اختتمت قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ وسط غياب واشنطن وخلافات حول أوكرانيا، لكن الطرافة حضرت عندما أعلن الرئيس البرازيلي عزمه تناول "المخلل الملفوف" خلال زيارته المقبلة لألمانيا، في تجاوز لجدل دبلوماسي مع ميرتس.
هل سيلقي غياب واشنطن عن قمة العشرين انعكاسات على قيادة المجموعة وتوازن القوى في ظل خلافات أوكرانيا وأولويات الجنوب العالمي؟صورة من: Michael Kappeler/dpa-Pool/dpa/picture alliance
إعلان
انتهت قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا اليوم الأحد (23 نوفمبر/تشرين الثاني 2025) مع غياب واضح للولايات المتحدة، الدولة التالية التي ستقود المجموعة، بعد أن قاطعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يومين من المحادثات، التي شارك فيها زعماء أغنى اقتصادات العالم وأكبر الاقتصادات النامية.
وأعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا اختتام القمة في جوهانسبرغ بقرع مطرقة خشبية على كتلة خشبية، كما يفعل القاضي، في تقليد متبع في مجموعة العشرين. وعادة ما يتم تسليم المطرقة إلى زعيم الدولة التي ستتولى الرئاسة الدورية، لكن لم يكن هناك مسؤول أمريكي لاستلامها.
وقال رامافوسا عند اختتام القمة إن "مطرقة هذه القمة لمجموعة العشرين تعلن رسميا اختتامها، وتنتقل الآن إلى الرئيس المقبل للمجموعة، وهي الولايات المتحدة، حيث سنلتقي مجددا العام القادم".
ولم يشر رامافوسا في حديثه إلى غياب الولايات المتحدة عن القمة، قائلا: "لقد استخدمت جنوب أفريقيا هذه الرئاسة لوضع أولويات أفريقيا والجنوب العالمي بقوة في صميم أجندة مجموعة العشرين".
وقاطعت الولايات المتحدة الاجتماع الذي استمر يومين لزعماء الاقتصادات الغنية والناشئة في جوهانسبرغ بسبب مزاعم إدارة ترامب بأن جنوب أفريقيا تضطهد بشكل عنيف "أقلية الأفريكان البيضاء".
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت إن رامافوسا "تحدث بشكل مسيء ضد الولايات المتحدة ورئيس الولايات المتحدة".
قالت رئيسة ورزاء إيطاليا جورجيا ميلوني إنها لا ترى حاجة لـ"اقتراح بديل شامل" لخطة ترامب بشأن أوكرانيا.صورة من: Evan Vucci/AP Photo/dpa/picture alliance
جدل الاقتراح البديل
وطغت الحرب الروسية على أوكرانيا على القمة؛ إذ اعتبرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي تحدثت إلى ترامبالأحد، ألا داعي لتقديم "اقتراح بديل شامل" للخطة الأمريكية لإنهاء الحرببين روسيا وأوكرانيا.
إعلان
وقالت ميلوني في مؤتمر صحافي على هامش القمة في جوهانسبرغ: "لا أعتقد أن المسألة تتعلق بالعمل على اقتراح بديل شامل. هناك العديد من النقاط المقبولة في الخطة التي اطلعنا عليها".
وفي ذلك، أفادت مصادر حكومية ألمانية بأن المبادرة المتعلقة بتنفيذ خطة الولايات المتحدة، ليست مقترحا شخصيا من المستشار الألماني فريدريش ميرتس، بل تمثل موقفا منسقا بين الأوروبيين وأوكرانيا.
فيما قالت المصادر إن المستشار "شارك بشكل مكثف في إعداد الموقف التفاوضي الأوروبي والأوكراني"، مشيرة إلى أن هذا الموقف تم الاتفاق عليه الآن، وهو موضوع المفاوضات الجارية في جنيف.
قال الرئيس البرازيلي إنه سيقوم بتجربة الأطباق التقليدية الألمانية خلال زيارته المقبلة حيث حاول وميرتس تجاوز خلاف دبلوماسي بينهما.صورة من: Michael Kappeler/dts Nachrichtenagentur/IMAGO
بعيدا عن السياسة .. لولا والمخلل الألماني
وشهدت قمة العشرين تقاربا وديا من الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا تجاه المستشار الألماني بعد الجدل الذي أثارته تصريحات ميرتس عن مدينة بيليم البرازيلية التي استضافت قمة المناخ.
وقال الرئيس البرازيلي إنه سيقوم بتجربة الأطباق التقليدية الألمانية خلال زيارة مقبلة إلى ألمانيا، مضيفا: "عندما أصل إلى ألمانيا، سأتناول المخلل الملفوف (ساوركراوت) ولحم الخنزير والنقانق من أكشاك السوق".
وكانت الدائرة المقربة لميرتس صرحت أمس بأن الرجلين "تبادلا العبارات الودية على مدار 40 دقيقة"، مشيرة إلى أن لولا قدم للمستشار نصائح بشأن المطاعم التي يمكنه زيارتها في زيارته القادمة لبيليم.
تحرير: صلاح شرارة
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.