في إصرار منهم على مطالبهم باستقالة الحكومة ورحيل الطبقة السياسية، يستمر اللبنانيون في الاحتجاج لليوم الرابع على التوالي، حيث نزلوا إلى الشوارع وتجمعوا في الساحات الرئيسية وخاصة في العاصمة بيروت.
إعلان
تدفق الآلاف من اللبنانيين صباح الأحد (20 تشرين الأول/ أكتوبر) وتجمعوا في بيروت ومدن أخرى مستمرين في الاحتجاج لليوم الرابع على التوالي، للمطالبة برحيل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إدارة أزمة اقتصادية خانقة تمر بها البلاد.
وتأخذ التحركات منحى تصاعديا منذ الخميس مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعا وخروج عشرات الآلاف من مختلف المناطق والاتجاهات السياسية إلى الشوارع، مكررين شعار "ثورة" و"الشعب يريد إسقاط النظام".
وشهد يوم أمس السبت أكبر حشود منذ بدء التحرك في كل المناطق من الجنوب الى الشمال مرورا بالعاصمة بيروت، التي عقد متظاهرون وسطها حلقات رقص ودبكة، وارتفع صوت الأغاني المسجلة والأناشيد الوطنية في عدد من أماكن التجمع. وأحضر البعض معهم آلات موسيقية استخدموها لمواكبة المتظاهرين في الهتافات. وعلى بعض الجدران حيث المحال التجارية الفاخرة والمصارف، ترك متظاهرون شعاراتهم، وبينها "لبنان للشعب" و"الوطن للأغنياء، الوطنية للفقراء".
غضب شعبي عام
وفي مؤشر على حجم النقمة الشعبية، بدا لافتا خروج تظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على أحزاب سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صورا لزعماء وقادة سياسيين، في مشهد غير مألوف خصوصا في معاقل حزب الله وحليفته حركة أمل.
وأعلنت جمعية المصارف في بيان صدر اليوم الأحد أنها ستبقي أبوابها مقفلة غدا الاثنين. وتأججت النقمة الشعبية ضد السلطات مؤخراً بعد ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق السوداء مقابل الدولار للمرة الأولى منذ 22 عاما، من دون أن تقدم السلطات تفسيرا واضحا لذلك.
وتحت ضغط الشارع، أعلن حزب القوات اللبنانية ليل السبت الأحد استقالة وزرائه الأربعة، في خطوة قلل المعتصمون من شأنها.
وتنتهي مساء غد الإثنين مهلة الـ72 ساعة التي منحها رئيس الحكومة سعد الحريري لـ "شركائه" في الحكومة، في إشارة إلى التيار الوطني الحر بزعامة عون وحزب الله وحلفائهما الذين يملكون الأكثرية الوزارية، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في إصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار. وتدرس مكونات الحكومة ورقة اقتصادية اقترحها الحريري للحدّ من الأزمة.
وسجل الاقتصاد اللبناني في العام 2018 نمواً بالكاد بلغ 0,2 بالمئة، وقد فشلت الحكومات المتعاقبة بإجراء إصلاحات بنيوية في البلد الصغير الذي يعاني من الديون والفساد. ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويقدر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
ع.ج/ و.ب (أ ف ب)
بالصور- لبنان.. شرارة "الحرائق" تنتقل من الغابات إلى الشارع
شهد لبنان في الآونة الأخيرة مجموعة من الأحداث التي فاقمت من الأزمات، التي يعاني منها البلد منذ عقود. تلاحق الأزمات من دون إيجاد حل لها من قبل الحكومة أثار غضب المواطنين و أشعل احتجاجات واسعة.
صورة من: Reuters/A. Haju
أزمة نفايات "مزمنة"
إنها واحدة من أكبر الأزمات التي يواجهها لبنان منذ سنوات. ففي عام 2015 ظهرت على السطح أزمة نفايات كبرى أدت إلى وجود حركة احتجاجات ضخمة تحت اسم "طلعت ريحتكم"، وطالب المحتجون باستقالة الحكومة. وتنتج العاصمة بيروت وحدها يوميا مئات الأطنان من النفايات ينتهي الأمر بمعظمها إلى مكبات نفايات غير قانونية أو يتم إلقاؤها مباشرة في البحر، وما تزال أزمة النفايات لم تحل حتى في عام 2019.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
تراكم الأزمات وغياب الحلول
يعاني لبنان من أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد. وتضرر النمو الاقتصادي بسبب النزاعات وعدم الاستقرار في المنطقة. وبلغ معدل البطالة بين الشباب أقل من 35 عاما 37 بالمئة. كما يشهد البلد منذ عقود، عدداً من المشاكل التي لم تجد لها الحكومة حلاً مستداماً، ومن بينها نقص في تأمين الخدمات الرئيسية وترهل في البنية التحتية.
صورة من: Reuters/M. Azakir
تدهور العملة المحلية
تصاعدت نقمة الشارع في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار وسط مؤشرات على انهيار اقتصادي وشيك. الأزمة المالية، التي خرجت للعلن قبل أيام كبدت عدداً من قطاعات الاقتصاد منها محطات الوقود و المطاحن، خسائر كبيرة، ما دفع بها للتهديد بالإضراب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
أزمة الدولار!
يعتمد لبنان بشكل رئيسي على الاستيراد لتلبية معظم الحاجات الأساسية للمواطنين كالقمح والوقود؛ ولهذا بدا أثر الأزمة واضحا في الآونة الأخيرة في الاقتصاد الفعلي، حيث عجز المستوردون عن الحصول على دولارات بسعر الصرف المحدد. وبعد تهديد أصحاب محطات الوقود ومستوردي المحروقات بالإضراب، أعلنت نقابة أصحاب الأفران في لبنان عن الإضراب والتوقف عن بيع الخبز، إلى أن تجد الحكومة حلاً لـ"أزمة الدولار".
صورة من: DW/A. Vohra
غضب على مواقع التواصل
الأزمات المتتالية على البلد وتفاقمها من دون إيجاد حل مستدام لها من قبل الحكومة، أثار موجة غضب بين اللبنانيين الذين لجأ عدد منهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن سخطهم من الوضع الاقتصادي المتردي للبلد وآثاره التي بات يعاني منها المواطن اللبناني والتي طالت حتى رغيف خبزه.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Chbaro
التعامل مع الحرائق
شهد لبنان يوم الاثنين 14 أكتوبر/ تشرين الأول اندلاع حرائق في أنحاء عديدة من لبنان، لا سيما في منطقة "جبل لبنان". واستعانت السلطات اللبنانية بطائرات من دول في المنطقة لإخماد النيران التي التهمت مساحات واسعة وحاصرت مدنيين في منازلهم. طريقة التعامل مع إخماد الحراق أثارت سخرية وغضب رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الذين انتقدوا تأخر قوات الدفاع المدني والأجهزة الأمنية في التعامل مع الحرائق.
صورة من: DW/K. Zeineddine
"واتس أب" يشعل الاحتجاجات
بعد ساعات من تأكيد إقرار الحكومة فرض "20 سنتاً على التخابر" عبر التطبيقات الخلوية، بينها خدمة "واتس أب" خرج الآلاف من اللبنانيين الغاضبين مساء الخميس (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019) احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية وتوجه الحكومة لإقرار ضرائب جديدة عليهم. وجاء هذا القرار رغم أن كلفة الاتصالات في لبنان تُعد من الأعلى في المنطقة.
صورة من: picture-alliance/AP/H. Ammar
مطالب بإسقاط "حكومة الضرائب"
ورغم إعلان الحكومة التراجع عن فرض الضريبة على خدمة اتصالات الإنترنت، تواصلت الاحتجاجات وتجمع المتظاهرون مرددين هتافات تنادي بإسقاط الحكومة احتجاجاً على "الأوضاع الاقتصادية الصعبة "وضد الضرائب التي أقرتها الحكومة، وطالبوا باسقاط "حكومة الضرائب". وهذه هي ثاني موجة احتجاجات يشهدها لبنان خلال الشهر الجاري.