إيطاليا تسمح أخيراً بنزول كل المهاجرين من سفينة إنقاذ
٢٦ أغسطس ٢٠١٨
سمحت إيطاليا بإنزال كل المهاجرين الذين ظلوا عالقين في سفينة إنقاذ راسية في أحد موانئ صقلية منذ خمسة أيام، فيما رحب الاتحاد الأوروبي بالتوصل إلى حل المشكلة على السفينة ودعا إلى حل دائم.
صورة من: Reuters/A. Parrinello
إعلان
أنهت إيطاليا اليوم (الأحد 26 أغسطس/ آب 2018) محنة 150 مهاجرا وسمحت بنزولهم جميعا من سفينة انقاذ، وأنهت بالتالي مواجهة حادة بين روما وشركائها في الاتحاد الأوروبي. وتقطعت السبل بالمهاجرين، ومعظمهم من إريتريا، بميناء كتانيا منذ يوم الاثنين بعد أن رفضت الحكومة الإيطالية نزولهم من السفينة إلى أن توافق دول أخرى في الاتحاد الأوروبي على استقبال بعضهم.
وقال وزير الداخلية ماتيو سالفيني إن ألبانيا عرضت استقبال 20 من المهاجرين فيما عرضت ايرلندا استقبال ما بين 20 و25 مهاجرا وستستقبل الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية الباقين "دون تحميل أي نفقات" على دافعي الضرائب الإيطاليين.
وقال سالفيني، الذي ينتمي لحزب الرابطة اليميني، لأنصاره خلال تجمع في بينزولو في شمال إيطاليا مساء أمس السبت "الكنيسة فتحت قلبها وخزانتها".
وأعلن سالفيني، الذي قاد حملة حظيت بشعبية ضد الهجرة منذ تولي الحكومة السلطة في يونيو/ حزيران، أن ممثلا للادعاء في صقلية قرر التحقيق معه في اتهامات منها إساءة استغلال المنصب والاختطاف والاحتجاز غير القانوني. وقال "الخضوع للتحقيق بسبب الدفاع عن حقوق الإيطاليين هو عار".
ودعت الأمم المتحدة أمس السبت كل الأطراف لترجيح العقل بعد فشل مبعوثي عشر دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي في إيجاد حل للأزمة خلال اجتماع في بروكسل يوم الجمعة.
اللاجئون أثناء مغادؤتهم سفينة الانقاذصورة من: Reuters/A. Parrinello
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان "الخائفون الذين ربما يكونون في حاجة لحماية دولية ينبغي ألا يقعوا في دوامة السياسة".
ودعت المفوضية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتوفير أماكن لإعادة توطين من جرى إنقاذهم "على وجه السرعة" بما يتماشى مع اتفاق جرى التوصل إليه خلال قمة الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران، وحثت في الوقت ذاته إيطاليا على السماح "بنزول من هم على متن السفينة فورا".
ورفضت الحكومة التراجع عن موقفها رغم انتقادات الجماعات الحقوقية والمعارضة فيما قال سالفيني إنه يعتبر الانتقادات التي تعرض لها "تشريفا".
وجاءت الاستجابة الوحيدة من داخل الاتحاد الأوروبي في وقت متأخر يوم السبت من أيرلندا التي عرضت استقبال ما بين 20 و25 مهاجرا بعد تعهد ألبانيا غير العضو في التكتل باستضافة 20 مهاجرا. ووصفت وزارة الخارجية الإيطالية عرض ألبانيا بأنه "إشارة على التضامن الكبير والصداقة التي تقدرها إيطاليا كثيرا".
وسيلة شعبوية ضد اللاجئين في إيطاليا لكسب الشعبية
04:41
This browser does not support the video element.
من جهته، رحب ديميتريس أفراموبولوس، المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة و اللجوء، بالانفراجة التي سمحت للمهاجرين العالقين بالنزول على الأراضي الايطالية، داعيا إلى التوصل إلى حل دائم لهذه القضية. وقال أفراموبولوس "أرحب بانه تم التوصل إلى حل وأن المهاجرين على متن السفينة ديتشي سيكون بمقدورهم النزول والحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها ... وهذا بفضل التضامن عبر الحدود والمجتمعات".
وأضاف "لكننا لا نستطيع دائما الاعتماد على هذا النوع من التضامن. نحن بحاجة إلى اجراءات هيكلية". يذكر أن ممثلي 12 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي التقوا في بروكسل الجمعة الماضية لمناقشة الحلول الممكنة على المدى الطويل لإنزال المهاجرين وإعادة توطينهم عبر التكتل، لكنهم لم يتوصلوا إلى قرارات.
ح.ز/ ع.خ (أ.ف.ب / د.ب.أ)
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.