1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

احتجاجات السودان.. كيف سيحرك البشير خيوط اللعبة هذه المرة؟

٢٦ ديسمبر ٢٠١٨

لطالما أتقن الرئيس السوداني اللعب على حبال العلاقات مع الخارج. مواقفه وتحالفاته غير ثابتة ومليئة بالجدل والمراوغات. أفلت حتى الآن من مذكرة الاعتقال بحقه من محكمة العدل الدولية، فكيف سينجو البشير هذه المرة؟

Bildergalerie langjährige Herrscher Omar al-Bashir
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly

حتى قبل انطلاق الاحتجاجات الحالية في بلاده كان الرئيس السوداني عمر بشير حاضرا بشكل كبير في الإعلام بعد زيارته المثيرة للجدل لسوريا كأول زعيم عربي يلتقي بشار الأسد منذ اندلاع حركة الاحتجاجات.  وقبل بضع سنوات أثارت الخرطوم الجدل أيضا بعد تصريحات لوزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور حول إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. علاقاته مع دول الخليج كذلك تسودها الكثير من التقلبات والتشابكات.

ويُعرف عن عمر البشير دهاؤه السياسي الذي استثمره من جهة في ضمان بسط سيطرته داخليا لمدة ثلاثة عقود، ومن جهة أخرى في بناء شبكة معقدة من العلاقات والتحالفات الخارجية يستخدمها كلما ضاق الخناق عليه. فكيف سيستخدم البشير هذه المرة ورقة العلاقات مع الخارج؟ وهل ينفذ بجلده هذه المرة أيضا؟

مصر تراقب بحذر

يعيش السودان أوضاعا اقتصادية صعبة، جزء كبير منها يعود للحصار الاقتصادي الأمريكي بالإضافة إلى خسارة البلاد موارد النفط في الجنوب بعد استقلال جنوب السودان عقب استفتاء شعبي في 2011. وهي السنة نفسها التي اندلعت فيها أحداث الربيع العربي التي هزت المنطقة. السودان أفلت، عكس دول أخرى، بأقل الخسائر من عدوى الربيع العربي رغم أن الوضع في جارته مصر كان مشتعلا، لكن يبدو أن هذه العدوى احتاجت سبع سنوات لتنتقل فعليا إلى السودان وترسم مشاهد تذكر باحتجاجات تونس مهد الربيع العربي.

ورغم أن العلاقات بين الخرطوم والقاهرة لم تكن يوما ممتازة إلا أن المصريين سيفضلون على أي حال إيجاد صيغة للتعامل مع البشير على احتمال أن يغرق السودان، العمق الاستراتيجي لمصر، في الفوضى والمجهول كما يقول خطار أبو دياب أستاذ العلاقات الدولية في حوار مع DW  عربية.

ويضيف: "هناك طبعا اختلافات كبيرة بين النظامين والعلاقات تعرف استقرارا الآن لكنها ليست متينة. نظام البشير الإخواني يشكل توجها مناقضا إيديولوجيا لتوجه السيسي لكن مصر لا تريد أن يغرق بلد جار آخر في الفوضى بعد ليبيا وتصبح بالتالي محاطة بالخطر من كل جهة".

أما بخصوص محاولاته في السنوات الأخيرة التقارب مع تل أبيب والتي اعتبرها متابعون للشأن السوداني آنذاك مساع للوصول إلى قلب واشنطن، فيقول أبو دياب إن البشير كان يراهن على جلب نتنياهو لصفه وبذلك يجلب أيضا ربما أموالا واستثمارات "لكن تيار الإنجيليين داخل الولايات المتحدة نصح نتنياهو بعدم زيارة الخرطوم لأنها لن تكون بوابة جيدة له، بعدها لجأ البشير إلى زيارة دمشق عله ينجح في تحفيز شيء ما أو لعب دور ما أو حتى ربما ابتزاز دول ما، لكن لا شيء من ذلك حصل حتى الآن"، كما يقول الخبير.

زيارة عمر البشير إلى سوريا أثارت الكثير من الجدلصورة من: picture-alliance

خريطة علاقات معقدة

وكان البشير تلقى يوم السبت اتصالا هاتفيا من أمير قطر للاطمئنان على الأوضاع في البلاد مع تزايد حدة الاحتجاجات.  وأعلن الأمير تميم بن حمد خلال الاتصال "وقوف بلاده مع السودان وجاهزيتها لتقديم كل ما هو مطلوب لمساعدتها علي تجاوز هذه المحنة مؤكدا حرصه على استقرار السودان وأمنه". وفي الوقت الذي أعلنت فيه قطر مساندتها للبشير، حذت البحرين حذوها، بينما التزمت السعودية والإمارات الصمت وإن كان موقفهما من رفض سقوط النظام السوداني واضحا حسب المراقبين.

وقد نجح البشير في بناء علاقات متداخلة ومعقدة مع دول الخليج فمن جهة يعتبر حليفا مهما في الحرب التي تشنها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، ومن جهة أخرى كان يبعث رسائل تضامن لقطر بعد أزمة الخليج، هذا كله في الوقت الذي يعتبر فيه من الدول العربية القليلة التي احتفظت بعلاقات مع طهران.

ويقول خطار أبو دياب إن البشير بعد خروجه من التحالف الوثيق مع إيران بدأ يتقرب لقطر حتى بدأ البعض يحسبه على المحور القطري-التركي لكنه تقرب أيضا من السعودية بشكل كبير، "وهذا كله منسجم مع شخصية البشير فهو حيوان سياسي كبير نجح على مدى عقود في إبعاد المقربين، استبد وأطاح بخصومه، حجّم المعارضة وقبل بتقسيم السودان إلى جنوبي وشمالي ليبقى هو زعيما في الشمال".

ويقول الخبير في العلاقات الدولية إن دول الخليج بكل الاختلافات والتناقضات بينهما الآن تُجمع بالتأكيد على أن بقاء البشير في السلطة أفضل من فوضى جديدة خاصة بسبب الخوف من البدائل المحتملة في حال سقوط نظامه.

ويقول سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية والخبير في القانون الدولي في تصريحات لـ DW عربية إن هناك احتمال أن يستطيع البشير احتواء الاحتجاجات إن ساعدته بعض الدول ماليا وتقنيا، خاصة أن هناك دولا متخوفة على استثماراتها ومرافئها. وفي هذا السياق تناقلت تقارير إعلامية خبرا نقلا عن صحيفة سودانية مفاده أن قطر قدمت للسودان منحة عاجلة قيمتها مليار دولار للتخفيف من الأزمة الاقتصادية، وحسب المصدر ذاته تسعى دول أخرى لتقديم مساعدات أيضا.

استطاع البشير الحفاظ على علاقات قوية مع دول إقليمية رغم العداوت بينهاصورة من: picture-alliance/dpa/K. Ozer

كيف تنظر القوى الكبرى لما يحدث في السودان؟

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أدرجت السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب وفرضت عليه عقوبات اقتصادية تشمل حظر التعامل التجاري والمالي منذ سنة 1997. وقبل حوالي عام رفع الرئيس ترامب عقوبات اقتصادية عمرها 20 سنة على الخرطوم وأرجعت واشنطن ذلك إلى التحسن في مجالي حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. لكن رفع العقوبات لم يحن من تدهور الوضع الإقتصادي وتحولت الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة إلى مطالب بإسقاط نظام البشير الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد  منذ 30 عاما.

العلاقات التاريخية القوية بين الصين والسودان تتجاوز مرحلة حكم البشير لكن في عهده عرفت العلاقات ازدهارا إذ تحتل بكين موقعا متميزا كشريك تجاري واقتصادي للسودان. وتشير بعض التقارير إلى أن الصينيين من أبرز موردي السلاح للخرطوم كما أن الصين أعقت مؤخرا الخرطوم من ديونها الحكومية.

وبالإضافة إلى الصين، روسيا تجمعها كذلك علاقات قوية بالسودان. وقد علق عمر البشير أكثر من مرة على مدى قوة التعاون العسكري مع موسكو وأعلن في شباط/ فبراير من هذا العام عن وجود برنامج لتطوير القدرات العسكرية السودانية. فكيف تتفاعل بكين وموسكو مع تطور الاحتجاجات في السودان؟

يقول خطار أبو دياب إن الدولتين تراقبان طبعا بحذر ما يحدث وتهمهما مصالحهما الكبيرة في السودان "لكن هذا لا يعني أن هناك بالضرورة تمسكا بشخص البشير. إذا انتهت مثلا الأمور بشكل يشبه انقلابا أبيض وطلب ضابط من الجيش من البشير التنحي، لا أعتقد أن هاتين الدولتين سيكون لديهما مشكلة".

الكاتبة: سهام أشطو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW