1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سوريا ـ ماذا وراء الاحتجاجات في مناطق سيطرة الحكومة؟

٣١ أغسطس ٢٠٢٣

مازالت السويداء الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، تعيش مظاهرات تزداد يوما بعد يوم. ويرى البعض إنها بوادر ثورة جديدة ضد النظام، فيما يرى آخرون بأن الأمر يتعلق بالاحتجاج على الوضع الاقتصادي المتردي ليس إلا. فماذا يحدث هناك؟

ما زالت المظاهرات في السويداء مستمر احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية (27/8/2023)
ما زالت المظاهرات في السويداء مستمر احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشيةصورة من: Suwayda24/AP/picture alliance

جرى رفع علم "الثورة السورية" في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة لأول مرة منذ سنوات خلال مظاهرات شهدتها مدينة السويداء احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، حيث مازالت موجة الاحتجاجات مستمرة منذ أكثر من أسبوعين.

وانطلقت الاحتجاجات  منتصف أغسطس / آب الجاري عقب قرار الحكومة رفع الدعم عن الوقود فيما اندلعت مظاهرات في محافظتي درعا والسويداء، لكن زخمها كان – وما زال – قويا في السويداء.

وفي مقابلة مع DW، قال أحد سكان المدينة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أصبح "نظام الأسد اليوم في أسوأ وأضعف حالاته خاصة في السويداء. حاول بعض السكان منذ فترة طويلة تنظيم مظاهرة، لكن قوات الأمن صدتهم".

ورغم ذلك، أقر متظاهر من السويداء في مقابلة مع DW "بأن الاحتجاجات الجارية لن تتوقف مهما حاول نظام الأسد. نحن حذرون ونعلم أساليب (قوات الأمن) الدنيئة والإجرامية".

وشهدت السويداء، معقل الأقلية الدرزية في سوريا، إغلاقا للطرق المؤدية إلى دمشق، فيما أوصدت المكاتب الحكومية أبوابها مع إزالة صور الرئيس السوري بشار الأسد فوق المباني.

وانتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء المحافظة مع رصد عشرات  الفعاليات  الأسبوع الماضي فيما نُظمت مظاهرات تضامنية صغيرة الحجم في مدن أخرى خاضعة لسيطرة الحكومة مثل مدينة درعا قرب الحدود الأردنية.

اندلعت مظاهرات تضامنية مع احتجاجات السويداء في مدن الشمال السوريصورة من: Anas Alkharboutli/dpa/picture alliance

وفي درعا، قال متظاهر "نحن نتظاهر لأن الحكومة مازالت تحتجز أكثر من نصف مليون معتقل وأيضا بسبب الاغتيالات وارتفاع الأسعار والحواجز التي تتمركز فيها ميليشيات تطلب منا دفع أموال مقابل مرورنا من خلالها".

وأضاف في مقابلة مع  DW أن "الاحتجاجات ستستمر حتى إسقاط النظام. هذا مطلب لا مفر عنه. في درعا، نخشى الاعتقال عند نقاط التفتيش، لكننا لا نخشى أي شيء آخر".

وفي إدلب، آخر معقل للمعارضة السورية، قال الناشط رضوان الأطرش إن "الاحتجاجات المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام مهمة للغاية. نتمنى ألا تتوقف مظاهرات السويداء حتى تحقيق الهدف ونأمل في أن تمتد الاحتجاجات إلى الساحل وحلب ودمشق".

 مؤشر على ثورة جديدة؟

ويرى مراقبون أن مثل هذه المؤشرات تُنذر بأن الأحداث الأخيرة قد تمهد الطريق أمام ثورة جديدة نظرا لأهميتها رغم أن السنوات الأخيرة قد شهدت مظاهرات من الحين والآخر.

ويتفق في هذا الرأي الخبير في شؤون الشرق الأوسط روبن ياسين كساب، قائلا في مقال إن "أقلية سورية بأكملها (الدروز) تعارض الآن نظام الأسد، هذا يعد بالأمر الهام نظرا لما تبرره حكومة الأسد لتكتيكاتها من أنها إذا تخلت عن السلطة، فإن الأقليات السورية ستكون معرضة للخطر."

وأشار كساب إلى  البعد الاقتصادي ، قائلا "الاقتصاد السوري قد شارف على الانهيار ما ينذر إما باندلاع ثورة أو مجاعة جماعية".

الجدير بالذكر أن ما يقرب من 90% من الشعب السوري بات تحت خط الفقر بعد أكثر من عقد على اندلاع الانتفاضة السورية، بحسب بيانات الأمم المتحدة.


البعد الاقتصادية

ورغم قرار الحكومة مضاعفة رواتب الموظفين عقب إلغاء دعم المحروقات، إلا أن الفجوة بين دخل السوريين وارتفاع التكاليف الحياتية مثل سلع ومواد غذائية أساسية اتسعت في الآونة الأخيرة خاصة مع ضعف الزيادة في الرواتب وتأخر حصول الموظفين عليها.

وعلى وقع ذلك، نظم عدد من التجار وسائقي سيارات الأجرة والحافلات إضرابا عن العمل احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية بين 30% و100% في غضون ليلة واحدة.

بدوره، قال حايد حايد، الباحث والكاتب السوري المتخصص في قضايا الأمن وحل النزاعات في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمركز "تشاتام هاوس" للأبحاث، إن "السوريين عانوا كثيرا، لكن ما حدث في الماضي لم يمنعهم من التظاهر مرة أخرى إذا لم يتمكنوا من إطعام أطفالهم".

وفي مقابلة مع DW، قال "من المنطقي القول بأن العامل الاقتصادي كان المحرك الرئيسي، لكن الأمر في طياته يحمل عاملا سياسيا لأنه يمكن إلقاء اللوم في تردي الأوضاع الاقتصادية على الحكومة".

وأشار مراقبون إلى أن الاحتجاجات اتسمت  بالطابع السياسي  مع إطلاق دعوات داخل السويداء لتفعيل القرار الأممي 2254 الذي ينص على "دعم عملية سياسية بإشراف أممي" من أجل إنشاء "حكم ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية".

انخفضت قيمة العملة السورية مع ارتفاع معدلات التضخمصورة من: Juma Mohammad/IMAGESLIVE/ZUMA/picture alliance

رد فعل الحكومة السورية

 

وإزاء ذلك، يطرح مراقبون تساؤلات حيال الخطوات التي سوف تُقدم عليها الحكومة السورية لمواجهة الاحتجاجات الراهنة. وفي ذلك، قال حايد "أعتقد أن النظام سيحاول استخدام أساليب مختلفة للتعامل مع الأمر على أساس مخاطر ذلك. من المرجح أنهم يأملون في إحتواء الاحتجاجات في السويداء ويأملون في أن يسئم السكان في نهاية المطاف من الاحتجاج. ويُرجح أيضا اللجوء إلى استخدام القوة في مناطق أخرى، لكن الحكومة سوف تتجنب هذا السيناريو في السويداء في الوقت الحالي".

الجدير بالذكر أن تعامل  الحكومة السورية مع الأقلية الدرزية، التي كانت تشكل حوالي 3% من سكان سوريا قبل الأزمة، اتسم بالحذر حتى أنها تسامحت مع بعض مواقفها المعارضة وحتى حدوث مظاهرات في معاقلها في البلاد مثل السويداء على النقيض من الوضع في المدن الآخرى.

ففي محافظتي درعا وحلب، قامت قوات الأمن على الفور بقمع الاحتجاجات التي اندلعت الشهر الجاري فيما جرى نشر مقطع مصور يُظهر قيام قوات الأمن في اللاذقية بمحاولة منع إضراب عام وسط تحذيرات من نشطاء أن قوات الأمن قرب مسجد بحمص كانت تسعى إلى وقف الاحتجاجات.

من جانبه، يرى جوزيف ضاهر، الخبير في الشأن السوري والأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، أن الأقلية الدرزية لديها أفضلية تتمثل في أنها تمتلك فصائل مسلحة مثل "حركة رجال الكرامة" التي برز اسمها خلال قتال مسلحي "داعش".

رفع المتظاهرون في السويداء شعارات مناهضة للحكومة السوريةصورة من: Suwayda24/AP/picture alliance

وأضاف ضاهر في مقابلة مع DW أن السويداء "تمكنت على مر السنين من الحصول على أشكال محدودة من الحكم الذاتي، لذا يمكن القول بأن توازن القوى في السويداء لا يصب في صالح القوات الحكومية".

بدوره، قال حمد علاء غانم، الخبير البارز في المجلس السوري-الأمريكي في واشنطن، إن الحكومة السورية  "تنخرط في محاولات دبلوماسية مكثفة للغاية في السويداء لاقناع المتظاهرين بوقف الاحتجاجات، لكنني سمعت مصادر حكومية تقول إن النظام يعمل على خطة بديلة إذا فشلت الدبلوماسية، حيث يعمد إلى تعبئة قوات الأمن لنشرها إذا لزم الأمر".

التأثير النفسي

ورغم ذلك، اتسم حديث الخبراء في مقابلاتهم مع DW بالحيطة عند وصف الوضع الحالي في سوريا  بأنه  يُنذر باندلاع ثورة جديدة على مستوى البلاد.

وفي ذلك، قال ضاهر "إذا لم تسفر الاحتجاجات في السويداء عن تدشين برنامج وطني، فإنها لن تمثل تحديا للنظام السوري".

ويرى غانم أن الاحتجاجات أحييت في نفوس السوريين ذكرى المظاهرات التي اندلعت في مستهل الثورة السورية عام 2011، مضيفا "شعرت انني اعيش في عام 2011 لأن المتظاهرين في السويداء كانوا يرددون الشعارات ذاتها. من الناحية العاطفية، شعرت وكأني أعيش عام 2011 من جديد."

ويساور أبو سليم، طالب لجوء سوري يعيش حاليا في ألمانيا، نفس المشاعر، قائلا "تعرضت للاحباط خلال الأشهر الأخيرة، بعد قيام دول عديدة بالتطبيع مع الأسد. لكنني لا أتوقع اندلاع ثورة جديدة لأن هذا غير ممكن."

كاثرين شاير / عمر البم - إدلب /م.ع

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW