1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إغلاق الصنابير وقطع المياه– تونس تواجه "العام السابع للجفاف"

١٢ سبتمبر ٢٠٢٣

يحذر الخبراء، منذ سنوات، من أن قلة الأمطار في تونس ستكون لها عواقب كارثية على الزراعة، أهم محرك للاقتصاد. رد فعل السلطات كان قطع مياه الشرب دورياً عن المنازل لساعات طويلة. قرار قوبل بالسخط الكبير، بيد أن البعض يدافع عنه.

صورة رمزية لصنبور مياه قديم
في نهاية مارس/ آذار 2023، بدأت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه في تونس "صوناد" في قطع إمدادات المياه على مستوى البلاد. (صورة رمزية) صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde

يأمل المواطنون في تونس في انتهاء موسم الجفاف قريباً. وكان المزارعون قد دقوا بالفعل ناقوس الخطر في فصل الربيع، ذاكرين أن قلة الأمطار لها عواقب وخيمة على الزراعة، المحرك الاقتصادي الأكثر أهمية في البلاد.

وتفاعل رجال السياسة مع الأمر، فقاموا بخطوات من بينها قطع مياه الشرب عن المواطنين لعدة ساعات كل يوم، وهو ما سبب غضب المواطنين الذين بدأوا يعبئون المياه في أوعية ويقومون بتخزينها في مطابخ وحمامات منازلهم على سبيل المثال، استعداداً لمواعيد قطع المياه.

ومنذ بداية شهر رمضان أي أواخر شهر مارس/ آذار الماضي، اشتكى سكان عدة أحياء في تونس العاصمة من انقطاع إمدادات المياه عنهم بشكل دوري ليلاً دون سابق إنذار. وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة للسيدة صباح، وهي امرأة على المعاش.

 تسع ساعات يومياً

حكت صباح لدنيا صادقي، مراسلة شبكة "ARD" (ايه آر دي) الإعلامية الألمانية العمومية، خلال زيارة المراسلة لها في منزلها، أن الماء مقطوع من الساعة 9 مساءً حتى الساعة 6 صباحاً.

في نهاية مارس/ آذار، بدأت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه "SONEDE" (صوناد)، وهي شركة حكومية، في قطع إمدادات المياه على مستوى البلاد، وهو إجراء جاء مفاجئاً ودون سابق إنذار لصباح.

وتقول صباح: "أستحم أثناء النهار وأغسل الأطباق في الصباح. نحن نعاني حقاً. ليست كل الأحياء متأثرة. ففي أحد الأحياء لديهم مياه ونحن لا. لماذا نحن؟ لم يشرح أحد (لنا) ذلك".

إنه وضع يذكرها بستينيات القرن الماضي، عندما كانت صغيرة تعيش عند جدتها، حيث لم يكن هناك مياه في المنزل. وتقول صباح: " لكنني لم أصدق أن هذا يمكن أن يحدث في القرن الحادي والعشرين". 

وتضيف صباح أنها لم تعد تستطيع دعوة ابنتها لقضاء ليلة عندها، فكل يومين يجب عليها أن تعبأ مياها وتخزنها وتقول: "نحن، أنا وزوجي وابني، ثلاثة أشخاص فقط لو كنا عائلة أكبر، لكان الأمر جنونياً".

تغير المناخ زاد من طول فترات الجفاف

أما السبب وراء تدابير توفير المياه فهو أن تونس تعاني بشكل كبير من تغير المناخ وفترات الجفاف الطويلة بشكل متزايد. وعام 2023 هو العام السابع للجفاف، بحسب السلطات، التي تضيف أن بحيرات التخزين الكبيرة في البلاد لا تمتلئ بأكثر من الثلث، وحتى أن بعضها اليوم لا يحوي إلا أقل من 15 في المائة من قدرتها الاستيعابية.

وسبق أن حذرت جمعيات المزارعين في البلاد من أن نقص المياه يشكل تهديدا للقطاع الزراعي المهم في تونس. ولم يسفر موسم الحبوب هذا العام عن أي حصاد تقريباً؛ والأسوأ من ذلك هو أن المحصول لن يكون كافياً على الأرجح لتوفير البذور لمحصول العام المقبل.

وهذا يثير سخط صباح وتقول: "كان على الحكومة أن تفكر في هذا منذ فترة طويلة! لماذا يجب أن نعاني كسكان؟ نحن لم نفعل شيئا. زراعة البطيخ والتمور استنفذت احتياطيات المياه في تونس كلها".

تُستخدم معظم موارد مياه الشرب في تونس في الري الزراعي، وخاصة الري المكثف للطماطم أو الحمضيات مثلا. صورة من: Imago/Photothek

حلول الحكومة

وفي تونس، تُستخدم معظم موارد مياه الشرب، أي 80 في المائة، في الري الزراعي، وخاصة الري المكثف للطماطم أو الحمضيات مثلاً. ولا يتم استخدام أكثر المحاصيل لتلبية الاحتياجات المحلية ولكن يتم تصديرها.

لكن الزراعة أيضاً يجب أن تواجه قيوداَ، كما يقول مصباح الهلالي، الذي كان رئيساً عاماً للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه "صوناد" حتى نهاية يوليو/ تموز من هذا العام. ويدافع هلالي عن الإجراء الخاص بقطع المياه عن المواطنين. ويقول القرار لا يؤثر على الأسر في مساكنهم فقط وإنما "على سبيل المثال، حظرنا كل ما يتعلق باستخدام مياه الشرب للري الزراعي. كما أنه ممنوع أيضاً استخدام مياه الشرب في كافة أنواع ري المسطحات الخضراء في المدن وغيرها. وتم حظر غسيل السيارات (بمياه الشرب). كما حظرنا استخدام المياه لتنظيف الأرصفة والشوارع في الأماكن العامة".

ويوضح الهلالي أنهم يفعلون هذا من أجل تقليل الاستهلاك بشكل فعال". ويقول إن "السبب ليس لأننا نملك هذه الكميات ولا نريد توزيعها، وإنما لأننا لا نملك هذه الكميات. في الواقع، هذه هي الطريقة التي نحاول بها التعامل مع النقص والمعاقبة على هدر المياه".

علاوة على ذلك، فإن تونس تعمل على تحسين معالجة مياه الصرف الصحي، وقبل كل شيء، استخدام محطات تحلية مياه البحر في البلاد للحصول على المزيد من المياه، بحسب الهلالي. واليوم يتم الحصول على حوالي 6 بالمائة من مياه الشرب بهذه الطريقة. والهدف هو الحصول على 30% من مياه الشرب عبر تحلية مياه البحر بحلول عام 2030، كما يقول الهلالي.

استراتيجية للأمن المائي؟

وترى راضية سمين، الحاصلة على الدكتوراه في علوم المياه، أنه لا توجد استراتيجية صارمة للمياه في البلاد، وتقول: "الرؤية الاستراتيجية مفقودة منذ سنوات. لقد كان قطع المياه عن المنازل الخاصة بمثابة استراتيجية لسنوات، خاصة في المناطق الريفية حيث يضطر المواطنون إلى البقاء بدون مياه لعدة أيام".

وتضيف سمين، وهي باحثة أيضاً بالمرصد التونسي للمياه: "أعتقد أن هذه التدابير لم تتم دراستها وتقييمها بشكل جيد. فهل فعلاً قمنا بتخفيض الكمية التي يستخدمها المواطنون؟ هل فعلاً خفضنا استهلاك المواطنين؟ علاوة على ذلك، نحن نعلم أنه إذا سمع المواطن في وسائل الإعلام أنه سيتم قطع المياه لفترة من الوقت، فأعتقد أنه سيخزنها بالفعل وربما يستهلكها أكثر من المعتاد".

وتؤيد راضية سمين، قبل كل شيء، تجديد شبكة المياه المتهالكة في تونس. ونشرت وزارة الفلاحة التونسية تقريراً عن الفاقد المائي سنة 2020، أفاد بأنه يتم فقدان أكثر من ثلث المياه بسبب التسريبات في البنية التحتية المتداعية.

وتريد سلطات المياه التونسية التمسك بالحد من إمدادات المياه حتى نهاية سبتمبر/ أيلول. ثم يفترض أن يبدأ بعد ذلك موسم الأمطار.

دنيا صادقي- مراسلة شبكة (ARD) الإعلامية الألمانية / ص.ش

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW