يتراجع عدد المهاجرين الجدد القادمين إلى إيطاليا بشكل سريع منذ أسابيع. ورغم هذا التطور فإن البلديات الصغيرة في جنوب إيطاليا ما يزال لديها الكثير لتفعله. موفدة DW دوريس بوندي كتبت هذا التقرير من صقلية.
إعلان
في الصباح الباكر أمام أكبر مخيم للاجئين في أوروبا. حوالي مائة رجل وامرأة وطفل ينتظرون تحت الشمس الحارقة الحافلة التي تتوجه في كل صباح إلى مينيو، تلك المدينة التي تبعد نحو عشرة كيلومترات عن المخيم. تعد هذه الحافلة إلى جانب الدراجات الهوائية المتهالكة الوسيلة الوحيدة التي تربط المخيم البعيد المعزول بسكان صقلية.
"أركب الحافلة مرة واحدة في الأسبوع"، يقول فابريس من ساحل العاج وهو ينتظر دوره في طابور طويل. ركوب الحافلة وسيلة للحصول على شيء من التنويع في حياته اليومية، وباقي الأسبوع يذهب للتجول في الهضاب القاحلة غير المأهولة خلف مخيم اللاجئين. وإلا لا يوجد شيء آخر يمكن فعله هنا.
نحو 2900 من طالبي اللجوء من أكثر من أربعين جنسية يقيمون في القاعدة العسكرية السابقة التي تحولت اليوم إلى معسكر لاجئين. كانت المنازل في القاعدة تؤوي في السابق جنوداً أمريكيين مرابطين في صقلية. الأسلاك الشائكة حول القاعدة ظلت قائمة، والمدخل الرئيسي الوحيد للمخيم يخضع لحراسة جنود يحملون أسلحة أوتوماتيكية.
ويقول فابريس: "نحصل هنا على ما يكفي من الطعام وكل واحد منا له غرفته". كما توجد ساحة لممارسة الرياضة، إلا أن الطقس الحار في صقلية لا يدع مجالاً للحركة في الهواء الطلق. ولا يحق لفابريس العمل، والملل يتعبه. قدم فابريس قبل سنتين عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا، ومنذ ذلك الحين وهو ينتظر الحصول على وثيقة لجوء. حول ذلك يقول فابريس: "الانتظار الطويل متعب للغاية، لكن ما الذي يبقى لنا هنا لفعله؟ فما دمت لا أمتلك أي أوراق ثبوتية، لن أقدر على بدء حياة جديدة في إيطاليا".
مسلم في بلدية كاثوليكية
في منتصف النهار داخل كنيسة سانت إيجيديو، يعيش كرامو كاسي هو الآخر حالة من الملل والانتظار. عاش كرامو عاماً ونصف العام في مخيم اللاجئين بالقرب من بلدة مينيو قبل أن يعرف بأنه يحق له البقاء في إيطاليا. واليوم هو يساهم في تحضير الطعام الجماعي في مطبخ مركز البلدية، واليوم يتم تحضير لحم الدجاج مع الأرز. يقول كاسي، المنحدر من غامبيا، إن الأفارقة يحبون هذا الطبق. سمع كاسي لأول مرة بأبرشية الكنيسة الكاثوليكية من معلمه في المخيم للغة الإيطالية. واستقبله أعضاء تلك الأبرشية بأذرع مفتوحة، يقول كاسي بأن "ذلك كان بمثابة الفرج بالنسبة إليه".
أبرشية سانت إيجيديو الكاثوليكية بدأت منذ عام 2013 تعرض على المهاجرين المساعدات الخاصة بالمشردين. ومنذ ذلك الحين، قام أعضاء الأبرشية والمهاجرون بتجديد المنزل المتهالك بجانب الكنيسة وقاموا بتشييد مركز جديد. وفي منتصف أغسطس/ آب، نظمت الكنيسة مخيماً صيفياً لثلاثة أيام لمهاجرين من كل أنحاء صقلية. وكان الشاب كاسي من الأوائل الذين شاركوا في وجبات الطعام الجماعية والحفلات. "التضامن في الأبرشية ساعدني كثيراً عندما كنت أقيم في المخيم ولا أعرف مصيري"، يقول كاسي، مضيفاً بافتخار بأن لديه الآن عملاً ويمتلك سكناً صغيراً. ويؤكد بأنه لم ير عائلته منذ أن غادر غامبيا وهو في سن الثامنة عشرة. ويقول: "سانت إيجيديو هي الآن عائلتي".
أعداد اللاجئين في تراجع
في حدود الساعة الرابعة بعد الظهر في ميناء كتانيا، حيث تبدأ بالنسبة للمهاجرين الذين تم إنقاذهم في عرض البحر - مثل كاسي وفابريس - رحلة الانتظار الطويل من أجل مستقبل في أوروبا. الخيام البيضاء الكبيرة في الميناء ظلت قائمة. فقبل أسابيع قليلة كان موظفو وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتيكس" يخزنون بصمات أصابع القادمين الجدد. ومنذ أن قامت الحكومة الإيطالية بتجهيز خفر السواحل الليبي بسفن لمنع المهاجرين من عبور البحر، تراجع عدد المهاجرين في اتجاه إيطاليا بشكل ملموس.
أما بالنسبة لماركو روتونو من هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، فإن هذا ليس مؤشراً على نهاية ممكنة لأزمة اللجوء، لأن "عدداً مشابهاً للاجئين هذا العام وصل مثل السنة الماضية". ويقول هذا الخبير بأن إيطاليا حققت في السنوات الأخيرة تقدماً في الرعاية الأساسية للمهاجرين، في الوقت الذي تكدست فيه آلاف طلبات اللجوء التي تتجاوز قدرات بلديات صغيرة مثل بلدية كتانيا.
ويرى روتونو بأن الاتحاد الأوروبي ملزم بإيجاد حل لأزمة اللجوء، إذ قررت دول الاتحاد الأوروبي قبل سنتين إعادة توطين 39.600 لاجئ في باقي دول الاتحاد، إلا أن نحو 8.000 إلى حد الآن وجدوا إقامة جديدة. ويشير ماركو روتونو إلى أنه لو استقبلت الدول الأوروبية الأخرى لاجئين لتم تخفيف العبء عن إيطاليا التي ستحصل على موارد تمكنها من التعامل مع طلبات اللجوء المتكدسة منذ السنوات الأخيرة ودعم اندماج اللاجئين الموجودين في البلاد. ويقول روتونو بأن "هناك نقصاً في إرادة الدول الأوروبية الأخرى التي يرفض بعضها استقبال حتى بعض اللاجئين".
ومادام هذا النزاع لم يجد حلاً بعد في الاتحاد الأوروبي، فإن المهاجرين الذين يصلون إلى الموانئ الإيطالية سيكونون بحاجة إلى شيء أساسي: الصبر.
دوريس بوندي/ م.أ.م
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.