أعلن الحرس الثوري الإيراني أنّه قصف بصواريخ بالستية أهدافاً "إرهابية" في كلّ من سوريا وكردستان العراق. واشنطن وصفت الهجوم ، بـ"المتهور" وبغداد تقول إنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية.
إعلان
ذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية في وقت متأخر أمس الاثنين (15 يناير/كانون الثاني 2024) أن الحرس الثوري الإيراني أعلن أنه هاجم "مقر تجسس" لإسرائيل في إقليم كردستان العراق فضلا عن استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" المتشدد في سوريا.
وتأتي الهجمات الصاروخية وسط مخاوف من تصاعد الصراع الذي امتد لمناطق في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك في ظل دخول حلفاء لإيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن في الصراع. ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
ووفقا لبيان أصدره الحرس الثوري الإيراني فإن المقر الذي تمت مهاجمته "كان مركزا لتوسيع العمليات التجسسية والتخطيط للعمليات الإرهابية بالمنطقة وداخل إيران على وجه الخصوص". ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من التقارير. ولم يتسن الاتصال على الفور بمسؤولين في الحكومة الإسرائيلية للتعليق.
ومنذ الهجوم الإرهابي الذي شنه مقاتلو حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وما تلا ذلك من حملات القصف الإسرائيلية لغزة ولبنان، قُتل في الأعمال العدائية أكثر من 130 مقاتلا من جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران.
وبالإضافة إلى الهجمات الصاروخية التي شنها في منطقة سكنية تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان وبالقرب من القنصلية الأمريكية، قال الحرس الثوري إنه "أطلق عددا من الصواريخ الباليستية على سوريا ودمر مرتكبي العمليات الإرهابية" في إيران وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد. وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس في المنطقة بأنه سمع دويّ انفجارات عدّة، مشيراً إلى أنّ الصواريخ أصابت منطقة سكنية راقية في الضاحية الشمالية الشرقية لأربيل.
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ دويّ انفجارات عنيفة سُمع في مدينة حلب وريفها، مشيراً إلى سقوط "ما لا يقل عن 4 صواريخ جاءت من اتجاه البحر الأبيض المتوسط" وسقطت في ريف حلب.
تنديد أمريكي بـ"الهجوم المتهور"
من جهتها نددت وزارة الخارجية الأمريكية بالهجمات التي وقعت قرب أربيل ووصفتها بأنها "متهورة". وقال مسؤولون أمريكيون إنه لم يتم استهداف أي منشآت أمريكية ولم تقع خسائر في صفوف الأمريكيين.
وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في بيان "سنواصل تقييم الوضع، لكن المؤشرات الأولية تشير إلى أن هذه كانت مجموعة من الضربات المتهورة وغير الدقيقة"، مضيفة أن "الولايات المتحدة تدعم سيادة العراق واستقلاله وسلامة أراضيه".
وفي بيان صادر عن مكتبه، ندد مسرور برزاني رئيس وزراء إقليم كردستان بالهجوم على أربيل ووصفه بأنه "جريمة ضد الشعب الكردي". وقال مجلس الأمن التابع لحكومة إقليم كردستان في بيان إن أربعة مدنيين على الأقل قتلوا وأصيب ستة آخرون في الهجمات على أربيل، واصفا الهجوم بأنه "جريمة". وقالت مصادر أمنية عراقية أيضا إن صاروخا سقط على منزل مسؤول كبير في المخابرات الكردية وآخر استهدف مركز مخابرات كردي.
في الوقت نفسه ندّدت وزارة الخارجية العراقية بالضربات الصاروخية مؤكدة أن "هذا السلوك عدوان على سيادة العراق وأمن الشعب العراقي". وقالت وزارة الخارجية في بيان إنّ السلطات العراقية "ستتخذ كافّة الإجراءات القانونية" الضرورية، بما في ذلك "تقديم شكوى إلى مجلس الأمن" الدولي.
ا.ف/ ح.ز (رويترز، أ.ف.ب، د.ب.أ)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.