إعلام العراق بين جيلين
١٨ أكتوبر ٢٠١٣ ليس سرا أن ثورة التقنيات خرجت بالإعلام من مساحات الأروقة الضيقة التي يسيطر عليها المختصون في محطات التلفزة واستوديوهات الإذاعات إلى فضاء فيسبوك، حيث يمكن لأي مراهقة أن تصنع صفحة بسيطة تجمع آلاف المعجبين والقراء.
وليس سرا أنّ التغيير الذي يجتاح الشرق الأوسط منذ أن اسقط تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية نظام صدام حسين في العراق هو المسؤول الأول عن إطلاق حرية الرأي وحرية الكلمة، فتكاثرت المحطات والفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية بشكل لم تعرفه المناطق التي شهدت التغيير قط.
سيدة المايكروفون
لكن كل ذلك لم يسلب المايكروفون والشاشة الفضية سحرهما، ولاسيما إذا كان من يقف خلف المايكروفون أو أمام كاميرا التلفزيون إعلامي قريب من نفوس الناس.
الإعلامية سلوى جراح صوت عراقي جميل ومقدرة إعلامية بارزة، استقرت في لندن منذ عقود، وقدمت أخبارا وبرامج في القسم العربي لإذاعة بي بي سي على مدى 23 سنة. اليوم، ابتعدت عن المايكروفون لتنهمك في التأليف. وحين تحدثت إلى مايكروفون مجلة العراق اليوم من DW عربية، كان صوتها دافئا فيه حنين إلى المايكروفون.
استعرضت الإعلامية سلوى جراح بضعا من تاريخ طويل قضته في هيئة الإذاعة البريطانية، مبينة أنها قد أنجزت برامج عديدة، بعضها استمر لمدة قصيرة أو "لدورة إذاعية واحدة" وبعضها الآخر استمر سنوات طويلة، وخصت بالذكر برنامج "الواحة" الذي جمعها بشخصيات معروفة جدا من بينها المخرج المصري يوسف شاهين والشاعر المبدع الراحل نزار قباني وآخرين. وشرحت جراح فكرة البرنامج مشيرة إلى "أن القائمين على البرنامج كانوا يضعون الضيف في عزلة ويسألونه عن حياته وأعماله، ونسأله ماذا يحب أن يصطحب إلى "الواحة"، أي إلى العزلة، حيث كان يحق له أن يأخذ معه كتابا، وقطعة موسيقية ويستحضر شخصية يحبها".
في حديثها عن برنامج الواحة قالت سلوى جراح إن البرنامج ما زال مستمرا في البث الانجليزي العالمي لبي بي سي، باسم Desert island، ويقوم على إعداده وتصميمه وإخراجه مجموعة من الخبراء والمختصين. وكشفت جراح أن برنامج "الواحة" الشهير قد قدمته قبلها الإعلامية الراحلة والانجليزية القادمة من البصرة، أولغا جويدة.
وأبدت جراح ملاحظة نقدية على أسلوب تقديم بعض الإعلاميين في البرامج الحوارية، وأسلوب مقاطعتهم للضيف المحاور بعبارة "وصلت الرسالة" باعتبارها عبارة سمجة فيها شيء من قلة الاحترام.
اغلب الناس يفضّلون التلفزيون
استقطب التلفزيون منذ ظهوره حجم الاهتمام الأكبر بين وسائل الإعلام الحديثة، وقد تعاظم هذا الاهتمام بتنوع وسائل البث الحديثة. وأصبحت القنوات التلفزيونية تميل إلى التخصص في العمل، فهناك قنوات إخبارية تبث أخبارا وبرامج إخبارية على مدى 24 ساعة، فيما تخصصت قنوات أخرى ببرامج المنوعات والأغاني، واختصت غيرها ببرامج الأطفال، واختارت بعض القنوات بث الأفلام والمسلسلات بلا انقطاع، وتعيد البث النهاري ليلا، وبهذا غادرت قنوات التلفزة نهج التنوع الذي ساد في بداية ظهور هذه الوسيلة الإعلامية وحتى عقد التسعينات من القرن الماضي.
من عمان تحدث لمايكروفون مجلة العراق اليوم من DW عربية الإعلامي علي عبد الأمير عجام، مدير عام فضائية التغيير ومدير أخبار ومقدم برامج قناة الحرة وقنوات أخرى سابقا مشيرا إلى أن الإعلام العراقي بعد عام 2003 قد اقترب من الحقيقة بشكل لا جدل فيه، ثم انعطف بالحديث عن التلفزيون مبينا أنه قريب من المشاهدين لأنه سريع في إيصال المعلومة، ويدخل كل البيوت والأمكنة دون استئذان، أما الكلمة المكتوبة (وهي الصحافة الورقية أو الالكترونية التي يكرس لها الإعلامي عجام بعضا من وقته) فهي محدودة كما يقول للأشخاص الذين يعتمدون قراءة المادة دون أن يخترق عالمهم من غير استئذان.
محطة علي عبد الأمير عجام البرامجية في تلفزيون الحرة بواشنطن كانت في برنامج ( سبعة أيام)، وقد كشف انه كان يتولى إعداد وتقديم البرنامج بالكامل بمساعدة المنتج التلفزيوني.
واعتبر عجام أن "أفضل ما قدمته في قناة الحرة وأقربه لنفسي كان برنامج (مقامات الشجن) الذي تحدث عن أكثر من 200 صحفي عراقي قتلوا في عام 2006، وقدمت العمل لتخليد تضحياتهم إزاء الغول الكبير المدعو إرهابا".
البث الالكتروني: ماذا يعني؟
الألفية الثالثة شهدت ولادة البث التلفزيوني والإذاعي المخصص للمواقع الالكترونية (Stream)، وقد اختصت بعض المحطات بهذا النوع من البث، ومنها موقع البث الالكتروني لصحيفة الجديدة الالكترونية، وقد تحدثت مقدمة البرامج والإعلامية أوراس الكيلاني في موقع الجديدة إلى مايكروفون مجلة العراق اليوم من DW عربية مشيرة إلى أن العمل في البث الالكتروني لا يختلف من حيث المبدأ عن العمل في استوديوهات التلفزة، لكن الفرق يكمن في التقنيات، " فنحن نعمل في أستوديو افتراضي وليس في أستوديو حقيقي وبالنسبة للمتلقي قد لا يلحظ أي فرق في الأداء".
وأكدت الإعلامية العراقية المقيمة في فينا أوراس الكيلاني أن "البث الالكتروني يختص بالانترنيت والسمارت فون والمواقع الالكترونية و لا يمكن استلام بثنا عبر أجهزة التلفاز".
وأكدت الكيلاني على أن أخطاء البث التي قد تحدث يمكن للمذيع نفسه التخفيف من وقعها على المتلقي، فإذا اخطأ مخرج نشرة الأخبار (المكسرمان) بعرض الفيديو الخاص بالخبر، فعلى المذيع أن يتدارك ذلك بعد عرض الفيديو بملاحظة يشير فيها إلى وقوع الخطأ ويعتذر عنه بلطف.