احتجاجات ضخمة في اليمن بعد الضربات الأمريكية البريطانية
١٢ يناير ٢٠٢٤
احتشد عشرات الآلاف من اليمنيين في عدة مدن، تنديدا بالضربات الأمريكية البريطانية. وشنت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات من الجو والبحر على أهداف عسكرية للحوثيين في اليمن بعد استهدافهم سفنا في البحر الأحمر.
إعلان
أكد المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين أن كل المصالح الأميركية والبريطانية صارت "أهدافاً مشروعة" لهم، في أعقاب الضربات التي شنتها واشنطن ولندن على مواقع عسكرية في اليمن. وأكّد المجلس السياسي في بيان نشر على وسائل إعلام تابعة للحوثيين أن "ما تعرض له الوطن، فجر اليوم، من اعتداء أميركي بريطاني غادر وسافر، عدوان غير مشروع ولا مبرر ... كل المصالح الأميركية البريطانية أصبحت أهدافاً مشروعة للقوات المسلحة اليمنية رداً على عدوانهم المباشر والمعلن على الجمهورية اليمنية".
وتدفّق عشرات الآلاف من اليمنيين إلى ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، الجمعة (12 يناير/ كانون الثاني)، تنديداً بالضربات الأميركية البريطانية التي استهدفت مواقع عسكرية للحوثيين رداً على هجماتهم في البحر الأحمر.
وتحت مظلة الأعلام اليمنية والفلسطينية، تظاهر هؤلاء في مسيرة ضخمة ورفع بعضهم صور زعيم المتمردين اليمنيين المدعومين من إيران، عبد الملك الحوثي، وأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله. وقال محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى الذي يحكم مناطق سيطرة الحوثيين "ضرباتكم ضد اليمن إرهاب... الولايات المتحدة هي الشيطان".
ودخلت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في الصراع بين إسرائيل وحماس، الذي امتد إلى أنحاء الشرق الأوسط منذ بدايته في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، من خلال مهاجمة السفن في الممرات الملاحية الحيوية وإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل. وينظّم الحوثيون تظاهرات أسبوعية منذ اندلاع الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، مؤكدين مساندتهم للفلسطينيين.
وجاءت هذه التظاهرة بعد ساعات على شنّ الولايات المتحدة وبريطانيا فجر الجمعة ضربات على أهداف في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، بعد استهدافهم لأسابيع سفناً تجارية في البحر الأحمر تضامناً مع قطاع غزة الذي يشهد حربا مع إسرائيل.
وبعد أكثر من شهر من بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر بين إسرائيل وحماس إثر هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنته الحركة الإسلاموية الفلسطينية المصنفة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية، شن الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيرات في البحر الأحمر على سفن مرتبطة بإسرائيل، ما دفع شركات شحن عدة إلى تفادي المرور عبر باب المندب وهو ما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن ومدته بين أوروبا وآسيا.
ونشرت الولايات المتحدة سفنًا حربية وشكلت تحالفا دوليا في كانون الأول/ديسمبر لحمايةحركة الملاحة البحرية في المنطقة التي يمر عبرها 12% من التجارة العالمية. وألقي بيان لمنظمي التظاهرة بعنوان "مليونية الفتح الموعود والجهاد المقدس"، جاء فيه "نؤكد أن العدوان الأميركي والبريطاني على اليمن دعم للكيان الصهيوني لمنعنا من نصرة فلسطين".
وقال محمد حسين أحد المتظاهرين: "نحن نصرخ الموت لأمريكا ونحن ننتظر هذا اليوم الذي ندخل فيه حرباً مع الولايات المتحدة"، فيما أكد آخر وهو عبدالله حسن "لن يخيفنا الطيران الأميركي ولا البريطاني، نحن نُقصف منذ تسع سنوات وهذا ليس بجديد علينا". وأفاد مراسلون لوكالة فرانس برس بأن تظاهرات أخرى خرجت في محافظات يمنية أخرى مثل الحديدة وذمار وأب وعمران.
وكانت رابطة ناقلات النفط (إنترتانكو) قد قالت في مذكرة وزعتها على أعضائها إن القوات البحرية المشتركة (سي.إم.إف) تحذر كل السفن "بالابتعاد لمسافة كبيرة عن باب المندب". وأضافت إنترتانكو "من المتوقع أن تستمر فترة التهديد لعمليات الشحن لعدة أيام".
ع.أ.ج/ ف.ي (أ ف ب، رويترز)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.