1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتأفريقيا

إسقاط طائرة مسيّرة .. واقعة تؤجج التوتر بين مالي والجزائر!

١٤ أبريل ٢٠٢٥

منذ عام 2023، والعلاقات بين مالي والجزائر تتدهور نتيجة انعدام الثقة والاستفزازات المتبادلة. حادثة الطائرة المسيّرة في أبريل/ نيسان لم تكن سوى آخر فصول الأزمة، وسط خلافات أعمق. فهل يمكن إعادة الدفء إلى هذه العلاقات؟

طائرة بدون طيار من طراز "بيرقدار أقينجي" من إنتاج شركة بيكار التركية.
قامت مالي بتشغيل طائرتين بدون طيار من طراز "بيرقدار أقينجي" من إنتاج شركة صناعة الدفاع بيكار في تركيا. صورة من: IMAGO/Depositphotos

في منطقة "تين زاوتين" الصحراوية، الواقعة في أقصى شمال شرق مالي على الحدود الجزائرية، تتكشف قصة صراع أخرى. إنها نفس المنطقة التي شهدت في أغسطس/ آب 2024 هزيمة غير مسبوقة لمرتزقة روس وقعوا في كمين، نصبه متمردو الطوارق. الآن أصبحت تين زاوتين مجددًا في قلب أزمة جديدة تتصاعد، ففي ليلة 31 مارس/ آذار على أول أبريل/ نيسان، سقطت طائرة مسيرة تركية الصنع من طراز بيرقدار "أقنجي"، تابعة للجيش المالي. وأظهرت لقطات فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حطامًا مشتعلًا يتساقط ويصطدم بسطح منطقة غير مأهولة.

بعد ساعات، أعلنت القوات المسلحة الجزائرية أن وحدة دفاع جوي في منطقة الحدود أسقطت طائرة استطلاع مسلحة دخلت المجال الجوي الجزائري. أما باماكو، عاصمة مالي، فرفضت الرواية، وقالت إن الحطام تم العثور عليه داخل الأراضي المالية وعلى بُعد نحو 10 كيلومترات من الحدود.

هذا الحادث غير المسبوق أدى إلى توتر دبلوماسي كبير بين الجارتين. وعلى الرغم من أن أياً منهما لا يبدو مهتماً بتصعيد الأزمة، إلا أن التوتر في تصاعد مستمر.

علم مالي والجزائرصورة من: Ruletkka/Depositphotos/IMAGO

احتجاجات وانتقام وتضامن

بعد وقت قصير من اعتراف الجزائر بإسقاط الطائرة، تجمع مئات المتظاهرين أمام سفارتها في باماكو، بحسب ما أفاد مراسل DW. وقال أحد المتظاهرين: "لقد دمّروا الطائرة على أرضنا. كفى! نحن هنا لنُظهر للعالم أننا نقف مع سلطاتنا".

ردت السلطات المالية بقيادة المجلس العسكري بإجراءات دبلوماسية، في خطوة منسقة مع حليفتيها النيجروبوركينا فاسو – اللتين يحكمهما أيضًا مجالس عسكرية – سحبت الدول الثلاث، الأعضاء في "تحالف دول الساحل" (AES)، سفراءها من الجزائر. وردّت الجزائر بالمثل على الفور. وفي اليوم التالي، أغلقت كل من مالي والجزائر مجالهما الجوي أمام طائرات الطرف الآخر.

ورغم أن موقف بوركينا فاسو التضامني مع حليفتها مالي قد يكون متوقعًا، إلا أن القرار كان أصعب على النيجر.

شكلت المجالس العسكرية الثلاثة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو رابطة قوية بين بلدانها - حتى ولو كان بأسلوب رمزي، مثل إنشاء ميدان "تحالف دول الساحل" (AES) في باماكو. صورة من: Makan Fofana/DW

وقال أولف ليسينغ، رئيس برنامج الساحل في مؤسسة كونراد أديناور الألمانية، المرتبطة بحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، لـ DW: "من منظور النيجر، هذا تطور غير إيجابي، لأنهم كانوا قد حسّنوا علاقاتهم مع الجزائر مؤخرًا".

وأضاف: "بذلت الجزائر جهدًا من أجل النيجر، خصوصًا لأن علاقاتها مع مالي كانت سيئة جدًا. شركة النفط الجزائرية سوناطراك وقّعت عقدًا في النيجر تعود فوائده الاقتصادية على البلاد".

وزير الخارجية المالي يتهم الجزائر بدعم الإرهاب

واتهم وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب الجزائر بدعم الإرهاب. وقال لـ DW: "يعتبر قادة تحالف دول الساحل (AES) تدمير الطائرة المسيّرة التي كانت تشغلها القوات المسلحة المالية عملاً عدائيًا ضد جميع أعضاء التحالف، وخطوة خبيثة تروّج بطريقة ما للإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة".

ومن جانبها، نفت الجزائر الاتهامات مؤكدة أنه "لا أساس لها من الصحة"، ومضيفة في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، صدر في السابع من أبريل/ نيسان أن حكام باماكو يحاولون صرف الأنظار عن المشاكل الداخلية للبلد. وقال البيان: "ترفض الجزائر بقوة هذه المحاولات اليائسة ... والتي تحاول من خلالها الطغمة الانقلابية المستأثرة بزمام السلطة في مالي أن تجعل من بلدنا كبش فداء للنكسات والإخفاقات التي يدفع الشعب المالي ثمنها الباهظ".

تدهور العلاقات منذ 2023

تشترك مالي والجزائر في تاريخ من الاستعمار الفرنسي. ومنذ استقلالهما في 1960 و1962 على التوالي، كانت العلاقات بين البلدين تمر بأزمات متكررة. وظل أمن الحدود المشتركة البالغ طولها 1300 كيلومتر نقطة خلاف مستمرة.

في 2015، وبعد ثلاث سنوات من القتال بين الجيش المالي والمتمردين في الشمال، نجحت الجزائر في التوسط لتوقيع اتفاق سلام، المسمى بـ"اتفاق الجزائر".

لكن الوضع الأمني في شمال مالي والعلاقات مع الجزائر ظلت هشة، خصوصًا بعد الانقلابات العسكرية في مالي عامي 2020 و2021. ومع اندلاع اشتباكات جديدة بين موقعي اتفاق الجزائر، ظهرت تقارير عن انتهاكات ارتكبها الجنود الماليون بمشاركة مرتزقة فاغنر الروس.

ويقول ليسينغ إن العلاقات ازدادت سوءًا في أواخر 2023، عندما استضاف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الإمام المالي البارز محمود ديكو من منطقة تمبكتو، والذي يعتبره المجلس العسكري تهديدًا بسبب شعبيته.

وقال ليسينغ إن باماكو اعتبرت استقبال الإمام ديكو استفزازًا، "وألغت مالي لاحقًا اتفاق الجزائر، وثأرت الجزائر بتصريحات شفوية. وهكذا تفاقمت الأزمة، ونتيجة لذلك وصلنا فعلا إلى مستوى أزمة".

 

محللون: العلاقات تفتقر إلى الثقة

وقال المحلل المالي بول أولا لـ DW إن العلاقات بين البلدين تفتقر إلى الثقة. وأضاف: "اليوم، ترفض السلطات المالية بشكل قاطع تدخل السلطات الجزائرية في إدارة الأزمة الأمنية في مالي".

ويرى بول أولا أن هذا الخلاف يخدم مصالح المغرب. فقد عززت الرباط وجودها في منطقة الساحل خلال السنوات الأخيرة، موفرة للدول الحبيسة في تحالف دول الساحل (AES) منفذًا للتجارة البحرية دون الاعتماد على دول غرب أفريقيا المنضوية تحت لواء الإيكواس.

في مايو/ أيار 2015، وقع ممثلو الحكومة المالية والمتمردون اتفاق سلام بوساطة من الجزائر.صورة من: EPA/STR/picture alliance/dpa

 

مسارات لحل الأزمة

تشعر أطراف خارجية بالقلق من أن تؤدي الأعمال العدائية بين مالي والجزائر إلى زعزعة الأمن الهش أصلًا في المنطقة.

ودعا تكتل الإيكواس الطرفين إلى "خفض التوتر، وتعزيز الحوار، واللجوء إلى الآليات الإقليمية والقارية لتسوية الخلافات".

وجدير بالذكر أن مالي والنيجر وبوركينا فاسو كانوا أعضاء في تكتل الإيكواس قبل الانقلابات. 

وقال محمد سي بشير، المحلل السياسي والأستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية في الجزائر، إن هناك سُبلًا لنزع فتيل الأزمة.

وأوضح لـ DW: "يمكننا استخدام أدوات النفوذ الاجتماعي والدبلوماسي. فلدى الجزائر قدرات جيدة وخبرة طويلة في الصراعات الإقليمية. يمكننا أن نفترض أن هذه الآلة بدأت في التحرك والبحث عن حل".

وأضاف سي بشير أن العلاقات الشخصية بين المجتمعات على جانبي الحدود يمكن أن تساهم في تخفيف التوتر.

وفي حين لا يبدو أن أحد الطرفين يستفيد من هذه الأزمة، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت مالي والجزائر قادرتين على حشد الإرادة السياسية اللازمة لتسوية النزاع.

أعدته للعربية: سدوس الجهمي

null
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW