إسبانيا تقمع الكاتالونيّين..."ديمقراطية العصا" على المِحك
٢ أكتوبر ٢٠١٧تواترت التفاعلات وردود الفعل بعد التدخل الأمني لسلطات مدريد في حق الكاتالونيّين الراغبين في الإدلاء بأصواتهم في استفتاء الانفصال عن إسبانيا أمس الأحد فاتح تشرين الأول/ أكتوبر2017 . ولا زال الموضوع حديثَ الساعة بين معظم رواد الشبكات الاجتماعية بالعالم العربي.
بعض المتفاعلين ندّدوا بما وصفوه "قمعاً وحشياً" و"تدخلا عنيفا مفرطاً في استخدام القوة"، بينما اختار البعض الآخر طريق التندّر والسخرية للتعبير عن استهجانهم لتعامل سلطات مدريد مع مجريات يوم الاستفتاء. في حين تعالت بعض الأصوات، على قلّتها، داعمة للتدخل الأمني لمنع الاستفتاء ومُشيدةً بهيبة وسيادة الدولة الإسبانية.
استنكار واسع وتهكّم
قراءة سريعة لآراء النشطاء العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف أن أغلبها كان يصبُّ في اتجاه شجْب واستنكار التدخل الأمني للسلطات المركزية الإسبانية لمنع إجراء الاستفتاء في إقليم كاتالونيا الساعي للأستقلال عن الحكم المركزي في مدريد.
بعض الآراء تخطَّت عتبة استنكار وإدانة ما حدَث في الأول من أكتوبر 2017 بإقليم كاتالونيا ووصلت حدّ انتقاد النموذج الإسباني في التعامل مع الأزمة باعتباره نموذجاً يُصنّف ضمن خانة الدول الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان، كما أنها لم تَخْلُ من طابع ساخر تهكُّمي مهاجِم للمقاربة القمعية التي ترجَمها تدخّل الحرس المدني الإسباني لمنع إجراء الاستفتاء بشتى الوسائل، لاسيما ما كشفت عنه الصور التي ظهر فيها عناصر من الشرطة الإسبانية وهم يصادرون صناديق الاقتراع ويقتحمون بالقوة مكاتب التصويت.
فيما تحولت المَشاهد نفسها والصور ذاتها إلى مادة للسخرية والتندُّر عند البعض، كما تجلّى ذلك في التغريدات التالية
أصواتٌ قليلة داعمة لمدريد
بالمقابل، لمْ يجد بعض رواد الشبكات الاجتماعية أيّ حرج في دعم التدخل الأمني الإسباني بحق الكاتالونيّين منظّمي استفتاء الانفصال، مُشيدين بموقف مدريد في خطوتها لمنع إجرائه نظراً لأنه كان ممنوعاً بقوة القانون والقضاء. لكنها عموماً أصواتٌ ظلت قليلة ومحتشِمة بالنظر إلى الكم الهائل من الاستهجان والإدانة الذي حظي به التدخل الأمني من طرف أغلب النشطاء العرب على مواقع التواصل الاجتماعي.
كردستان وكاتالونيا.. مقارنة بين مقاربتيْن
مشاهدُ التدخلات الأمنية العنيفة من طرف الشرطة الإسبانية قوبِلتْ باستهجان كبير من رواد شبكات التواصل، الذين رأى بعضهم من خلالها وجود فرق بين مقاربة الحكومة الإسبانية في التعاطي مع دعاة الاستفتاء وموقف الدولة العراقية من استفتاء استقلال كردستان الأسبوع الماضي؛ فعلى عكس بغداد التي لم تتدخل أمنياً لمنع إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان، قامت السلطات الإسبانية بالتدخل بالقوة لمنع إجرائه في كاتالونيا، واصفة إيّاه على لسان رئيس حكومتها ماريانو راخوي بـ"المسرحية والمهزلة".
اختلاف السياقات
بيْد أن نبيل دريوش، الباحث المغربي في الشأن الإسباني، يرى أنه "رغم الوصول لنفس النتيجة، لا يمكن مقارنة الحالة الإسبانية في كاتالونيا بتجربة الاستفتاء في إقليم كردستان شمال العراق لاختلاف الحسابات السياسية والسياقات التاريخية والظروف الإقليمية".
ويضيف دريوش في حوار مع DW عربية، أن "مدريد ليست هي بغداد"، كما أن "الاستفتاء في كردستان معنية به عدة قوى إقليمية كإيران وتركيا بشكل مباشر، لأنها ترى في إقامة الأكراد لدولة خطراً على أمنها الداخلي"، في حين أن "إقليم كاتالونيا جزءٌ من إسبانيا وهو بذلك جزء من الاتحاد الأوروبي أيضاً". وبالتالي لا تصحّ المقارنة بين الحالتيْن مع وجود اختلاف كبير في السياقات التاريخية بالخصوص".
دريوش أكد، في معرض حديثه أنّ "المقاربة الأمنية في أي أزمة تبقى جزءًا من الحل وليست حلا"، لأنه "وجبَ تغليب الحوار وصوت العقل، وكان من الممكن تفادي الصدام بين سلطات مدريد والانفصاليين في كاتالانيا لوْ أن رئيس الحكومة الإسبانية راخوي استبقَ عام 2014 نية الإعلان عن تنظيم استفتاء بفتح حوار مع حكومة إقليم كاتالونيا".
"ديمقراطية العصا" على المِحك
وعن التعليقات والتفاعلات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد واقعة التدخل الأمني الإسباني لمنع إجراء استفتاء كاتالونيا، قال الخبير المغربي في الشأن الإسباني، إنها "تبقى تعليقات سطحية لا تنفُذ إلى كُنْه وعمق المشكلة"، مشيراً إلى أن "الديمقراطية الإسبانية تعدّ ديمقراطية حديثة ما زالت تشوبها العديد من الاختلالات والعيوب". وختم دريوشتعليقه بالقول "التدخل الأمني لمنع الاستفتاء لم يفاجئني بحُكم معرفتي بالجهاز الأمني الإسباني الذي بنى عليه الجنرال فرانكو الدولة الإسبانية سابقاً".
يوسف يعكوبي