1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إنصاف حيدر:"رائف كافح من أجلي واليوم أكافح من أجله"

ريم نجمي/ جعفر كريم٢٢ يونيو ٢٠١٥

النضال من أجل إطلاق سراح زوجها أصبح غايتها في الحياة، إنصاف حيدر زوجة الناشط السعودي رائف بدوي لم تستسلم للمعاناة ولم تقيدها مسؤوليتها كأم لثلاثة أطفال، قوتها تتجلى في قصة حب استثنائية جمعتها ورائف في مجتمع محافظ.

Raif Badawi und Ensaf Haidar
صورة من: privat

"لست ناشطة ولا حقوقية، كنت أرغب في أن أعيش حياة عادية.. حياة عادية جداً مع زوجي وأطفالي"، هكذا تقول إنصاف حيدر البالغة من العمر 36 عاماً في حديث لها مع DW. لكن رغبتها في "حياة عادية" ليست بالأمر الممكن. فبينما يقبع زوجها في سجون المملكة مهدداً بألف جلدة، تعيش إنصاف وأطفالهما في المنفى الكندي، تعتريها المخاوف على زوجها المعتقل.

مضت ثلاثة أعوام منذ أن أدان النظام السعودي رائف بدوي بتهم كثيرة، على رأسها "الإساءة" للإسلام، وكان التضامن الدولي الأكبر مع زوجها متأتياً من نشاط إنصاف نفسها، التي تجوب دول العالم من أجل حشد المزيد من الدعم والضغط على المملكة السعودية للإفراج عن زوجها الناشط والمدون السعودي رائف بدوي.

وتلتقي إنصاف بالكثير من الحقوقيين والساسة لإطلاعهم على مصير زوجها، كما تحاول إبقاء موضوع اعتقاله حاضراً في وسائل الإعلام من خلال المقابلات وتدويناتها في مواقع التواصل الاجتماعي.

صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
وفي الثلاثاء (23 يونيو/ حزيران 2015) ستتحدث إنصاف من جديد إلى الرأي العام الألماني عبر دائرة تلفزيونية، بمناسبة نيل زوجها جائزة دويتشه فيله لحرية الرأي، التي تمنحها المؤسسة الألمانية على هامش منتداها للإعلام الدولي.

لكن كان على إنصاف أن تكافح من أجل زوجها حتى قبل أن يعتقله النظام السعودي، فقبل نحو 14 عاماً لم يكن من السهل على إنصاف أن تقنع عائلتها بالزواج من رائف، بعد أن اعترضوا بشدة ورفضوا طلبه عدة مرات، لكن رائف لم يستسلم لهذا الأمر وكافح من أجل إنصاف، "إلى اليوم ما يزال أهلي غاضبين مني ولا تواصل بيننا بسبب هذه الزيجة"، تقول إنصاف، لكنها تجد في علاقة الحب القوية والاستثنائية التي جمعتها برائف داخل مجتمع محافظ، دافعاً لها لمواصلة نضالها من أجله. وتضيف إنصاف بصوت يعلوه الحزن: "هو كافح من أجلي واليوم أنا أكافح من أجله".

"ليبرالي" في مجتمع محافظ

تعرفت إنصاف على رائف عن طريق الصدفة، فبعد أن شاهدها رائف في مكتب للتوظيف، سعى للحصول على رقم هاتفها وهو الأمر الذي لا يعد بديهياً داخل مجتمع سعودي محافظ. وبالفعل استطاع رائف الحصول على رقم هاتف إنصاف، لتبدأ قصة حب بينهما توجت بالزواج سنة 2002.

بالنسبة لإنصاف كان تعامل رائف معها أثناء الخطوبة مختلفاً عما هو سائد في المجتمع السعودي: "كان يرفض مثلاً ما يقوم به الكثير من الرجال بأن يتقدموا بخطوات أثناء المشي في الشارع عن زوجاتهن، تاركينهن في الخلف". وتتابع: "هذه الأمور هي ما أبهرني في رائف وأكدت لي بأنه فتى أحلامي".

كان رائف بدوي في تلك الفترة مالكاً لمعهد لتدريس اللغة الانجليزية في مدينة جدة، وعلى عكس إنصاف الحاصلة على شهادة جامعية في العلوم الإسلامية، فإن رائف لم يدخل الجامعة. غير أن ذلك الأمر لم يشكل حاجزاً بالنسبة له في التعمق المعرفي، والتفكير في كيفية تغيير واقع مجتمعي تحكمه قيم محافظة ومؤسسات دينية تتحكم في الحياة الخاصة للمواطنين. فجاءت فكرة تأسيس موقع "الليبراليون السعوديون" سنة 2006، وهي السنة التي ستنقلب فيها حياة رائف وإنصاف رأساً على عقب.

موقع يحدث زلزالاً في المملكة

أحدثت دعوة رائف بدوي من خلال موقعه إلى إلغاء "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وقعاً مزلزلاً لدى السلطات السعودية، خاصة بعد تحول رائف إلى وجه يحظى باهتمام الإعلام الدولي. بالنسبة لإنصاف كان الأمر يستدعي الخروج من السعودية: "قلت لرائف دعنا نغادر البلد قبل صدور قرار بمنعك من السفر، لكنه رفض قائلاً إنه لا يستطيع العيش خارج السعودية".

وبالفعل صدر قرار سنة 2008 بمنع رائف من السفر خارج السعودية، لتتوالى بعد ذلك قرارات عدة تقيد من حرية رائف كمواطن سعودي، إذ لم يعد له حق التصرف الإداري في أموره، ولا في أمواله، كما لا يستطيع استصدار وثائق رسمية.

في سنة 2012 اعتقل رائف بدوي بتهم تتنوع بين ازدراء الدين الإسلامي والردة، وبالرغم من عدم إثبات القاضي تهمة الردة التي عقوبتها الإعدام، فقد تم الحكم عليه بعشر سنوات سجناً وألف جلدة، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي.

ينحدر رائف من عائلة محافظة، فلقد تبرأ والده منه علناً وطالب في ظهور له على إحدى المحطات السعودية بتشديد العقوبة عليه. وكانت سمر بدوي الناشطة الحقوقية السعودية وأخت رائف، الوحيدة التي وقفت إلى جانب أخيها وهي اليوم ممنوعة من السفر أيضاً. كما أن زوجها المحامي وليد أبو الخير الذي كان يترافع عن رائف مسجون أيضاً اليوم لأسباب سياسية. في حين لم تتلق إنصاف أي دعم من عائلتها، "إذ لم تتلقى منهم حتى مكالمة هاتفية" على حد قولها.

بدوي مع أطفالهصورة من: privat

حياة جديدة في كندا في غياب الأب

بعد خروجها مع أطفالها، نجوى (11 عاماً، ودودي (10 أعوام)، ومريم (7 أعوام( من السعودية سنة 2012 أقامت إنصاف لفترة قصيرة في القاهرة ثم بيروت، حيث حصلت على لجوء سياسي من السفارة الكندية هناك، ووصلت إلى كندا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013.

اليوم تستعد إنصاف مع أطفالها الثالثة للانتقال للعيش في كيبيك الكندية. أثناء التجهيز للبيت الجديد يستحضر الأطفال والدهم من خلال اختيار الألوان التي يرون أن "بابا يحبها". تقول إنصاف إن "أطفالها لا يفهمون لماذا والدهم موجود في السجن" وأحيانا يتساءلون ببراءة :"ألم يكن من الأفضل له أن يقول ما قاله بعد خروجه من السعودية ومجيئه معنا إلى كندا؟".

أطفال بدوي يرسمون لوالدهمصورة من: privat

ما يخفف عن إنصاف وأطفالها غياب رائف هي تلك المكالمات الهاتفية التي يتلقونها منه مرتين في الأسبوع تقريبا. وتقول إنصاف عن فحوى تلك المكالمات" أسأله دائماً عن حاله فيبادر دائماً إلى طمأنتي بأنه بحال جيدة". وتتابع إنصاف: "لكني أشعر من صوته بأنه ليس على ما يرام".

القلق والخوف أصبحا ملازمين لإنصاف حيدر خاصة عندما ينقطع رائف عن الاتصال بها لفترة، لكنها في أحيان كثيرة تطمئن نفسها: "ربما لم يتصل لأنه يحضر لي مفاجأة كما كان يفعل سابقاً وقد يدق الباب بين الحين والأخر ونستمع إلى أغنيتنا المفضلة سيرة الحب لأم كلثوم"، غير أن هذه المفاجأة التي تمني إنصاف النفس بها، لم تحدث حتى الآن.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW