احتدام الجدل في ألمانيا بشأن "ديتيب" بعد زيارة أردوغان
٣٠ سبتمبر ٢٠١٨
لم تكد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لألمانيا تشرف على نهايتها حتى احتدم الجدل من جديد حول الوضعية القانونية والدور السياسي الذي يلعبه الاتحاد التركي-الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب).
إعلان
اختتم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته لألمانيا أمس (السبت 29 سبتمبر/ أيلول 2018) بزيارة إلى كولونيا، حيث أبعدت الإجراءات الأمنية المؤيدين والمتظاهرين عن مراسم افتتاح أكبر مسجد في البلاد.
وتمركزت فرق قناصة من الشرطة على أسطح المنازل وجرى تطويق المنطقة بعد أن ألغت سلطات المدينة خططا للسماح لما يصل إلى 25 ألف شخص بالتجمع خارج المسجد، الذي بنته منظمة إسلامية (ديتيب) تربطها علاقات وثيقة بالدولة التركية.
وبهذا الصدد حذر وزير داخلية ولاية شمال الراين وويستفاليا هربيرت غويل (الحزب الديموقراطي المسيحي) من التسرع في وضع "ديتيب" تحت مراقبة هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية). وقال بشأن خطوة كهذه في تصريح لصحيفة "بيلد آم سونتاغ": "ليس من الواضح عما إذا كانت المراقبة ستحدث لا من حيث الشكل ولا من حيث الموضوع". واستطرد أن ذلك سيتطلب تخطي العديد من العقبات القانونية، وفق ما جاء في تصرحياته للصحيفة الألمانية واسعة الانتشار في عددها الصادر اليوم الأحد.
ويذكر أن وزارة الداخلية الألمانية لم تعد تقدم دعما لمشاريع خاضعة لإشراف "ديتيب"، فقد راجعت الحكومة الاتحادية آلية الدعم المعمول بها و لم توافق منذ عام 2017 على طلبات جديدة لدعم مشاريع تابعة للاتحاد وحده. ويخضع ديتيب، الذي يتخذ من مدينة كولونيا مقرا له، لإشراف رئاسة الشؤون الدينية التركية(ديانت) في أنقرة.
وسُلطت الأنظار مؤخرا على ديتيب، بعد أن انتشرت مقاطع فيديو تصور أطفالا في مساجد تابعة للاتحاد يمثلون مشاهد لمحاربين يحملون رايات تركية. كما تردد أن أئمة بعض المساجد التركية في ألمانيا استجابوا لطلب القنصلية التركية العامة إبلاغها ما يتوفر لديهم من معلومات عن أتباع الداعية فتح الله غولن، الذي يعيش في الولايات المتحدة وتتهمه تركيا بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل قبل عامين. وتلقى ديتيب أموالا في السنوات الماضية من صناديق مالية مختلفة تابعة للدولة الألمانية، على رأسها صندوق خاص بالدعم في إطار الخدمة التطوعية لدى الجيش الألماني، وبرنامج "أن تعيش الديمقراطية!" الذي تشرف عليه وزارة شؤون الأسرة الألمانية. ومن بين أهداف هذه المشاريع مكافحة التطرف في أوساط الناشئة المسلمة.
في سياق متصل، قال أردوغان للضيوف في افتتاح المسجد المركزي في كولونيا "في فترة حرجة، قمنا بزيارة مثمرة وناجحة لألمانيا... أكدت على أننا نحتاج إلى تنحية خلافاتنا جانبا والتركيز على مصالحنا المشتركة".
لكنه دعا ألمانيا أيضا إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الانفصاليين الأكراد، واشتكى من أن نجم كرة القدم مسعود أوزيل استبعد من المنتخب الألماني بعد خروج ألمانيا من كأس العالم لكرة القدم بسبب جذوره التركية. وقال أردوغان "هذه العنصرية يجب أن تنتهي".
وخلال مأدبة أقامها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير مساء الجمعة، خرج الزعيم التركي عن كلمته المعدة سلفا واتهم ألمانيا بإيواء إرهابيين، وفقا لما ذكره الحاضرون. وكان العنوان الرئيسي لصحيفة "بيلد" اليومية الأكثر انتشارا في ألمانيا أمس السبت "خطاب كراهية ضد ألمانيا".
وقال حلفاء كبار لميركل إن الزيارة كانت سابقة لأوانها واستبعدوا تقديم أي مساعدات اقتصادية جديدة لتركيا التي عانت من تراجع عملتها في أعقاب فرض واشنطن عقوبات تجارية عليها.
وقال نوربرت روتغن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان لصحيفة محلية "توقيت هذه الزيارة كان خاطئا. كان مبكرا للغاية... العلاقة التركية الألمانية ليست أفضل ولا أيسر بعد هذه الزيارة".
وفي كولونيا، وهي مركز رئيسي للأتراك الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين في ألمانيا، تجمع بضع مئات من أنصار أردوغان وراء الحواجز الأمنية وهم يلوحون بالأعلام. وتجمع حوالي ألف متظاهر، بينهم مهاجرون ونشطاء يساريون ألمان، على الضفة المقابلة لنهر الراين بعد عدم السماح لهم بالسير في وسط المدينة.
ح.ز/م.س (د.ب.أ، رويترز)
محطات مثيرة للجدل في زيارة أردوغان لبرلين
منذ الإعلان عن زيارة أردوغان لبرلين وسيل الانتقادات لا يتوقف. ومع وصوله الفعلي لألمانيا تصاعدت أصوات منتقديه، خاصة بسبب مراسم الاستقبال الضخمة، التي حظي بها الضيف. في ما يلي أهم المحطات المثيرة للجدل في زيارة أردوغان.
صورة من: Reuters/F. Bensch
"اختلافات ومصالح"
خلال مؤتمرها الصحفي المشترك مع الرئيس التركي أردوغان في برلين الجمعة (28 سبتمبر/ أيلول 2018) أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنه لا تزال هناك "اختلافات عميقة" مع تركيا فيما يتعلق بحرية الصحافة وحقوق الإنسان، مشددة على أن هناك مصالح مشتركة مع تركيا كالناتو والهجرة ومكافحة الإرهاب. أما الرئيس التركي فدعا برلين لتسليم ما قال إنهم مئات من مؤيدي رجل الدين فتح الله غولن المقيمين في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
مقاطعة المأدبة على شرف الرئيس
وكان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير قد استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صباح الجمعة (28 أيلول/ سبتمبر 2018) في قصر "بيلفو" الرئاسي في برلين بالتشريفات العسكرية. وتقام مساء الجمعة مأدبة عشاء على شرفه، الأمر الذي أثار بدوره جدلاً واسعاً في ألمانيا. كما رفض العديد من الساسة الألمان المشاركة في المأدبة المُقامة على شرف الضيف التركي احتجاجاً على سجل حكومته في مجال حقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/R. Krause
المراسم الضخمة "أمر سخيف"
ومنذ الإعلان عن زيارة أردوغان لبرلين وسيل الانتقادات لهذه الزيارة المثيرة للجدل لا يتوقف. وطالت الانتقادات عدة جوانب، أهمها مراسم الاستقبال الضخمة للضيف التركي، وهو ما انتقده عدد من الساسة أبرزهم رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب اليسار المعارض، زارا فاغنكنشت، التي قالت إن "استقبال شخص يهدم الديمقراطية في بلاده ويؤسس ديكتاتورية إسلامية، بالسجادة الحمراء وبكل مراتب الشرف، هو أمر سخيف".
صورة من: Reuters/Presidential Press Office/K. Ozer
أول زيارة بمراسم عسكرية
رغم أن أردوغان زار ألمانيا من قبل في أكثر من 12 مناسبة عندما كان رئيساً للوزراء أو حتى رئيساً لتركيا إلا أن زيارته هذه هي أول زيارة رسمية له بمراسم تكريم عسكرية كاملة، ولم تتوقف انتقادات زارا فاغنكنشت على تلك المراسم وإنما اتهمت أردوغان بدعم جماعات إرهابية. أما حزب الخضر، فقد طالب المستشارة ميركل باتخاذ موقف واضح ضد الرئيس التركي وسياسته.
صورة من: picture-alliance/dpa
"إشارة رابعة"
لم تتوقف زيارة أردوغان في إثارة الجدل عند مراسم الاستقبال الضخمة، بل طالت أيضاً طريقة إلقائه التحية لمؤيديه. ففي طريقه إلى الفندق في برلين حيَّا أردوغان مؤيديه، الذين تجمعوا على جانب الطريق برفع "أصابعه الأربعة" وهي الإشارة المعروفة لدى جماعة الإخوان المسلمين، بالأخص في مصر. غير أنه يبقى من غير المعروف إن كان أردوغان يعني بذلك في برلين أيضا الإشارة إلى الإخوان وواقعة رابعة في مصر، بحسب مراقبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Hirschberger
شعبيته في ألمانيا أكبر
بالرغم من الانتقادات المتتالية لسياسته ووضع حقوق الإنسان في تركيا، يحظى أردوغان بقاعدة شعبية مهمة بين أفراد الجالية التركية في ألمانيا، ومن بينهم فئة الشباب أيضاً. فقد حصل أردوغان في الانتخابات الرئاسية على نسبة أصوات لدى الجالية التركية في ألمانيا تفوق نسبة ما حصل عليه داخل تركيا نفسها، وفقا للنتائج الأولية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
المعارضون "الأعداء"
قائمة المعارضين "أعداء" أردوغان داخل وخارج تركيا طويلة، وذلك بسبب سياسته القمعية ووضع حقوق المواطنين وحقوق الإنسان في تركيا. وقد رفض العديد من السياسيين المعارضين الألمان لقاء الضيف التركي. كما تقرر تنظيم مظاهرات ضد زيارة أردوغان في عدة مواقع في برلين وكولونيا. وقد أصيب شرطيان في برلين الخميس في مظاهرة عفوية ضد أردوغان، شارك فيها أشخاص ملثمون وألقيت خلالها حجارة على الشرطة. اعداد: إيمان ملوك