احتفالات ومشاعر مختلطة لدى السوريين بألمانيا عقب سقوط الأسد
٨ ديسمبر ٢٠٢٤
تفاوتت ردود فعل السوريين في ألمانيا على أنباء سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بين الفرح بالتحرر من الدكتاتورية والقلق من المستقبل المجهول. وشهدت مدن ألمانية عدة مظهرات وتجمعات لسوريين تعبيرا عن فرحتهم.
إعلان
تلقى سوريون مقيمون في ألمانيا أنباء سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بمشاعر متباينة، امتزجت فيها الفرحة بالتحرر من الدكتاتورية مع القلق من المجهول الذي ينتظر بلادهم. كما أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الأحد (الثامن من ديسمبر/ كانون الأول) عن ترحيبه بسقوط الأسد، واصفًا الحدث بأنه "نبأ سار". ودعا شولتس إلى حل سياسي يحمي جميع الأقليات والجماعات الدينية في سوريا، مشيرًا إلى أن الأسد "قمع شعبه بوحشية"، مما أدى إلى نزوح ملايين السوريين، وصل كثيرون منهم إلى ألمانيا.
إعلان
احتفالات في الشوارع ومخاوف من المستقبل
في حي نويكولن الشهير بالعاصمة برلين، تجمع العشرات من السوريين مساء الأحد للتعبير عن فرحتهم بسقوط النظام. بين أبواق السيارات المدوية وأعلام المعارضة السورية المرفرفة، بدت الاحتفالات عفوية وحماسية رغم الأمطار.
قال أحمد، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 39 عامًا ويعيش في برلين منذ عام 2015: "لقد انتهت الديكتاتورية أخيرًا. اليوم هو يوم تاريخي لكل السوريين". وأضاف أحمد، الذي يعمل تقنيًا في مجال السكك الحديدية: "نأمل أن يكون هذا بداية لمرحلة جديدة من السلام".
في ولاية شمال الراين ويستفاليا، تظاهر أكثر من 2000 شخص في مدن مثل بون، فوبرتال، ودورتموند. في بون، تجمع مئات الأشخاص في حديقة هوفغارتن حاملين شعارات تطالب بالحرية والكرامة. وقال أحد المشاركين: "اليوم نحتفل، لكن غدًا نبدأ العمل لإعادة بناء بلادنا".
وفي مدن ألمانية أخرى، مثل بون وفوبرتال، خرجت مظاهرات مرخصة شارك فيها الآلاف، حيث عمّت أجواء الفرح مع رفع الأعلام السورية وتوزيع الحلوى. وتجمع أكثر من 800 شخص في مظاهرة مرخصة في وسط مدينة فوبرتال، وقال مراسل تابع لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن المزاج العام كان يتسم بالارتياح، وتم سماع هتافات عبر مكبرات الصوت. وآخرون يلوحون بالأعلام السورية، وغيرهم يوزعون الحلوى. كما كانت هناك مواكب سيارات ترافقها أصوات متكررة لأبواق هذه السيارات؛ وحدث هناك ازدحام مروري في بعض الأحيان، وفقا للشرطة.
وكانت دورتموند شهدت أمس السبت تجمع 1200 شخص في مظاهرة. وأوضح متحدث باسم الشرطة أن المظاهرة التي جرت في وسط المدينة كانت مشحونة عاطفيا لكنها سلمية.
مشاعر مختلطة بين الأمل والقلق
رغم الأجواء الاحتفالية، عبّر العديد من السوريين في ألمانيا عن مخاوفهم بشأن ما ينتظر بلادهم. طارق الأوس، المتحدث باسم منظمة "برو أزول" المعنية بمساعدة اللاجئين، قال: "إنه يوم مليء بالأمل، لكن أيضًا بالخوف من المجهول. نأمل أن تتحقق الديمقراطية، لكن التحديات كبيرة".
وأضاف الأوس أن بعض الجماعات المسلحة قدمت تطمينات للأقليات في سوريا، مثل الدروز والإسماعيليين، لضمان انتقال سلمي. لكنه أشار إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذه التطمينات، معتبراً أن هناك العديد من القوى المتصارعة التي قد تهدد الاستقرار.
من جهته، قال خالد درويش، ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في ألمانيا، إن سقوط النظام يجب أن يكون بداية جديدة. وأضاف: "نحن ملتزمون ببناء سوريا ديمقراطية تعددية تضمن حقوق الجميع دون تمييز".
وتضم ألمانيا أكثر من مليون سوري، الكثير منهم قدموا بعد عام 2011 هربًا من الحرب والاضطهاد. ومع سقوط النظام، تبرز تساؤلات حول إمكانية عودة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم.
ع.أ.ج/ ع غ (د ب ا، رويترز، أف ب)
سوريا.. خمسة عقود في قبضة عائلة الأسد
تحكم عائلة الأسد سوريا منذ أكثر من 5 عقود بقبضة من حديد، إذ يستمر الرئيس السوري بشار الأسد على نهج أبيه حافظ الذي تولى الحكم بانقلاب عسكري. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا في عهد عائلة الأسد.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق".
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق. م.ع.ح/ع.ج.م