اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول سوريا بعد تصاعد المواجهات بإدلب
٨ مايو ٢٠١٩
قرر مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة بشأن سوريا بناء على طلب بلجيكا وألمانيا والكويت، مع تنامي المخاوف من تصاعد الضربات الجوية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا.
إعلان
يعقد مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة القادم اجتماعا طارئا مغلقا يبحث فيه الوضع في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد دبلوماسيون اليوم الأربعاء (الثامن من أيار/مايو 2019). ودعت ألمانيا والكويت وبلجيكا، التي تشترك في المسؤولية عن القضايا الإنسانية في الأجندة السورية بمجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا، إلى جلسة إحاطة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تتقدم فيه قوات الحكومة السورية، مدعومة بضربات جوية مكثفة، في مناطق المعارضة في محافظة حماة بوسط سوريا، حسبما أفاد نشطاء. وكانت الحكومة السورية وحليفتها روسيا بدأتا الأسبوع الماضي موجة هجمات على معقل المعارضة في محافظتي إدلب وحماة، حيث تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية هناك للقصف. يشار إلى أن المنطقة المحيطة بإدلب يعيش بها نحو ثلاثة ملايين لاجئ، نصفهم من النازحين داخليا.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، أدت الموجة الجديدة من العنف إلى نزوح أكثر من 150 ألف شخص، فيما قدر مكتب الصحة في إدلب عدد النازحين بـ300 ألف شخص.
وقد أعلنت القوات الحكومية السورية في وقت سابق اليوم اقتحام بلدة كفر نبودة، أبرز معقل للمعارضة في ريف حماة الشمالي، بينما تقول المعارضة إنها كسرت الهجوم وقتلت العشرات من عناصر القوات الحكومية. وقال قائد ميداني يقاتل مع القوات الحكومية السورية لوكالة الأنباء الألمانية "دخلت القوات الحكومية والمجموعات الموالية لها بلدة كفر نبودة وتجري الآن معارك عنيفة في أحياء المدينة وسط قصف جوي ومدفعي على مواقع المسلحين".
من جانبه، قال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان : "تمكنت القوات الحكومية السورية من السيطرة على أجزاء كبيرة من كفر نبودة". وأكد قائد عسكري في الجبهة الوطنية لـ (د.ب.أ) "تدمير دبابتين وعدد من السيارات المزودة برشاشات، كما يشهد محور تل الصخر أعنف الاشتباكات".
التصعيد العسكري السوري-الروسي..هل هو بداية نهاية اتفاق إدلب؟
23:34
وتمثل بلدة كفر نبودة أهمية استراتيجية للقوات الحكومية؛ حيث من شأن السيطرة عليها بالكامل أن تقطع طريق إمدادات كبير للمعارضة بين المنطقة المحيطة بقلعة المضيق في حماة وخان شيخون في إدلب، حسبما أفاد رامي عبد الرحمن.
وكانت القوات الحكومية السورية سيطرت أمس على قرية الجنابرة وتل عثمان بعد معارك عنيفة مع مسلحي المعارضة. ورغم ذلك، نفى متحدث باسم الجبهة الوطنية للتحرير التي تدعمها تركيا تقدم القوات الحكومية السورية في ريف حماة. وقال النقيب مصطفى أبو حذيفة، من الجبهة الوطنية، لـ (د.ب.أ) عبر الهاتف: "تدور المعارك حول قرية تل الصخر. وتمكن مقاتلونا من التصدي لمحاولات قوات النظام من أجل التقدم".
وقال نشطاء في المنطقة إن المعارضة شنت هجوما مضادا على القوات الحكومية، التي كانت تحاول التقدم داخل كفر نبودة. وأضاف المرصد السوري أن أحد عناصر هيئة تحرير الشام التابعة لتنظيم القاعدة نفذ هجوما انتحاريا استهدف حشدا من القوات الحكومية في كفر نبودة، مما تسبب في سقوط قتلى ومصابين. وقال ناشط مقيم في المنطقة لـ (د.ب.أ) إن ما لا يقل عن 10 من القوات الحكومية قتلوا، وجرح العشرات جراء الهجوم.
ز.أ.ب/ه.د (د ب أ، أ ف ب)
إدلب الخضراء.. طبول الحرب تقرع في "أرض مملكة إيبلا"
ترتفع الأصوات الدولية التي تحذّر النظام السوري من إعادة استخدام الأسلحة الكيميائية في محافظة إدلب، مع سعي النظام للسيطرة على المعقل الرئيسيّ لفصائل المعارضة. فما هي الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لإدلب؟
صورة من: picture-alliance/AP
أهمية استراتيجية
تعتبر محافظة إدلب في شمال غربي سوريا آخر المعاقل الرئيسية لفصائل المعارضة، وتتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة فهي من جهة محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة، ولمحافظة اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية. كما أن مدينة إدلب (مركز المحافظة) لا تبعد عن طريق حلب - دمشق الدولي سوى 20 كليومتراً.
صورة من: AP
إدلب الخضراء
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً الزيتون والقطن والقمح. وبسبب اشتهارها بزراعة الزيتون فقد كان يطلق عليها "إدلب الخضراء". كما أنها كانت سوقاً تجارياً واسعاً للمناطق المحيطة بها، بالإضافة إلى كونها أحد مراكز صناعة الصابون في سوريا.
صورة من: Colourbox
أرض مملكة إيبلا
وتعرف محافظة إدلب بكثرة متاحفها ومواقعها الأثرية التي تعود لحقب تاريخية قديمة، ومن أبرزها مدينة إيبلا الأثرية، إحدى أقدم الممالك في سوريا قبل الميلاد. قبل اندلاع النزاع في 2011، كان متحف إدلب يتميز باحتوائه على مجموعة قيمة من الرقم المسمارية، التي تروي عبر نصوص سياسية وأدبية تاريخ مملكة إيبلا. إلا أن المتحف الذي أُعيد افتتاحه هذا الشهر، لم يسلم خلال سنوات الحرب من القصف وأعمال السرقة والنهب.
صورة من: Daniel Leal-Olivas/AFP/Getty Images
معقل للمعارضة
انضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات على النظام السوري التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، والتي تحولت لاحقاً الى نزاع مسلح تعددت أطرافه. وفي آذار/ مارس 2015 سيطر "جيش الفتح"، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية وجهادية بينها جبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة بسوريا) التي تحولت إلى "هيئة تحرير الشام" على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
صورة من: dapd
اقتتال داخليّ
بعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل تواجد محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي. وفي 18 شباط/ فبراير 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى "جبهة تحرير سوريا" لتخوضا مجدداً معارك مع جهاديي هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Nusra Front on Twitter
مليونان ونصف المليون
ومنذ سيطرة فصائل المعارضة عليها، وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن قياديين جهاديين فيها بشكل دوريّ. ويعيش في إدلب حالياً نحو 2,3 مليون شخص بينهم أكثر من مليون نزحوا من مناطق أخرى، مع أعداد كبيرة من المقاتلين الذين رفضوا إلقاء السلاح ولا سيما من الغوطة الشرقية التي خضعت لحصار طويل وهجمات عنيفة.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Khder
هجمات كيميائية
منذ 2014 تعرضت إدلب إلى عدة هجمات كيميائية، فبعد تأكيد لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن قوات النظام استخدمت الغازات السامة في كل من بلدة تلمنس (21 نيسان/ ابريل 2014) وبلدتي سرمين وقميناس (آذار/ مارس 2015)، تعرضت مدينة خان شيخون لهجوم كيميائي في 2017، أدوى بحياة عشرات الأشخاص بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة النظام السوري بشن الهجوم، رغم نفي الأخير.
صورة من: Reuters/A. Abdullah
تصعيد في منطقة "خفض التصعيد"
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التصعيد التي تم التوصل إليها في أيار/ مايو 2017 في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق في إدلب في أيلول/ سبتمبر الماضي. لكنها تعرضت نهاية 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sultan
الأسد: هدفنا الآن إدلب
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في 26 تموز/ يوليو الماضي أن "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد". وفي 9 آب/ أغسطس الجاري قصفت قوات موالية للنظام السوري مواقع في إدلب قالت بأنها لفصائل معارضة وجهاديين وألقت منشورات تدعو السكان للاستسلام.
صورة من: picture-alliance/abaca
تحذيرات من "حمّام دم"
ودعت الأمم المتحدة إلى التوصل إلى "اتفاقات" لتفادي "حمام دم" في إدلب، وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان ديمستوريا قد قال في أيار/ مايو إنه في حال تكرار سيناريو الغوطة في إدلب فإن حجم الدمار وأعداد الضحايا قد تكون أكبر بست مرات، مشيراً إلى نصف الناس الذين يعيشون في إدلب، البالغ عددهم 2,3 مليون شخص، نازحون و"ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه".
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تمهيد للهجوم؟
وبعد أن اتهمت روسيا فصائل المعارضة بالتحضير لعمل "استفزازي" يتمثل بهجوم كيميائي في إدلب بهدف تحميل دمشق المسؤولية عنه واستخدامه كمبرر للقوى الغربية لضرب أهداف حكومية في سوريا، أبدت الدول الغربية الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قلقاً متزايداً على مصير ملايين المدنيين في إدلب، خصوصاً بعد أن عززت روسيا من وجودها العسكري قبالة السواحل السورية، فهل سيتكرر سيناريو الغوطة في إدلب؟
محيي الدين حسين