استئناف المحادثات الدولية بشأن سوريا وسط آفاق مظلمة
١٥ أكتوبر ٢٠١٦
بعد ثلاثة أسابيع من الخلاف، تستأنف أمريكا وروسيا السبت في مدينة لوزان السويسرية لقاءاتهما حول سوريا بدون آمال كبيرة في تحقيق اختراق، مع تواصل قصف الطائرات الروسية والسورية لمدينة حلب، فيما تلح ألمانيا على الهدنة.
إعلان
يلتقي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف اليوم السبت (15 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) في سويسرا لعقد جولة جديدة من المحادثات الدبلوماسية الخاصة بسوريا. وتصاعدت حدة التوتر في العلاقات بين البلدين في وقت سابق من الشهر الجاري عندما قالت واشنطن إنها قطعت محادثاتها الثنائية مع موسكو بشأن سوريا، متهمة الكرملين بعدم القيام بدوره لوقف إراقة الدماء. ومن المتوقع أن تشارك أيضا في المحادثات التي ستجري في فندق بو ريفاج بالاس في مدينة لوزان القوى الإقليمية المعنية بالحرب في سورية المستمرة منذ خمس أعوام، مثل إيران والسعودية وتركيا.
مصر تؤكد أنها تلقت دعوة
فيما صرح المستشار احمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بأن سامح شكري وزير الخارجية تلقى اتصالا مساء الجمعة من وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى، وجه فيه الدعوة لمصر للمشاركة في اجتماع لوزان الخاص بسورية اليوم السبت. وأوضح المتحدث أن وزير الخارجية الأمريكي أكد على "أهمية مشاركة وزير خارجية مصر في هذا الاجتماع على ضوء الدور المهم الذي تضطلع به مصر في دعم جهود التسوية السياسية للازمة السورية.
إلحاح ألماني على الهدنة
من جهته أكد وزير الخارجية الألماني شتاينماير على الأهمية الشديدة التي توليها ألمانيا على هذا الاجتماع من أجل عقد هدنة بين الأطراف المتصارعة في سوريا، وطالب الوزير الألماني الأطراف المجتمعة في لوزان بضرورة وقف إطلاق النار في حلب، وذلك من أجل إدخال المساعدات إلى السكان المحاصرين، حيث أجرى شتاينماير اتصالا هاتفيا من برلين مع الموفد الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، بالإضافة إلى منسق اللجنة العليا السورية رياض حجاب، للتشاور بهذا الخصوص.
من جهة اخرى، وفي بيان مشترك، دعت اربع منظمات غير حكومية دولية بينها "سيف ذي تشيلدرن" المفاوضين في لوزان إلى إعلان وقف لإطلاق النار "لمدة 72 ساعة على الأقل" في حلب لإتاحة إجلاء الجرحى وإيصال مساعدات إنسانية.
وتواصل الطائرات الروسية والسورية قصف هذه الاحياء منذ 22 ايلول/سبتمبر. فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "لا أتوقع شيئا محددا من هذا الاجتماع". اما مكتب نظيره الأميركي جون كيري، فقد أعلن أن "الموضوع الرئيسي للحديث سيكون الوحشية المتواصلة في حصار حلب". ولم تتوقف الاتصالات الهاتفية بين كيري ولافروف، لكنها المرة الأولى منذ نهاية ايلول/سبتمبر التي يجتمعان فيها للتفاوض بحضور تركيا والسعودية وقطر الدول الداعمة للمعارضة.
مطالب باريس في الشأن السوري
من جهة أخرى ذكر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة (14تشرين أول/ أكتوبر 2016) بـ"مطالب" باريس من أجل التوصل إلى تسوية للنزاع في سوريا، عشية محادثات أميركية روسية في لوزان بحضور قوى إقليمية في مسعى جديد لإنهاء الأزمة السورية. وقال هولاند في بيان صادر عن قصر الإليزيه، في ختام لقاء بينه وبين جمعيات تنشط من أجل السلام في سوريا، إن هذه المطالب هي "وقف إطلاق نار، ونقل المساعدة الإنسانية فورا وإجراء مفاوضات سياسية من اجل عملية انتقال في سوريا".
كما صرح وزير الخارجية جان مارك آيرولت للصحافة في ختام اللقاء "ندعو مرة جديدة وبقوة إلى التفاوض السياسي من أجل السلام، وهذا يمر عبر شرط مسبق، وهذا الشرط المسبق هو وقف القصف". وتابع "سيتم اتخاذ الكثير من المبادرات الأخرى، فرنسا سبق ان قامت بمبادرات في الأيام الماضية، وسنبقى في الخط الأمامي بالحزم ذاته، بالقوة ذاتها، بالقناعة ذاتها، من أجل التصدي للوحشية. لم يفت الأوان لإحلال السلام".
ع.أ.ج/ ح ح( د ب ا، أ ف ب، رويتروز)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري