اتفاق السلام في أوكرانيا.. ما سر غموض تصريحات ترامب؟
علي المخلافي د ب أ، أ ف ب، أ ب، رويترز
١٨ أبريل ٢٠٢٥
قال الرئيس الأمريكي ترامب ووزير خارجيته روبيو إن واشنطن قد تنسحب من جهود الوساطة الرامية لإبرام اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا إذا لم تظهر علامات واضحة على إحراز تقدم قريبا. فهل باتت الوساطة الأمريكية مهددة بالفشل؟
رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التقييم القائل بأن روسيا ربما تقوم بالتلاعب به، قائلا: 'لا، لا أحد يتلاعب بي".صورة من: Nathan Howard/REUTERS
إعلان
اتسمت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالغموض بشأن ما إذا كان هناك مهلة نهائية أمريكية لاتفاق محتمل للسلام في أوكرانيا بعد إنذار مستتر أصدره وزير الخارجية ماركو روبيو. وردا على سؤال في البيت الأبيض الجمعة (18 أبريل/ نيسان 2025)، قال ترامب إنه يريد أن يرى اتفاقا "في وقت قريب جدا". ومع ذلك، لم يحدد عدد الأيام التي يعنيها ذلك. وأكد ترامب قائلا: "لا يوجد عدد محدد من الأيام، ولكن بسرعة، نريد إنجاز هذا الاتفاق".
في الوقت نفسه أوضح ترامب أنه ليس لديه مصلحة في مواصلة جهود الوساطة الأمريكية إذا كان الطرفان غير مستعدين للتوصل لحل وسط. وأضاف الرئيس الأمريكي: "إذا جعل أحد الطرفين الأمور صعبة للغاية، لأي سبب من الأسباب فسنقول لهم أنتم حمقى، وأنتم بلهاء، وسنتجاهل الموضوع ببساطة".
وأوضح الرئيس الأمريكي قائلا: "لكن نأمل ألا نضطر إلى فعل ذلك"، وردا على سؤال بشأن ما إذا كان سيوقف الدعم لأوكرانيا، تجنب ترامب إعطاء إجابة واضحة. وقال إنه لا يزال يؤمن بحل تفاوضي. وأكد أن أولويته هي إنهاء الحرب. واستطرد قائلا إنه يتوقع "حماسا" للمحادثات من كلا الطرفين: روسيا وأوكرانيا.
ورفض ترامب التقييم القائل بأن روسيا ربما تقوم بالتلاعب به، قائلا: 'لا، لا أحد يتلاعب بي". وكان روبيو قد صرح، في وقت سابق، بأنه إذا لم يتم إحراز تقدم في الأيام المقبلة فإن الولايات المتحدة قد تعلق جهودها في الوساطة لتأمين سلام بين روسيا وأوكرانيا إذا لم يحدث أي تقدم في الأيام المقبلة، بعد فشل الجهود على مدار شهور في إنهاء القتال.
وأضاف ترامب: "نريد تحقيق ذلك سريعا.. والآن، إذا كان أحد الطرفين لسبب ما يجعل الأمر صعبا جدا، فسنقول: أنتم أغبياء وحمقى وأناس فظيعون. وسننسحب فحسب. لكن نأمل ألا نضطر لذلك".
"فرص بعيدة المنال"
وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية أقر مسؤولون من إدارة ترامب في جلسات خاصة بأن فرص التوصل إلى اتفاق سلام سريعا في أوكرانيا أصبحت بعيدة المنال. وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إن تعليقات روبيو تعكس الإحباط المتزايد في البيت الأبيض بسبب التعنت الروسي لإنهاء الحرب.
بدوره قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن بعض التقدم نحو التوصل إلى تسوية سلمية تحقق بالفعل، لكن الاتصالات مع واشنطن صعبة. وأضاف أن روسيا تسعى جاهدة لحل النزاع مع ضمان مصالحها الخاصة. وأفاد بأن موسكو ما زالت منفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة.
وكانت المحادثات التي جرت في باريس أمس الخميس بخصوص مسعى ترامب للسلام هي أول محادثات مباشرة رفيعة المستوى تشارك فيها القوى الأوروبية. وقال روبيو إن إطار عمل طرحته الولايات المتحدة لإحلال السلام لاقى "استقبالا مشجعا". ووصف مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمر زيلينسكي المحادثات بأنها بناءة وإيجابية.
روسيا تنتقد ميرتس بسبب تعليقاته حول صواريخ توروس
01:57
This browser does not support the video element.
وقال جيه.دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، في أثناء اجتماعه مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني في روما إنه متفائل بأن الولايات المتحدة قد تساعد في إنهاء هذه "الحرب الوحشية جدا". فيما قال مسؤول أمريكي إن الجانبين سيعاودان الحوار في لندن الأسبوع المقبل، مما يمنح أوكرانيا الوقت للموافقة الكاملة على "ورقة الشروط" التي قدمتها واشنطن. وقال المسؤول إن كييف مستعدة لوقف شامل لإطلاق النار في البحر والبر والجو لمدة 30 يوما على الأقل أو أكثر.
إعلان
تزايد الإحباط
كان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا في أول 24 ساعة من عودته للبيت الأبيض. وعدل ذلك عندما تولى المنصب، مشيرا إلى إمكان إبرام اتفاق بحلول أبريل/ نيسان أو مايو/ أيار مع تنامي العقبات أمام هذا الهدف.
ومارس ترامب ضغوطا على الجانبين للجلوس لطاولة المفاوضات، مهددا بتشديد العقوبات على روسيا أو بوقف الدعم العسكري الأمريكي لكييف الذي يقدر بمليارات الدولارات.
وأجرت أوكرانيا وروسيا محادثات بوساطة أمريكية في السعودية، تمخضت عن وقف جزئي لإطلاق النار لا أكثر. لكن الحرب استمرت فعليا، ومنها هجوم صاروخي روسي في الآونة الأخيرة استهدف سومي في شمال شرق أوكرانيا، وأودى بحياة 35 شخصا، وهو هجوم وصفه ترامب بأنه "خطأ".
وقال مصدر مطلع على المداولات الداخلية إن ترامب أوضح لفريقه أنه يتساءل عن مدى جدوى التمسك بالمحادثات لكسر الجمود. وقال المسؤول الأمريكي الأول إن تعليقات روبيو تعكس إحباط ترامب من هذه القضية وقلقه من أن تكون هذه "حرب ترامب" قريبا.
وإذا انسحبت واشنطن فمن المرجح أن تفشل جهود التوسط في السلام، لأنه لا توجد دولة أخرى قادرة على ممارسة ضغط مماثل على كل من موسكو وكييف.
والتداعيات الأخرى غير واضحة، إذ يمكن للولايات المتحدة أن تبقي على سياستها الحالية بشأن الصراع دون تغيير مع إبقاء العقوبات على روسيا والحفاظ على تدفق المساعدات الأمريكية إلى كييف. لكن قد يقرر ترامب بدلا من ذلك وقف المدفوعات لأوكرانيا.
وقال ترامب أمس الخميس إنه يتوقع توقيع اتفاق بشأن المعادن مع كييف الأسبوع المقبل بعد أن فشلت محاولة في فبراير/ شباط في أعقاب الاجتماع الكارثي بين ترامب ونائبه فانس وزيلينسكي في المكتب البيضاوي.
وذكر روبيو أنه تحدث إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثات باريس وأطلعه أيضا على "بعض عناصر" إطار العمل الذي تقترحه الولايات المتحدة لإحلال السلام.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يريد من أوكرانيا التخلي عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي واستمرار سيطرة روسيا على كامل المناطق الأوكرانية الأربع التي تقول إنها جزء منها وتقليص عدد أفراد الجيش الأوكراني، وهي مطالب رفضتها كييف. وتقول كييف إن هذه المطالب تعادل المطالبة باستسلامها.
وأضاف روبيو أن للأوروبيين دورا محوريا في أي اتفاق سلام، خاصة وأن العقوبات التي فرضوها على روسيا ستحتاج على الأرجح إلى رفعها للتوصل إلى اتفاق. وقال إن الضمانات الأمنية الأمريكية طُرحت في محادثات باريس، مضيفا أنها مسألة "يمكننا حلها بطريقة مقبولة للجميع" لكن "لدينا تحديات أكبر علينا حلها".
تحرير: عماد غانم
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.