1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. خطوة مهمة لكنها غير كافية!

١٧ يناير ٢٠٢٥

تمكن الرئيس دونالد ترامب أخيرا من فرض وقف إطلاق النار في غزة على طرفي النزاع، في شكل هدنة تحمل مخاطر انهيار بسبب حسابات داخلية وتعقيدات إقليمية وغياب عملية سلام شاملة، وفق عدد من المنابر الإعلامية الألمانية والدولية.

أرشيف: صورة لجنود إسرائيليين قرب الحدود مع غزة
أرشيف: صورة لجنود إسرائيليين قرب الحدود مع غزة (23 نوفمبر 2023)صورة من: Amir Cohen/REUTERS

يشكل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، إذا التزمت به أطراف النزاع، فسحة أمل وانفراجا في الشرق الأوسط برمته، بعد حرب دامية أسفرت عن آلاف القتلى والجرحى من الجانبين، فضلاً عن الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية في القطاع. هذا الاتفاق لم يكن ليتم لولا تدخلات متعددة من أطراف دولية وإقليمية، أبرزها الولايات المتحدة، بالرغم من الحسابات السياسية المحلية لكل من حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل وحركة حماس في غزة. وسيدخل الاتفاق حيز التنفيذ يوم (الأحد 19 يناير/ كانون الثاني 2025) عشية تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. ويتضمن الاتفاق المبادئ والأفكار التي طرحها جو بايدن في نهاية أيار/ مايو والتي تطلب التوافق عليها  ثمانية أشهر من الجهود الدبلوماسية العسيرة.

وقد لعبت الإدارة الأمريكية (الجديدة والمنتهية ولايتها) دورا رئيسيا في هذا الإنجاز، من خلال وساطات متعددة عبر قنوات دبلوماسية عربية وأوروبية بالضغط على الجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات. فقد استخدم ترامب علاقاته الشخصية مع قادة إسرائيل، فضلاً عن دور دول عربية مثل قطر ومصر والسعودية، للضغط على حماس للقبول بشروط وقف إطلاق النار. وبهذا الصدد كتبت صحيفة "دي فولكرانت" الهولندية (15 يناير/ كانون الثاني 2025) أن السبب الأول للتغيير في المواقف هو انتخاب دونالد ترامب رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة. فقد هدد ترامب بأن "الجحيم" سينفجر إذا لم تطلق حماس الرهائن الإسرائيليين قبل تنصيبه في 20 يناير. وأضافت الصحيفة أنه "من الممكن أن تكون حماس رأت في تهديدات ترامب إشارات إلى أنه لن يستمر حتى في ممارسة الضغط المحدود الذي مارسه الرئيس جو بايدن على الحكومة الإسرائيلية لكي تتوقف عن التصعيد في غزة بين الحين والآخر. قد يكون هذا الضغط أحد العوامل التي جعلت حماس أكثر استعدادًا للتنازل. من جهة أخرى، شعرت إسرائيل أيضًا بضغط متزايد، إذ يرغب ترامب في أن يُذكر في التاريخ بوصفه الرجل الذي أنهى الحروب، ويأمل في أن يتمكن من تحقيق صفقة إقليمية أكبر تشمل أيضًا المملكة العربية السعودية".

ترحيب ألماني حذر بوقف إطلاق النار

سارعت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إلى توصيف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنه "تقدم كبير"، غير أنها حذرت في الوقت ذاته مما أسمته باستمرار وجود تحديات مقبلة. وفي حوار مع القناة الأولى للتلفزيون الألماني "أ.إر.دي" (16 يناير) قالت بيربوك "لا يوجد شيء مؤكد، حسبما يظهر الوضع العالمي عادة، ولكن هناك طفرة كبيرة تحدث الآن". وأضافت أن هذا الاتفاق جاء بعد 15 شهرا من العمل الجاد منذ اندلاع الحرب، عقب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023.

ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

صورة لفلسطينيين وهو يحتفلون بإعلان وقف إطلاق النار (دير البلح، 15 يناير 2025)صورة من: Saeed Jaras/Middle East Images/AFP/Getty Images

وأكدت بيربوك أنه يتعين إطلاق سراح باقي الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. واستطردت موضحة "من المهم الآن تنفيذ ما أعددناه. وألمانيا مستعدة لذلك". وبهذا الصدد كتب موقع "شبيغل أونلاين" (16 يناير) معلقا "إنها لحظة فرح لحوالي 2.3 مليون شخص في قطاع غزة الذي دُمر إلى حد كبير. ولجميع الإسرائيليين الذين من المفترض أن يستعيدوا أفراد عائلاتهم وأصدقائهم. نعم، بل وللمنطقة بأسرها، التي عانت منذ هجوم إرهابي من قبل حماس، حيث قُتل حوالي 1200 شخص في إسرائيل وتم اختطاف 250 آخرين، وما تلاه من حرب كارثية".

حسابات نتنياهو وفرحة في إسرائيل

من جهة أخرى، كان لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حسابات داخلية معقدة دفعته للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار في هذا التوقيت. فالدولة العبرية تكبدت بدورها خسائر بشرية ومادية كبيرة، وهو ما أثر بشكل سلبي على شعبيته في الداخل، خاصة في ظل انتخابات قادمة قد تحدد مستقبله السياسي. نتنياهو كان يواجه ضغوطاً من المعارضة التي كانت تتهمه بإدارة فاشلة للحرب في غزة، وعدم اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء الهجمات الصاروخية المستمرة على المدن الإسرائيلية. كما أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية داخل إسرائيل كانت تتطلب منه البحث عن حلول لتهدئة الوضع الداخلي، حيث كانت العديد من الأوساط السياسية والاجتماعية تنتقد تكاليف الحرب المستمرة.

أهالي وأصدقاء ضحايا هجوم حماس في السابع من أكتوبر بعد إعلان وقف إطلاق النار (تل أبيبل 15 يناير 2025)صورة من: Ohad Zwigenberg/AP Photo/picture alliance

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية معلقة (16 يناير) "ليس هذا وقت الانشغال بالسياسة الصغيرة للموقف. ليس هذا وقت التذمر بشأن إطلاق سراح إرهابيي حماس، يمكن أن يحدث كل ذلك في الوقت المناسب. اليوم يجب أن نحتفل، كأمة ولأمتنا. كأمة لأننا شعب يعتبر الحياة أهم من الموت، ولأننا سنلتقي قريبًا برهائننا أحياء في منازلهم. لأمتنا، لأن هؤلاء الأشخاص الذين احتجزوا لمدة 468 يومًا في قطاع غزة هم أمتنا (..) دعونا نؤجل التقاتل للغد. في ذلك نحن بارعون على أي حال".

غزة ـ قطاع مدمر ورضوخ حماس

بعد 15 شهرا من الضربات العسكرية من قبل إسرائيل، بات موقف حماس صعبا ومعقدا، وهي التي تدرك أن استمرار الحرب يعرض القطاع لمزيد من الدمار ويؤثر سلباً على قوتها داخل غزة وخارجها. بالإضافة إلى ذلك، كانت الحركة تحت ضغط كبير من قبل المجتمع الدولي، خصوصاً من الدول العربية كقطر التي تربطها بها علاقة خاصة. إلى جانب ذلك، كانت حماس تحاول استثمار أي اتفاق لوقف إطلاق النار لصالح تعزيز مكانتها السياسية في غزة والضفة الغربية على حد سواء. غير أن استمرار الحرب كان يضر بصورتها في الأوساط العربية والدولية، خصوصاً مع ضغوطات دولية تطالبها بالالتزام بالقوانين الإنسانية والابتعاد عن العنف. كما أن الوضع الاقتصادي في غزة كان قد بلغ مستويات غير مسبوقة من التدهور، ما دفع حماس إلى قبول وقف إطلاق النار كخطوة لتخفيف الضغوط الاقتصادية عن السكان. وفي نفس الوقت، كانت الحركة تواصل الحفاظ على بعض مناوراتها العسكرية والاستراتيجية لفرض شروطها في مفاوضات لاحقة.

وبهذا الصدد كتبت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية (16 يناير) معلقة "نادراً ما كانت الآمال هشة وغير كافية كما هي الآن. ولكنها لحظة طالما تمنى الكثيرون الوصول إليها، لكنها تُستقبل من قبل الفلسطينيين في قطاع غزة وبين العائلات الإسرائيلية المختطف أقرباء لها بمزيج من الخوف والقلق، ولكن أيضاً بالفرح (..) شعور ضعيف بالارتياح ترافقه معاناة الماضي ومخاوف مستقبل. ومع ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق في هذا الوضع اليائس هي خطوة إلى الأمام يجب الترحيب بها والعمل على البناء عليها."

وذهبت صحيفة "بوبليكو" البرتغالية (16 يناير) في نفس الاتجاه وكتبت  في مواجهة أنقاض غزة وكل ما تحمله من لاإنسانية، يبدو الحديث عن عملية سلام يؤدي إلى التعايش السلمي بين الشعبين وكأنه هذيان. لقد أدى التطرف في الصراع إلى مشاعر انتقامية وغربة يصعب إزالتها. لكن من أجل جميع الأبرياء الذين فقدوا حياتهم، يجب على الجميع أن يبحثوا عن هذا النور، حتى وإن كان بعيداً في نهاية النفق".

مصير مجهول للرهائن الإسرائيليين

تأمل إسرائيل في عودة الرهائن الذين تحتجزهم حماس، ففي خطوة أولى، من المقرر أن يتم إطلاق سراح 33 منهم. وتعتقد إسرائيل أن 94 رهينة لا يزالون في قطاع غزة، وأن 34 منهم قد لقوا حتفهم. ففي هجومها على إسرائيل اختطفت حماس 251 رهينة وتم تحرير 117 منهم حتى الآن، معظمهم من النساء والأطفال والعمال الأجانب. كما أعاد الجيش الإسرائيلي جثث 40 رهينة إلى إسرائيل. بعضهم توفي في قطاع غزة، بينما قتل آخرون في السابع من أكتوبر 2023 وتم اختطافهم رغم وفاتهم. ومن بين الـ 60 رهينة الذين يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة، يوجد 53 إسرائيليًا. بعضهم يحمل جنسية مزدوجة. أما البقية فهم من تايلاند ونيبال. وفقًا للولايات المتحدة، في المرحلة الثانية من الاتفاق، من المتوقع أن يتم إطلاق سراح باقي الناجين من قبضة حماس.

وفي المرحلة الأخيرة، سيتم نقل جثث الرهائن إلى إسرائيل. وتم اختطاف معظم الرهائن الذين يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة من كيبوتس "نير عوز" ومن مهرجان "سوبرنوفا". ومن كيبوتس "نير عوز" تم اختطاف 76 شخصًا، تم تحرير 40 منهم بينما لا يزال 20 في قطاع غزة. وتم قتل الـ 16 الباقين. أما من مهرجان "سوبرنوفا"، فتم اختطاف 43 رهينة، تم تحرير 9 منهم، ولا يزال 16 على الأرجح أحياء ويُحتجزون في قطاع غزة، وفق تقرير مفصل لوكالة "أ.ف.ب" الفرنسية (26 يناير).

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا شديدة من الجناح اليميني المتشدد من حكومته، إذ هدد وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير (16 يناير) باستقالته من الحكومة إذا وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار. صحيفة "زوددويتشه" الألمانية (16 يناير) كتبت معلقة "يمكن لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أن يشير إلى أنه، على الأقل جزئيًا، قد وفى بوعده بإعادة الرهائن (..) لكن من ناحية أخرى، خلفت أحداث الهجوم الإرهابي في السابع من أكتوبر جروحاً لا يمكن لأي نجاح عسكري أن يعالجها. الحزن والصدمات النفسية، والمخاوف ورغبات الانتقام، تهيمن على المناخ الاجتماعي. ويتجسد ذلك في أسلوب الحرب غير المتوازن، الذي رغم كل التفهم لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ألحق بسمعتها في العالم ضرراً بالغاً وربما لأمد طويل".

حاجة المنطقة لعملية سلام شاملة

كتبت صحيفة "الباييس" الإسبانية (16 مايو) واعتبرت أن تنفيذ الهدنة بالكامل وبشكل دقيق في جميع مراحلها، حتى تتحول إلى وقف إطلاق نار دائم، أمر ضروري. وإذا كان من المفترض أن تتحول هذه الهدنة إلى اتفاق سلام عادل ونهائي، فسيكون من الصعب التخلي عن صيغة  حل الدولتين  التي تعد الأنسب لضمان أمن إسرائيل وحقوق الفلسطينيين". غير أن المستقبل لا يزال غير واضح في ما يتعلق بالوضع النهائي في غزة وفي المنطقة بكاملها. فالتحديات السياسية والإنسانية ستظل حاضرة بقوة. فإسرائيل وحماس لا زالا يختلفان حول قضايا أساسية مثل الأمن، وإعادة إعمار غزة. كما أن الضغط الدولي، بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة والدول الكبرى، سيظل عاملًا مهمًا في تحديد اتجاهات هذا الاتفاق.

احتفالات واسعة بعد اتفاق وقف إطلاق النار

02:12

This browser does not support the video element.

إن اتفاق وقف إطلاق النار خطوة نحو تهدئة النزاع، ولكنه لا يمثل حلاً نهائيًا للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ما زالت القضايا الجوهرية بحاجة إلى حل. صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية (16 يناير) ذهبت في نفس الاتجاه وكتبت "مع الهدنة، يمكن أن تنتهي حرب دامت 15 شهراً ومعها الكارثة الإنسانية التي جلبتها. الفلسطينيون المحاصرون في قطاع غزة، والذين يبلغ عددهم حوالي مليوني شخص، تعرضوا لقصف أكثر من أي شعب آخر في العصر الحديث. مع الهدنة، يمكن لإسرائيل والفلسطينيين أخيراً البدء في التقدم إلى الأمام. لكن هذه الهدنة هي فقط الخطوة الأولى. الخطوات التالية هي إعادة بناء قطاع غزة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي تقريباً حلاً للصراع منذ عقود."

ح.ز

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW