احتقان سياسي وتردٍ اقتصادي وغضب شعبي.. انتفاضة جديدة بتونس؟
٢ فبراير ٢٠٢٣
وسط أزمة اقتصادية خانقة واحتقان سياسي، شهدت الانتخابات البرلمانية في تونس نسبة إقبال منخفضة للغاية. التونسيون محبطون، بينما تنجرف البلاد أكثر فأكثر نحو الاستبداد. ما القادم؟ وهل ستستطيع المعارضة المشتتة إزاحة سعيّد؟
إعلان
خلال آخر عطلة نهاية أسبوع في يناير/كانون الثاني، خطت تونس خطوة أخرى مبتعدة بها عن المسار الديمقراطي الذي كانت قد بدأت تخطوه، ومقتربة أكثر من الاستبداد.
غالبا ما يُنظر إلى البلد المغاربي الصغير على أنه قصة النجاح الحقيقية الوحيدة التي أفرزتها اضطرابات الثورات في بعض دول العالم العربي منذ عام 2011، المعروفة باسم " الربيع العربي ". حينها تمت الإطاحة في تونس بالديكتاتور زين العابدين بن علي، بعد احتجاجات شعبية واسعة، وكان الأمل كبيرا في أن تتحول البلاد إلى ديمقراطية حقيقية.
ولكن النكوص عن المسار الديمقراطي صار واضحا. وفي يوم الأحد (29 يناير/كانون الثاني 2023)، شارك 11.3 بالمئة فقط من الناخبين، البالغ عددهم حوالي 8 ملايين، في الانتخابات البرلمانية. كانت هذه على الأرجح أقل نسبة مشاركة في أي انتخابات برلمانية في العالم، بحسب المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية. ومن المتوقع إعلان النتائج الرسمية للتصويت منتصف الأسبوع.
مقاطعة وانتقادات شديدة
قاطع حزب حركة النهضة الإسلامية ، أحد أكثر الأحزاب السياسية شعبية في البلاد، الانتخابات. هذا الحزب هو الأكبر تمثيلا في البرلمان التونسي الذي علّق الرئيس قيس سعيد أعماله. كما قاطعتها أحزاب المعارضة الأخرى ومجموعات المجتمع المدني. لقد قاطعت هذه الجهات الانتخابات لعدة اسباب، منها تقليص صلاحيات البرلمان، نتيجة للتغييرات التي أجراها الرئيس الحالي قيس سعيد.
المتحدث باسم حركة النهضة عماد الخميري قال لـDW: "نحن نعتبر هذه العملية السياسية، بهذا الشكل الذي أطلقها سعيد فيه، غير شرعية، بسبب ضعف المشاركة". وأضاف الخميري: "هذا الأمر فاقم الوضع المعقد أصلا. لذلك من الواضح أن أغلب التونسيين رفضوا هذا المسار".
يحتكر سعيد السلطات في تونس منذ عام 2021، فيما يصفه البعض بأنه "انقلاب دستوري" زاحف. ومنذ ذلك الحين، يحكم سعيد (64 عاما) تونس بمرسوم رئاسي من طرف واحد.
ولذلك نُظر إلى هذه الانتخابات البرلمانية على أنها اختبار مهم آخر لشرعية سعيد. ويبدو أن الإقبال المتدني للغاية، بالإضافة إلى التجاوزات التي أبلغ عنها مراقبو الانتخابات، قد دقت مسمارا آخر في نعش الديمقراطية الوليدة في تونس.
ما القادم الآن؟
سؤال يوجهه كثيرون. تقول مونيكا ماركس، أستاذة سياسات الشرق الأوسط في جامعة نيويورك أبو ظبي والخبيرة في الشؤون التونسية، إن "ما يمكننا قوله على نحو شبه مؤكد هو أن التكهنات على المدى القصير تشير إلى أن الوضع في تونس سيكون قاتما للغاية – سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية". وترى أنه من المرجح أن يظل سعيد في السلطة، على المدى القصير على الأقل. وأن الاقتصاد التونسي الذي يعاني من متاعب منذ فترة، سيستمر في المعاناة.
لكن إيناس الجعيبي، المحامية التونسية والناشطة المؤيدة للديمقراطية، تبدو أكثر تفاؤلا قليلا. وتعتقد أن التطورات الأخيرة، كمقاطعة الانتخابات، تقرب جماعات المعارضة التونسية من بعضها. وتشير الجعيبي مثلا إلى مبادرة ناشئة تحاول إقامة علاقات أوثق بين الاتحاد العام التونسي للشغل ذي النفوذ الواسع، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين، وعدة أحزاب سياسية.
وتؤكد الجعيبي أن "المعارضة الديمقراطية (لسعيد) ما زالت لديها خلافات كثيرة في الرأي... ولكن في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، هناك ديناميات جديدة أيضا". وتضيف: "لدينا هدف واحد الآن، وهو التخلص من حكم سعيد المتفرد بالسلطة. إن المعارضة لم تمت. بل إنها، في الواقع، تزداد قوة".
اضمحلال شعبية سعيد
تم انتخاب سعيد رئيسا في عام 2019. حينها بلغت نسبة التصويت في الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية 55 بالمئة. ولكن في صيف عام 2021، علق سعيد أعمال البرلمان التونسي، بحجة أن الصراع الداخلي بين البرلمانيين، والجمود السياسي، والفساد، والأزمة الاقتصادية، إلى جانب تبعات جائحة كوفيد-19. كل ذلك يتطلب إعادة صياغة، وفق سعيد.
عندما بدأ أستاذ القانون الدستوري هذا الإجراء، هتف له في البداية العديد من الناخبين، كانوا يظنون أن سعيد يمكنه حل بعض أكثر مشاكل البلاد إلحاحا، حتى أن قسما من المعارضة السياسية وكذلك الاتحاد العام للشغل بدوا مترددين في انتقاد إجراءاته بشكل علني.
وبالمحصلة، لم ينجح الرئيس التونسي في الوفاء بوعوده. ونتيجة لذلك تراجعت شعبيته. وهذا ما أكدته نسبة المشاركة المتدنية جدا في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقبلها نسبة المشاركة المنخفضة أيضا في الانتخابات البلدية في مارس/آذار 2022. وكذلك في الاستفتاء الدستوري المهم في أوائل عام 2022.
وهذا ما يمنح النشطاء مثل إيناس الجعيبي بعض الثقة. وتعلق بالقول: "وعد (سعيد) بإصلاحات جادة لكننا لم نر شيئا". وتضيف: "لقد أخذ الناس تلك الوعود على محمل الجد. ولهذا السبب قاطعوا الانتخابات الأخيرة مرتين. إنهم لا يعتقدون أن هذا النظام سيجد إجابة لمشاكلهم؛ خصوصا مشاكلهم الاقتصادية".
وتأمل الآن في أن يقدم المواطنون التونسيون العاديون مزيدا من الدعم لمعارضي سعيد في المستقبل: خصوصا إذا توافقت أحزاب المعارضة على ترشيح شخص واحد فقط لخوض السباق ضد قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراؤها في عام 2024. وترى الجعيبي أن "القيام بذلك سيكون خطوة هامة".
تنامي خطوط الصدع الاقتصادي
ويتفق مع هذه الاستنتاجات محمد ضياء الهمامي، الباحث والمحلل السياسي التونسي والمدرس في جامعة سيراكيوز في نيويورك. ويقول: "السمة الرئيسية للمشهد السياسي (في تونس) حاليا هي وجود مستوى عالٍ من التشرذم"، مشيرا إلى الخلافات المتزايدة بين أنصار سعيد. "هذه هي النتيجة الرئيسية لهذه الانتخابات. الأمر الذي سيجعل أي نوع من الاستقرار - سواء كان ذلك ديمقراطيا أو استبداديا – أقرب إلى المستحيل".
وبغض النظر عما سيحدث بعد ذلك، يتفق الهمامي ومحللون آخرون على أن الاقتصاد التونسي المتعثر سيلعب دورا رئيسيا.
ومنذ أن أطاحت احتجاجات 2011 بالديكتاتور التونسي السابق زين العابدين بن علي من السلطة، تحولت البلاد من حالة عدم اليقين السياسي إلى الدخول في أزمة اقتصادية، ثم العودة مرة أخرى إلى حالة عدم اليقين السياسي.
ووفق البنك الدولي فقد شهد العقد الذي أعقب الإطاحة ببن علي، تراجع النمو الاقتصادي والاستثمار في تونس. إن تأثير جائحة كوفيد-19 على قطاعات مهمة مثل السياحة، وأثر الغزو الروسي لأوكرانيا على التجارة العالمية، و التضخم ، وارتفاع الديون الخارجية، كلها عوامل جعلت الأمور أسوأ وأسوأ.
يقول مراد البختي (35 عاما)، صاحب شركة تسويق إلكترونية، في حوار مع DW: "(تونس) في وضع غير مريح، مع تعليق الديمقراطية الحقيقية هنا منذ يوليو 2021". وإضافة إلى ذلك، "لم يقدم الرئيس وحكومته أي رؤية واضحة لتجاوز هذه الأزمة الاقتصادية"، وفق البختي.
انتفاضة تونسية جديدة؟
حكومة البلاد تسعى حاليا للخروج من الأزمة عبر بوابة صندوق النقد الدولي. وتم الإعلان عن اتفاق مبدئي بشأن ذلك في أكتوبر/تشرين الأول. إلا أنه لم يتم الانتهاء من الاتفاق بعد. ولكن حتى لو حدث الاتفاق على خطة الإنقاذ، فإنها قد تشمل فرض قيود على الإنفاق الحكومي، وإجراءات تقشفية مثل خفض الدعم عن أفقر الفئات في البلاد.
ويرى الأكاديمي التونسي هيثم قاسمي أنه "على الرغم من الأدلة الكثيرة، لكن سعيد يبدو أنه غافل عن العلامات التحذيرية لانفجار اجتماعي يلوح في الأفق - وهو انفجار سيقلب بلا شك ديكتاتوريته"، كما كتب قاسمي في مقال نشرته قناة الجزيرة الإخبارية بعد انتخابات نهاية الأسبوع. ويضيف قاسمي: "انتفاضة تونسية أخرى قيد التشكّل".
وتتفق البروفيسورة ماركس، من جامعة نيويورك، مع القول إن "الاقتصاد هو نقطة الضعف الأولى لسعيد". إنها تعتقد أن سعيد "ديكتاتور غير فعّال". وهذا الأمر يبرز الآن لأنه لم يحاول جاهدا حشد الدعم المحلي لنظامه، أو لحل المشكلات - كالمشكلات الاقتصادية - التي يمكن أن تسقطه في النهاية.
يتم انتخاب رؤساء تونس لولاية مدتها خمس سنوات، مما يعني أن سعيد سيكون على وشك إعادة انتخابه في عام 2024 في تصويت قد يمثل نقطة تحول محتملة. ومن ناحية أخرى، تضيف ماركس، لم تتحد المعارضة التونسية بعد بما يكفي لإخراج سعيد من السلطة.
وتوضح: "لم نصل بعد إلى الكتلة الصلبة فيما يتعلق بالمعارضة، التي يمكن أن تعمل معا بشكل متماسك". لكنها تستدرك: "ربما نرى ذلك مستقبلا. ولكن هذا لم يتحقق بعد".
وتضيف: "في الوقت نفسه، فإن التونسيين العاديين مرهقون فقط. إنهم أكثر انشغالا بدفع الإيجار أو العثور على بعض الحليب لشرائه. إنهم لا يرون أي بدائل سياسية ملهمة (تحل مكان سعيد). إنهم يشعرون بالضجر والقسوة والإرهاق".
كاترين شاعر/طارق القيزاني/ف.ي
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance