إقبال الشباب الألمان على أداء الخدمات التطوعية
٩ سبتمبر ٢٠١٣ هاهي الشابة داليا-صوفي تنحني على ركبتيها في إحدى الحدائق وتقوم مع الأطفال الصغار بتكديس أكوام صغيرة من الرمل وتشرح لهم كيفية استخدام ألعابهم للحفر في الرمل. وتقول داليا-صوفيا، البالغة من العمر 17 عاما، إنها تحب اللعب مع الأطفال الصغار والاعتناء بهم. وتضيف أنها خلال مزاولتها للدراسة كانت أجرت تدريب في روضة أطفال.
ولأنها – وفق تقول في حوار مع DW- تعرف كيف تتعامل مع الصغار وتحب قضاء الوقت برفقتهم، فقد قررت العمل في روضة للأطفال، مشيرة إلى أنها عملت لمدة سنة في دار للمسنين، قبل أن تكتشف أنه عمل لا يلائمها.
ومنذ فترة قصيرة، كانت بدورها لا زالت تلميذة تذهب إلى المدرسة. وهاهي اليوم تعمل في روضة للأطفال في مدينة بون (غرب ألمانيا) في إطار نظام الخدمة المدنية التطوعية. ولأنها لم تقرر بعد ما إذا كانت ستدخل معهدا للتأهيل المهني أو الالتحاق بالجامعة، فقد فضلت الفتاة استغلال فترة ترددها للقيام بعمل مفيد، حتى تتمكن من خلال هذه التجربة من اتخاذ القرار الصحيح.
يذكر أنه قد اُتخذ قرار في ألمانيا عام 2011 قرار يقضي بتعويض الخدمة العسكرية بأخرى مدنية بالنسبة للشباب. وكان الهدف من وراء هذا الإجراء تعويض النقص الحاد في عدد العاملين في المستشفيات ودور المسنين ورياض الأطفال.
وكانت وزارة الأسرة الاتحادية قد قدمت في الأسابيع الماضية الوفد الجديد من المتطوعين الشباب، من بينهم شابة قررت - بعد حصولها على شهادة ختم دروسها الثانوية - العمل في متحف مدينة برلين لمدة سنة بأكملها.
انطلاقة متعثرة
وبعكس الخدمة العسكرية، يعد نظام الخدمة المدنية التطوعية غير إجباري، كما تشير إلى ذلك التسمية، كما أنه لا يخضع لشروط تحديد السن. ويمكن العمل في إطاره لسنة واحدة، أو تمديدها لسنتين. لكن الفرق بين هذا النظام والنظام التطوعي الشرفي، أن الأخير بدون مقابل مالي، فيما يحصل المتطوع في إطار الخدمة المدنية التطوعية على راتب شهري بمقدار 350 يورو.
ولكن، وبعد انطلاق العمل بهذا النظام، لم يتقدم ولخيبة أمل المسؤولين سوى 17.300 مترشح عوض عن 35 ألفا، وهي الأعداد التي كانوا يأملون في تقدمها لمباشرة العمل في إطار قانون الخدمة المدنية التطوعية. ويقر أولريش شنايدر، المدير العام لإتحاد جمعيات الرعاية الاجتماعية، في حوار مع DW أنه "في السنة الأولى التي تلت اعتماد القانون، واجهت الرابطة مشاكل عدة في استقطاب الشباب للعمل في المؤسسات الاجتماعية المختلفة". ويضيف قائلا: "لكن ذلك تغير تماما فيما بعد، وازداد عدد الراغبين في العمل لدرجة أنه أصبح يتعين علينا رفع عدد الوظائف المعروضة".
وبالفعل تزايد الاهتمام بهذه الوظائف، التي بات يُنظر إليها على أنها مرحلة انتقالية مهمة بين مرحلة إنهاء التعليم الثانوي أو الإعدادي وبين مرحلة التأهيل المهني أو الدراسة الجامعية. وهذا ما تؤكده أيضا داليا-صوفي، التي أرادت استغلال التجربة لمعرفة ما إذا كانت دراسة علوم التربية ملائمة بالنسبة لها أم لا. وتضيف أنها اختارت هذه المؤسسة لأنها تعتمد على برنامج بيداغوجي تفاعلي، بحيث يتم من خلاله دمج أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى جانب أطفال آخرين تحت إشراف أخصائيين ومربيين وأطباء نفسيين.
مخاوف من استغلال الشباب
ويصل أعداد المتطوعين في القطاع المدني نحو 85 ألفا، كما ورد في أرقام أدلى بها أولرش شنايدر لـDW، وهي أعداد تتضمن عاملين في القطاع التطوعي بشكل عام. بيد أن هناك منتقدين أعربوا عن تخوفهم من أن يتحول نظام الخدمة المدنية التطوعي إلى إطار يعطي غطاء قانونيا لمنح أجور متدنية في القطاع الاجتماعي.
لكن أوريش شنايدر يفند هذه الادعاءات عبر التأكيد على أن هؤلاء الشباب هم "يرافقون ويساعدون فقط" وليسوا موظفين، مع الإشادة في الوقت ذاته بالدور المهم "في إثراء مكان العمل"، حسب المدير العام لرابطة جمعيات الرعاية الاجتماعية. وفي هذا الإطار أيضا، تؤكد أوتيه كيلر، مديرة روضة للأطفال في بون، "نحن نعول دائما على الشباب المتطوعين، ونأمل في أن نحصل على خدماتهم".
أما داليا-صوفي، فإلى جانب عملها اليومي في روضة الأطفال، فإنها تعتزم التردد على محاضرات حول النشاط الاجتماعي أو الوعي السياسي. وهو ما سيزيد من معارفها وإمكانياتها، كما ستنصح زملاءها بالاستفادة أيضا من الخدمة المدنية التطوعية.