إسرائيليون وفلسطينيون وعرب "معا" لمواجهة تغير المناخ
٢٤ مارس ٢٠٢٣تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق عرضة لتداعيات ظاهرة تغير المناخ، حيث تضررت بلدان المنطقة بشكل كبير جراء ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه والتصحر، فيما ينذر مقبل الأعوام بتداعيات أكثر خطورة.
وفي ذلك، قال منظمو مؤتمر إقليمي حول الزراعة والمياه والأمن الغذائي، إن قضية مواجهة تداعيات ظاهرة التغير المناخي تدفع إلى المزيد من التعاون.
ويهدف المؤتمر، الذي شارك فيه خبراء من إسرائيل والأراضي الفلسطينية ودول عربية وإسلامية، إلى تطوير برامج عملية لمواجهة التحديات الإقليمية.
وفي ذلك، قال ويليام ويشسلر، مدير مبادرة "N7"، التي نظمت المؤتمر الأسبوع الماضي في أبو ظبي، إنه يمكن "تحقيق الكثير في المنطقة من خلال التعاون".
وتعزز المبادرة التعاون بين إسرائيل ومصر والأردن والمغرب والبحرين والسودان والإمارات في إطار "اتفاقيات أبراهام".
وفي هذا السياق، قال ويشسلر إن هناك مجالات عديدة للتعاون المشترك مثل المياه وخفض أسعار المواد الغذائية وتوفير الأمن لشعوب المنطقة، مضيفا أن الزراعة تعد أساسا مثاليا للتعاون في مجال مواجهة ظاهرة تغير المناخ.
وقال إن الزراعة لا تعد المجال الوحيد الذي يمكن إحراز تقدم فيه بسرعة فحسب، بل أيضا يمكن أن تؤثر على شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، محذرا "إذا أضعنا فرصة معالجة تغير المناخ في الوقت الراهن، فإن نافذة الفرصة ستوصد في نهاية المطاف".
ورغم وجود تحديات أمام تعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص، إلا أن ويشسلر يعتقد أن الأشخاص الذين ينخرطون بشكل نشط في معالجة ظاهرة تغير المناخ وتداعياتها حريصون على التعاون.
وفي مقابلة مع DW، قال إن "العلماء والمهندسين يعُتبرون شخصيات علمية تهتم بحل المشكلات في نهاية المطاف بغض النظر عن الانتماءات".
تمويل المشاريع المشتركة
ويرى فوزي بكاوي، مدير المعهد الوطني للبحث الزراعي في المغرب، أن بلاده يمكن أن تستفيد من إسرائيل في هذا المجال، مضيفا: "هناك خبرة إسرائيلية بشكل خاص في مجال استخدام المياه بكفاءة في أنظمة الري وتطوير محاصيل زراعية أكثر مرونة وملائمة".
وفقا لتقرير صدر عن البنك الدولي العام الماضي، فإن المغرب من بين الدول التي تعاني إجهادا مائيا عاليا، حيث تعتبر الموارد المائية في المغرب من بين أضعف الموارد بالعالم، فيما يؤثر ذلك على قطاع الزراعة، خاصة مع تفاقم ظاهرة تغير المناخ.
وقال بكاوي إن "إسرائيل أحرزت تقدما كبيرا في مجال التكنولوجيا الحيوية أو علم الجينوم وكل هذه المجالات يمكن أن تكون مفيدة للمغرب أيضا".
بيد أن الأموال المخصصة للمشاريع المغربية-الإسرائيلية المشتركة أو لتعزيز التبادل الأكاديمي ما زالت محدودة.
وقال بكاوي إنه تقدم إلى "مؤسسة ميرك"، التي تمول مشاريع بين إسرائيل والدول العربية الموقعة على اتفاقيات أبراهام ومقرها الولايات المتحدة، من أجل الحصول على منحة.
بدوره، أشار يوسف وهبي، الباحث في المركز الوطني للأرصاد الجوية في أبو ظبي، خلال بودكاست نظمه "معهد الشرق الأوسط" إلى أن "لدى معظم الإدارات البحثية في المنطقة مسارات محدودة لتمويل الأبحاث التي تجريها منظمات أجنبية".
يشار إلى أنه خلال قمة المناخ التي عقدت في مدينة غلاسكو الاسكتلندية عام 2021، تعهدت الدول الغنية بتقديم 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2025، فيما تعد قضايا تمويل المشاريع المشتركة بين الدول لمكافحة ظاهرة التغير المناخي أكثر تعقيدا.
وأوضح وهبي أن معظم أشكال التمويل تأتي في صورة قروض لتنفيذ مشاريع التخفيف مع تغير المناخ مثل تقليل استخدام الوقود الأحفوري عن طريق الاعتماد على الطاقة الشمسية والرياح، فيما يعد الأمر مربحا للدول المُقرضة.
لكن وهبي قال إن تمويل مشاريع التكيف مع التغيرات المناخية تعد منخفضة حيث "يصعب إيجاد مصادر التمويل فيما تعد هذه المشاريع أقل جاذبية للدول الممولة مقارنة بالمشاريع التي تُدر ارباحا للدول المُقرضة".
ودعا إلى تعزيز التعاون في مجال الأبحاث العلمية التي تستهدف مواجهة تغير المناخ على مستوى العالم "لتبادل الأفكار بين المجتمع العلمي على مستوى العالم".
مواجهة تغير المناخ لتقليل الصراعات
بدوره، قال جمال الصغير، المدير السابق للبنك الدولي، إن التعاون بين الدول يعد الحل الأفضل، مضيفا أن "التعاون الإقليمي يصب في صالح الجميع ويحمل في طياته فوائد أكثر من المشاريع الوطنية أو الثنائية".
وفي مقابلة مع DW، قال الصغير، وهو أيضا خبير في مجال الزراعة وتغير المناخ وأستاذ في جامعة ماكجيل الكندية، إن معظم دول منطقة الشرق الأوسط "لا تفعل ما يكفي حتى الآن في مواجهة تغير المناخ رغم تسارع هذه الظاهرة".
وأظهرت دراسة مناخية جديدة أن منطقة الشرق الأوسط تزداد احترارا مرتين أكثر من المعدل العالمي، ما قد يحمل آثاراً مدمرة على شعوبها واقتصاداتها.
وقالت الدراسة إنه نتيجة لذلك، فإن أكثر من 400 مليون شخص في المنطقة يواجهون خطر التعرض لموجات الحر الشديدة، والجفاف لفترات طويلة، وارتفاع مستويات سطح البحر.
ورغم ذلك، يعتقد الصغير أنه بإمكان المنطقة تجاوز هذه القضايا من خلال التكنولوجيا فيما يرى أن إسرائيل ودول الخليج بمقدورها أخذ زمام المبادرة، مضيفا أن "إسرائيل رائدة في مجالات تحلية المياه والري وسوف تستفيد بلدان المنطقة من ذلك كثيرا".
وأشار إلى أن الإمارات ضخت استثمارات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، مؤكدا أن "التعاون المشترك سيؤدي إلى طرح أفكار جديدة في مجال البحث والتطوير والتي يمكن تنفيذها فيما بعد في دول أخرى ". وتساءل الصغير: "ماذا تنتظر هذه الدول؟ يتعين البدء الآن".
بناء الثقة
وفي سياق متصل، يعتقد طارق أبو حمد، المدير التنفيذي لمعهد وادي عربة للدراسات البيئية في إسرائيل، أن التعاون بين علماء آخرين في جميع أنحاء المنطقة لمواجهة ظاهرة تغير المناخ يمكن أن يمهد الطريق أمام "جهود بناء الثقة".
وقال "نحن نعيش في منطقة صغيرة تعتبر بؤرة ساخنة عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، لذا ليس لدينا أي خيار آخر سوى التعاون مع بعضنا البعض للتعامل مع هذه التحديات".
من جانبه، أشار أليكس بليتساس، أحد الباحثين المنخرطين في مبادرة "N7"، إلى أن المؤتمر يحمل في طياته بواعث أمل حيث كتب في تغريدة "الشيء الرائع الذي شاهدته في أبو ظبي يتمثل في جلوسي مع دبلوماسي عربي من دولة خليجية يرتدي الثوب العربي التقليدي وسيدة أعمال إسرائيلية في وقت متأخر من الليل .. بهدف الوقوف على كيفية تحسين حياة شعوب المنطقة".
جنيفر هوليس / م. ع