل بين البلدين، كما أُعلن عن ذلك في أبريل/ نيسان من العام ذاته. ثم في أيار/مايو تمّ الاتفاق على السماح تدريجيا بتنقل الأشخاص وبحرية نقل السلع بين البلدين وفتح الخطوط الجوية وسكك الحديد.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرض تأشيرة واغلاق الحدود
في 16 آب/أغسطس 1994 استنكرت الرباط تصريحات الرئيس الجزائري اليمين زروال التي اعتبر فيها أن الصحراء الغربية "بلد محتل". وفي 26 آب/ أغسطس فرض المغرب التأشيرة على جارته الشرقية عقب هجوم استهدف فندقا في مراكش قُتل فيه سائحان إسبانيان على يد إسلاميين متطرفين. واتّهم المغرب قوات الأمن الجزائرية بالضلوع في الهجوم، فيما أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
تقارب وجفاء
في 25 تموز/يوليو 1999 شارك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مراسم جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في الرباط. لكن بداية التقارب سرعان ما نسفته مجزرة أوقعت 29 قتيلا في جنوب غرب الجزائر، اتّهم بوتفليقة على خلفيتها المغرب بتسهيل تسلل إسلاميين مسلّحين إلى بلاده.
صورة من: AP
عودة اللقاءات
لقاءات بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس، أسهمت في "كسر الجليد" قليلاً. ففي تموز/يوليو 2011 أعلن ملك المغرب تأييده لإعادة فتح الحدود البرية ولتطبيع العلاقات. وهو ما ردّ عليه الراحل عبد العزيز بوتفليقة معرباً عن "عزمه إعادة تعزيز العلاقات لما فيه مصلحة البلدين".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Feferberg, F. Senna
دعوة لفتح صفحة جديدة
في كانون الأول/ديسمبر 2019 دعا الملك محمد السادس إلى فتح "صفحة جديدة" في رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون.
صورة من: Niviere David/ABACAPRESS/picture alliance
ملف الصحراء الشائك يتجدد
في كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت الجزائر بـ"مناورات أجنبية" تهدف إلى زعزعة استقرارها متّهمة بذلك إسرائيل التي كانت قد وقعت مع المغرب "معاهدة تطبيع"، ضمن اتفاق ثلاثي أفضى أيضا إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي 18 تموز/يوليو 2021 استدعت الجزائر سفيرها لدى المغرب "للتشاور".
"اعادة النظر" بالعلاقات بين البلدين
في 31 تموز/يوليو الماضي، في خطابه بمناسبة اعتلاءه على العرش، أعرب ملك المغرب عن "أسفه للتوترات بين البلدين" ودعا إلى إعادة فتح الحدود البرية. لكن الجزائر قررت في 18 آب/ أغسطس "إعادة النظر" في علاقاتها مع المغرب الذي اتّهمته بالتورّط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت البلاد.
صورة من: Billel Bensalem/App/dpa/picture alliance
قطع العلاقات
في 24 آب/ أغسطس أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب "الأعمال العدائية" للمملكة ضد الجزائر "منذ استقلالها"، إلى غاية "استخدام برنامج بيغاسوس للتجسس على مسؤولين جزائريين ودعم حركة انفصالية" على حدّ قوله.
صورة من: Fateh Guidoum/AP/picture alliance
أسف مغربي لقطع العلاقات
وفي ردّ فعل رسمي، أعربت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن أسفها "للقرار الأحادي" الذي اتخذته الجزائر، معتبرة إياه قراراً "غير مبرر"، لكنه "متوقعا بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة"، كما جاء في بيان الوزراة المغربية. (اعداد: علاء جمعة)