إسرائيل ـ كورونا ومعوقات أخرى تربك ضم أجزاء من الضفة الغربية
٢٥ أبريل ٢٠٢٠من المنتظر أن تكون الستة الأشهر المقبلة "فترة طوارئ وطنية" في إسرائيل، بعدما وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو ورئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس على اتفاق لتشكيل حكومة مشتركة تضم 36 حقيبة وزارية لمدة ثلاث سنوات، تكون رئاستها بالتناوب بينهما، على أن يكون نتنياهو أولا ويستمر برئاسة الوزراء لمدة عام ونصف العام. وتأتي هذه الخطوة بعد 16 شهرا من الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد. وينص الاتفاق على تنفيذ إجراءات "خطة السلام الأمريكية" بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على "الحوار الدولي" و"الاستقرار الإقليمي". ويرى مراقبون أن هذ الاتفاق محفوف بالمخاطر ويواجه تعقيدات عدة تتعلق بتقاسم السلطة وتهم الفساد الموجهة ضد نتانياهو وضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
خلافات بشأن الدولة الفلسطينية
غانتس رحب بشكل صريح بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، لكنه حذر من اتباع نهج أحادي مفرط. غير أن هذا التحفظ لم يتم ذكره في اتفاق الائتلاف الحكومي. نظريا يمكن لنتنياهو أن يحصل على دعم من الكنيست لسياسة ضم أجزاء من الضفة الغربية - حتى بدون شريكه في الائتلاف – حيث يمكنه الاعتماد على أصوات القوميين هناك.
ومع ذلك، فإن خطة السلام الأمريكية لم تمر في إسرائيل بدون جدل، ولكن ليس للأسباب نفسها كما هو الحال عند الفلسطينيين: الخطة تمنح من جهة لإسرائيل السيادة على أكثر من 30 في المائة في منطقة يعيش فيها حوالي 150 ألف فلسطيني. ولكن من جهة أخرى تفرض عليها السماح للفلسطينيين ببناء دولتهم على 70 بالمائة المتبقية من الأراضي. ما هو قليل جدا بالنسبة للفلسطينيين يبدو مفرطا وأكثر من اللازم لليمين الإسرائيلي. وهذا ينطبق، على سبيل المثال، على حزب "ها جامين" الذي يتزعمه وزير الاقتصاد السابق نفتالي بينيت.
الخطوة الحاسمة ستكون يوليو
يرى يوهانس بيك، أستاذ العلوم السياسة في المعهد العالي للدراسات اليهودية في هايدلبرغ الألمانية، أن عمليات الضم في الضفة الغربية غير مستبعدة. بالنسبة له، فإن الصفقة، وفقا لاتفاق الائتلاف، تنص أن يقدم نتنياهو "اتفاقية أمريكية إسرائيلية محتملة بشأن خطط الضم في الأراضي المحتلة أمام الحكومة والكنيست للتصويت عليها في الفاتح من يوليو". وهذه ستكون الخطوة الشائكة الحاسمة بالنسبة لمستقبل الأراضي الفلسطينية. وأضاف بيك أنه "مع ياريف ليفين، سيكون للكنيست قريبا متحدث جديد مؤيد بشكل صريح لمشروع الضم".
ومع ذلك، قد يكون لدى نتنياهو أسباب جيدة لها علاقة بالسياسة الخارجية للتريث في عمليات الضم، لأن الأمريكيين سينتخبون في نوفمبر رئيسهم المقبل. وإذا كان اسم الرئيس الجديد هو جو بايدن، فعلى نتنياهو أن يتوقع استياء كبيرًا في واشنطن.
من جهته، يرى يوهانان بليسنر، مدير مجموعة التفكير (ثينك ثانك) في "معهد الديمقراطية الإسرائيلية" في القدس، أنه من غير الواضح حاليًا كيف ستتطور الأمور. من الممكن اتخاذ خطوات رمزية في بعض المستوطنات. ولا يملك نتنياهو حاليا خطة شاملة وجاهزة في جيبه".
أي هامش لسياسة نتنياهو؟
ومع ذلك، لا يزال نتنياهو يملك هامشا للتحرك، حسبما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست". لأن التحالف مع غانتس يسمح له بقدر لا يستهان به من المناورة. مع وجود غانتس إلى جانبه، يمكن لنتنياهو أن يأخذ مسارًا يمينيا بهدف الضم، أو اتخاذ اتجاه نحو اليسار يأخذ الدولة الفلسطينيةبعين الاعتبار".
ولكن في جميع السيناريوهات التي يمكن تصورها، تعتبر الصحيفة أن لدى نتنياهو فترة زمنية لا تتعدى ثمانية أشهر: "المخاوف من أن ترامب قد يُزاح من منصبه في نوفمبر ويحل محله منافسه بايدن، تجعل هذه الفترة حاسمة بالنسبة لحلم الحركة الاستيطانية القائم منذ 52 عاما".
"مرحلة مصيرية"
في المقابل، تفترض صحيفة "القدس" الفلسطينية، التي تصدر في القدس الشرقية، أن سياسة نتنياهو قد تم الحسم فيها بالفعل خلال الأشهر المقبلة. وحسب الصحيفة، فإن الحكومة الجديدة ستعمل بالتأكيد على ضم أجزاء من الضفة الغربية. وتفترض الصحيفة أن مثل هذا المشروع سيجد الأغلبية المطلوبة في الكنيست: "ثم نواجه مرحلة مصيرية جديدة لم تعد فيها أي فرص للاتفاق والسلام"، كما تقول الصحيفة.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه قد تحدث بالفعل عن "حكومة ضم" في إسرائيل. وقال إن تحالف الحكومة الإسرائيلية الجديد يؤيد "إنهاء حل الدولتين" وسيزيد من تقليص حقوق الشعب الفلسطيني. ولا يزال من غير الواضح، ما إذا كان هذا سيحدث بالفعل. لأن أيًا كان المسار الذي سيختاره نتنياهو، فسيكون لذلك تداعيات كبرى على المستويين الداخلي والخارجي.
كريستيان كنيب (ح.ز/ع.ج.م)