اجتمع وزراء دفاع الناتو لبحث تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا وتطوير وسائل الردع ضد المسيرات وسط دعوات أمريكية للحزم ومقترحات أوروبية لبناء "جدار جوي".
حضّ وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث الدول الأوروبية وكندا على زيادة دعمها لأوكرانيا.صورة من: Nicolas Tucat/AFP/Getty Images
إعلان
اجتمع وزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) اليوم الأربعاء (15 أكتوبر/تشرين الأول 2025) في بروكسل لبحث سبل تعزيز دعمهم لأوكرانيا، وتحسين ردّهم في أعقاب سلسلة من الاختراقات الجوية الروسية للأجواء الأوروبية.
وعند وصوله إلى مقر الناتو، حضّ وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث الدول الأوروبية وكندا على زيادة دعمها لأوكرانيا.
وقال "يتحقق السلام عندما نكون أقوياء، لا عندما نستخدم عبارات مُبالغا فيها أو نُلقي محاضرات. يتحقق عندما نمتلك قدرات فعلية ومتينة يحترمها خصومنا".
ينافش وزراء دفاع الناتو سبل تطوير وسائل الردع ضد المسيرات.صورة من: Nicolas Tucat/AFP/Getty Images
جدار مضاد للمسيرات
ويناقش الوزراء أيضا سُبل تعزيز وسائل الدفاع والردع لمواجهة هذه الاختراقات المتكررة لطائرات مسيّرة روسية أو مجهولة المصدر.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، هذا الأسبوع في إشارة إلى رد الحلف "لقد قمنا بما تدربنا عليه، ونجحنا في ذلك، لكننا بحاجة إلى المزيد".
يشار إلى أنه في أيلول/سبتمبر الماضي، دفع تسلّل نحو عشرين طائرة مسيّرة روسية إلى المجال الجوي البولندي الناتولإسقاط ثلاث منها، في سابقة لم تحدث منذ تأسيس الحلف عام 1949.
وبعد أيام قليلة، رافقت مقاتلات تابعة للناتو ثلاث طائرات روسية من طراز "ميغ" إلى خارج الأجواء الإستونية، بعد اختراق استمر 12 دقيقة، وهي فترة قياسية.
واقترح الاتحاد الأوروبي الذي سيجتمع وزراء دفاعه مساء الأربعاء بعد اجتماع الناتو، إقامة "جدار" مضاد للطائرات المسيرة لمواجهة ذلك.
أكد الأمين العام للناتو أنّ الحلف يؤيد هذا الإجراء، ولكن ينبغي أن يتم من خلال التنسيق والتفاهم الجيد. وأكد دبلوماسي أن على الناتو أن يبقى المسؤول الرئيسي، من خلال توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها.
قال مارك روته إنه يتوقع أن يمول الحلفاء الأوروبيون المزيد من شحنات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا.صورة من: Wiktor Dabkowski/picture alliance
مبادرة "بيرل"
وفي السياق ذاته، حث وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث الدول الأوروبية وكندا الانخراط في مبادرة أطلقتها واشنطن تتيح لكييف شراء أسلحة أمريكية بتمويل أوروبي.
وقال الوزير الأمريكي "نتوقع أن تتبرع المزيد من الدول بالمزيد، وأن يشتروا أكثر لإمداد أوكرانيا (بالسلاح) لتضع نهاية سلمية لذلك الصراع ".
وفي ذلك، قال مارك روته إنه يتوقع أن يمول الحلفاء الأوروبيون المزيد من شحنات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا.
وأضاف أن عددا من الدول تعهدت بالفعل بتقديم ملياري يورو (3ر2 مليار دولار) عبر ما يطلق عليه مبادرة قائمة المتطلبات الأوكرانية ذات الأولوية "بيرل" التي تم إطلاقها في أغسطس/ آب.
وأوضح: "لدى اليوم كل الأسباب للاعتقاد أن العديد من الدول الأخرى ستنضم".
تحرير:
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.