اتفاق السلطات السورية مع "قسد" .. أي مصالح يحققها الطرفان؟
١١ مارس ٢٠٢٥
يحقق اتفاق وقعته الرئاسة السورية مع "قسد"، يقضي بدمج مؤسسات الإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، مصالح يحتاجها الطرفان. فما هي أبرز بنود الاتفاق وما هي المكاسب التي يجنيها الطرفان في حال تطبيقه بحلول نهاية العام؟
يضمن الاتفاق مصالح للطرفين، ولكن التفاصيل يجري التفاوض عليها وتطبيقها بحلول نهاية العامصورة من: SANA/UPI Photo/Newscom/picture alliance
إعلان
ينصّ أبرز بنود الاتفاق الذي وقعه الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في دمشق على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز". ولم يتحدث الاتفاق عن حل قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية المدعومة أمريكيا، أو تسليم سلاحها، بخلاف ما كانت السلطة السورية قد اشترطته للانضواء تحت مظلة الجيش الجديد.
ويتضمن الاتفاق الاعتراف بالمكون الكردي الذي عانى طيلة عقود خلال حكم آل الأسد من تهميش وإقصاء، بوصفه "مجتمعا أصيلا في الدولة السورية". وينص على "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وكافة مؤسسات الدولة"، في موازاة "رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية".
والاتفاق المؤلف من ثمانية بنود، هو بمثابة خريطة طريق يُّفترض أن تعمل لجان مشتركة على نقاشها ووضع آليات تنفيذها بمهلة لا تتجاوز نهاية العام. ووصف عبدي الاتفاق بأنه "فرصة تاريخية" لبناء سوريا جديدة، بينما عمّت احتفالات شوارع مدن عدة في أنحاء البلاد.
وحدة البلاد والشرعية
ويتعهد الأكراد بموجب الاتفاق "دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها" في إشارة ضمنية الى أعمال العنف في الساحل السوري. وجاء توقيع الاتفاق على وقع أعمال عنف شهدتها المنطقة الساحلية في غرب سوريا، راح ضحيتها أكثر من ألف قتيل مدني، غالبيتهم الساحقة علويون.
شكلت أعمال العنف التي اندلعت مؤخرا في غرب سوريا، اختبارا حقيقيا للسلطات السورية الجديدةصورة من: Syrian Civil Defense White Helme/dpa/picture alliance
وشكّل التصعيد اختبارا مبكرا للشرع الساعي إلى ترسيخ سلطته على كامل التراب السوري، بعدما كان تعهد مرارا بالحفاظ على السلم الأهلي وإشراك كافة المكونات السورية، بمن فيها الأقليات، في إدارة المرحلة الانتقالية. ويرى الباحث في الشأن الكردي موتلو جيفيرأوغلو أن الشرع الذي يواجه ضغوطا دولية كبرى خصوصا بعد أعمال القتل بحق العلويين، "يدرك ضرورة الانخراط مع الأكراد لتقوية موقفه"، إذ يمكّنه ذلك من "تقديم نفسه كقائد ملتزم بضمان تمثيل جميع الهويات في مستقبل سوريا" ومن "تخفيف الضغوط" عنه.
وتحقق دمشق أهدافا أخرى عبر الاتفاق، أبرزها بسط شرعية الدولة على منطقة جغرافية واسعة غنية بالنفط والقمح، وتحتاج السلطات مواردها بشدة على وقع انهيار اقتصادي يعصف بالبلاد بعد حوالي 14 عاما من نزاع مدمر. وتقع تسعون بالمئة من حقول النفط في مناطق سيطرة الأكراد، وفق الباحث في الشأن السوري فابريس بالاش الذي يؤكد أنهم يستحوذون كذلك على حصة أساسية من سلة القمح الغذائية.
ويكسب الجيش عبر الاتفاق قوة كردية عسكرية منظمة ومدربة، يمكنه التنسيق معها في مواجهة أي تحديات أمنية. وأشار مصدر من قوات سوريا الديمقراطية إلى عمليات مشتركة ستنطلق في الأيام المقبلة في البادية السورية لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية الذي حذرت خمس دول الأحد، بينها سوريا وتركيا، من خطر عودته وتعهدت العمل معا لمواجهته.
ولم يتضح مصير إدارة السجون التي يتولاها الأكراد وتضم الآلاف من مقاتلي التنظيم، والتي قال عبدي الشهر الماضي إن سلطات دمشق تريدهم تحت مسؤوليتها.
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، أبدى الأكراد انفتاحا تجاهها، فرفعوا علم الاستقلال ذي النجوم الثلاث فوق مقراتهم، وأعربوا عن استعدادهم الانضمام الى الجيش، بدون حل قواتهم. لكن السلطة الجديدة استبعدتهم من المشاركة في العملية السياسية وفي مؤتمر حوار وطني عقد الشهر الماضي في دمشق وحدد عناوين المرحلة الانتقالية، بذريعة أنهم لم يلبّوا دعوة الشرع للتخلي عن سلاحهم وحل قواتهم، على غرار ما فعلته فصائل مسلحة أخرى.
إعلان
مصالح الأكراد
ويبدو أن الأكراد نجحوا في الحفاظ على تنظيمهم العسكري، وهو شرط رئيسي تمسكوا به خلال محادثاتهم مع دمشق. ويقول بالانش لفرانس برس "لن تندمج قوات سوريا الديموقراطية بالطبع مع هيئة تحرير الشام" الفصيل الذي تزعمه الشرع وقاد الهجوم الذي أطاح الأسد، لكنها "ستحاول التنسيق معها ضد تنظيم الدولة الإسلامية على سبيل المثال ومنع أي قتال بين الطرفين".
والاتفاق الذي تم توقيعه برعاية أمريكية وفق ما قال مصدر كردي، يمنح الأكراد، الأقلية العرقية الأكبر في البلاد والأكثر تنظيما عسكريا وسياسيا، اعترافا بدورهم وهويتهم. ويوضح جيفيرأوغلو أنه بعد توقيع الاتفاق "لم يعد ممكنا تهميش الأكراد في صياغة مستقبل سوريا".
ونما نفوذ الأكراد بعد اندلاع النزاع عام 2011، وإنشائهم إدارة ذاتية، سرعان ما توسّعت مساحتها بعدما شكلوا بدعم أمريكي قوة رئيسية في دحر تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق واسعة في شمال وشرق البلاد. لكن توسعهم قرب الحدود مع تركيا جعلهم عرضة لهجمات دامية شنتها أنقرة مع فصائل سورية موالية لها منذ 2016 لإبعادهم عن حدودها، ما أحدث موجات نزوح واسعة.
ويأمل المسؤولون الأكراد إعادة سكان عفرين ومناطق أخرى إلى بلداتهم، بموجب الاتفاق. ويأملون أيضا أن يجنبهم المزيد من هجمات تركيا، التي لطالما اعتبرتهم امتدادا لحزب العمال الكردستاني المصنف كتنظيم إرهابي في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وجاء توقيع الاتفاق على وقع المحادثات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، الذي أعلن زعيمه عبدالله أوجلان الشهر الماضي، وقف النار مع تركيا وحل الحزب.
ف.ي/ص.ش (ا.ف.ب)
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي