بغداد تُقر قانونا تعاقب فيه على أي تواصل مع إسرائيل، فيما تعزز أبو ظبي علاقاتها مع تل أبيب وكذلك تفعل الرباط والمنامة. أما الرياض فتقترب بخطوات بطيئة لكن مدروسة. كل ذلك يجري في ظل تصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
إعلان
بأغلبية واضحة صوّت 275 نائبا من بين 329 الأسبوع الماضي في البرلمان العراقي لصالح قانون يجرّم أي نوع من العلاقات مع إسرائيل والإسرائيليين. ومن يخالف يعاقب بالسجن مدى الحياة أو حتى الإعدام، والقانون ينفذ بحق العراقيين داخل العراق وخارجه والمؤسسات العراقية وكذلك الأفراد الأجانب والشركات الأجنبية العاملة داخل العراق.
وبحسب تقارير إعلامية فإن كتلة التيار الصدري التابعة للسيد مقتدى الصدر هي التي اقترحت القانون ودفعت للتصديق عليه، وهي الكتلة التي تعتبر الرابحة في الانتخابات التشريعية التي جرت نهاية العام الماضي.
عقوبة التواصل مع إسرائيل
يرى المؤرخ وخبير شؤون الشرق الأوسط بيتر وين في جامعة ماريلاند أن مقتدى الصدر يحاول رفع مكانته من خلال القانون الجديد. وهو عكس الجماعات الشيعية الأخرى، يحاول النأي بنفسه عن الجارة إيران التي تملك نفوذا سياسيا واسعا في العراق. كما يتهمه خصومه من القيادات الشيعية بالذهاب بعيدا جدا تجاه السنة والأكراد في البلاد. وينظر من داخل المؤسسة السياسية القائمة في العراق إلى الأكراد بعين الريبة، ويُشتبه أحيانا في رغبتهم في الدفع إلى المزيد من جهود الاستقلال السياسي بمساعدة إسرائيل. ومن وجهة نظر كثير من العراقيين، يشكل هذا خرقا خطيرا للمحرمات، يشرح بيتر وين بالقول: "لهذا السبب يحاول الصدر استخدام القانون الجديد الذي بادر به لتقديم نفسه كمتحدث حازم للقوى المعادية لإسرائيل".
لكن هذا القانون ليس مفاجئا أيضا، بحسب الباحث في العلوم الإسلامية بجامعة اوزنابروك الألمانية، ميشائيل كيفر. ويوضح بالقول : "هو يتبع الخط الذي انتهج في العراق خصوصا من قبل الأغلبية الشيعية في البرلمان العراقي تجاه إسرائيل". ورغم ذلك فإن العراق ليس البلد الوحيد في المنطقة الذي فيه ميول معادية لإسرائيل ومعادية لليهود أيضا، حسبما يقول كيفر. ورغم التقارب الذي تشهده العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، الذي ظهر في عام 2020 ، إلا أن العداء لإسرائيل مازال موجودا في الجزء الأكبر من المنطقة، خاصة وأن أقلية فقط من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل. يقول كيفر: "لم يكن الوضع قاسياً كما كان في التسعينيات". "لكن لا يزال من الممكن صنع السياسة بخطاب مناهض لإسرائيل".
ويمكن ملاحظة ذلك جليا خلال حوادث معينة، مثل مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والاضطرابات في الحرم القدسي، حيث تصاعدت وتيرة الصراع في الشرق الأوسط، وركزت الكثير من المواقع ووسائل الإعلام في العالم العربي على الضحايا في الجانب الفلسطيني.
نبرة معادية لإسرائيل من تونس
في تونس أيضا، إذ صرح مسؤول بوزارة الرياضة في وقت سابق من هذا الأسبوع حول اتخاذ إجراءات لمنع اللاعبة الإسرائيلية هاجار كوهين كاليف من المشاركة في بطولة دولية للترياتلون في أوائل حزيران/ يونيو في مدينة الحمامات التونسية. وقالت الوزارة إنها تعمل انطلاقا من الالتزام "بالمبادئ الوطنية" ودعم "الشعب الفلسطيني الشقيق".
يشار إلى أن العلاقات بين تونس وإسرائيل تدهورت بشكل كبير منذ تولي الرئيس قيس سعيد منصبه في خريف عام 2019. وخلال الحملة الانتخابية أدلى سعيد بتصريحات معادية لإسرائيل ووصف "اتفاقية إبراهيم" للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية بأنها "خيانة كبرى".
ويأتي قرار استبعاد الرياضية الإسرائيلية في وقت تشهد فيه تونس توترا سياسيا داخليا. ففي صيف العام الماضي أوقف الرئيس قيس سعيد عمل البرلمان ثم حله في شهر آذار/ مارس. نهجه الاستبدادي المستمر دفع إلى ظهور عداء داخلي له. ميشائيل كيفر يرى في ذلك دافعا ويقول إن "الخطاب المعادي لإسرائيل في العالم العربي غالبا مايكون وسيلة دفاعية لتوحيد سكان بلد ما، أو على الأقل محاولة لتوحيد الناس".
الإمارات مستمرة في التطبيع
ومن اللافت للنظر أن العديد من الدول العربية الأخرى بقيت على مسارها التقاربي حتى الآن مع إسرائيل، رغم تجدد العنف في المنطقة والتضامن الواسع النطاق مع الفلسطينيين. ومنذ توقيع ما يسمى باتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل في أيلول/ سبتمبر 2020، يظهر هذا بوضوح في سياسة الإمارات العربية المتحدة والبحرين. هذان البلدان يلتقيان في مصالح عليا مشتركة مع إسرائيل: فالدول الثلاث تشترك بالعداء مع إيران وترفض نفوذ طهران القوي في المنطقة خصوصا العسكري منه. وفي الأيام الماضية وقعت الإمارات وإسرائيل اتفاقية تبادل تجاري حر. وبحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، فإن هذه الاتفاقية هي الأكبر من نوعها مع دولة عربية.
وينطبق الأمر نفسه على المغرب، إلى جانب الإمارات والبحرين والسودان، كرابع دولة عربية تواصلت مع إسرائيل في السنوات الأخيرة بوساطة أمريكية في إطار "اتفاقية إبراهيم". وبالنسبة للمغرب صب اتفاق التقارب مع إسرائيل بصالح الرباط ، لأن واشنطن قبلت بالمقابل موقف المغرب تجاه الوضع القانوني للصحراء الغربية. فبعد تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، لحق ذلك في شهر شباط/ فبراير 2021 اتفاق تجاري بين البلدين. كما فتحت قناة "I24NEWS" الإسرائيلية مكتبا لها في المغرب لأول مرة.
إشارات قوية من السعودية
من وراء الكواليس، تتحسن علاقة إسرائيل بالسعودية، القوة السنية الأكبر في المنطقة. ورغم أن العائلة المالكة السعودية مازالت مترددة في توقيع اتفاقية تطبيع رسمية مع إسرائيل، ولكن وفقًا لتقارير نشرت، فقد أجريت بالفعل محادثات عدة بين الطرفين. لكن من الظاهر أن السعودية تريد أن تتجنب الانطباع بأن المملكة، بصفتها حارسة الأماكن المقدسة، ستسحب تضامنها مع الفلسطينيين بالاقتراب من إسرائيل. وعلى أرض الواقع فإن التقارب قد حصل فعلا منذ فترة طويلة، ففي صيف عام 2020، منحت المملكة العربية السعودية الطيران الإسرائيلي الحق في التحليق فوق السعودية في رحلات جوية إلى الإمارات العربية المتحدة.
التقارب السعودي الإسرائيلي له خلفية العداء مع إيران وكذلك المفاوضات حول جزيرتي صنافير وتيران اللتين تريد مصر نقل السيادة عليهما إلى السعودية، الأمر الذي يتطلب موافقة إسرائيلية، بسبب اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.
في وقت سابق من هذا الأسبوع ، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أن التطبيع مع السعودية ممكن. إلا أنه حذر من المبالغة في الآمال: إذ أن عملية التقارب هذه طويلة ولا تتقدم إلا بخطوات صغيرة. لكنه قال إن هذا "جيد تماما" أيضا.
كيرستين كنيب/ ع.خ
اتفاق أبراهام.. أحدث حلقة في مسار حروب وسلام متعثر
قبل أكثر من سبعين عاماً أعلن عن قيام إسرائيل. ذات الإعلان يؤرخ له الفلسطينيون بيوم "النكبة". عقود طوال من الشد والجذب بين الطرفين دون التوصل إلى حل نهائي للصراع الذي خلف ضحايا كثر وخسائر جسيمة.
صورة من: Getty Images/A. Wong
"النكبة"
"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم ومورد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
إعلان التأسيس والاعتراف
في الـ 14 من أيار/ مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين لتلك الدولة والمعترفين بها ورُفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".
صورة من: picture-alliance/akg-images
"أرض الميعاد"
اليهود أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. ويصل عدد سكان الدولة العبرية اليوم أكثر من 8٫5 مليون نسمة. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.
صورة من: AFP/Getty Images
حرب الأيام الستة
تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 حزيران/ يونيو 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
صورة من: picture alliance/AP/KEYSTONE/Government Press Office
لاجئون في دول الجوار وفي الضفة والقطاع
يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون بـ 58 مخيم في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.
ظروف مزرية
يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تمتاز عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.
صورة من: John Owens
لماذا أنوروا؟
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. تم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/AFP/
حرب رابعة
في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان. حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. انتهت الحرب رسمياً مع نهاية 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر تفتح الباب
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 فاجئ الرئيس المصري أنور السادات العالم بزيارته إلى إسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 آذار/ مارس من عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/CNP/Arnie Sachs
اتفاق أوسلو
بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في 13 من سبتمبر/ أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقال. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.
صورة من: Getty Images
معاهدة وادي عربة
في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقع رئيس الأردن وإسرائيل معاهدة سلام بينهما. أنهت معاهدة وادي عربة رسمياً عقوداً من حالة الحرب، بيد أنها لم تكتسب شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، ففي نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين، الذين يشكل الفلسطينيون أكثر من نصفهم، لا تزال إسرائيل "عدواً". وبموجب المعاهدة احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. Gibson
حق العودة
حق العودة حلم يراود معظم اللاجئين الفلسطينيين. ولجأ الفلسطينيون وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو إلى تشكيل لجان ومؤسسات بهدف الحفاظ على قضية اللاجئين والدفاع عن حق العودة.
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMA Wire/APA Images/A. Amra
الإمارات والدولة العبرية تعلنان التطبيع الكامل
توصلت الإمارات وإسرائيل إلى "اتفاق سلام تاريخي"، حسب الرئيس ترامب الذي قال إنهما ستباشران قريبا لقاءات لعقد اتفاقيات عدة. وتعد الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل. محمد بن زايد أعلن في تغريدة أنه تم في اتصال مع ترامب ونتانياهو "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد بأن مخطّط الضمّ "تأجّل" لكنّه "لم يُلغ".
البحرين تنضم للإمارات
شهرا بعد الإعلان الإماراتي-الإسرائيلي، انضمت البحرين إلى الدولتين، ووقع بنيامين نتنياهو اتفاقي سلام مع وزيري خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني عبد اللطيف الزياني. يُعتقد أن البحرين لن تكون الأخيرة، وأن هناك دولا عربية قد تنضم، في مؤشر جديد على قرب نهاية رسمية للصراع العربي-الإسرائيلي ليتحول إلى صراع فلسطيني-إسرائيلي، بيدَ أن هناك دولا في المنطقة لن تغير موقفها كإيران.