اتفاق قادة دول الاتحاد الأوروبي على الثلاثي الذي يقود التكتل
٢٨ يونيو ٢٠٢٤
اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على إبقاء أورزولا فون دير لايين رئيسة للمفوضية الأوروبية، في إطار توزيع المناصب الرئيسية. وتم تسمية البرتغالي أنتونيو كوستا رئيسا للمجلس الأوروبي، والإستونية كايا كالاس مسؤولة للسياسة الخارجية.
إعلان
رشح قادة الاتحاد الأوروبي الألمانية المنتمية ليمين الوسط أورزولا فون دير لاين لرئاسة المفوضية الأوروبية لولاية ثانية مدتها خمس سنوات. واختاروا الاشتراكي البرتغالي أنطونيو كوستا ليصبح الرئيس المقبل لقمم الاتحاد الأوروبي. كما اختاروا الاستونية كايا كالاس لتكون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، لتخلف الإسباني المنتهية ولايته جوزيب بوريل.
وقالت كالاس إنها "تتشرف" بـ"المسؤولية الكبيرة" الموكلة إليها. وأضافت عبر منصة إكس "يشرفني دعم المجلس الأوروبي، إنها مسؤولية جسيمة"، مشيرة إلى أن "الحرب في أوروبا، وعدم الاستقرار المتزايد في جوارنا وفي العالم، هي التحديات الرئيسية للسياسة الخارجية الأوروبية".
وهنأ المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثي الجديد المرشح لقيادة الاتحاد الأوروبي. وكتب شولتس على منصة "إكس" في ساعة متأخرة من مساء الخميس: "إشارة مهمة. معهم يمكننا المضي قدما بسرعة وبشكل جيد".
واجتمع قادة دول الاتحاد في بروكسل، الخميس (27 يونيو/حزيران 2024)، سعيا إلى حسم اتفاق على توزيع المناصب العليا في التكتل قبل أيام قليلة من الانتخابات الفرنسية التي قد تحدث صدمة يتردد صداها في أنحاء أوروبا. ولم تكن الأسماء تحمل مفاجآت، بعد أن اتفق عدد من قادة الاتحاد الذين يمثّلون المجموعات السياسية الثلاث الرئيسية في التكتّل على ثلاثة أسماء، وعلى تولّي فون دير لايين ولاية ثانية من خمس سنوات. وقال رئيس الوزراء الايرلندي سايمون هاريس لصحافيين لدى وصوله "لا شك إطلاقا في أن هناك إجماعا واضحا على أن فون دير لايين" ستتولى قيادة المفوضية الأوروبية.
وبذل عدد من الزعماء جهودا حثيثة لتهدئة زعيمة اليمين المتطرف في إيطاليا جورجيا ميلوني، التي أعربت عن غضبها من عدم استشارتها. وأعرب رئيس الوزراء القومي المجري فيكتور أوربان أيضا لدى وصوله عن استيائه، مؤكدا أنه يرفض الصفقة "المعيبة". وعشية القمة التي تستمر يومين لخّص دبلوماسي أوروبي الأجواء في بروكسل قائلا إن "الطريق سهل" أمام التوصل إلى اتفاق. ويعود ذلك إلى أن الاتفاق يوزع المناصب على الائتلاف المهيمن على برلمان الاتحاد الأوروبي، أي حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) وحلفائه الرئيسيين مجموعة الاشتراكيين والديموقراطيين وحزب تجديد أوروبا (رينيو) الوسطي.
وبينما يبدأ الفرنسيون التصويت الأحد في الدورة الأولى لانتخابات مبكرة، يبدو حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف الأوفر حظا للفوز بها وقيادة الحكومة، بدت حماسة ملموسة لتسوية مسألة توزيع المناصب في الاتحاد الأوروبي. وقال دبلوماسي إن على القادة حسم قرارهم نظرا لحالة "الإرباك" قبيل الانتخابات الفرنسية. وفضلا عن توزيع المناصب ستتناول القمة التحديات الجيوسياسية التي تواجه التكتل، أبرزها الغزو الروسي لأوكرانيا التي سينضم رئيسها فولوديمير زيلينسكي إلى نظرائه الأوروبيين في بروكسل لتوقيع اتفاق على التزامات أمنية بعيدة المدى لكييف.
قلق الأحزاب الشعبية في أوروبا من صعود اليمين المتطرف
02:53
ويُتوقع أن يتفق القادة أيضا على "أجندة استراتيجية" تحدد أولويات التكتل ناقشها المسؤولون لأسابيع، يُفترض أن تكون بمثابة خريطة طريق للقيادة المقبلة. ورأى دبلوماسيون أن توسيع التوجيهات بهدف استيعاب رغبات ميلوني الرئيسية، مثل الحد من الهجرة، قد يكون أحد السبل لتهدئة غضبها إزاء تهميشها في مناقشة المناصب العليا.
وكانت ميلوني أكثر الأصوات المنتقدة إذ اعتبرت أنّ الفوز الذي حقّقته مجموعة "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" التي تنتمي إليها والتي حلت مكان تكتل "تجديد أوروبا" (رينيو) كقوة ثالثة في البرلمان الأوروبي، ينبغي أن ينعكس ضمن قيادة التكتّل. وعبرت الأربعاء مجددا عن غضبها في كلمة أمام البرلمان متهمة زعماء لم تسمهم بالتصرف مثل "الأوليغارشيين" وخيانة إرادة الأوروبي. وأوضحت ميلوني أنها تريد دوراً مؤثراً لإيطاليا، بدءاً بمنصب نائب الرئيس في المفوضية الأوروبية المقبلة والمشاركة في صنع القرارات المتعلقة بالصناعة والزراعة.
بدوره انتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي لا ينتمي حزبه فيدس إلى البرلمان الأوروبي، الاتفاق الوسطي قائلاً إنه "بدلاً من الدمج، فإنه يزرع بذور انقسام". ورفض مسؤول في الرئاسة الفرنسية هذا الرأي وشدد على أن "لا أحد يُستبعد" من صنع القرار في المناصب العليا وأن "اتصالات تجري بشكل طبيعي مع رئيسة الوزراء الإيطالية".
وبدا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عازما على تهدئة الأمور مع إيطاليا. وقال للصحافة "لا أوروبا من دون إيطاليا، ولا قرار من دون رئيسة الوزراء ميلوني. هذا واضح". كما أصر زعيم يمين الوسط في النمسا كارل نيهامر على أهمية إشراك إيطاليا - في إشارة إلى "مبادرات ميلوني العديدة الجيدة من أجل الاتحاد الأوروبي والأمن على حدودنا الخارجية". وأرسلت فون دير لايين ايضا إشارة إلى ميلوني في رسالة مفتوحة إلى الزعماء الـ 27 عشية القمة، قائلة إنها منفتحة على درس الدعوات المطالبة بمعالجة ملفات المهاجرين في دول ثالثة - كما تفعل إيطاليا.
ف.ي/ع.ج.م (د ب ا، رويترز، ا ف ب)
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.