يتزايد الاهتمام باللغة الألمانية في تركيا. وترسل المدارس المرموقة بالفعل أكثر من ثلاثة أرباع طلابها إلى ألمانيا. كما تشهد دورات اللغة الألمانية ازدهارا كبيرا. نستطلع الأسباب.
دورة للغة الألمانية في معهد غوتهصورة من: dpa/picture alliance
إعلان
ألمانيا كشريك تجاري رئيسي، وأكثر من ثلاثة ملايين شخص من أصل تركي في ألمانيا، والعديد من المدارس والجامعات الناطقة باللغة الألمانية، أمر عززت العلاقات الوثيقة مع ألمانيا، وجعلت اللغة الألمانية شائعة في تركيا منذ زمن طويل. وتزداد هذه الشعبية يوما بعد يوم.
وينعكس هذا الاتجاه بشكل خاص في تفضيلات الشباب اللغوية. ففي حين لا تزال اللغة الإنجليزية هي الخيار الأول، فإن الطلب على اللغة الألمانية يزداد بسرعة. ويتجلى ذلك في المدارس والجامعات ودورات اللغات على حد سواء. وتسجل المدارس الثانوية المرموقة طلبا متزايدا على برامج اللغة الألمانية.
العديد من دورات اللغة الألمانية في معهد غوته محجوزة بالكامل. يتم تدريس اللغة الألمانية في 35 مدرسة حكومية في تركيا. لكن المتقدمين لهذه المدارس يجب أن يكونوا من بين أفضل 3% من الطلاب. والجدير بالذكر أن من بين أربع مدارس ثانوية تقبل الطلاب الذين حصلوا على الدرجة الكاملة في امتحان القبول هناك مدرستان تدرسان باللغة الألمانية. بالإضافة إلى ذلك هناك مدرسة ثانوية ألمانية خاصة ومدرسة ثانوية نمساوية في اسطنبول. وكلاهما مدارس مرموقة للغاية ومعظم طلابها من الأتراك.
"تركيا تخسر 80 في المائة لصالح ألمانيا"
يتجلى الاهتمام المتزايد باللغة الألمانية حاليا أيضا في الجامعات التركية. تعمل امتحانات القبول وفقا لنظام النقاط: فكلما زادت النقاط زادت شعبية التخصص الدراسي، وترتفع نقاط برامج اللغة الألمانية في المدارس الثانوية والجامعات على حد سواء، وبالتالي تلعب ألمانيا دورا متزايدا في خطط مستقبل الشباب.
لذلك تعتبر المدارس المرموقة الآن نقطة انطلاق للدراسة في ألمانيا. "في الماضي كانت المدارس الثانوية النخبوية ترسل ما يصل إلى 80 في المائة من خريجيها إلى الجامعات التركية. اليوم يذهب عدد مماثل تقريبا إلى ألمانيا، بل إن بعض المدارس الثانوية ترسل جميع خريجيها"، يوضح خبير التعليم التركي سالم أونسال.
المدرسة الألمانية في اسطنبول هي واحدة من أشهر المدارس في البلاد.صورة من: picture-alliance/dpa/C. Merey
كل الأماكن محجوزة
وحسب تقرير مشترك صادر عن معهد غوته وهيئة التبادل الجامعي و دويتشه فيله يتزايد الطلب على تعلم اللغة الألمانية في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه هناك نقص حاد في المعلمين في العديد من الأماكن. وفي تركيا أيضا لا يمكن للعرض أن يلبي الطلب.
جاء فاتح كالكان البالغ من العمر 27 عاما إلى ألمانيا في بداية العام للحصول على درجة الماجستير. يقول إنه سمع منذ وقت مبكر "من محيطه عن مدى أهمية إتقان اللغة الألمانية". لذلك بدأ في تعلم اللغة الألمانية في تركيا. ونظرا لأن جميع الدورات الحضورية خاصة تلك التي يقدمها معهد غوته كانت محجوزة بالكامل اضطر كالكان إلى اختيار دورة عبر الإنترنت.
إعلان
فرص عمل قليلة في تركيا
وهو يدرس الآن في لايبتسيغ ويواصل تعلم اللغة الألمانية. "كنت أرغب في بناء مسيرتي المهنية في تركيا. ولكن نظرا للفرص العديدة المتاحة لي للتطور المهني في الخارج، قررت الذهاب إلى ألمانيا والنمسا"، يقول كالكان. تلعب الأوضاع الاقتصادية الصعبة دورا كبيرا بالنسبة لكثير من الشباب الأتراك.
يرى الشباب على وجه الخصوص أن إجادة اللغة الألمانية هي تذكرة دخول إلى الدراسة الجامعية أو سوق العمل في ألمانيا. وبالإضافة إلى تحسن آفاق الحياة المهنية أدى الوضع الصعب في سوق العمل التركية وانخفاض القوة الشرائية والتحرش والظروف الصعبة في العمل إلى زيادة الهجرة، حسبما يقول أونسال.
تعيش التركية ناز كيراز البالغة من العمر 18 عاما حاليا في دوسلدورف. لعبت الأوضاع في تركيا دورا مهما بالنسبة لها أيضا: "فرص العمل في تركيا محدودة للغاية. ما لم تكن قد تخرجت من جامعة مرموقة، فإن خطر البقاء عاطلا عن العمل مرتفع للغاية. كان السفر إلى الخارج هو المفتاح لفتح آفاق جديدة أمامي". في حوارها مع DW وصفت اللغة الألمانية بأنها "لغة عالمية مرموقة للغاية" وأضافت: "بدأت في تعلم اللغة الألمانية لأنني أعتقد أنها تفتح لي فرصة الدراسة في ألمانيا، كما أنها تحسن فرصتي المهنية في تركيا. عند التعيين في وظيفة لا يُؤخذ في الاعتبار الخبرة فحسب، بل اللغات التي يتحدثها المرء أيضا". حصلت على المستوى B1 في تركيا وتواصل تعلم اللغة الألمانية.
اللغة الألمانية لغة صعبة
03:59
This browser does not support the video element.
تريد أن تدرس الهندسة في ألمانيا وربما تعود إلى تركيا. "انتقلت مع عائلتي إلى ألمانيا قبل عام ونصف. بعد تخرجي من المدرسة، أريد أن أبقى هنا لفترة من الوقت ثم أبدأ مسيرتي المهنية في تركيا".
حرية التعبير كعامل حاسم
هناك دافع آخر للدراسة في الخارج وهو حرية التعبير. دفعت الحريات الأكاديمية المحامي سومر ألاز إلى البقاء في ألمانيا. جاء إلى ماربورغ قبل حوالي ثمان سنوات لدراسة الماجستير. كان قد تعلم اللغة الألمانية في دروس خصوصية في بلده. يعمل المحامي الآن في منظمة غير حكومية في برلين ويحضر دكتوراه في مجال القانون الدستوري. وهو ممتن لأن ماربورغ كانت أول محطة له: "في برلين يمكنك إنجاز كل شيء باللغتين الإنجليزية والتركية. في ماربورغ كان الطلاب الأجانب يتحدثون الألمانية أيضا ولذلك كان لدي الدافع لتحسين لغتي الألمانية".
يشرح سومر ألاز تفضيله للتقاليد الفكرية للغة الألمانية على النحو التالي: "الألمانية لغة عالمية وهي مهمة ليس فقط في مجال القانون، بل في العديد من المجالات الأخرى أيضا. الألمانية هي إحدى اللغات القليلة التي توفر تشبعا أكاديميا".
معهد غوته.. 70 عاما على تأسيس "سفير" لغة ألمانيا وثقافتها
تأسس معهد غوته الألماني في 9 أغسطس/ آب 1951، لكنه سرعان ما تطور ليصبح سفيراً للغة ألمانيا وثقافتها في جميع أنحاء العالم.
صورة من: Michael Friedel/Goethe-Institut
الإنطلاقة من ميونيخ
بعد ستة أعوام من نهاية الحرب العالمية الثانية، تم تدشين معهد غوته بشكل رسمي ليحل محل الأكاديمية الألمانية. وفي البداية ركز معهد غوته جهوده بشكل كبير على تدريب معلمين الألمانية الأجانب. وتُظهر هذه الصورة طلاب يتعلمون اللغة الألمانية من غانا وهم يتنزهون مع عائلة تستضيفهم في مدينة مورناو ببافاريا.
صورة من: Michael Friedel/Goethe-Institut
نقل صورة إيجابية عن ألمانيا
وخلال السنوات الأولى من تأسيسه، كان معهد غوته يرمي إلى نقل صورة إيجابية عن ألمانيا بعد الحرب. تم تقديم دورات لتعليم اللغة الألمانية داخل ألمانيا وخارجها. وفي عام 1952، تم افتتاح أول فرع لمعهد غوته في أثينا. تم تلى ذلك افتتاح فروع أخرى مثل معهد غوته في مومباي (كما يظهر في الصورة). وفي ألمانيا، تم تقديم دورات تعليم اللغة الألمانية في أماكن شاعرية في مدن مثل باد ريتشنهول ومورناو وكوتشيل.
صورة من: Michael Friedel/Goethe-Institut
بديل لـ؟"مركز التجسس والدعاية النازية"
وسياسيا، كان تأسيس معهد غوته بمثابة محاولة من ألمانيا لبدء صفحة جديدة وطي صفحة الماضي، إذ كانت الأكاديمية الألمانية التي تأسست في 1925 ليست سوى أداة للدعاية النازية. وفي 1945، قامت القوات الأمريكية المحتلة بحل وتفكيك الأكاديمية الألمانية لاعتقادها بأن المنشأة كانت مركزا "للدعاية والتجسس" لصالح النازية. (في هذه الصورة طلاب يتعلمون اللغة الألمانية في شايبيش هال الألمانية في سبعينيات القرن الماضي).
صورة من: Goethe-Institut
مركز لموسيقى الجاز باسم غوته
في السنوات التالية، تم افتتاح فروع لمعهد غوته في العديد من دول العالم على سبيل المثال في شمال أفريقيا وغربها في خمسينات القرن الماضي وستيناته، حيث نالت الكثير من الدول الإفريقية استقلالها. كذلك انتشرت فروع لمعهد غوته في آسيا ونالك شهرة كبيرة. تظهر هذه الصورة عازف ساكسفون الألماني الشهير كلاوس دولدينغر وهو يعزف موسيقى الجاز في باكستان مع عدد من الموسيقيين المحليين.
صورة من: Goethe-Institut
غوته حول العالم
وكانت معامل اللغة هي أحدث وسيلة لتعليم اللغة الألمانية في ثمانينات القرن الماضي. ومنذ ذلك الوقت، عمد معهد غوته على إعادة تأسيس نفسه بشكل استراتيجي. فمنذ 1960، انضم المعهد إلى عدد من المؤسسات الثقافية الألمانية لتشكيل شبكة واسعة النطاق. اليوم، أصبح هناك 157 معهدا لغوته في 98 دولة حول العالم تنشر الثقافة واللغة الألمانية والمعلومات عن ألمانيا.
صورة من: Michael Friedel/Goethe-Institut
أزمة الملابس الداخلية في إيران
في عام 1987، تسبب رودي كاريل - مقدم هولندي لأحد البرامج الحوارية على قناة ألمانية – في أزمة عندما عرض رسما يُظهر بعض الناس وهم يرمون حمالات صدر نسائية وسراويل داخلية على زعيم الثورة الإيرانية في ذاك الوقت آية الله الخميني. وعلى إثر ذلك، قامت إيران بطرد الدبلوماسيين الألمان وألغت الرحلات الجوية إلى ألمانيا وأغلقت معهد غوته.
صورة من: Dieter Klar/dpa/picture alliance
التوجه نحو شرق أوروبا
عقب انهيار "الستار الحديدي" الذي كان يقسّم أوروبا، بدأ معهد غوته في الانتشار في دول شرق أوروبا. وكان يتعين على مؤسسي الفروع الأولى لمعهد غوته في البلدان الشيوعية السابقة العمل كثيرا. وفي عام 1992، افتتح وزير الخارجية الألماني في حينه كلاوس كينكل معهد غوته في موسكو. لم تنتشر معاهد غوته خارج ألمانيا فقط وإنما أيضا داخل "جمهورية ألمانيا الديمقراطية" سابقا.
صورة من: Goethe-Institut
تعزيز السلام والتفاهم
دفعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول عام 2001، معهد غوته إلى التركيز على تعزيز الحوار بين الثقافات وإنشاء جسور من التفاهم بين دول العالم وتصدر ذلك أولويات المعهد. والآن يركز غوته على تعزيز دور منظمات المجتمع المدني وأيضا منع اندلاع الصراعات. تظهر هذه الصورة مشروع فني وموسيقى نُظم في العاصمة الكورية الجنوبية سيول على تحت اسم "ديسكو الفن" (Kunstdisco".
صورة من: Goethe-Institut
الرقص مع الروبوتات
في عام 2016، أطلق معهد غوته مهرجانKultursymposium Weimar لجذب مفكرين من كافة أنحاء العالم لمناقشة القضايا الملحة في عصرنا. وفي عام 2019 نُظمت نسخة المهرجان تحت عنوان "يجرى حاليا إعادة حساب الطريق" حيث ناقش المشاركون قضايا التكنولوجيا وآثارها على المجتمع. وتظهر هذه الصورة المخترع التايواني هوانغ يي بصحبة الروبوت كوكا.
صورة من: Goethe-Institut
الصورة الكاملة عن ألمانيا
يُنظم معهد غوته بشكل منتظم حدثا كبيرا أُطلق عليه اسم Deutschlandjahr أو "عام ألمانيا" بالتعاون مع وزارة الخارجية الألمانية. ويهدف البرنامج إلى تقديم صورة كاملة وشاملة عن ألمانيا. وفي عام 2018 -2019 نُظم هذا الحدث في الولايات المتحدة واستقطب أكثر من مليوني ضيف خلال 2800 حدث جرى تنظيمها. وقبل ذلك بعام، تم اختيار المكسيك لتشهد انطلاق هذا الحدث بحضور المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
صورة من: Goethe-Institut
تاريخ ممتد لـ 70 عاما
دفع وباء كورونا معهد غوته إلى الاعتماد على التکنولوجيا الرقمنة. بمشاركة رئيسة معهد جوته كارولا لينتز والأمين العام لمعهد غوته يوهانس إيبرت، يخطط المعهد في نوفمبر / تشرين الثاني 2021 للاحتفال بمرور 70 عاما على تأسيسه. وسيشهد الاحتفال اصدار كتاب من تأليف كارولا لينتز، فيما سيتم إطلاق موقع تفاعلي للقراء لعرض تاريخ معهد غوته الحافل بالأحداث. إعداد شتيفان ديغه/ م.ع