توعدت إسرائيل بتكثيف هجماتها على حزب الله، وذلك بعد مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين في غارات نهاية هذا الأسبوع، وفق حصيلة أوردتها وزارة الصحة اللبنانية. والمبعوث الأمريكي للبنان يحث على مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل.
حذرت إسرائيل هجماته ضد حزب الله في جنوب لبنان، بعد يوم على إعلان وزارة الصحة اللبنانية مقتل أربعة أشخاص في ضربة إسرائيلية.صورة من: Ali Hankir/REUTERS
إعلان
حذّر وزيرالدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأحد (الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، من أن الجيش سيكثّف هجماته ضد حزب الله في جنوب لبنان، بعد يوم على إعلان وزارة الصحة اللبنانية مقتل أربعة أشخاص في ضربة إسرائيلية. وقال كاتس في بيان إن "حزب الله يلعب بالنار والرئيس اللبناني يماطل". وأضاف "يتعيّن تطبيق التزام الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وإخراجه من جنوب لبنان. التنفيذ بأقصى شدة سيتواصل، بل سيتكثّف حتى لن نسمح بأي تهديد لسكان شمال" إسرائيل.
سقوط قتلى وجرحى
يأتي ذلك بعدما أوردت وزارة الصحة اللبنانية، بأن غارة "على بلدة كفررمان في قضاء النبطية أدت في حصيلة أولية إلى سقوط أربعة شهداء وإصابة ثلاثة مواطنين بجروح". وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن "مسيرة اسرائيلية نفذت قرابة العاشرة وعشرين دقيقة، غارة جوية بصاروخ موجه مستهدفة سيارة رباعية الدفع" على طريق عند الأطراف الشرقية لبلدة كفررمان في جنوب البلاد.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس الجمعة، أن عنصرا بارزا من حزب الله لقي حتفه إثر غارة جوية إسرائيلية ثانية بطائرة مسيرة في جنوب لبنان. وقال الجيش: "أسفرت الغارة التي تمت في منطقة النبطية عن مقتل عضو في قوة الرضوان التابعة لحزب الله، والذي كان شارك في العديد من الهجمات الإرهابية ضد دولة إسرائيل وعمل على استعادة البنية التحتية العسكرية لحزب الله "، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
رغم اتفاق وقف إطلاق النار... غارات إسرائيلية على لبنان
02:54
This browser does not support the video element.
واشنطن تطالب بمفاوضات مباشرة
وجاءت غارة أمس السبت بعد ساعات من حض الموفد الأميركي توم باراك لبنان السبت على إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، من أجل تخفيف التوترات بين البلدين.
وأجرت السلطات اللبنانية محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، لكن باراك قال إن مفتاح تخفيف التوترات "قد يكمن في المفاوضات المباشرة".
وقال الموفد الأميركي للصحافيين على هامش "حوار المنامة" الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين، إن "الحوار يجب أن يكون مع إسرائيل. يجب أن يكون فقط مع إسرائيل، وإسرائيل مستعدة". وأضاف "أسلكوا هذا الطريق، إلى إسرائيل، وأجروا محادثة، فهذا لن يضر". ولكنه قال لوكالة فرانس برس إن القادة اللبنانيين "متوترون عن حق" من هذه المحادثات. وأضاف باراك خلال ندوة المنامة إن "الطريق واضح للغاية، ويجب أن يكون إلى القدس أو تل أبيب لإجراء محادثات جنبا إلى جنب مع سوريا. سوريا ترشد الطريق".
براك يعتبر لبنان "دولة فاشلة"
في ذات السياق، وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، لبنان بأنه "دولة فاشلة". وتابع باراك بلهجة لافتة إنه "الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا تصطف مع التحولات الجديدة في الشرق الأوسط"، مضيفا: "الدولة هي حزب الله"، مشيرا إلى أن الجماعة المدعومة من إيران تؤمن لمناصريها ومقاتليها ما تعجز الدولة اللبنانية عن توفيره، في بلد تعاني فيه الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه من ضعف مزمن.
وتابع قائلا: "الأمر متروك حقا للبنانيين. الولايات المتحدة لن تنخرط أكثر في وضع تتحكم فيه منظمة إرهابية أجنبية ودولة فاشلة تملي الإيقاع وتطلب مزيدا من الموارد والمال والمساعدة".وأضاف باراك أن الولايات المتحدة لن تتدخل في النزاعات الإقليمية، لكنها ستدعم حليفتها إسرائيل إذا صعدت من عملياتها تجاه لبنان.
إعلان
عون: إسرائيل تقابل الدعوة للتفاوض بمزيد من "الاعتداءات"
من جهته، اتهم الرئيس اللبناني جوزاف عون الجمعة إسرائيل بالرد على دعوات بلاده للتفاوض بتكثيف غاراتها الجوية. وأكّد عون خلال لقائه وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول الذي زار لبنان مؤخرا بأن "خيار التفاوض هو من أجل استرجاع أرضنا المحتلة وإعادة الأسرى وتحقيق الانسحاب الكامل من التلال". وأضاف، وفقا لبيان صادر عن مكتبه، "لكن هذا الخيار لم يقابله الطرف الآخر إلا بمزيد من الاعتداءات على لبنان، في الجنوب والبقاع وارتفاع منسوب التصعيد".
وتابع عون أن "لبنان مستعد للمفاوضات من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن أي تفاوض لا يكون من جانب واحد بل يحتاج الى إرادة متبادلة وهذا الامر غير متوافر بعد"، مشيرا إلى أن "شكل التفاوض وزمانه ومكانه سيحدد لاحقا".
بعد نصف قرن.. آثار الحرب الأهلية حاضرة في بيروت
بيروت روحها شرقية ونقطة التقاء ثقافات ظهرت على تراث منازلها ومبانيها. آلاف منها على شفا الانهيار بعد أن صمدت خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 ولاتزال شاهدة على الحرب بعد نصف قرن.
صورة من: Alkhashali/DW
بقيت الجدران وغاب أهلها!
تطور البناء العمراني في بيروت منذ الفترة العثمانية، وتأثر بالعمارة الدمشقية. المنازل الكبيرة كانت سكنا للأغنياء والمترفين بينما كانت المنازل المشيدة من الخشب والصفيح من حصة الفقراء. بيروت توسعت كثيرا، خلال 150 عاما خصوصا بعد ظهور مينائها خلال الفترة العثمانية، الحرب الأهلية أثرت كثيرا على المدينة، فتركها كثير من سكانها.
صورة من: Alkhashali/DW
بيروت .. بغداد والقاهرة ودمشق
البيوت البيروتية استلهمت عمارتها الشرقية في أواخر الحكم العثماني، على طراز البيوت العربية القديمة الموجودة في دمشق والقاهرة وبغداد، كان البناء يعتمد على عوامل المناخ والأعراف والتقاليد الاجتماعية المبنية على الأصول الدينية.
صورة من: Alkhashali/DW
بيروت القديمة
مبنى في "الجميزة" قرب الميناء، لم يعد صالحا منه للسكن سوى طابقه الأرضي. الطابق الأول من سقف يحمي المبنى، عمر المبنى غير معروف. "الجميزة" من أولى المناطق التي ظهرت في بيروت تاريخيا بسبب قربها من المرفأ. التسمية لها علاقة بشجرة الجميز. منازل مثل هذا بعضها غُمّرت وغادت لها الحياة، وبعضها مهمل في انتظار من ينقذها.
صورة من: Alkhashali/DW
سوء حظ
من سوء حظ صاحب السيارة هذه، أنه قرر ركنها عند هذا المنزل القديم. الحجر الرملي يستعمل كثيرا في بيروت وهو لا يصمد أمام تغيرات البيئة. بسبب الأمطار انهار جزء من المنزل القديم الذي يبلغ عمره أكثر من 150 عاما.
صورة من: Alkhashali/DW
عودة الحياة
بجوار المنزل المنهار السابق يقف جاره هذا. المنزل يرمم من قبل جمعية إسلامية، قررت إعادة إحيائه واتخاذه مقرا لها بسبب قيمته التاريخية في منطقة مار إلياس. مهمة ترميم المباني تواجه صعوبات بسبب ارتفاع التكلفة. البعض يقرر تدمير المبنى وإنشاء عمارات حديثة. لكن هناك مشاكل قانونية متعلقة بحقوق الورثة أو مشاكل بين المؤجرين والمستأجرين.
صورة من: Alkhashali/DW
شبح منزل
منزل كبير لم يبق منه سوى شبح منزل يتوسط مباني وشقق سكنية في منطقة زقاق البلاط. لا عناوين ولا لوحات على المبنى تظهر تأريخه أو قيمته التراثية. لكن موقعه وحجمه يظهر قيمته حينها.
صورة من: Alkhashali/DW
حرب الفنادق!
بعض المبان دمر خلال الحرب الأهلية، فمثلا بات فندق "هوليداي إن" ضمن منطقة حرب اندلعت في 25 أكتوبر 1975 في صراع طويل عرف باسم "معركة الفنادق"، هناك تحارب أكثر من 25 ألف مقاتل من أجل السيطرة على مجموعة من الفنادق الفخمة الشاهقة بما في ذلك فندق هوليداي إن وفندق فينيسيا بيروت المجاور، مما أدى إلى مصرع أكثر من ألف شخص.
صورة من: UPI/dpa/picture alliance
شاهد على مأساة الحرب
المباني الحديثة ترتفع حول الفندق الذي لم يبق منه سوى هيكله الخرساني. المبنى بقي شاهدا على حرب امتدت لعقد ونصف راح ضحيتها مئات آلاف اللبنانيين. كان الفندق على خط التماس بين الكتائب وعناصر حركة فتح الفلسطينية.
صورة من: Mohamad Chreyteh
سينما "البيضة"
سينما "سيتي بالاس" أو "البيضة" نسبة للشكل البيضوي، هي جزء من مبنى متكامل كان اسمه "سيتي سنتر"، أو "الدوم"، وصنّف على أنه أكبر مبنى تجاري كبير في بيروت أثناء تشييده عام 1965 ليمثل أول مول تجاري في منطقة الشرق الأوسط. تحول خلال الحرب الأهلية إلى مكان للقنص فقد كان يتوسط خط التماس بين المتحاربين حينها.
صورة من: Alkhashali/DW
بين الغرب والشرق
سقف منزل متروك منذ عقود، الطراز المعماري الذي ظهر قبل أكثر من 150 عاما، انتشر في مناطق المسيحيين والمسلمين على حد سواء، فظهرت هوية "بيروتية خاصة" للفن المعماري للمدينة. يرى معماريون أن بيروت مثلت نقطة لقاء بين الشرق والغرب، فتعدد الثقافات فيها ظهر على تراثها المعماري.
صورة من: Alkhashali/DW
جدران بلا حياة
إنشاء ميناء بيروت كان نقطة تحول في حياة المدينة فتحول بناء البيوت من شرف خشبية صغيرة إلى منافذ واسعة مبنية على الطراز الشرقي. حصل التحول المعماري في مرحلتين، في نهاية الحقبة العثمانية الطويلة، اتسعت رقعة المدينة وتخطت الحدود التي عُرفت بها في القرون الوسطى. فارتفعت فيها مبان بطابع حديث. ثم تطور في العهد الفرنسي فظهرت مبان سكنية بطوابق. جاء التحول نتيجة للنمو السكاني الكبير الذي شهدته بيروت.
صورة من: Alkhashali/DW
بيت بيروت
بيت بركات شيد عام 1924، في عام 1997 قرر مالكوه بيعه، فأنقذه نشطاء. بعد احتجاجات وحراك لإنقاذ المبنى جرى تعليق قرار تدميره، وفي عام 2003 أصدرت بلدية بيروت قرار نزع الملكية للمنفعة العامة.
صورة من: Abbas Al-Khashali/DW
مبنى على خط التماس
في مرحلة إعادة الإعمار التي أعقبت الحرب الأهلية اللبنانية هدمت العديد من المباني المهمة، النشطاء تمكنوا من إنقاذ عدد منها، وأصبح مبنى بركات بواجهته وصف أعمدته يتخلله الرصاص رمزًا ومذكرا بالحرب الأهلية في بيروت، فقد كان على خط التماس في منقطة "سيديكو" في الأشرفية.
صورة من: Abbas Al-Khashali/DW
وحدها واجهة المنزل
لم يبق من المنزل هذا سوى جداره الخارجي الذي يحاول الصمود أمام ظروف صعبة. يقع المنزل في الأشرفية، البعض يرى في بقائه بعد انفجار مرفأ بيروت، أعجوبة. منظمة اليونسكو أعلنت أن 640 من الأبنية التراثية تضررت جراء الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت يوم 4 أغسطس/ آب الحالي، وأن ستّين منها معرضة للانهيار.
صورة من: Alkhashali/DW
منازل أنهارت وأخرى مهددة
يرى مؤرخون أن الطراز المعماري في بيروت "حداثي" فهو مزيج بين الشرق والغرب في بعض جوانبه الفنية. أكثر من ألف منزل تاريخي بحاجة إلى إعادة الإعمار، كي تحافظ المدينة على تأريخها وتراثها. فيما تقول مصادر رسمية إن نصف هذه المنازل قد انهارت فعلا. جل المنازل المتبقية مهددة فعلا بالاندثار، إن لم تتحرك السلطات لإنقاذها. عباس الخشالي/ بيروت.