النووي الإيراني - مشروع قرار أوروبي للضغط وطهران تتوعد بالرد
٤ يونيو ٢٠٢٤
تضغط بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم مجموعة الترويكا، من أجل إصدار قرار يوبخ إيران بخصوص برنامجها النووي على الرغم من مخاوف الولايات المتحدة من أن هذه الخطوة قد تدفع إيران إلى الرد من خلال تصعيد أنشطتها النووية.
إعلان
لوّحت إيران الثلاثاء (الرابع من يونيو/ حزيران 2024) بالرد في حال اعتماد مجلس محافظيالوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قراراً جديداً بإدانتها، اقترحته ثلاث دول أوروبية على رغم تحفظ الولايات المتحدة عليه.
وطرحت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مشروع قرار على مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الاثنين يدين إيران لفشلها في التعاون الكامل مع الوكالة ويطالب بمزيد من المساءلة بشأن برنامج طهران النووي.
ويجتمع مجلس المحافظين المؤلف من 35 دولة كل ثلاثة أشهر، وهو أحد أعلى هيئتين لصنع السياسات في وكالة الطاقة الذرية. والآخر يجتمع مرة واحدة فقط في السنة.
مطالب مشروع القرار الأوروبي
ودعا مشروع القرار إيرانمرة أخرى لتفسير آثار يورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة ويغطي أيضا قضايا مثل منعها من دخول المفتشين. ويدعو النص الجديد إيران إلى التعاون دون تباطؤ في أمور منها السماح للوكالة بأخذ عينات إذا احتاجت إلى ذلك. ويذهب المشروع أبعد من ذلك، إذ يتطرق إلى مشكلات نشأت في الآونة الأخيرة، مثل منع إيران العديد من كبار خبراء تخصيب اليورانيوم لدى الوكالة من الانضمام إلى فريق التفتيش.
ويدعو إيران إلى التراجع عن هذه الخطوة وتنفيذ بيان مشترك صدر في مارس/ آذار 2023 والذي اعتبرته الوكالة التابعة للأمم المتحدة بمثابة تعهد شامل بالتعاون.
وجاء في النص أنه إذا لم تتعاون إيران، فإن المدير العام لوكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي قد يعد تقريرا "شاملا"، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الضغط على طهران بشكل أكبر. وقال: "استمرار إيران في عدم تقديم التعاون اللازم والكامل الذي لا لبس فيه مع الوكالة لحل جميع القضايا المعلقة المتعلقة بالضمانات قد يستلزم قيام المدير العام بإعداد تقييم شامل ومحدث بشأن احتمال وجود أو استخدام مواد نووية غير معلنة".
محمد إسلامي: إيران سترد
ونقلت وكالة فارس للأنباء عن محمد إسلامي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قوله "في حالة صدور قرار ضد إيران عن مجلس المحافظين وممارسة الأطراف ضغوطًا سياسية، فإن إيران سترد وفقاً لما أبلغتهم به".
وقال إسلامي إنه بناء على الاتفاق "إذا لم تعد الأطراف الأخرى إلى التزاماتها، فمن حق إيران أن تخفض التزاماتها بشكل متبادل، والبلاد الآن في مرحلة تقليصها".
وخلال الاجتماع الفصلي الأخير للمجلس في مارس/ آذار، علقت القوى الأوروبية خططها لمواجهة إيران لعدم حصولها على تأييد واشنطن.
ويقول دبلوماسيون إن واشنطن تنفي عرقلة الجهود الأوروبية لمحاسبة إيران لكنها تخشى أن تؤدي خطوة كهذه إلى تفاقم التوتر في الشرق الأوسط، في حين أن الولايات المتحدة تتحضر لانتخابات رئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني.
ولم يصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية قرارًا ينتقد الجمهورية الإسلامية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، عندما ردت إيران بزيادة تخصيب اليورانيوم.
وتراجعت إيران عن تنفيذ غالبية التزامات تقييد أنشطتها النووية بموجب اتفاقها التاريخي المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى بعد أن انسحبت الولايات المتحدة منه في عام 2018 وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران.
وتوترت العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل متكرر منذ انهيار الاتفاق، وباءت الجهود التي توسط فيها الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق بالفشل حتى الآن.
معارضو إصدار القرار؟
وتضغط بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم مجموعة الترويكا، من أجل إصدار القرار، ويقول دبلوماسيون إن الدول الأوروبية الثلاث ترى أن استمرار عدم تعاون إيران مع وكالة الطاقة الذرية وبرنامجها النووي المتقدم يجعلان مثل هذه الخطوة ضرورية.
ولم تكن الدول الأوروبية الثلاث لتقدم النص لو لم تكن واثقة من إقراره. ولم تعارض سوى روسيا والصين أحدث قرار ضد إيران.
وتخصب إيران اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، أو ما يقرب من 90 بالمئة اللازمة لصنع الأسلحة، وجمعت كميات مخصبة منه تكفي لصنع ثلاث قنابل نووية، وفق معايير وكالة الطاقة الذرية.
وتقول القوى الغربية إنه لا يوجد مبرر مدني موثوق للتخصيب إلى هذا المستوى، وتقول الوكالة إنه لم تفعل أي دولة أخرى ذلك دون إنتاج أسلحة نووية. وتقول إيران إن أهدافها سلمية تماما.
ص.ش/ح.ز (أ ف ب، رويترز)
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة